المؤتمر السادس يسأل هل في فتح فتحاويون ؟
د. طلال الشريف
أنا لست فتحاوياً، ولكن، عندما يكون الفتحاويون بخير، يكون الوطن بخير، وعندما يمرض الفتحاويون، يمرض الوطن، فما بالك، والفتحاويون أصبحوا شللاً، ومناطق، وأعمار، وعائلات، ومشاريع، واستثمارات، ولذلك، لابد لكل فلسطيني، أن يتحدث عن فتح، رضي الفتحاويون، أم، لم يرضوا، لأنه، كما رأينا، وكما يقول حالنا، كل ما حدث لنا، كانت فتح، وكان الفتحايون هم السبب، بداية من إدارة البلد، وإدارة تنظيمهم، مروراً بصراعاتهم، وانتهاءً بصراع الآخرين معهم.
في 26/3/2005م نشرت في دنيا الوطن ومواقع وصحف عديدة مقال بعنوان " هيا ... فتح "
كتبت فيه ما يلي:
(( همس لي صديقي الفتحاوي المخلص لفتح، قائلاً، يبدو أنه، لم يتبق، وقت كثير على الانتخابات التشريعية في تموز القادم, و أعضاء الحركة المخلصون، يستشيطون غضباً على ما وصلت إليه الحال, و التحسب، من انتخابات المرحلة الثانية للبلديات بعد شهر من الآن, و على أية حال سيكون الوضع في هذه الحركة الوطنية الكبرى، إذا ما تكررت نتائج المرحلة الأولى، و فازت حماس، خاصة في قطاع غزة، الذي يشكل المخزون الحيوي للتنظيم.
فرددت عليه قائلاً، إن الانتخابات المحلية القادمة قريباً، ستكون مؤشراًً واضحاً للمجلس التشريعي القادم، بغض النظر عن طبيعة الانتخابات البلدية، و التشريعية، و الفرو قات، و المهمات بكليهما، و هو ليس مؤشر فقط , بل هو موجه فاعل للناس في اتجاه إعطاء أصواتهم للتشريعي.
وهل وضع المسئولون في فتح نصب أعينهم هذه المعركة القريبة الهامة جداً؟ و إذا كانوا كذلك فهل وضعوا الخطط ، و البدائل، لخوض معركة التشريعي في حال الخسارة في البلديات؟ أم راهنوا على التهدئة، و إمكانية استرجاع الجمهور بالعقلية السابقة؟
حقيقة، إن هناك حالة من التغيير على وشك أن يحسمها الناس في ذهنيتهم, و هي مؤشر خطير، يجب أن تنشغل فيه فتح في ورشة عمل مستمرة للخروج من هذا المأزق, و يبدو أن هذا الخطر غير وارد بحجمه الحقيقي في أذهان، وتصرفات الكثيرين في فتح حتى الآن, و لم تظهر للناس بوادر حركية تدل على العمل الجاد، حيث أن بوادر التصحيح هي جزء لا يتجزأ من الخطة المطلوبة للنهوض, وهي تعمل كأرضية لانطلاق الخطة الموضوعة, أي أن هذه البوادر تمهد لحالة النهوض, و هي لم تظهر حتى الآن.
و أين الاهتمام بالشارع؟ وأين التجمعات للحوار، و أخذ رأي القاعدة؟ وأين التعبئة، و النشاطات الجماهيرية المكثفة؟ و أين الحوارات الإعلامية، و الصحفية المطلوبة؟ وأين العمل لرص الصفوف، و إعادة اللحمة، و العلاقة، و الثقة، إلى أعضاء الحركة، و في الشارع؟
لا يكفي أن يتحدث البعض فقط,، و أين هي اللجنة المركزية، و المجلس الثوري، وأعضاء فتح في المجلس التشريعي، ولماذا لم ينزلوا إلى المواقع جميعا؟ اتركوا الوظائف، و الوزارات، فالحركة في خطر، هذا هو الوقت الذي تحتاجكم فيه فتح.
لم يعد القادة في التنظيم، و النقابات، والأطر، و التجمعات الشعبية، يرون من خلفهم الجموع الكبيرة من الكوادر، والأعضاء الذين كانوا يصغون إليهم, و يأخذون برأيهم, و ينفذون الأوامر المقدسة بحذافيرها.
الوضع السياسي، و مأزق المفاوضات، و الإحباط ، يرفع من حالة الاهتزاز الداخلي في الحركة إذا هزمت فتح في انتخابات البلديات المقبلة, يجب أن تكون اللجنة المركزية، و المجلس الثوري في حالة انعقاد دائم، و الحوار المعمق. ألا تشعرون بالخطر؟ حركتكم في خطر كبير.
