القضية
الفلسطينية
ومحاريك
الشر في العالم
إن المتتبع للإعلام على صعيد العالم كله , منذ
حرب غزه عام 2008 وحتى الآن ليرى بشكل واضح استخدام وسائل الإعلام
الإسرائيلي والأمريكي والأوروبي البروباغاندا في
التحريض على حماس وإيران وحزب الله وكل قوى المقاومة و
يزداد هذا التحريض ضراوة كلما اشتد النقد لإسرائيل في المحافل
الدولية وتم توجيه أدلة جديدة من جرائم الحرب
التي ارتكبتها في غزه من اجل صرف اهتمام وأنظار العالم عن
الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه في الضفة والقطاع
وممارسات القمع والإرهاب الإسرائيلي وعن القضية الفلسطينية و معاناة الشعب
الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي وفي السجون الإسرائيلية .
منذ حرب لبنان عام 2006 اخترعت إسرائيل ومعها الولايات
المتحدة الأمريكية وجيشها من قادة العالم العربي والإسلامي والصحافة
المرتزقة الانكشارية فزاعة المذهبية وإشاعة الخلاف والتوتر
بين الشيعة والسنة والتهويل والتخويف من التشيع والتغلغل
الإيراني في العالم العربي والإسلامي , خصوصا دول الخليج ومعها مصر من اجل
التأكيد على فرقة العالم العربي و الإسلامي وإدخاله في متاهات الخلافات
والتشرذم لضياع كلمته وهيبته وإشغاله عن أعدائه وعن لب الصراع وجوهره .
أراد الراعي الأمريكي تقديم إسرائيل للعالم العربي والإسلامي
على أنها صديق قوي يمكن الاعتماد عليه والاستفادة منه وتقديم إيران على
أنها العدو الحقيقي للعرب والمسلمين, فراحت وسائل الإعلام
الصفراء وأبواق الدعاية الرخيصة مدفوعة الثمن من فضائيات وجرائد ومجلات
ومواقع الكترونية ورجال ساسة وإعلام وسفسطائيين تفرغوا لمثل هذا الهدف بغرض
دب الرعب وقرع نواقيس الخطر الإيراني , فكلما أصابت العرب
والمسلمين مصيبة اتهموا إيران بالوقوف من ورائها بادعاء أنها تثير الشغب
وتهدد أمنهم القومي وسيادتهم .
وهذا ما نشاهده اليوم من تخويف محاريك الشر للعالم العربي من
تركيا ومن طيب رجب اردجان الذي استطاع بحنكته وفطنته أن يستفيد من
المتغيرات الإقليمية والدولية لتعزيز مكانة تركيا واخذ دورها من خلال
عودتها إلى جذور الحضارة الإسلامية وثوابتها الأصيلة والقواسم المشتركة
مع العرب وهو ما دعاه للوقوف مواقف شجاعة أيام حرب غزة ولا
يزال يتابع مد الجسور مع الشرق العربي والتحاور معه على أساس حضاري وإقليمي
وعدد ما شئت من القواطع والقواسم المشتركة التي تخيف إسرائيل ومعها أمريكا
و أوروبا من هذا التقارب في ظل بروز مظاهر التدين في تركيا
وضعف النظام العلماني وتراجعه , الأمر الذي دفع بعض الساسة ورجال الإعلام
مهاجمة تركيا وارد جان بإيعاز من محاريك الشر واتهامها
بالمسؤولية عن تخلف العرب وراحوا يخوفون العرب من أطماع جديدة لاردجان
خصوصا في ظل التقارب الإيراني التركي الذي كان بالأمس تقاربا إسرائيليا
تركيا .
لقد أراد الأمريكيون وقادة إسرائيل ضرب المقاومة بكل الإشكال
وتجفيف الينابيع وحتى القضاء على مصادر دعمها إلا أن الحقيقة
الواقعة أن مخططات تقسيم العالم العربي والإسلامي هي غاية المؤسسة
الإسرائيلية ومعها ويدعمها بشكل مطلق النظام الأمريكي وتاريخ تقسيم العالم
العربي والإسلامي قديم , وضع من اجله كم هائل من البرامج والمخططات وعمل
على تنفيذها بشكل بطيء وهادئ فنجح بعض منها وفشل الأخر ولا تزال المحاولات
جارية لا تعرف اليأس أو التوقف خصوصا إن يد المنظمة الصهيونية العالمية
فاعلة بحراك دائم وعمل دؤوب لم يمنعها في الكثير من الأحيان التعبير
والتصريح عن هذه البرامج فقد نشرت مجلة " كيفونيم " ( مجلة المنظمة
الصهيونية العالمية )عام 1982 مخططا مفصلا لتقسيم العالم العربي والإسلامي
بغرض تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ حتى تضيع القضية الفلسطينية في ظل
الخلافات والمشاحنات العربية المنشغلة يبعضها البعض وقد شمل
المخطط دولا صديقة لإسرائيل وقعت معها معاهدات صلح مثل مصر
أو تربطها بها علاقات تجارية وصداقة سرية وتنسيق وارتباطات تطبيع .
