ثوري فتــــح ودولة يوسف
نزار الغول
أظهر
المجلس الثوري لحركة فتح مفاجأة حين مارس دوره كبرلمان حقيقي لحركة فتح
ذلك حين تصدى بعنف ديموقراطي للجنة المركزية في دورة شهداء غزة التي
انعقدت بين السادس عشر والتاسع عشر من تشرين أول أكتوبر عام ألفين وتسعة .
المجلس
الثوري أعطى إثباتاً عملياً هو الاول من نوعه بعد المؤتمر السادس أن حركة
فتح قبل المؤتمر ليست ذات الحركة بعد المؤتمر، إذ نتحدث هنا قيادة جديدة
باتت تعرف من أين تؤكل الكتف، قيادة لا تخشى من مواجهة حماس كما اللجنة
المركزية القديمة التي فضلت الهزيمة العسكرية أمام حماس حتى لا تدنس
سلاحها ولا تغمس المشروع الوطني بدماء فلسطينية تراق بأيد فلسطينية.
ثوري فتح ... اكد في بيانه الختامي – مرة أخرى ومن باب التأكيد اللفظي والمعنوي – على رفض فكرة الدولة ذات الحدود المؤقتة.
هذا
الموقف لم يأتِ لتثبيت المثبت ولا لتحريم المحرم في فكر فتح.. بل إنه جاء
ليوجه رسالة حماس بأن مشروع الدولة ذات الحدود المؤقتة ( صهيونية المنشأ )
لن تجد لها أرضاً تنبت فيها ولن تجد لها عمقا تضرب فيه جذورا.
المتفحص
للأمور يعتقد جازماً أن ما أراده ثوري فتح من هذا التأكيد إنما ايصال "
تهديد " و " وعيد " لحماس بأن فكرة الدولة المؤقتة لن تمر على الشعب
الفلسطيني تحت طاولة مستديرة في جنيف .. وأن فكرة الدولة بالحدود الهزيلة
لن تمر على شعبنا حتى لو غُلفت بعبارات هدنة طويلة الأمد أو زُينت بشعارات
المقاومة أو جُللّت براية " التوحيد الخضراء".
هناك
في جنيف ... تجري مفاوضات ( مباشرة أو غير مباشرة ليس هذا المهم بالأمر )
تتمحور حول إحياء خطة " أحمد يوسف جنيف " .. تلك الخطة التي تفتقت عن
عبقرية قيادة حماس لتنص على هدنة بدل اتفاقية سلام ( وهذا أيضا مطلب
إسرائيلي ) مقابل دولة بحدود مؤقتة ( الحدود : مسار الجدار العنصري الحالي
) ما يعني إخراج القدس من حدود "دولة يوسف" مقابل ضمان إسرائيل لحق
المسلمين بالوصول إلى أماكن الصلاة ( ممر ... مجرد ممر ) هذا مع تجاهل حق
العودة وعدم المس بالاستيطان من حيث وجوده وشرعيته ...
حين
طرح يوسف خطته العبقرية تلك .. رفضها الأوروبيون كونها طُرحت من قبل من
الاسرائيليين ورفضها الفلسطينيون .. فرأى الأوربيون أنه ما من جدوى لإعادة
البحث في نقاط تجاوزها الفلسطينيون والإسرائيليون ... وظهر الأوروبيون
فلسطينيين أكثر من حماس.
الآن
... يُعاد البحث في هذه الخطة الحمساوية في زوايا معتمة في جنيف بمشاركة
قادة اسرائيليين وفلسطينيين ( حمساويين بالطبع ) بعد أن وعدت إسرائيل
اليمينية باعتماد هذه الخطة بعد الانتهاء من بعض الرتوش .. وهذا الأمر
يتطلب مساعدة حماس في إطالة عمر إنقلابها في قطاع غزة .. ومساعدتها في
الفوز بالانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة وتشويه صورة القيادة
الفلسطينية ومنظمة التحرير وحركة فتح .
مساعدة
إسرائيل لحماس تتأتى من خلال الحديث الاعلامي أمام الرأي العام الفلسطيني
بأن حماس تشكل خطرا على إسرائيل فيما بالحقيقة اظهر تقرير استخباري
اسرائيلي أن منظمة التحرير تتمددد في القدس وأن شبيبة فتح تعمل على فرض
سيادة فلسطينية ما يهدد السيادة الاسرائيلية وبالتالي يهدد الوجود
الاسرائيلي في "عاصمة إسرائيل".
مساعدة
إسرائيل لحماس تتأتى كذلك عبر محاولات تسجيل إنجازات لحركة حماس في صفقة
تبادل الأسرى .. إذ تقوم إسرائيل وحماس بتأخير الصفقة إلى حين اقتراب موعد
الانتخابات التشريعية والرئاسية لتُحسن إسرائيل من فرص حماس في تلك
الانتخابات بعد مسلسل التراجعات في شعبيتها.
مساعدة
إسرائيل لحماس تتأتى أيضا من خلال تعنت قيادة تل أبيب في التعاطي مع عملية
السلام وإظهار القيادة الفلسطينية كطرف عاجز عن تحقيق أي تقدم لصالح الشعب
الفلسطيني .
مساعدة
إسرائيل لحماس تتأتى عبر يد صديق إسرائيل الوفي في الخليج العربي وتكريس
أكبر وأضخم قناة فضائية عربية للتحريض ليل نهار ضد السلطة الوطنية وحركة
وتشويه الرموز الوطنية.
هو حصار .. هي معركة شرسة ضد الشعب الفلسطينية وقيادته وقواه الوطنية ...
وهنا
جاء المجلس الثوري لحركة فتح ليبعث برسالة إلى واشنطن وتل أبيب وحماس ...
أن أي حل لا يضمن الثوابت الوطنية مولود ميت .. وأن أي حل مقبول وطنيا لا
يأتي عبر الطريق الشرعي ( م ت ف ) سيولد ميتا.... وستعي تل أبيب وحماس ..
أن حركة فتح متأهبة بحكمة شيبها وعنفوان شبابها ... وليجربوها إذا أرادوا.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/