وضعت في تحدٍ مباشر ::
اسرائيل تقمع الحقيقة بمنع الصحفية ايمان من السفر
/ تقرير هبة كريزم :
لمحات شخصية : المصورة الصحفية إيمان محمد خريجة إعلام وعلاقات عامة من الجامعة الإسلامية بغزة ، حاصلة على جائزتين دوليتين للتصوير الصحفي ,
Carmignac Gestion award على
تغطيتها لأثار الحرب العدوانية الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة ، ما بين
27 كانون الأول - ديسمبر 2008 - 18 كانون الثاني - يناير 2009.
وقد أعلنت منظمة
Carmignac Gestion الأوروبية
عن ترشح المصورة الفلسطينية الأصغر سنا ضمن المرشحين بالإضافة إلى مصور
فرنسي وألماني للتصفيات النهائية ضمن قائمة أفضل تغطية صحفية لقطاع غزة من
أصل 72 مصور عالمي, مما أثار إعجاب لجنة التحكيم و تم إقرار جائزة فخرية
للمصورة تقديرا لإنسانية عملها وتفانيها في نقل مشاعر الصورة كما ورد في
إعلان الفائزين ومن الجدير بالذكر إن إيمان محمد حصلت على جائزة بريطانية
باسم
new media award في بداية هذا العام لتغطيتها لأحداث الحرب الميدانية .
وكانت وكالة
Demotix التي
تعمل بها إيمان قد رشحتها عن فئة التصوير والمراسلة الصحفية المكتوبة
لتغطيتها أحداث الحرب الأخيرة على قطاع غزة وتبعاتها في حقبة مصورة '
War on Gaza & the aftermath '
بينما تم ترشيحها لجائزة
Carmignac Gestion award بناء على إعجاب الزملاء الأجانب لجودة عملها المصور وتميز القصص الإنسانية التي شاركت بها ومنها
In the back stage of' 'Gazaو
التي تجسد المعاناة المصورة لأهالي القطاع مما خلفته أثار الحرب عليهم
نفسيا وجسديا وماديا , مبينة الجوانب الايجابية التي تنقل عزيمة وإصرار
الكفاح الفلسطيني في الاستمرار رغم المعوقات.
ويذكر
أن إيمان لم تتمكن من إرسال نسخة مطبوعة إلزامية للجنة أثناء مشاركتها لكن
بدعم بعض الحكام لظروف قطاع غزة المحاصر تم استثنائها من القاعدة
واستبدالها بالديجيتال عوضا عن ذلك .
وقد أبدي
Edward Carmignac المدير
التنفيذي للمنظمة عن إعجابه بعمل المصورة الفلسطينية الشابة وما حققته في
سن صغيرة مقارنة بزملائها المحليين والأجانب ،و وجوها في الوسط الاعلامى
منذ أن كانت في الثامنة عشر من عمرها ، تتمتع بالحس الاعلامى المميز ،
موهبتها وحبها للكاميرا دفعها للخوض في دورات تصوير مختلفة و حولوها إلى
مصورة صحفية محترفة ومتمكنة ، تعتبر الصورة الصحفية ابلغ في التعبير عن
الحقيقة من التقارير و التحقيقات الصحفية ، حيث تقول: 'كنت أستغلّ
الإجازات في تطوير قدراتي في التصوير واقترابي من الأصدقاء المصورين
الصحافيين غير العرب لأكتسب خبراتهم'.
حلم الكاميرا
الحصول
على كاميرا صحافية بمواصفات عالية ليس بالبسيط خاصة لفتاة في عمر إيمان،
فقد عملت لدى وكالة بالمجان من أجل أن تبقى بالقرب من الكاميرا ، ثم
اجتهدت كثيرًا من اجل تحصيلها ، حيث تتحدث إيمان :
'ساعدتني إجادتي للغة الانكليزية في العمل مع الوكالات وكتابة تقارير
ومقالات من غزة ، كنت ادخر ثمنها لتحقيق حلمي في الحصول على كاميرا وتكون
ملكي لا ينازعني فيه احد وها قد تحقق الحلم' .
