أين الحرية يا قطر؟؟!!
ايمان نصار
كان ذلك المؤتمر الذي عقد في الدوحة تحت عنوان - حرية الرأى والتعبير فى المنطقة العربية – بمثابة دفعة للكتابة، حيث استمعت لما قاله السيد وضاح خنفر مدير عام شبكة الجزيرة، والسيد سامى الحاج والعديد من الزملاء الصحفيين والاعلاميين سواء بالمداخلات او الاشادات التى تناقلتها الفضائيات وبخاصة قناة الجزيرة على اعتبار ان الدوحة هى واحة الحريات الاعلامية، وزاوية الارتكاز لأقلام الصحفيين فى التعبير عن آرائهم والحفاظ على حقوقهم المهنية والانسانية وذلك وفق ما تناولها الحاج وهو المعني بالحقوق الانسانية، والمكلف من مؤسسته بالذود عن حرية الصحفيين والدفاع عن حقوقهم وصون كرامتهم المهنية التى تستباح من المحيط الى الخليج وتنتهك على رؤوس الاشهاد وفى رابعة النهار، وهذا ما حدث معي بداية الشهر الماضي فى دوحة قطر، في الوقت الذي لم يتجرأ فيه احد على التدخل لوقف القرار الجائر والظالم الذى اتخذ بحقي من قبل السلطات العليا كما أبلغنى الضابط المسؤول والقاضى بمنعى من الدخول او التواجد على الاراضي القطرية دون ان يبدى أى اسباب تذكر، ورده الوحيد -هذاقرار جهات عليا- حتى انه رفض اعطائى اى وقت لأتمكن من جلب اغراضى ومقتنياتى الشخصية من مكان سكنى، فقضيت تلك الليلة فى مطار الدوحة، وفى صباح اليوم الثاني اتصلت بالسفير المصرى لدى قطر سعاد السيد عبد العزيز داوود والذى تقدم مشكوراً بانهاء اجراءات تأشيرة سفري الى مصر، والغريب ان أحداً لم يحرك ساكناً لا صحيفة الراية التى اعمل بها منذ عامين، ولا حتى السفارة الفلسطينيه بقطر.
رحلتى الى قطر كانت قبل عامين ويزيد بعد ان تم اختياري ومجموعة من زملائى الصحفيين الفلسطينيين لاجتياز دورة تدريبية فى مركز الجزيرة لتدريب الاعلامىين وتزامن ذلك مع ما حدث فى غزة يوم ان ذبح الفلسطيني-الفلسطيني خدمة لأجندة اقليمية ودولية مسلحة بجيوش الكثير من الاعلاميين والمؤسسات الاعلامية التى اصطفت كلا منها خلف قبيلتها وعشيرتها وجغرافيتها وتاريخها المزيف الذى لا يُشترى الا من اسواق النخاسة السياسية التى يتاجر فيها الممانعين قبل المعتدلين وحينها منعني الاسرائليين من السفر ثلاث مرات بحجج وذرائع امنية وبعد تدخل الجهات الرسمية الفلسطينية سمح لى بالسفر عبر معبر العوجا الى مصرومنها الى قطر وبعد انتهاء الدورة التدريبية وجدت طريقى للعمل بصحيفة الراية القطرية وحاولوا جاهدين اتمام اجراءات الاقامة اكثر من مرة ولكن دون جدوى، في الوقت الذي كانت تأشيرة الزيارة تتجدد كل ستة اشهر منقبل وزير الداخلية وبكفالة من سفارة دولة فلسطين هناك، وفي الاول من نوفمبر الماضي تركت صحيفة الراية وعملت بصحيفة الشرق لإبدائهم استعدادهم بانجاز الاقامة ولكن دون جدوى أيضاً، فعدت في الاول من يناير الماضي للعمل بالراية الى ان تدخل الاخ صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية مشكورا بالحديث مع سفيرنا سعادة السيد منير غنام لكى يقوم بذلك وتم اعطائى اقامه على كفالة السفارة الفلسطينيه لمدة عام، وكنت في ذلك الوقت أعمل متعاونة مع الاذاعة القطرية، ومن ثم وجدت طريقي الى الاعلام المرئي فعملت مراسلة لفضائية الآن.
