التجمع الوطني المسيحي: ممارسات الاحتلال هي السبب الرئيس وراء هجرة الفلسطينيون المسيحيون
عقد
التجمع الوطني المسيحي يوم أمس ورشة عمل حول اسباب الهجرة المسيحية من
الأراضي المقدسة بمشاركة عدد من رجال الدين و اعضاء التجمع و متطوعون
اجانب في القدس. وتم خلال ورشة العمل تقديم ملخص عن عدد من الدراسات التي تناولت هذا الموضوع.
والقى
ديمتري دلياني رئيس التجمع الوطني المسيحي و عضو المجلس الثوري لحركة
فتح كلمة عن أسباب الهجرة المسيحية، أكد فيها أن الاحتلال الاسرائيلي و
ممارساته هو السبب الرئيسي و المباشر للهجرة و التهجير التي تستهدف الشعب
الفلسطيني بشكل عام وبالتالي المسيحيين و كنائسهم و مؤسساتهم الدينية، كون
المسيحيين جزء لا يتجزاء من الشعب الفلسطيني المناضل و عنصر حيوي من
مكوناته التي تمنحه تنوعاً مميزاً ساهم و يساهم في صموده و في مقاومته
للمحتل على كافة الأصعدة.
وأضاف
دلياني أن الاحصائيات تشير الى أن نسبة المسيحيين في القدس في العشرينات
من القرن الماضي كانت تقترب من حوالي خمسون بالمئة من سكان المدينة
المقدسة بحسب دراسة اجرتها ال بي بي سي، بينما وصلت الى اقل من 10% في
القدس الشرقية المحتلة في التسعينات مع بقاء القدس الغربية المحتلة عام 48
شبه خالية نتيجة الطرد و التهجير الذي تعرض له الفلسطينين على يد المحتل و
منع عودة اللاجئين الى ديارهم من قبل سلطات الاحتلال.
و
قال دلياني أن القدس تمثل نموذجاً دقيقاً لتحليل اسباب الهجرة المسيحية
حيث أن غالبية مسيحيي القدس كانوا يقطنون في أجزاء القدس التي احتلت عام
1948 وهو حال المسيحيين الفلسطينيين الذي عاش معظمهم في اراضي فلسطين
المحتلة في نفس العام، كما أن معظم ممتلكاتهم كانت هناك، وهي مصادرة الآن
كباقي ممتلكات ابناء شعبنا، يستخدمها مهاجرون اجانب يدينون باليهودية وهذا
سبب كافي لسماح الاحتلال لهم بالاستيلاء على ممتلكات شعبنا الفلسطيني.
وشدد
دلياني أن سياسة التهجير العنصرية التي تتبعها حكومة الاحتلال الى يومنا
هذا لم تخص المسيحيين فقط بل تستهدف المسلمين ايضاً على قاعدة قومية كعرب
و قاعدة وطنية كفلسطينيين لكن التركيز على دفع المسيحيين للهجرة يستحوذ
على اهتمام خاص لدى صنّاع القرار الاسرائيلي كون المسيحيين يشكلون حلقة
وصل فاعلة مع الغرب لصالح القضية الفلسطينية و هي احدى وسائل فضح ممارسات
الاحتلال التي تحاول حكومات اسرائيل و من يساندها اضعافها قدر الامكان.
و
أكد دلياني أن ما نراه اليوم من ممارسات تهويد في القدس و التي تحمل معانٍ
سياسية بدءاً بسحب الهويات مروراً بهدم المنازل و فرض الضرائب و المخالفات
الباهظة و التشويش الاجتماعي و خنق الاقتصاد المحلي و بناء جدار سرقة
الاراضي و التوسع الاسرائيلي انتهاءاً بالمؤامرات التي تستهدف الكنائس
بهدف اضعافها جميعاً، تخدم الهدف نفسه في وضع حد للوجود الفلسطيني بما فيه
الفلسطيني المسيحي في الأراضي المقدسة بشكل عام وفي القدس المحتلة بشكل
خاص.
