تقرير صحافي أميركي يناقش 5 عناصر أساسية لأسباب التشاؤم في صفقة السلام
تمكن
الرئيس الأميركي باراك اوباما من الجمع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس
ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في موقع واحد بمدينة نيويورك
على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وان يتصافحا. غير أن الشكوك حامت حول إمكان أن يؤدي اللقاء بحضور باراك إلى صفقة للقضية الفلسطينية، ومنها ما حمل الكثير من التشاؤم.
وقد أوردت نشرة 'فورين بولسي' الأميركية أسباب ذلك في مقال للمحلل الصحافي زاهر خوري كما يلي:
* هل يمكن تحقيق السلام الاقتصادي؟
- الجواب: 'لا'، اذ لا يمكن تحقيق السلام ولا النمو الاقتصادي المستدام من دون الحرية السياسية. ويشرح الكاتب ذلك بالقول ان فكرة 'السلام
الاقتصادي' توحي بوجود نزاع اقتصادي، غير ان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي
ليس كذلك. ورغم ان القضايا الاقتصادية تحتل مكانة في اهتمامات
الفلسطينيين، فانها ليست بالاهمية ذاتها التي تحظى بها حقوق اللاجئين
الفلسطينيين ومسألة انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية واعلان
قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة قابلة للحياة وعاصمتها القدس
الشرقية. أما محاولة الايهام بان الاقتصاد يمثل القضية بأكملها فانه ليس
الا تهميشا للتاريخ واغفالا متعمدا لواقع الاحتلال الاسرائيلي. فالصراع
سياسي يطالب بحل سياسي.
* مثلما حدث في غزة، هل يحمل الانسحاب من الضفة الغربية مخاطر لاسرائيل؟
- هذا
مفهوم خاطئ. فاسرائيل تتحجج بأن انسحابها من غزة لم يؤد الا الى هجمات
'حماس' بالصواريخ. وتكمن جاذبية هذه الحجج في بساطتها. الا ان الحقيقة هي
انه مثلما ان 'السلام الاقتصادي' يهدف الى تحويل الانتباه بعيدا عن
القضايا الحقيقية، فان الاحتجاج بان الانسحاب من غزة كانت يحمل مخاطر
للاسرائيليين كان يهدف الى اخفاء الحقيقة من ان اسرائيل لم توقف احتلالها
لقطاع غزة. وخلافا للاعتقاد الشائع، فان الانسحاب الاحادي من غزة العام
2005 لم يضع نهاية للاحتلال. صحيح ان اسرائيل اجلت المستوطنين (الذين انتقلوا في معظم الحالات الى اراضي الضفة الغربية)، وصحيح ان اسرائيل سحبت قواتها العسكرية ولكن ليس الى ابعد من الحدود.
وعن
قرب فرضت حصارا شبيها باساليب العصور الوسطى على غزة لا يزال قائما حتى
هذا اليوم، وظلت سلطة احتلال حسب مفهوم القانون الدولي لانها تحتفظ
بالسيطرة الفعلية على حدود غزة واراضيها ومياهها وفضائها، لكي ختنق ويجوع
سكانها. ولقد ادعى المستشار الاسرائيلي دون فيزغلاس بان 'الفكرة هي ان يحصل الفلسطينيون على القليل من الطعام دون ان نتركهم يموتون من الجوع'. وقد لا تكون صواريخ غزة هي الرد المناسب على سياسة اسرائيل المتشددة، ولكن
للفلسطينيين قضية عادلة يقاتلون من اجلها. والانسحاب الوحيد الذي يحمل
وعودا بالسلام هو الانسحاب الكامل من الضفة الغربية والقدس الشرقية الى
جانب غزة حتى يمكن قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
* هل أن التصلب العربي يحجب السلام؟
– يرد الكاتب على ذلك بثلاث كلمات 'مبادرة السلام العربية'. وقد اعلنتها المملكة السعودية للمرة الاولى 2002 واعتمدتها 57 دولة عربية واسلامية، وتعرض
تطبيعا كاملا في العلاقات مع اسرائيل مقابل انسحاب كامل من جميع الاراضي
المحتلة العام 1967 وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرار الجمعية
العامة رقم 194. غير ان رد اسرائيل حتى الان ظل يتجاهل مبادرة
السلام العربية مبددة فرصة تاريخية. وعندما تغلق نافذة التفاوض نهائيا مع
تدفق المستوطنين الى الاراضي المحتلة فان الفلسطينيين سيتحولون من اقامة
دولة مستقلة الى دولة واحدة تستوي فيها حقوق الجميع، وقد تندم اسرائيل
لضياع فرص كثيرة باعادة الضفة الغربية والقدس الشرقية كجزء من صفقة سلام.
* المستوطنات ليس قضية بحد ذاتها
- لكنها حاسمة. فالنشاط الاستيطاني الاسرائيلي هو العمل الذي يحجب امكانية قام دولة فلسطينية.
وقد اقيمت العراقيل في وجه الجهود الاميركية الاخيرة لاعادة التفاوض
الناجع بسبب رفض اسرائيل التجميد الشامل وفقا للقانون الدولي ولخارطة
الطريق. وقد اساء الرفض الاسرائيلي الى مصداقية مسيرة السلام، وتسبب
في تآكل ثقة الشعب الفلسطيني في التوصل الى نتائج ملموسة من وراء
المفاوضات. ويمثل الاستيطان الاسرائيلي اكبر تهديد لحل الدولتين.
فالمستوطنات وما يلحق بها من بنية تحتية تحتل اكثر من 40 في المائة من
الضفة الغربية وتقسم الاراضي المحتلة وتستغل مصادر المياه الصالحة للشرب،
وتضع الفلسطينيين في سلسلة من الكانتونات المتناثرة حيث البطالة والفقر
واليأس تصل الى مستويات مزمنة. اذ بدون دولة فلسطينية ذات سيادة قابلة
للحياة لن يكون هناك حل للدولتين.
* الاحتلال الاسرائيلي ليس تمييزا عنصريا
– لكنه سياسة تمييز عنصري، وقد يكون من الافضل ان ندعوه احتلالا واستعمارا وتمييزا عنصريا يندمج كله تحت فئة واحدة. وتلك هي النتيجة التي خرج بها تقرير صدر اخيرا بتكليف من مجلس ابحاث العلوم الانسانية في جنوب افريقيا بعنوان 'الاحتلال والاستعمار والتمييز العنصري' تكاتفت فيه جهود فريق من المفكرين العالميين والخبراء القانونيين لتقييم الاحتلال الاسرائيلي في مواجهة القانون الدولي. ولقد صدق الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر عندما استخدم تعبير التمييز العنصري في وصفه لسياسات اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وتتكاثر الحقائق على الطاولة. ولا بد لنا من الانتظار لمعرفة ما اذا كانت
لدى ادارة باراك اوباما الشجاعة لتحدي 'السلام الاقتصادي' الاسرائيلي
وحصار غزة والعناد والتمييز العنصري الاسرائيلي.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/