وخلال وجودي في قطر قمت بواجبي المهنى على أكمل وجه وبشهادة الكثيرين الذين بإمكانهم قول ذلك..أجريت الكثير من الحوارات والمقابلات الصحفية، وقمت بتغطية الاحداث والقضايا المحلية والعربية والدولية وبخاصة الفلسطينية ولا اريد الاسترسال هنا كثيرا لأننى سأترك هذا الأمر للمؤسسات الاعلامية والصحفية التى عملت فيها لأننى سأعود الى القرار الذى اتخذ بحقى دون وجه حق، فكوني صحفية فلسطينية اشعر بمرارة وأذى عندما ينتابني شعور الاهانة بهذة الطريقة من تلك الجهات العليا الرسمية التى لا اعرف على ماذا استندت عندما اتخذت قرارها السىيء بحقى؟ هل على تقرير احد المتنفذين فى احدى المؤسسات التى عملت فيها والذي عمل مخبراً اضافة لعمله الصحفى؟ او على خلفية علاقتى بالجهات السياسية الفلسطينية التى لا تروق لتلك الجهات العليا التى اتخذت القرار بحقى لانها جزء من مركب الاصطفاف الاقليمى والدولى الذى ندفع ثمنه نحن الفلسطينيين،او تلك الاسباب السالفة مجتمعة، ولكننى اعتقد ومن خلفية التعامل معى من قبل البعض الذى كان يردد فى العلن وبالخفاء بأننى من فتح وبالتحديد من الذين يحلوا للبعض تسميتهم بالدحلانيين وزاد من هذا تلك المقابلة التى اجريتها مع السيد محمد دحلان في ابريل من االعام الماضي ونشرتها صحيفة الراية على حلقتين، اضافة الى زيارتى للسيد الرئيس محمود عباس والوفد المرافق له فى المرات العديدة التى زار فيها الدوحة وكانت اخر تلك اللقاءات بالشخصيات الفلسطينية الرسمية خلال شهر رمضان سواء بالسيد معالى وزير الاوقاف محمود الهباش والاخوين اعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب وحسين الشيخ، ولا أخفى أن البعض من الزملاء الصحفيين همس فى أذنى بأن هذة اللقاءات سيكون لها انعكاسات سلبية على وجودي فى الدوحة، ولكن لإيمانى برسالتى كصحفية فلسطينية ما كان هذا الهمس يعنينى كثيراً، وأذكر يوم أن تم دعوة اعضاء البرلمان البحرينى الذين زاروا قطاع غزة لندوة فى الدوحة للحديث عن ما شاهدوه في غزة بعد الأحداث الدامية التي وقعت بين الاشقاء الفلسطينيين، واثناء الندوة شعرت بأن هناك مجافاة للحقيقة والاصطفاف لجهة فلسطينية، عندها وقفت واستأذنت بالحديث وأخبرتهم حينها بأنني صحفية اعمل في احدى الصحف القطرية وموجوده لتغطية الندوة ولكننى اريد الحديث كفلسطينية عاشت الاحداث التى هى موضوع الندوة، فقلت للمدعوين :' اعتقد ان من حقى عليكم ان تسمحوا لى وتسمعونى كفلسطينية لا كصحفية' وبالفعل كانوا كرماء ومسؤولين بحق رغم اختلافى مع بعض ما قالوه، فقمت واعتليت المنصة وألقيت كلمه أوضحت فيها حقيقة ما جرى كفلسطينية من قطاع غزة عاشت دموية ما حدث لأن فلسطين لم ولن تقبل الاصطفاف زوراً وبهتاناً خلف هذه الجهة الفلسطينية او تلك لأنها أكبر من الجميع، وكل المصطفين هنا وهناك دون وجه حق صغار دونها لأنها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وهى حقيقة الدين والتاريخ والجغرافيا والانسانية جمعاء، وأنا مؤمنة بأن وطني فلسطين أقدس من المهنة لأن من لا يقدس ولا يحترم انتماؤه لوطنه لن يقدس او يحترم مهنته التى ينتمى اليها، ولهذا كنت من البدايات أدرك