الكاميرا
أصبحت جزءًا من اكسسواراتها لا تفارقها طيلة نهارها تسافر معها وتجول في
الطرقات، تعلّق قائلة: 'الكاميرا يستحيل عليّ أن اتركها، أينما أذهب
لا تفارقني، لأني أخاف أن يقع حدث ما فجأة، فأوضاعنا في غزة متقلبة ولا
استقرار فيها هذا يتطلب مني أن أكون على استعداد وجهوزية في أي وقت، لذا
احتفظ بها إلى جواري كقطعة من ملابسي مع أنها كبيرة وثقيلة الحجم.
تغطية حرب غزة
أما للحرب على غزة قصص وتفاصيل كثيرة، كلها كانت مؤلمة وتضع إيمان
أمام تحد كبير، فتشير أنها كانت تغطي الحرب على غزة بداية برفقة زملاء لها
في الوكالة الأمريكية التي تعمل بها ثم أصبحت تنزل لوحدها وتضيف:' كثيرة
المواقف الصعبة التي مررت بها كنت أحس أني بأمان اكتر لما أعمل وأرى
بعيني، لم اخف كثيرًا كنا نتحرك في أول أيام الحرب في جيب مصفح ولكننا في
أواخر الحرب تركناه واضطررنا أن نمشي لان التحرك بالسيارة أصبح خطرًا على
حياتنا'.
وتضيف
أن المشاهد المؤلمة كانت تلك اللقطات الخاصة بالأطفال والرضع والدمار، إلا
أن إيمان توضح أنها كانت رغم كل شيء تصور الأحداث ولا شيء كان يوقف أعين
كاميراتها ، عن رصدها رغم أن قلبها كان ينزف من
داخله وتشعر بالضيق .وتضيف:' الحرب جعلتني أكثر قوة وإصرارًا على مواصلة
مسيرتي التي بدأتها متحدية كل شيء، وتزيد:' كنت اشعر بالحزن وأعيش لأيام
لا أرغب في الحديث لأحد وأبكي أحيانًا.
مواقف كثيرة يصعب على الرجال تحملها أو التصرف فيها خاصة خلال الأزمات ، فما بالنا بفتاة لا تتعدى سنوات عمرها إلا القليل فهنا توضح
إيمان 'أتفهم أن للرجال مشاعر وهم في إنسانيتهم يساوون إنسانية المرأة،
لكن أصعب موقف مررت فيه وما زلت أمر به يومًا بعد يوم , عند تصوير جثث
الأطفال الصغار والرضع .
مواقف صعبة
أما عن
أصعب مشاهد الحرب فتقول جثث الشهداء في ثلاجات المستشفيات وعلى الأرض،
خاصة إذا كانت قد التقت بهم قبل استشهادهم بيوم!! وتؤكد إيمان :' رغم شدة
الموقف إلا أن الدافع الانسانى والوطني اتجاه قضيتي العادلة ، يحتم علي
التقاط الصور المناسبة فهناك مسؤولية تدفعني لذلك'.
وتضيف
:'خلال عملي خلال الحرب شعرت بنقله نوعية بعملي وطريقة التقاطي للصور'،
ورغم مرور العام على حرب غزة إلا أن الصور ما زالت ماثلة أمام عيون إيمان
وتعتبره كابوسا مزعجا وكانت إيمان الصحفية الوحيدة في الميدان وتتحدث :'
أيام عملي وأنا بالجامعة كنت ابحث عن صحفيات أخريات في الميدان ولم يكن
هناك سواء إعداد قليلة مقارنة مع الشباب، وأيام الحرب على غزة كنت أنا
الصحفية الوحيدة بالميدان فلذلك كنت أخوض نقاشا يوميا مع عائلتي قبل
النزول للعمل وتغطية الأحداث'.
وتضيف :'أمي
تعمل بالصحة وهي كانت بعملها منذ اليوم الأول للحرب واستشهاد المئات من
المواطنين، فلم تعد هناك مشاعر الذاتية تسيطر على احد فأصبح الهم الوحيد
نقل المعاناة ومداوية الجرحى إلا أمي كانت قلقه علي وكنت على اتصال دائم
بها، ولم أكن أخبرها أني في اى مكان يقصف '.
