هل خلط نتنياهو الأوراق وانقلب على السلطتين ؟؟ !!
( أيضاً في الذكرى الثانية ... يخرب بيت 14/6 وسنينه)
وكأن، لنا مع كل ذكرى أليمة لقاء يتجدد، فتتجدد ضغوطاتنا النفسية، والعصبية، والوطنية، والحزبية، والشعبية، والديمقراطية، والنضالية، والجهادية، والعربية، والفلسطينية، والإسلامية.
كان متوقعاً، لدى المتابع جيدا، أن شيئا ما، سوف يحدث في هذا التوقيت، إن لم يكن، في هذا اليوم المشئوم، ففي هذا الشهر الأكثر شؤماً، إن لم يكن، لشعبنا، فهو على الأقل لي، لأنني رأيت أنا شخصيا الحياة بأنصع قهرها في الثالث والعشرين من هذا الشهر، وبدل أن يصبح عيد ميلادي جميلا، أصبح هذا الشهر ينغص علىّ عيشتي، منذ النكسة الكبرى على الأقل في العام 1967م، ومروراً بالعام 2007م، وما يستجد علي هذا شؤم هذا الشهر برؤية نتنياهو في هذا العام 2009م.
لقد كان واضحا لأي سياسي، بأن إسرائيل بدأت تشعر، بإمكانية الضغط الدولي عليها مع خطاب التنصيب لبراك أوباما، وموافقة العرب على استحضار المبادرة العربية من الفريزر العربي، ومرورا بتأجيل حوار المصالحة الفلسطيني غير المفهوم، وغير المبرر، لمدة تقارب الشهرين، فكان أن خاف الجميع، من أن لا يتم اتفاق مصالحة بين الفلسطينيين في السابع من يوليه القادم، ولكن، كان لدي تخوف كبير، من المدة الزمنية لما قبل 7/7/2009م، هكذا كنت أقول لمن يسألني عما سوف يحدث بعد هذا التاريخ في حالة عدم وصول الفلسطينيين لمصالحة.
وإليكم، ما كنت، أضعه من سيناريوهات، لما قد يحدث قبل هذا التاريخ 7/7/2009م، على الصعيد الفلسطيني :
كان لدي تصور، بأن نتنياهو وحكومته، سوف تقوم بخلط أوراق الفلسطينيين مع بعضهم، وهي التي تتحكم في كثير من الخيوط والإمكانيات في الحالة الفلسطينية، بل هي اللاعب الأقوى بكل تأكيد في الواقع الفلسطيني بملموسيته. وقد كانت إسرائيل، كلما، لاح بصيص من ضوء للمصالحة الفلسطينية، تقوم ببعض التسهيلات لقطاعنا المحاصر، وكأنها توشب حماس على الاستمرار في تعنتها، وتصورت في لحظة من اللحظات، أنها قد تسحب قواتها من جانب واحد، لتخلي السبيل إلي قتال فلسطيني فلسطيني جديد بالضفة الغربية، فتختلط الأوراق، وتهرب إسرائيل، من إمكانية الضغط الدولي، والأمريكي بالذات،وخاصة، بعد نقل القادة العرب لموقف عربي متفق عليه للرئيس الأمريكي الجديد، مبني، على القبول الإسرائيلي للمبادرة العربية، وخاصة، ما قامت به الدبلوماسية الأردنية، والمصرية، والسعودية، بنجاح، وفاعلية، لموقف عربي موحد في الأشهر الماضية.
وكلما كان يحدث حدثا في الضفة الغربية، كنت أتحسب، من خطأ، قد ترتكبه حماس المأزومة أيضاً، فتخرج إسرائيل من ورطتها، رغم أنني، كنت أقول لنفسي في لحظات من التفكير المنطقي، بأن سوريا تدرك هذه النقطة الجوهرية، ولن تتصرف حماس بمعزل عنها، ولكن هكذا تصورت الأمور، بأن مخرج إسرائيل، هو في خلط الأوراق الفلسطينية، بإحداث اشتباكات دامية في الضفة الغربية، قد تصل، لحد سيطرة حماس هناك، وعندها، تهرب إسرائيل، من كل الاستحقاقات القادمة.
