حماس .. إسرائيل .. ودولة غزة كلام مسؤول وفي العمق
- عرض مناحيم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلي على الرئيس أنور السادات أثناء مفاوضات كمب ديفيد سنة 79 ما نصه :
' يمكننا إقامة دولة فلسطينية في غزة تمتد حتى العريش وأنا على إستعداد لتعويض مصر من أراضي إسرائيل في النقب على الحدود المصرية الإسرائيلية ' .
وكان جواب الرئيس السادات : ' وماذا عن الضفة ؟ ' قال له بيجن : ' هذه يهودا والسامرة ' أجاب السادات : ' أرفض بشدة هذه الفكرة '.
وفي نهاية المرحلة الإنتقالية المتفق عليها بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية في عام 1999 والتي كان من المفترض أن تقوم بعدها الدولة الفلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة بما في ذلك القدس كما وعد إسحق رابين الذي قتل لهذا السبب، في نهاية تلك الفترة قام شيمون بيريز وكان يومها وزيراً في حكومة يهود براك بزيارة إلى غزة وعرض نفس العرض السابق على الرئيس ياسر عرفات ' دولة فلسطينية في غزة حتى العريش ونعوض المصريين بنفس مساحة الأرض المصرية المقتطعة لصالح دولة غزة من أراضي إسرائيلية على الحدود المصرية الإسرائيلية ونتفاوض على الضفة بعد ذلك.
رفض الرئيس عرفات وأكد أن الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس.
واقعتان نذكرهما لنؤكد أن ما سعت وتسعى له حركة حماس ومهما كانت المسميات ومنذ انقلابها عام 2007 هو مطابق في الرؤيا والأهداف والمصالح بين إسرائيل وحركة حماس وهو ' قيام الدولة الفلسطينية في غزة بإعتبار أن القطاع أصبح أرضاً محررة '.
والكثيرون فسروا تصريحات قيادات حماس بأنها على استعداد لإقامة الدولة الفلسطينية على أي شبر ينسحب منه الإحتلال الإسرائيلي بأنه مقدمة لإقامة الدولة في قطاع غزة وأنها رسالة أوراق إعتماد للإسرائيليين والأمريكان بأنها توافق على الدولة ذات الحدود المؤقتة على قطاع غزة وما يقرب من نصف الضفة الغربية دون القدس .
ويبدو أن قادة حماس في غزة الذين يرفضون المصالحة الوطنية يلهثون جاهدين هذه الأيام لتمرير هذا المخطط تحت يافطة شعارات كبيرة وفاقعة ، ومستخدمين كل المناورات والمراوغات ودموع التماسيح وذر الرماد في العيون ومستغلين ما يعتقدون أن الظروف قد أصبحت مواتية لهم وأن هناك تجاوباً مع ذرائعهم التي يرددونها على ضوء المتغيرات الإقليمية.
يطالبون بفتح الحدود مع مصر بالكامل للأفراد والبضائع وإقامة منطقة حرة وربط كهرباء غزة بالكهرباء المصرية وكذلك الغاز، أي القاء غزة في وجه مصر، مع الإستعداد لحماية الأمن المصري في شمال سيناء ' هكذا بدون خجل وبكل تطاول على مصر '.
فما هي الأبعاد الخطيرة لهذا المشروع المشبوه :
تدمير المشروع الوطني الذي أقرته منظمة التحرير الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية في الضفة والقطاع بما في ذلك القدس والذي تحول إلى مطلب دولي وتضمنته قرارات الأمم المتحدة.
الإبقاء على الإنقسام الفلسطيني والهروب من المصالحة والتحلل من كل بنودها التي تم التوصل لها بمساعدة الأشقاء المصريين والعرب.
الإقرار بأن قطاع غزة قد أصبح محرراً بينما هناك جزء من أراضي القطاع ما زال محتلاً ، إضافة إلى أن البحر والأجواء ليست لنا وهو ما يكرس الإحتلال الإسرائيلي للقطاع.
إن قيادة حماس في غزة التي ترفض إنهاء الإنقسام تريد من وراء تمرير هذا المخطط ' الإسرائيلي تاريخياً ' الإبقاء على مصالح قياداتها وثرواتهم التي تراكمت بكل أنواع التجارة حتى المحرمة منها على حساب مصالح الشعب المقموع بكل أشكال القمع وكبت الحريات .
تفتيت التمثيل الفلسطيني والطعن فيه حتى تعود القضية إلى الوراء ثانية مما يساعد القادة الإسرائيليين على الإستمرار في ترديد مقولتهم ' مع من نتحدث فهناك غزة وهناك الضفة، وهناك غزة القابلة وهناك الضفة وقيادة محمود عباس التي لا تقبل ' .
مساعدة إسرائيل في التهرب من مطالبة المجتمع الدولي لها تنفيذ ما نصت عليه إتفاقيات جنيف من إلتزاماتها كدولة محتلة وإعطائها المبررات للتمادي في رفض القانون الدولي وتفتيت هذا التضامن الدولي معنا الذي بنيناه بالدم والتضحيات والصمود، ليردد البعض ' لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين ' .
وما يلفت الإنتباه قول البعض من الذين يساندون حماس ( ظالمة أو ظالمة ) أنها منتخبة وحكومتها شرعية ، الإجابة بسيطة لقد إنتهت فترة المجلس التشريعي ' أربع سنوات ' ، وحماس كذلك ترفض بشدة الإنتخابات التي جاءت بها ، وحكومتها مقالة ولا يجوز أن تسمى حكومة أصلاً وكلمة مقالة لا تعطيها شرعية بل تسحب منها الشرعية .
أما إذا قيل إن فترة الرئيس محمود عباس أيضاً منتهية فهو من حيث الشكل حجة ترددها حماس ومقبولة عند حماس ومن يؤيدها بالسمع والطاعة ولكن المضمون باطل شكلاً ومضموناً فالرئيس محمود عباس هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية التي أنشأت السلطة وتغييره يتم من مجلس وطني منتخب وهو ما يصر عليه الرئيس عباس ' إنتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني ' بينما ترفض حماس ذلك وتصر على أنها السلطة الشرعية وكأنها لا تعترف بالإنتخابات إلا لمرة واحدة.
الكثير يمكن أن يقال ولكن نحاول أن نشحذ القرائح وأن ننبه بعجالة لخطورة ما تخطط له حركة حماس على القضية الفلسطينية برمتها، وهو ما يتطابق في الرؤى والأهداف والمصالح مع رؤى وأهداف ومصالح الإحتلال الإسرائيلي منذ كمب ديفيد 79 مروراً بإنتهاء المرحلة الإنتقالية 1999 ويوم الانسحاب الإسرائيلي الإنفرادي من غزة ورفض إسرائيل ربط ذلك الانسحاب بخطة خارطة الطريق.
فهل يعي البعض المضلل خطورة هذا المخطط الذي يحاولون الإسراع بتنفيذه بالبكاء الكاذب ودموع التماسيح والضحك على الدقون تحت ذريعة الحصار الخانق الذي رفضته السلطة كلياً، وعملياً بتخصيص ما يزيد عن نصف موازنة السلطة لقطاع غزة ، بينما الشغل الشاغل لقيادات حماس في غزة هو الإثراء على حساب معاناة الشعب حتى لقد وصل عدد المليونيرات منهم إلى أكثر من 800 مليونير وأضعافهم قاربوا على تحقيق هذا الهدف بكل أنواع التجارة المحرمة بما فيها الترامال والشوكولاتة والروائح الإسرائيلية.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/