وقارن
دلياني وضع المسيحيين في اراضي السلطة الوطنية الفلسطينية و أوضاعهم تحت
ادارة الاحتلال، فوضّح أن المسيحين تحت مظلة السلطة يعتبروا شركاء
بالمشروع الوطني بكل ما تحمله الكلمة من معني، يتمتعون بنفس الحقوق كباقي
عناصر المجتمع و يقومون بنفس الواجبات و يتحملون المسؤولية الوطنية ذاتها
فيسقط منّا شهداء و يتم أسر خيرة شباببنا كما نُمنح فرصة المساهمة في
الحكومة و قيادة الفصائل بدون أي تمييز، أما تحت ادارة الاحتلال فنحن
أعداء للنظام الفاشي يحرمنا من الحقوق و يمييز ضدنا تماماً كما يتم
التمييز ضد اخوتنا المسلمين. و أما بخصوص اسباب الهجرة المسيحية من مدن
الضفة الغربية فأشار دلياني الى أنها لا تختلف في نسبها أو اسبابها عن
الهجرة التي يعاني منها باقي عناصر المجتمع الفلسطيني في مدن الضفة
الغربية بشكل عام و تعود الى ممارسات الاحتلال ايضاً الذي يفرض الحصار و
يتسبب في تضييق اقتصادي و غيره من الممارسات الاحتلالية التي تطال جميع
شرائح شعبنا بما فيهم القيادة السياسية. وحذّر دلياني من تفسير حوادث
فردية على أنها نمط اجتماعي.
أما
في قطاع غزة، فقال دلياني، أنه حدثت بعض المضايقات في الحريات العامة منذ
الانقلاب في حزيران 2007 لمست حياة جميع المواطنين، كما تم الاعتداء على
عدد المؤسسات المسيحية و على الأفراد مثل الجريمة التي طالت الشهيد رامي
عيّاد الموظف في جمعية الكتاب المقدّس، كل هذه الحوادث الخارجة عن أخلاق
شعبنا و تقاليده وخطه الوطني أدت الى زيادة الرغبة في الهجرة من القطاع
بالاضافة الى الأسباب الرئيسية المتمثلة بالحصار الغاشم الذي يفرضه
الاحتلال و عدوانه قبل حوالي عام على أهلنا في القطاع. وأكد
دلياني أن جهود العقلاء الوطنيون في القطاع و الحريصون على حق المواطن
الفلسطيني بالعيش بآمان على ترابه الوطني حدّت من تبعات هذه الجرائم و
الحصار و العدوان في هذا الجانب، على أمل أن تقوم حركة حماس بتوقيع وثيقة
المصالحة و تفوت الفرصة على مثيري الفتن و الاحتلال لإضعاف شعبنا و المساس
بقيّمه و نسيجه الاجتماعي الذي وضع أساسه الخليفة عمر بن الخطاب و بطريرك
القدس صفرونيوس من خلال العهدة العمرية.
وفي
الجلسة المسائية لورشة العمل تحدث القس رونان ريفز الذي يزور الأراضي
المقدسة من الولايات المتحدة عن دور الكنيسة في الحفاظ على الوجود المسيحي
في الأراضي المقدسة ودور رعايا الكنائس في تقوية مؤسساتهم الدينية لكي
تقوم بهذا العمل.
و
أضاف القس ريفز أنه على اطلاع بأن كنائس الأرض المقدسة جمعاء تنظر الى
قضية الهجرة المسيحية على أنها من أخطر ما واجهت هذه الكنائس من تحديات
على مر العصور، وهي متكاتفة في ايجاد حلول عملية و تمد يدها للتعاون مع
جميع الجهات المعنية.
و
أكد ضيف ورشة العمل، القس ريفز، على أن اضعاف الكنيسة يضر بالمجتمع بشكل
عام لأن الوجود المسيحي القوي يعتبر انعكاساً لمدى قوة الكنيسة و عنصراً
هاماً للحفاظ على التنوع المجتمعي و بالتالي احد أسس مواجهة التحديات
السياسية و الاقتصادية المفروضة على المجتمع ككل. وعبّر
القس ريفز عن تقديره لجهود التجمع الوطني المسيحي في التواصل مع الكنائس
حول العالم و خاصة في الولايات المتحدة ووضعها بشكل دوري في صورة التطورات
في الأراضي المقدسة.
وفي
نهاية ورشة العمل تم وضع عدد من التوصيات ليتم تنفيذها وفق قدرات التجمع
الوطني المسيحي و كان أولها الشروع في حملة دولية لتوعية مسيحيي الغرب عن
اسباب هجرة الفلسطينين المسيحين و فضح الممارسات الاسرائيلية التي تؤدي
الى ذلك، بالاضافة الى تفعيل اللجنة الاجتماعية داخل التجمع الوطني
المسيحي لمقاومة هذه الظاهرة عبر حوار كل من يسعى للهجرة و محاولة دعم
صموده على ارض الوطن.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/