الـــــــــى حركــــــــــــــــة حمـــــــــــــــــــاس
"غولدستون" عليكم ورحمة الله وبركاته
بقلم : عكرمة ثابت
يقول الله تعالى في محكم آياته ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) ، وقال ايضا (وَلَقَدْ
ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ
لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ
آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
أُو ْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) صدق الله العظيم ...
قبل
عشرين عاما تقريبا - التاريخ الذي ظهرت فيه حركة حماس كذراع مقاوم لحركة
الاخوان المسلمين – كانت فصائل منظمة التحرير وفي مقدمتها حركة فتح قد
قطعت شوطا كبيرا في التأطير والتنظيم والعمل الوطني والنضالي الجماهيري ضد
الاحتلال الاسرائيلي وعملائه باسلوب وعزيمة لا يمكن لاي حركة وليده او
تنظيم حديث ان ينكره ، او ان يزاود على هذه الفصائل بتاريخها ونضالاتها ،
ومنذ ذلك اليوم والحركة الوطنية الفلسطينية مشغولة باشكاليات وسلوكيات
الحمساويين خاصة في تكفيرهم وتخوينهم ورفضهم للآخر !!! ففي الانتفاضة
الاولى رفضت حركة حماس العمل ضمن منظومة القيادة الوطنية الموحدة وكفرت
وشيّعت فصائل المقاومة الوطنية ، واستقلت بع ملها وبرنامجها عنها ، وكان
ان احدثت حماس شرخا فلسطينيا ليس بالموقف الانتفاضي اليومي بل حتى بسلوكها
النضالي وسياستها غير الواضحة في خوض المواجهة مع قوات الاحتلال
الاسرائيلي ، بحيث كثر الحديث وقتها ان وزير الدفاع الاسرائيلي _ آنذاك _
اسحق رابين هو من ساعد في ظهور حركة حماس .
وقبل
حوالي 14 عاما ، وتقريبا مع نهاية عام 1995 ، حيث كانت السلطة الفلسطينية
قد انشئت اثر اتفاقية السلام بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية ،
انتهجت حماس اسلوب العمليات الاستشهادية واتخذت منها وسيلة لمقاومة
الاحتلال والجهاد في سبيل تحرير الاوطان وقد حصل اكثرمن مرة ان احرجت حماس السلطة واجهزتها واظهرتها بانها سلطة ضعيفة لا
تلتزم بما تم التوقيع عليه وانها عاجزة عن فرض الامن والاستقرار ،
لا بل ان حركة حماس قد عملت وتعمدت شن حملة من التحريض ضد السلطة من خلال
توجيه الاتهامات والاساءات لها وكيل الافتراءات والشائعات المغرضة بحقها ،
ووصفها مثلا بانها سلطة التنسيق الامني والتفريط بالمقدسات والاداة
العميلة في ملاحقة وتصفية المجاهدين !!! وبهذه الاساليب تربعت حماس على
عرش المعارضة الاسلامية الشريفه ، وبإسم الدين أظهرت نفسها بانها الوحيدة
المؤتمنه على البلاد والعباد ، قال تعالى( قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) .
وقبل
نهاية عام 2000 ، وفي اللحظة التي هب فيها مقاومو الانتفاضة الاولى للدفاع
عن القدس وحمايتها من دنس شارون ، ركبت حماس – وكعادتها- موجة انتفاضة
الاقصى وخاضت مع فصائل منظمة التحرير وحركة فتح مواجهات دامية مع جيش
الاحتلال الاسرائيلي ، الذي قام على اثرها باقتحام المدن والقرى والمخيمات
وتدمير البنى الاساسية والمقرات الامنية والمدنية للسلطة الفلسطينية ،
وعلى الرغم من كل ما تعرضت له السلطة الفلسطينية وقادتها وقوى اجهزتها
الامنية من اغتيال واعتقال وتدمير وحصار وملاحقة ، الا ان ذلك كله لم
يحميها من الهجمة المسعورة التي تشنها حركة حماس وقياداتها بالخارج
وحلفائهم عليها .
ثلاث
محطات مفصلية في عمر حركة حماس ، كانت الحركة فيها السيف المسلط على رقاب
سلطة التفريط والخيانة – كما كان يحلو لهم ان يسموها – وكانت حماس وحدها
هي البندقية الصابرة المجاهدة التي ترفض حرف فوهتها عن صدر العدو المغتصب
للدين والمقدسات وما هي
الا اشهر قليلة بعد رحيل الزعيم الخالد ياسر عرفات ، واذا بحماس الصمود
والجهاد – حماس الرفض والاستشهاد – تطوي سجل التخوين والتكفير لسلطة
مشبوهة عميلة ، وتقرر ان تخوض انتخابات التنافس على هذه السلطة ومؤسساتها
التشريعية والتنفيذية ، فيا سبحان مغير الاحوال .. يا سبحان الله
، لا نستطيع القول الا : ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيئ قدير ) .
السلطة
الفلسطينية الخائنة واجهزتها الامنية الدايتونية ، تحولت بفتوى المتأسلمين
السياسيين الى سلطة حرة ابية لا بد من دخولها والسيطرة على مؤسساتها
ومنابعها والتربع على عرشها !!! وباسم الدين ، وكي
تدخل حماس جنة اوسلو ، خاضت الانتخابات التشريعية الثانية رافعة شعار
الاصلاح والتغيير ونجحت فيها نجاحا لا مجال للتشكيك فيه !!! ثم تبوأت حماس
الحكم وشكلت مجلس وزرائها – ويا سخرية القدر – لم يكن هدفها لا الاصلاح
ولا التغيير ، فقد اثبتت بسرعه ان شعارها الحقيقي هو "الاقصاء
والتدميراولا " و" التخوين والتطهيرثانيا " و" الافساد والتبذيرثالثا " .