و بعد انتخابات البلديات لن يعد وقت للتخطيط , و إذا كان من المتعذر، حتى الآن، وضع الخطط,، والتفاهم، فأقترح عليكم عقد المؤتمر بعد شهرين في مايو مثلاً, و مهما كانت النتائج, فلعلي أراها أفضل من هذا الحال، واعتبروها خطة ( ب )، إذا كانت لديكم خطة( ا )، لإقرارها مباشرة بعد انتخابات البلديات القادمة، إذا كانت النتائج سلبية, فلم يعد أمامكم من حل، إلا هذا المؤتمر, و يجب عقده قبل التشريعي، فلماذا الخشية من ذلك؟ فلا أحد يرى مؤشرات إيجابية حتى الآن, و يبدو أن كمية، و نوع العمل الحالي، لا يوازي كمية، و نوع الخطر الداهم.
نقول هذا، لأن الأخطر، هو ضياع المشروع الوطني، إذا ما فازت حماس بأغلبية المجلس التشريعي، وأنا "لست ضد فوز حماس كفصيل وطني" في المجلس التشريعي، بل أخشي، أن فوزها سيعطي إسرائيل، و أمريكا مبرراً للهروب من الاستحقاقات المطلوبة, و نعود إلى المربع الأول لخمسين عاماً قادمة.))
هذا كان مقالي قبل أربع سنوات، والآن أكرر الصرخة والقسوة وأقول من جديد المؤتمر السادس يسأل هل في فتح فتحاويون ؟
والآن وقد فاض بنا الفيض، نحن الشعب الفلسطيني، المغلوب على أمره، وليس له من ناقة، أو جمل في مواقع، ومناصب فتح، إلا، ما نتمنى، أن يعود علينا، من استقرار، وإنهاء الحصار، هنا في غزة هاشم، وما نتمنى، إلا، أن يعود قطار النهوض الفلسطيني إلي سكته الحقيقية، لإنجاز الحقوق الفلسطينية لإنهاء الاحتلال، وقيام الدولة الفلسطينية العتيدة، مثمنين، ومباركين، لفتح، أو، لغيرها، بالحكم، وإدارة الدولة الفلسطينية، بشرط، أن يكون وطننا، وطن حر، يسود فيه القانون، والعدل، والديمقراطية، واحترام حقوق الناس، ولا نطلب شيئاً آخر.
ومن هنا نقول: ما يقلقنا حقيقة، بشأن الصراع الجاري في هذه الحركة، هو ليس سيطرة تيار أو شخصيات معينة، على مجريات الأمور في فتح، لأن هذا شأن داخلي، الفتحاويون هم أدرى به، وعليهم، أن يقدموا للشعب ممثليهم في مؤتمرهم، أيا كان لون عيونهم، لأنه، لم تعد، هناك إمكانية للعودة للجذور، ليأتي فصيل إلي السلطة في فلسطين، بغير طريق الانتخاب، وموافقة الشعب عليه.
أردت بمقالي هذا، أن أنبه لشيء، أعتبره في منتهى الخطورة، بشأن الفتحاويون، وتفكيرهم، وعقليتهم، وثقافتهم، وهو ما يجعلني، وكثيرين مثلي، يتمنوا، ألا، تعود فتح لحكم الشعب الفلسطيني، وهذا ليس موافقة على حكم حماس، لمن يتوهم، بأننا، هنا في غزة، نمسح جوخاً لأحد، ولكننا نشعر بالإحباط، من هذه الفتحاوية المقيتة، التي نرى ملامحها بوضوح، يفلق الرأس لكل ذي عقل سليم، إذا كانت هذه هي العقلية التي سيعود بها الفتحاويون الي السلطة، فنحن لا نريد فتح، ونحن سلفاً، لا نريد حماس، ولأسباب أخرى، ليس هذا المقال هو موضعها، ولم يعد المواطن منا، يخشي من أي سلطة كانت، سابقة، أو، حاضرة، أو، لاحقة، لأننا، هنا في غزة، نحن، والأموات في القبور سواء، وقد يكون، من في القبور، قد أراحوا، واستراحوا، مما وصلنا إليه، وما عانيناه منكم فتح وحماس، وهذا يمكن تعميمه على كثيرين من شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج.
سأقول لكم أيها الفتحاويون بالذات، كتيار وطني المركزي، وبصراحة:
1- لم تديروا السلطة سابقاً بطريقة صحيحة، وأسستم لما جري، وتكبير حماس، هو من إنتاج فتحاوي بامتياز، علي خلفية سلبياتكم.
2- لم تديروا تنظيمكم بطريقة صحيحة، وأنتجتم الحالة الفتحاوية التي ترونها بامتياز أيضا،ً فإن، كانت، قياداتكم، هي التي فشلت في ادارة التنظيم، فهي مصيبة، وان كنتم أنتم غير منتظمين على درجة من الحكمة، والانتماء، مما أضعف، وفسخ التنظيم، فالمصيبة أكبر.
3- إذا كان هذا قدر حركتكم، ومآلها، كأي مؤسسة في الدنيا، تصل الي ألقها، ثم تنهار، فلتسلموا بحكم القانون الطبيعي، ولا داعي لمزيد من الأسى لشعبنا الفلسطيني.