تداعيات ان تكون صحفياً فلسطينيناً فى شتى مناحى حياتك، واذكر تلك المقابلة مع السيد وضاح خنفر مدير عام شبكة الجزيرة فى مكتبه في اواخر عام 2007 ومن سياقات الحديث بيننا أدركت ان هناك تعقيدات حسية لها علاقة بفرضيات الاصطفاف الجبري سواء على المستوى الفلسطينى او الاقليمى والدولي، وعندما حولت اسرائيل قطاع غزة الى جهنم على روؤس اهلنا هناك برصاصها المصبوب كما سمته واستشهد أخى الاكبر دون ان أقبله أو أحضنه، وثمانية من اقاربى فى لحظة واحدة هاجت وماجت الاصطفافات الاقليمية والدولية ما بين قمة طارئة فى الدوحة وقمة دورية فى الكويت والكل امتطى صهوة الفضائيات، واستلت الاقلام، وانتفضت الصحف، وغدت الدوحة منبر صلاح الدين وبوابته الى فلسطين وغزة المنكوبة، ودارت الحروب الاعلامية والكلامية بين قبائل الممانعين وقبائل المعتدلين والضحية فلسطين وأهلها الممزقين ما بين قمة الكويت والدوحة، فحين سافرت الى قمة الكويت أدركت ان الاصطفاف لا مفر منه فى حروب القبائل على فلسطين ولكننى تمسكت بفلسطينيتى اكثر واكثر لانها حروب قبائل لا ناقة لنا ولا بعير فيها نحن الفلسطينيين ولا علاقة لها بفلسطين وغزة المذبوحة، وكل من يتمسك بفلسطينيته الحقيقية لا خيار أمامه الا ان يدفع ثمناً لذلك بغض النظر عن ماهية عمله، فكيف حين يكون صحفياً.
فمن هنا أتساءل وأسأل تلك الجهات العليا التى اتخذت قرار منعي من دخول اراضيها، وابقائى تلك الليلة ونهارها فى مطار الدوحة دون تمكينى من لملمة أمتعتى الشخصية، وهنا لا اريد وصف تلك الحظات وأثرها فى النفس وانا ابنة غزة التى تهبوا لنصرتها.
أسأل هؤلاء المؤتمرين وأولهم السيد وضاح خنفر والسيد سامى الحاج، وكلي أمل ان تكون مواقفهم بمستوى ما قالوه فى تلك الندوة عن الحرية الاعلامية فى المنطقة العربية ولا أن يجافوا الحقيقة المرة والمأزق المأزوم للحريات الصحفية والاعلامية جراء هذه الاصطفافات القبلية..وهذا يستدعى الجميع للوقوف أمام مسؤلياته التاريخية التى لها علاقة بشرف المهنة وأخلاقياتها وصدق الكلمة وطهارة القلم وانسانية الرسالة التي نحملها نحن الاعلاميين والصحفيين فى وجه المظالم التى تعاني منها أمتنا وشعبنا الفلسطينى فكونوا مع فلسطين واهلها وشعبها الصابر الصامد المجاهد ومكنوهم من لملمة جرحهم النازف وانقسام العار الذى حلّ بهم حين اصطفت القبائل مع القبائل من المحيط الى الخليج وهنا اسجل فخرى واعتزازى لكل من عرفت من الزملاء الاعلاميين والصحفيين الذين وقفوا معى ومع شعب فلسطين وقضايا امتهم وتمسكوا بولائهم لرسالتهم ورفضوا الولاء للقبلية السياسية والاعلامية او الجغرافيا المقيتة فلهم كل الاحترام والتقدير وشعب قطر العزيز وأهله الطيبين الذين يحتضنون الفلسطينيين بمشاعر العرب الصادقة الاصيلة حالهم حال كل الشعوب العربية والاسلاميه بعيداً عن حروب القبائل السياسية وحساباتها ومصالحها التى لا علاقة لها بمصالح الشعوب، كما اسجل شكرى للجمهورية التركية وحكومتها وشعبها على استضافتهم ومنحتهم التعليمية لي وللعديد من الطلاب الفلسطينيين، وموقفهم التاريخي من فلسطين واهلها.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/