وجاء
عام 2007 ، عام النفور وحفر القبور ، ففي حزيران هذا العام اعلنت حماس
النفور في صفوف ميليشياتها المسلحه ، واوعزت لهم - مدعومة من جهات خارجية
- ان يحفروا قبور ابناء جلدتهم ليدفنوهم احياء او اشلاء ، او ان يبيدوهم
فوق التراب ويحرقوهم في البيوت وداخل المقرات ووسط الحارات والاحياء !!!
وحصل ان انحرفت تلك البندقية التي كنا نتباهى ونقسم ان لا تنحرف فوهتها عن
صدور الاعداء ، انحرفت الفوهة وانحرفنا نحن عن الدين والمباديء والاخلاق
!!! وتلك التي كنا نسميها مقاومة انقلبت على نفسها وعلى نشطائها ،
وصواريخها التي لم نقتنع بعبثيتها صارت صواريخ عمالة وخيانة ومن يستخدمها
عميل حقير يجب اعدامه !!! سيطرت حماس وفي قطاع غزة اقامت إمارة !!! جارت
حماس وظلمت وفوق كل شبر من رمل غزة اقامت ميتم وشيعت جنازة !!! وحولت
بهدنتها وبفكرة التهدئة مقابل الدول ة المؤقته مباديء المقاومة الى شعارات
مزاودة .
انقسم
الوطن - بفعل انقلاب حماس الدموي - الى شطرين منفصلين لا لغة تفاهم ولا
قواسم معاناة تجمعهما ، وعاد المواطن الفلسطيني في ذاكرته عشرات السنين
الى الوراء ، حيث مشاهد النكبة وجرائم الابادة والتهجير ، لكن نكبة اليوم
اشد واقسى عن ذي قبل ، والاحتلال ليس له يد فيها وهو غير متورط بتفاصيلها
المقيتة ، رغم انه احد الشهود المسرورين جدا لها واهم رابح في استمرار
حدوثها ، قال تعالى ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق) .
وزادت
حياة القاطنين في امارة حماس الغزّية جحيما جراء تفاقم ويلات الانقلاب
وتعاظم نتائجة الوخيمة ، وتتصاعد العلاقة الطردية بين تغييب الآخر وملاحقة
الوطنيين واعتقالهم وبين عمليات التهريب واثراء المهربين وحماية تجارتهم
المحرمة وطنيا ودينيا ، وتحت حجج مقاومة الحصار تحلل المحرمات وتحرم
المحللات ، وتنقلب الدساتير من احترام القانون وتنفيذ العدل والاصلاح الى
تقنين العمل الطالح واستغلاله في خدمة المصالح !!! قال تعالى ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ) .
ثم خرجت علينا ذرائع الامن
الاسرائيلي المهدد بصواريخ التهدئة طويلة المدى ، وانهالت قنابل العدوان
العسكري لتحرق الاخضر واليابس في قطاع غزة ، ودمرت صواريخ الاحتلال
المستشفيات والمدارس والمساجد والمباني ، وخطف الفوسفور الابيض ارواح
المئات من الابرياء ، وبقدرة قادر ، نجا منه ومن خطر "الرصاص المصبوب"
القادة والنشطاء ومانعي اطلاق الصواريخ من جهابذة الامن الداخلي وقوات حرس
الحدود الخضراء ، ومن هؤلاء من تخفى بتغيير فروة رأسه وحلق لحيته ، ومنهم
من تم تهريبه بواسطة الانفاق إلى صحراء بلد لا زالت تتوسل لهم ان ينجحوا
الاتفاق !!! قال تعالى (يُثَبِّتُ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ
اللَّهُ مَا يَشَاء ) .
كل ذلك ، والقادم اعظم ، سواء كان بالردح او الشتم اوبالتشبث بقميص ما يسمى " تقرير غولدستون
" ، أم بخلق الاشتراطات والذرائع والحجج الواهية للمماطلة في توقيع الورقة
المصرية للمصالحة وتأجيلها الى ان تأذن بلاد الفرس بها ، كل ذلك وما زالت
حركة حماس تراوح مكانها من موقف الخداع والمراوغة ، وهي قبل ان تخدع
الاخرين تكون قد خدعت نفسها وستتعرى عاجلا ام آجلا امام ابناء شعبها
ودينها - الذي استغلته ايما استغلال – ليكتشف الصديق قبل العدو والقريب
قبل البعيد أن الاتفاق لم ولن ينجز ، والمصالحة كصلح الحديبية وأن
غزة لن تعود ونكبتها لن تتوقف ، وأن كل المبررات ووسائل الخداع متوفرة لدى
مرتكبي جرائم شق الصف الوطني وقتل روح الوحدة الفلسطينية ف ي نفوس
الابرياء والمناضلين الشرفاء نعم سيكتشف
الجميع ان كل المبررات لتعطيل جهود المصالحة متوفرة ما دام هناك اسلحة
انقلاب وتجار انفاق وقادة تهريب ، فحتى وسائل التعطيل هذه يتم تهريبها
برقابة جهات ليس من مصلحتها ان ينجح الحوار وان تتحقق المصالحة قال تعالى
( لئن
لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم
ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ، ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتّلوا
تقتيلا) صدق الله العظيم
انتهى
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/