4- إذا كانت السياسة الإقليمية، وامتداداتها بينكم، هو سبب تفسخكم، فلتتحملوا مسؤولية رضاؤكم عن ذلك.
5- إذا كانت إسرائيل، وأميركا، هي سبب تراجعكم، فلتعيدوا النظر، فيما أخطأتم، وفيما أخطأت تقديراتكم، لأن حال الشعب والقضية لا يحتمل، ولا يتحمل التجريب مرة أخرى.
6- أريد أن تستشيطوا غضباً مما أقول، وتدافعوا بالنهوض الحقيقي لحركتكم، ولا توجهوا النقد لي علي ما أقول، بالانجاز، والنجاح لحركتكم، ولا تهربوا بعيدا، لتدعوا في عباراتكم، بأنكم، وحركتكم، بصحة جيدة، وتلقون التهم على الآخرين، في محاولة لذر الرماد في العيون، فأنتم على خطر عظيم، وعلامات هذا الخطر واضحة، ولكن، يبدو أنه، لم يفكر فيها أحد منكم، كبيراً، أو، صغير الموقع، كبيراً، أو، صغير السن، لأنكم منغمسون في سكر الذاتية، التي ستدمر كل إمكانية للنهوض بحركتكم، ومن ثم إمكانية النهوض بالوطن، ولأننا، شركاء في هذا الوطن، فإننا نقسوا عليكم، بمقدار القسوة، والمرارة الملتصقة في حلوقنا.
7- أتساءل، كمواطن يحترم عقله، وكمحامي للشيطان لفتح المنكوبة بأهلها:
- لماذا لم يبادر أحد من قيادات فتح، الذين يدعون حرصهم على الحركة، على إصدار بيان؟ ولو مقتضب، يقول فيه لقواعدكم التنظيمية وللناس، وفى العلن، بأنه، لا يريد ترشيح نفسه للمواقع القيادية، لقناعته بإمكانيات غيره، من أعضاء الحركة، التي يصل عددها الي المليون.
وسأطرح عليكم تساؤلات وملاحظات لتفكروا فيها:
- هل فكر أحد من كبار السن، أن يمنح فرصة للشباب، الذين أصبح عمر الشاب منهم فوق الخمسين عاما ؟
- هل فكر أحد ممن يدعون، أن الحركة مختطفة، ومن الفريقين، الذين يدعيان، بأن الحركة مختطفة، مرة من الحرس القديم، وفي المقابل، يدعى الحرس القديم، بأن الشباب سيختطفون الحركة، لكي تبقوا في موقعكم وامتيازاتكم، والجميع يعرف، ويدرك، بأن الحركة غير مخطوفة من أحد، ولن تختطف، ولكن المنافع تفسد المواقع،
والحقد والضغينة، والشللية، والصراع من أجل الذات، والمكسب، تعمي أبصاركم، ومن ذا، الذي لا يحترم عقول الناس، ليتهم البعض بالتهاون في مصير الوطن، إن وقعت الحركة تحت سيطرة زيد، أو، عبيد، فكلكم موافق على ما حصل، ومآل الحلول، وليس لكم خيارات أخرى، فلماذا الاتهامات والمزايدات، وكلكم عبرتم طريق السلام بموافقتكم، وما ستعطيه إسرائيل، لن يتغير بهذه المجموعة، أو، تلك.
- هل فكر أحد منكم، وخاصة ممن أمنوا مستقبلهم، ومستقبل عائلاتهم، بأن يفسح طريق المنفعة لغيره.
- هل فكر أحدكم، أن يتنازل عن غيه، وينفض أوهام التآمر، التي عششت في مخيلاتكم وتقدمون مصلحة فتح على مصالحكم.
- هل اتعظتم حقيقة، وحدث التغيير في إداراتكم بعد عاصفة غزة، أم مازلتم شلل ومجموعات مناطقية، وتاريخية، وعائلية.
الواضح أن الأسباب، والصراعات، التي أطاحت بغزة، لم تزل، تفعل فعلها، بل، وذهبت الي أبعد مما قبل، والكثير الكثير منها كان أوهام قد صنعتموها، لتبرير التنافس علي المواقع، وأنتم جميعاً تدركون ما تتصارعوا من أجله، ولكن،لا أحد منكم، يجرؤ على الإفصاح عنه، لأنكم تعرفون أنه خطأ، ولكن الكفر عناد، وثقوا تماماً، لو عقدتم مؤتمركم منذ أشهر، مهما كانت نتائجه، لتغير موقف حماس، ولما تأجل الحوار، والحصار، والذي أصبح في علم الغيب.
وفي النهاية أقول لكم، إذا كانت حالكم هكذا، لا تستطيعوا، عقد مؤتمركم بعقلية جديدة، بعيدا عما سبق لكم من أخطاء، فإن القادم عليكم وعلينا أسوأ.