ففي الشأن المصري ذكرت المجلة ما يلي :
" إن أنشاء دولة قبطية في مصر العليا هو محرك التطور التاريخي
الحتمي على المدى الطويل وان كانت تعوقه حاليا اتفاقات السلام "
وهذا الذي نشهده اليوم من مطالبات بعض الأقباط
بالانفصال عن الجمهورية العربية المصرية وإنشاء دولة قبطية مع وجود شخصيات
قبطية تمول من أمريكا وإسرائيل وتتخذ منهما مقرا لها .
أما في الشأن اللبناني فقد أخفقت هذه المنظمة خصوصا بعدما
اختار الشعب اللبناني بجملته خيار المقاومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية
والتقارب والتصالح مع ســوريا وإعادة اللحمة بين البلدين واحتواء الفتنة
الطائفية وهو ما فوت الفرصة على هذا المخطط الذي اعد للبنان ما يلي :
إن تقسيم لبنان إلى مقاطعات خمس يجسد ملفا ما سيحدث في سائر
العالم وتقطيع سوريا والعراق إلى مناطق على أسس دينية وعرقية , يجب أن يكون
على المدى الطويل هدفا اولويا لإسرائيل حيث تكون أولى خطوات تنفيذ العملية
تدمير القدرات العسكرية لهذه الدول .
وهذا ما فعلته آلة الحرب الإسرائيلية فعلا عندما ضربت المفاعل
النووي العراقي عام 1982 وكررت نفس الفعل في سوريا عندما ضربت منشاة نووية
سوريه عام 2009 من اجل قطع الطريق على هذه الدول وحتى تبقى إسرائيل الدولة
الأقوى في الشرق الأوسط .
ويتناول المخطط سوريا فيضع لها هذا التصور الغريب العجيب بما
يأتي :
" إن البنية العرقية لسوريا تعرضها للتفكك مما يؤدي إلى خلق
ثلاث دول واحدة شيعية على طول الخط الساحلي وأخريين سنيين في حلب ودمشق
إضافة لكيان درزي يحتمل أن يقيم دولته على أراضي جولاتنا , كذلك لم تسلم
دول الجزيرة العربية من وضع التدابير والكيد لهم
: الجزيرة العربية مكرسة بكليتها للتفتت بسبب الضغوطات الداخلية
وهذه الحالة تطال المملكة العربية السعودية وسائر دول التعاون الخليجي لذا
فان تصاعد الأزمات الداخلية وسقوط الأنظمة يندرجان في منطق بنيتنا السياسية
الحالية .
والأمثلة أكثر من أن تحصى أو تعد فهذا السودان
وافتعال المشاكل والأزمات في الجنوب وإقليم دارفور وذاك الصومال الجريح وما
يعاني من أهوال القتال والحراب وتلك إفريقيا برمتها وما تعاني من اثارت
الفتن والقلاقل التي تغذى بالتغلغل الإسرائيلي هناك إذ تقوم إسرائيل ببيع
السلاح وتدريب أبناء الوطن الواحد على استعمال السلاح ضد بعضهم البعض بهدف
سيطرتها على القارة السوداء ونهب ثرواتها وخيراتها ومنعها من
التقدم والتطور وإبقائها في خانة التأخر والبدائية وجعلها تعيش
بشكل مستمر في دوامة العنف الدموي والاقتتال الطائفي
والعرقي والمذهبي والقبلي .
هذا ولا يزال شعار محاريك الشر مكتوبا في كل مكان في عالمنا
العربي والإسلامي تحت عنوان :" إن كل صراع عربي سيعود بالنفع علينا
وسيعجل ساعة التفجير .
عائدون
يا ثرى الأنبياء
أبو
العلاء عبد الرحمن عبد الله
الكاتب
الإعلامي
الناصرة
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/