كتب د. طلال الشريف
هناك فارق كبير بين السياسة والفهلوة، السياسة هي المصالح العامة .والفهلوة هي مصالح خاصة.
في الصراع العربي الاسرائيلي أعيتنا طويلاً حال السياسيين العرب عامة وحال السياسيين الفلسطينيين خاصة.
لمدة قرن من زمن الصراع يصيبنا الدهول عند مراجعة ماجرى من تصرفات وما كان من نتائج.
لمدة قرن من الزمان تغيب السياسة وتمارس الفهلوة ، تحارب الكفاءة وتنتعش الشللية على قاعدة القبلية العشائرية والولاء وتصادر الحقوق وتنحرف الواجبات.
الفهلوة تعني الارتجال وعدم تقدير المسئوليات في العمل العام والسياسة هي عمل عام، وفي السياسة العربية والفلسطينية تصل الفهلوة لحد تصديق الدات المضطرة لتقمص الدور بحكم التواجد في الموقع السياسي بدون كفاءة بل يشهد المواطن ما تقشعر منه الأبدان من بعض من يقررون مصيره في سلوكهم وغياب الوعي لديهم.
استخدم العرب أساليب فهلوية من قادة أصلاً فهلويون ففشلوا ولم تتحقق أدنى أهدافهم في حل قضية فلسطين.
انشغلوا جميعاً ومعهم خلافتهم الفهلوية فكانوا يقضون جل الوقت في محاولة فض الخلافات لينتهوا بخلافات أكبر فكبرت اسرائيل وصغرت فلسطين.
تفهلو الفلسطينيون مع بداية الصراع فبدأوا بالحسيني والنشاشيبي وتطورت مفاهيم الفهلوة وازدهرت فانتهوا بفتح وحماس.
اشتبك الفلسطينيون مع داتهم مند البدء فأضاعوا فلسطين وأعطوا الفرصة للاسرائيليين بالسيادة والتحكم في حيثيات الصراع.
كلما ازدادت كمية الوقت في الفهلوة والداتية يكبر التراجع ويضعف الحال فتحل الهزيمة حتى عندما انتهت الحروب بعدم تحرير فلسطين انتقلت الهزائم الي محاولات الحصول على الحقوق بالمفاوضات واستمرت الفهلوة تؤدي لهزائم في السلام كما كانت في الحرب.
عندما كانوا يحاولون البدء من جديد كانت الفهلوة من ديدنهم وفي نفس السياق ونفس الأدوات وحتى نفس الشخوص فيؤسسوا لهزيمة أكبر.
الفلسطينيون يتبعون الفهلوة تلك الآفة في دواخلهم وفي أحزابهم وفي مؤسساتهم وفي قيادتهم فلم يتحقق لهم انجازات حتى الآن حيث لم يمارسوا السياية بعد.
الفلسطينيون مازالوا منسجمين مع فهلوة قادتهم حتى خيل لهم أن هدا هو الطبيعي ولديهم احساس بأنهم سياسيين أفداد رغم النتائج المخيبة الدائمة وغابت عنهم القدرة على التحليل والتغيير في نمط العمل وأدواته وشخوصه واستمروا في الدوران في فلك السياسيين الفهلويين وما يقدمونه لهم من مخدرات عاطفية لا تمت الي الواقع المطلوب بصلة بل تفقدهم الوعي والقدرة على لفظ الفهلوة والتوجه الي السياسة حقيقة ولن نجافي الحقيقة حين نقول لا نتائج على مدار قرن من الصراع مهما كانت زاوية رصد تلك النتائج.
هناك فهلوات كبيرة مرت بنا وهناك فهلوات متوسطة الحجم والتخريب وهناك فهلوات كبرى كلفتنا الكثير.
أكبر الفهلوات التي تحدث حديثا وحديثاً جداً ولازال العرض مستمراً لسنوات على المسرح الفلسطيني هي مسرحية' الغول دحلان' .
كم من الوقت والجهد والاعلام والانتهاكات والاشتباكات التي نقلتها حماس من الصراع مع الاسرائيليين الى الصراع مع الغول دحلان وكم من الجهد والوقت والمعاناة التي تمارسها فتح مع الغول دحلان وكم من الوقت والجهد الي تتهامسه كل فصائل وأحزاب العمل الفلسطيني مع الغول دحلان وكم من الوقت والجهد الي دفعوا شعبنا لوهم الصراع مع الغول دحلان ليصبح دحلان حديث كل بيت وكل تجمع فلسطيني وعلى عكس هروبهم من استحقاقات السياسة والقضية لعجزهم من ادراتها فيصبح دحلان بطلاً وليس غولاً في نظر شعبنا الفلسطيني رغم الهجوم الكبير والمستمر عليه من قبل هؤلاء الفهلويون القادة العاجزون عن التوجه للصراع الحقيقي مع الاحتلال.
كلما هزموا أو فشلوا يستسهلون انتاج هدف أسهل لمهاجمته فيعودون لمهاجمة دحلان والرجل يزداد صلابة وقوة لسبب بسيط وهو أن دحلان يشتغل سياسة وهم يشتغلون فهلوة وهم لا يدرون.
حتى أن فتح الحاضنة لدحلان أصبحت تمارس تلك الفهلوة بوعي غائب فيهرب الفتحاويون من عجزهم عن استعادة غزة وتغيير واقع تنظيمهم وواقع قضية شعبهم الي نفس الشخص دحلان ليتشفوا فيه قهراً للدات فيلبسون طاقية الاخفاء ليقتربوا أكثر منه بقصص وروايات بعضها مضحك وبعضها أقرب الي الغباء الفهلوي ليقولوا لنا بأن دحلان هو الدي يمنعهم من تحرير مليون ونصف مليون مواطن يعيشون البؤس البؤاس في غزة وكأن الناس لا تعرف ما يعانيه أهل غزة في واحة الفهلوة في رام الله الدين يسيرون كالمطلي به القار أجرب في دهاليز سياستها ويعود دحلان في دهن أبناء غزة ساحر السياسة الفلسطينية بلا منازع.
ادا كان هدا الغول دحلان يستحق كل ما جرى ويجري ويشغل الناس والسياسيين والقادة والكتاب والمثقفين وهو في نفس الوقت ليس رئيساً ولا خليفة ولا ساحراً ولا منزلاً ولا أسطورة بل رجلاً يلعب بالسياسة باحتراف فهو أحق بقيادة الفهلويين. لله درك أيها الغول المهندم سياسة.
t8sharif@hotmail.com