وكنت بصريح العبارة، أفهم أن إسرائيل، بسياستها المعهودة، تعمل دائما، بأجندتين على الأقل، الأجندة الأولي: فهي تتوافق مع الأمريكان، وأحيانا الأوربيين، وتظهر للعرب المهتمين بقضيتنا، بأن هناك إمكانية للوصول إلى حلول معها، وفي نفس السياق، تكون لديها، الأجندة الخفية الثانية: والتي تعمل، علي اقتناص، ما يمكن، اقتناصه من مواقف، أو، مكاسب، إذا ما وجدت الظروف الملائمة، وتدير ظهرها للباقين، حتى، لو كانت على اتفاق معهم في أجندتها الأولى، وكنت في كل تفكيري، لا أبخس إخواننا العرب، معرفتهم بتلك الألاعيب الإسرائيلية.
ولكن، ما لم أتوقعه، بأن تضرب إسرائيل السلطتين الفلسطينيتين المتناحرتين، بحجر واحد، كما فعل نتنياهو بطرح رؤيته في حل الدولتين، والتي أفرغ بها، كل إمكانية، لقيام دولة فلسطينية مستقلة، وكذلك، أن يضرب الموقف العربي، والأميركي، برؤيته النظرية الماحقة، والتي فاقت ما كنت أتوقعه من ملموس في خلط الأوراق، بالتشجيع والتمهيد للاشتباك الفلسطيني الفلسطيني في الضفة الغربية.
نتنياهو برؤيته النظرية هذه، يخلط أكثر من مجرد أوراق فقط، للهروب من الضغوطات الي حين. بل يعلن نتنياهو، وإسرائيل بمجموعها، الحرب على السلام، وعلى العرب، وعلى الفلسطينيين، وعلى العالم أجمع، وهذا، ما كنت أتحسب منه، وطرحته في سؤال في مقال سابق، هل لدى العرب خيار آخر إذا ما رفضت إسرائيل المبادرة العربية أم لا؟؟ وماذا لدينا نحن، الفلسطينيون، المنقسمون، والمتناحرون، على أشياء، تافهة، ومدمرة، من إمكانية أخرى غير المفاوضات، أو تلقي الضربات الإسرائيلية، لضعف الحال الفلسطيني المتواصل في غياب إستراتيجية عربية عسكرية رادعة لإسرائيل، فغزة محاصرة، والضفة محتلة، وهل استمرار المقاومة بدون فزعة الجيوش العربية ستتواصل الي الأبد دون انجاز؟؟
أعتقد أن الخيار المتوفر الوحيد لدى شعبنا الآن، هو، انتفاضة ثالثة، ولكنها شعبية، غير مسلحة، على غرار الانتفاضة الأولى، بشرط، أن يفهم الجميع الفلسطيني، أن صراعنا مع إسرائيل فقط، على خلفية الاستقلال، وانجاز الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة، وحل عادل بعودة اللاجئين الفلسطينيين الي ديارهم الأصلية، وليس صراعا، على السلطة، والمكاسب.
وهذا يحتاج إلى إسناد عربي، يحمل خيار الردع، وإمكانية استخدام القوة العسكرية العربية في حال فشل المبادرة العربية، أو، أي طرح للحلول، هكذا منطق السياسة البسيط يقول، فلا سلام بدون قوة،، وجاهزية للخيار العسكري العربي، وهذا ما تفعله إسرائيل بالمناسبة، ولذلك نعيد التكرار، لعلنا نفيق عرب، وفلسطينيون، من سكرة الإهمال، والسذاجة، والذاتية، والحزبية، والفئوية، والقبلية، وتدمير الذات والمجموع، في رحلات جنون العظمة التي تجتاح القاعدة والقيادة، والشعوب، وفوضى الانتهازية، والفهلوة، التي عششت، في كل مناحي الحياة العربية، وعلى رأسها المجتمع الفلسطيني الذي تسوده قيم الأنا، والمال السائب، واستبعاد الكفاءات، الذي دمر كل شيء، فأضعف الحال، ومكن الجهل، وأنسى الجميع أن إسرائيل قوية بنظامها، وقانونها وديمقراطيتها، وعدلها بين المواطنين في دولتهم، ونحن مازلنا، تحت مظلة القهر الدائمة، والمتجددة، من الرعب البوليسي، والتكفيري، والظلم الاجتماعي، والقانون القبلي، وعصابات القتلة، والسراق لكل شيء، تطاله الأيدي. هذا المنطق البسيط للسياسة، والانتفاضة هي حل لمواصلة المحاولة لنيل الاستقلال.
