صناع الأزمات
بقلم الكاتب / عزام الحملاوى
في
كل دول العالم يوجد متخصصون لإدارة الأزمات يعملون على إيجاد الحلول لها,
باستثناء فلسطين فهي الدولة الوحيدة من بين دول العالم المليئة بخبراء, بل
بفنانين في صناعة الأزمات 0ولهذا فإن خبراؤنا والمسئولين عن الأزمة
الفلسطينية الحالية يعتبروا عباقرة عصرهم في صناعة فن الأزمات, فلديهم
القدرة علي اختراع الأزمة من لاشى وبدون سبب0 ومنذ الانقلاب وحتى اليوم
,وما نتج عنه من أزمات كثيرة غير مجدية ,أضرت بالقضية الوطنية دون اى
فائدة يستفيد منها الوطن أو المواطن, بل خلف آثار عكسية وأضر بشعبنا
وبالنسيج الاجتماعي ,وكرس مفهوم المصلحة الحزبية فوق المصلحة الوطنية, حتى
ولو أدى الأمر إلى صناعة أزمات جديدة ,وبذلك أصبح خبراؤنا من أشهر صناع
الأزمات في العالم0 والحقيقة أنه لا يوجد مبرر واحد مقنع, يقدمه صناع
الأزمات حول ماقاموا ويقوموا به لشعب محتل, يواجه الاحتلال وبكل هذه
الظروف الصعبة والمعقدة التى يعيشها على كافة الصعد, والغريب أن يغمض صناع
الأزمات أعينهم عن هذا الضرر, وعن مخاوف الشعب من هذا الانقسام, وما سببه
من يأس في نفوسهم دفعهم للخروج عن عاداتنا وقيمنا وأخلاقنا, مما زاد من
تمزق نسيجنا المجتمعي 0 لذلك كان من المفترض وفى ظل وجود الديمقراطية
والتعددية السياسية ووجهات النظر المختلفة للفصائل, كان يجب إن تكون
الدوافع التى تعجل بهذه الفصائل وتدفعها إلى التنافس عبر أفضل البرامج
والنشاطات من اجل خدمة الشعب وقضيته, وبهذا يصبح الاختلاف في وجهات النظر
أمرا إيجابيا وذو فائدة, خاصة إذا ما تم وضعه في إطار وطني موحد, وتحت
مظلة الثوابت والمصالح العليا للوطن والشعب, وليس تحت المصلحة الحزبية
,وتحت شعار لاصوت يعلو فوق صوت الحركة أو الحزب ,وجاهزون لصناعة المشاكل
والأزمات من اجل ذلك. وكان من الممكن أيضا اعتماد الديمقراطية مبدأ للحوار
, للتقريب بين مختلف وجهات النظر ,والخروج بموقف
موحد يدعم من المحبة والتعاون وتعزيز العلاقات بين أطراف المجتمع السياسي
والفصائلى ,والتى حتما ستصب في خانة المصالح العليا للقضية الوطنية, وتعمل
على حل مشاكل وهموم الشعب 0ولكن ماحصل عندنا هو عكس ذلك, فكان السلاح هو
الحكم والديمقراطية الذي لجؤا إليه لحل الخلافات,وكانت النتيجة صناعة أزمة
كبيرة أضرت بالجميع بدون استتثتاء, مما دفعنا إلى جلسات حوار والوصول إلى
ورقة مصالحة لم توقع حتى ألان, لنخلق أزمة جديدة دون اى مبرر0 أن هذه
الأزمة القاسية التى نعيشها ألان, كان بالإمكان تجاوزها وإنهائها منذ
بدايتها, ولكن صناع الأزمات عملوا على إشعالها, وخلق المزيد من المشاكل
والأزمات, مما اثر بشكل مباشر وكبير على شعبنا, وحرم غزة من التنمية
والتطور, وأصبح الحديث في ظل هذه الأزمة التى نعيشها كما أرادها صناع
الأزمات خارج الزمن ,وتم دفن الكرامة والقيم والأهداف النبيلة في جوها
الخانق ,وأصبح حاضر ومستقبل الوطن في عنق الزجاجة, وعلى فوهة بركان إذا لم
توضع الحلول وتنتهي هذه الأزمة.هذه هي نتائج أعمال صناع الأزمات الذين
يمارسون العمل السياسي على أساس برنامج الأزمات ,والذي يدخل الوطن في
دوامة عدم الاستقرار والمناكفات السياسية, وتحويل الأمور البسيطة إلى
أزمات كبيرة ,وهذا دليل على أنهم لم يستوعبوا كيف يمكن أن يكونوا معارضة
في ظل وجود سلطة وجو ديمقراطي, لان برنامج ومهمة المعارضة ليس صنع الأزمات
وإشعال الحرائق , بل مهمتها النقد البناء,ووضع البدائل, والوقوف مع كافة
القوى والفصائل صفا واحدا وقت المحن ,وبعد كل هذا يدعون حرصهم على مصلحة
الوطن ,وهم في الحقيقة حريصون على مصالحهم الحزبية والشخصية 0ورغم كل
مابدر عن صناع الأزمات وفقدانهم لتعاطف الشارع الفلسطيني معهم, مازالوا
يوهمون أنفسهم بان الشعب يدعمهم, رغم تأكدهم من تخلى الناس عنهم لسلوكهم
وأهدافهم السيئة التى يسعوا إلى تحقيقها,ولذلك اختفى تأثيرهم السياسي من
الشارع الفلسطيني ,و لهذا أصبحوا غير مهتمين بما سيحل علينا وعلى قضيتنا
بقدر ماهم مهتمين بمصالحهم0لذلك بذلت الكثير من المساعي سواء من مصر أو من
دول عربية أخرى من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن إنهاء الانقسام ,ومن منطلق
حرصهم على خلق توافق وطني,يصون وحدة الشعب والقضية الفلسطينية لمواجهة
العدو الصهيوني وأطماعه من خلال موقف فلسطيني موحد, والبدء في عمليات
التنمية والاعمار في غزة ورفع الحصار لكن كل ذلك باء بالفشل0 إن
تدمير لغة وثقافة الحوار ,وتقييده بشروط تعجيزية لارتباطات خارجية ومصالح
ذاتية, يدل على عدم امتلاك رؤية سياسية واضحة ,وهذا يعمل على تدمير الحياة
السياسية والاقتصادية والاجتماعية, دون اى اعتبار لما قد يترتب على هذا
النهج من انعكاسات سلبية على المصالحة والأمن والاستقرار والتنمية ,والتى
تشكل العمود الفقري لعملية البناء والتطوير والازدهار0 إن
عدم الوصول إلى المصالحة ليس بسبب مصالح وطنية, بل من اجل مصالح تنظيمية
وإقليمية, والنتيجة المعروفة لمثل هذه المواقف يكون الإجهاض السياسي
للمصالحة 0وهنا سيكون صناع الأزمات هم الخاسر الأكبر لعدم مشاركتهم في
العمل الوطني مع باقي الحركة الوطنية, والمساعدة في حل قضايا وهموم الوطن
كطرف اساسى في العملية السياسية , وسيكونوا قد وضعوا أنفسهم في أزمة
جديدة, وأول من سيكتوي بنارها هم, صناع الأزمات, ولن يكون معهم اى ماكياج
يجمل وجوههم, وستسجل أسماؤهم في الصفحة السوداء في كتب
التاريخ ,أما إذا أرادوا أن يخرجوا من هذه الأزمة ويساعدوا على لم شمل
الشعب الفلسطيني, فعليهم استبدال برنامجهم ببرنامج المصالحة ولم الشمل
والبناء0
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/