لعبت مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك دورا كبيرا في سقوط الأنظمة في تونس ومصر. كما تحول الإعلام الجديد تقريبا إلى الوسيلة الوحيدة لنقل الأخبار حول الاحتجاجات في سوريا. فهل أصبح هذا الإعلام محرك الثورات ضد الديكتاتوريات
لم يكن لسقوط نظامي بن علي ومبارك أن يتم بتلك السرعة لولا تداول المعلومات والصور والفيديوهات حول الاحتجاجات في كل أنحاء البلاد عبر الفيسبوك وتويتر، كما توضح ذلك الناشطة الحقوقية التونسية ورئيسة تحرير إذاعة كلمة المستقلة سهام بن سدرين بقولها "إن الإنترنت لم يخلق هذه الأحداث ولكنه جعلها ممكنة".
الاحتجاجات باغتت الديكتاتوريات
اشتد الجدل في خضم "الربيع العربي" حول ما بات يسمى ب"ثورة الفيسبوك"، حيث ساد الاعتقاد أن شبكات التواصل الاجتماعي لعبت دورا رئيسيا في اندلاعها. وحتى رد فعل الحكومة المصرية، بالحجب الكامل للإنترنت، جاء متأخرا وفي النهاية بعدما وصلت آنذاك حراك الشارع المصري إلى نقطة اللاعودة، كما يوضح سلوبودان دجينوفيش أحد منظمي الاحتجاجات في صربيا ضد ميلوسيفيتش عام 2000 والذي أصبح منذ ذلك الحين أحد الخبراء الذين يفيدون بخبرتهم منظمي الثورات. ويدير دجينوفيش منظمة اسمها "كانفاس" تقدم خدمات استشارية لجماعات المعارضة في مختلف أنحاء العالم التي تسعى لإسقاط الأنظمة الشمولية بطريقة سلمية. ويعتبر دجينوفيش أن العامل الحاسم في نجاح أي ثورة هو مدى انتشار شعور عدم الرضا لدى المواطنين وأيضا درجة ولاء الشرطة والجيش والهيئات الاجتماعية ذات المصالح إزاء النظام القائم.
وبالنسبة لدور الإنترنت في الثورتين التونسية والمصرية يوضح دجينوفيش أن "حشود المتظاهرين نزلوا بسرعة فائقة إلى الشوارع بشكل باغت الحكومات ولم يعطها الوقت لرد الفعل". والسؤال الذي يطرحه العديد من المراقبين هو هل بإمكان الأنظمة الشمولية البقاء في السلطة في عصر عولمة الانترنت؟ هناك من يجيب عن هذا السؤال بالإيجاب كرئيس تحرير صحيفة "تليغراف باي" الإلكترونية البيلوروسية يان روزوم. ولفت إلى أن جماعات المعارضة في روسيا البيضاء حاولت استخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي لتنظيم مظاهرات لكن النتائج كانت مختلفة تماما عما يعرفه العالم العربي. ويوضح روزوم أن "كل شخص يمكنه الانضمام إلى لوائح هذه الجماعات"، وهذا شيء تعرفه الشرطة وتستعمله بدورها وهو ما يمكّنها من التدخل بسرعة لمنع أي مظاهرة قد تخرج عن السيطرة. "هذا ما حدث بالضبط، فقد نظمت أربع أو خمس مظاهرات ناجحة، وبعدها تم اعتقال قادة هذه الجماعات والزج بهم في السجن لمدة أسبوعين. ومع غياب القادة تلاشت المظاهرات".
الرقابة الحكومية والإنترنت
بدأت العديد من الأنظمة الشمولية تعي أهمية مراقبة الشبكات الاجتماعية للحفاظ على سلطتها، ومن بين هذه الأنظمة النظام الصيني. فهذا مدون اسمه ميخائيل آنتي، يعتبر أن ثورة على النموذج العربي غير ممكنة الحدوث في بلده الصين، وهو أمر لا يرتبط بالضرورة بالرقابة الصارمة على الإنترنت على حد قوله: "لو كنت عاطلا عن العمل، كما هو الحال في العالم العربي، فإنني سأنزل بدوري إلى الشارع للتظاهر"، مضيفا أنه "في الصين قد يخسر الشباب بعض المكاسب". ولكن الحكومة مستعدة مع ذلك لكل الاحتمالات. "الحكومة الصينية قامت وبكل بساطة بنسخ كل خدمات الإنترنت"، فبدلا من تويتر يستعمل الصينيون خدمة مماثلة اسمها "سينا وايبو". وبدلا من غوغل فهم يستعملون محرك بحث يحمل اسم "بايدو"، وبدلا من فايسبوك هناك "رينرين".
وأكثر من أي حكومة أخرى في العالم بإمكان الحكومة الصينية التحكم وفرض رقابتها على هذه الخدمات، "لذلك لا أتوقع أن تنشأ عبر الإنترنت بنى سياسية جديدة" يقول ميخائيل آنتي. وعلى هذا الأساس فقد لا تفاجأ الأنظمة الشمولية في المستقبل بعالم التواصل الافتراضي، وهذا يعني أن الثورات العربية قد لا تكون أولى ثورات الفيسبوك فحسب ولكن ربما آخرها.
ماتياس بولينغر/ حسن زنيند
مراجعة: شمس العياري
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/