تحد واضح للاحتلال
المناظر البشعة والجرائم التي ترتكب في حق الأطفال والنساء أصبحت
عادة طبيعية بالنسبة للصحفيين ،فثلاجات الموتى مليئة بالجثث دائما ، فتشير
إيمان أنه في بداية عملها وقفت أمام ثلاجة الموتى تصور ضحايا مجزرة مؤلمة
الملامح بحق أم وأربعة من أطفالها وقعت في منطقة
بيت حانون شمال قطاع غزة، واصفة المشهد بأنه كان لا يطاق، فعجزت عن التقاط
أي صورة، ولكن حادثة اغتيال الصحافي فضل شناعة قد وضعها أمام تحد وطني
وأخلاقي، ولّد لديها الإصرار بأنه من المهم توثيق الحدث أكثر من التعاطف
معه، لأن اللقطة التي تمضي لا تعود ،وتضم حقائق ستطمس إن لم يتم اللحاق
بها، وتشير أنها طبقت ذلك في الحرب الأخيرة خلال تغطيتها للأحداث لوكالة
بريطانية وأميركية تراسلها بغزة.
دعم المجتمع لها
هذه الحالة الخاصة تعد
في غزة غريبًة لفتاة في عمر إيمان، إلا أنها استطاعت أن تصنع من الأشواك
ورود بدعم البسطاء من أفراد المجتمع الفلسطيني برغم انتقاد المثقفين لها،
وسخرية الزملاء والزميلات أحيانًا وتقول: 'المجتمع الغزي ما زال رهن عادات
وتقاليد وموروث ثقافي، لا يجد المرأة في مهنة المتاعب، بل في مهن تقليدية،
إلا أنها تستدرك قائلة: 'لكن الناس البسطاء أسهل تقبلاً للفكرة وأقل
انتقادًا من الآخرين، بخاصة كوني فتاة لا تشكل عائق لديهم، بالعكس أجد
نوعًا من القبول أكثر من الطبقة المثقفة أو أصحاب المناصب العليا خاصة في
شؤون العمل الصحافي وغيره.
وتنتقد
إيمان نظرة زملاء مهنة المتاعب من صحافيين ومصورين لعملها، مشيرة انه لا
يوجد تقدير لأهمية وجود فتاة مصورة في وسطهم , بل يعتبرونها مهنة متعبة
ولا يشجع معظمهم دخول الفتيات هذا العمل ، وتردف بالقول :' بالعكس كانوا
هم من يصنعون المعوقات إلا ما رحم ربي منهم', بل أكثر ما يثير استغرابها
بحسب قولها الانتقاد الذي تواجهه من الفتيات أنفسهن أحيانًا.
طموح واسع الأفق
وعن تشجيع إيمان لأخريات
للانخراط في مجال التصوير الصحافي تقول :' لا اعتقد أن من لا تجد في نفسها
القدرة على تحمل صعوبة المجال أن تقدم على هكذا خطوة فهي أبدًا غير يسيرة
وبخاصة في منطقة نزاع مستمر كغزة بغض النظر عن نوع المجتمع أو رأيه'.
وترفض
إيمان أن تمد يد العون لأي فتاة غير كفوءة على تقدير نفسها وتصميمها على
تحقيق أحلامها، بالرغم من كون وجود الفتاة في مجال يعج بالرجال يستحق
المساعدة أو التعاطف معه ، وتقول :' تعلمت بأصعب الطرق، وللوصول لطموحات
فتاة مصورة لا وجود للطريق السهل , كل الطرق صعبة .
وعن الطموحات الواسعة الأفق لإيمان
فتقول :' طموحي العالمية كفتاة مسلمة وفلسطينية تمتهن التصوير , واعتقد
انه بالإمكان تحقيق هكذا طموح إن وجدت العزيمة والإصرار الكافيين مع
الثبات على الطريق نفسه بلا تراجع .
وها
أنا أتذكر أصعب وأحلك المواقف التي مررت بها فترة الحرب على غزة ، ومازالت
المشاهد والصور المؤلمة ماثلة أمام عيني وفى ذاكرتي كأنها حدثت أمس .