وفي المقابل، وبفهم السياسة الأعمق، المبني على المصالح، وتوازنات القوى، يختلف الوضع عما سبق، ويبدأ التفكير علي النحو التالي:
ألا ترون، أن إسرائيل، عندما تقول كلمتها، تصيبنا لوثات ولوثات، ويقف العالم جميعه، لفحص ما تقول، والتعاطي معه، وعندما يقول الآخرون، ونحن الفلسطينيون أولهم، لا أحد يلتفت لما نقول؟ هل نقول شيئاً يلفت نظر العالم؟؟ أم نقول رأينا، ونحن نهتز خوفا من بعضنا البعض، لأننا لا ندرك ما نقول، وان أدركنا ما نقوله، تخرج من مجتمعنا كل أدوات الافتراس، فتطحن كل كلام العقل، ونبقي في دائرة العواطف المهتزة خوفا من كاتم الصوت.
هل نتشجع، ونقف عند ما قاله نتنياهو، ونعمل العقل، دون خوف من كاتم الصوت، أو كاتم الأنفاس، والفتاوى الجاهزة للتخوين والتكفير؟؟
ماذا لو خرج الرئيس ووافق على ما يطرحه نتنياهو؟؟ هل نصاب بالدوار واللوثات من جديد ؟؟
هناك يا سادة تغيير لقواعد اللعبة بعد حرب غزة، هل نفهما؟؟ أم سنبقي ثلاثون عاماً نعاني، حتى يفرض علينا الفهم المتأخر، كما حدث، بعد تغيير قواعد اللعبة في العام 1977م، بزيارة السادات للقدس، وما دفعناه من ثمن نتيجة لعدم الفهم، أو للفهم المتأخر ؟؟
أسئلة تطرح نفسها، يجب التفكير فيها ملياً، الآن، وليس غداً:
ماذا يعني موافقة أميركا، وأوروبا الساطعة لرؤية نتنياهو؟؟
وماذا عن الخجل العربي الواضح التجميل لما طرحه نتنياهو؟؟
ماذا هو الموقف الفلسطيني الحقيقي، وليس رد الفعل الأولي الممزوج بالدوار، والتشنج المزمن؟؟ على الأقل، هل نعطي العقل فرصة للتفكير فيما تغير من قواعد اللعبة، كما قلنا بعد حرب غزة؟؟
كل المعطيات للأسف، تقول: هناك موافقة دولية، وعربية، على ما طرحه نتنياهو، إن، لم تكن هذه الرؤية، قد وضعت بالاتفاق العام المسبق، وهل بقي الشعب الفلسطيني كالأطرش في الزفة؟ وهل نحتاج لفرض الفهم الجديد علينا ؟؟
أنا أرى أن العرب يقودون المرحلة، وعلى الشعب الفلسطيني أن يحملهم المسئولية، أو يسير خلفهم، لأننا كفلسطينيين، فشلنا في الوصول الي حلول مع إسرائيل، وفشلنا حتى في إدارة ذاتنا، ونحن بانقسامنا أرجعنا التوكيل الي الأمة العربية لحل قضيتنا، فلماذا نلوم الآخرين؟؟ والأصل أن قضيتنا عربية، والصراع عربي إسرائيلي، وها هي الحلول العربية، فهل لدينا ما نقوله؟؟