السياسة - وذات الوجه الطويل!
د.أياد السراج
ليس صاحبي خبيرا في القانون وحسب, بل انه اصبح حكيما بما مر عليه من حكايات في هذا الزمان وتكونت لديه فلسفة خاصه للحياه. يقرأ كثيرا في العلوم والشعر والأدب والتاريخ وغيرها و الحديث معه دائما يثير التفكير ويتشعب. له اراء قوية في السياسه والناس مثل قوله ان المشكلة الاساسية هي ان الناس "الاوادم" تركوا السياسة والشئون العامة "للفاشلين والأوغاد"الذين تنحصر طموحاتهم في تكديس القوة من مال ونفوذ لتعويض فشلهم , ذلك ان معظم الناس يريدون النجاح في عملهم ويريدون العيش بسلام و"يمشوا الحيط الحيط" ويعتقدون ان "السياسه تياسه", وهكذا تركوا امور البلاد للمافيات حيث يتداخل المال مع السياسيين ليخلق طبقة حاكمة فاسده فوق القانون في العالم العربي رهنت السيادة الوطنية للارادة الخارجيه.
لكن صاحبي ليس قاسيا فيحكمه على الناس وحتى السياسيين منهم وهو يؤمن بأن لدى كل انسان نوازع الخير والشر ويتأثر بمن حوله كما يتأثر بما في خلاياه من عوامل وراثيه. صاحبي مثلا يحمّل حسني مبارك مسؤلية المشاركه مع اسرائيل والسلطة في رام الله في حصار غزه وكذلك دوره في حرب تدمير العراق بالإضافة لفساد حكمه ويؤيد محاكمته العادله لكنه يرى أنه بشكل أو أخر كان ضحية لمن حوله ايضا .وصاحبي يرى في دحلان مثلا لتلك التركيبة الانسانية الخاصة فهو من ناحيه لديه حضور وجاذبية قياديه ولكنه في ذات الوقت احد مظاهر المحنة الفتحاوية واحد ضحايا الطبقة التي ترعرعت تحت عين عرفات واحيانا بتشجيعه , فافسدت الحياة السياسية, فشلت في الحرب والسلام والبناء ولم تحاول فهم مبدأ سيادة القانون وكان يلزم محاكمتها منذ زمن بل إن محاكمة تلك الطبقة قد بدات فعلا بالسقوط المدوي لحركة فتح في انتخابات 2006. ويتذكر صاحبي بمرارة وحسرة ايام النشوة الاولى للثورة, ايام كمال عدوان وخالد الحسن وغيرهم من القادة .
لصاحبي أراء خاصه في المرأه, فهو يؤمن ان المنزلة الافضل للمرأة هي ان تكون ربة البيت لترعى الاطفال وتربيهم وتهيؤ البيئة الصالحة للانسان الناجح والمجتمع الناهض. وهو لا يؤمن بالمساواة بل بالاختلاف بين الرجل والمرأه دون المساس بالحقوق التي يجب أن يتوافق عليها الطرفين. يؤمن صاحبي انه يصعب على الرجل فهم المرأة مهما حاول لأن طريقة تفكيرها مختلفة عنه, والرجل يهتم بالسياسة والاعمال والعمل العام مثلا لأن ذلك مظهر من مظاهر القوة بينما المرأة تمارس القوة بالسيطرة عليه في حياته ولديها ترسانة الاسلحة من الدموع والنكد والاولاد , وبينما يغرق الرجل في التفكير في هموم الدنيا فإن المرأة تساعد ابنها على لبس الحذاء. ويقول صاحبي ان الاساس الفسيولوجي للعلاقة بين الرجل والمرأة هو المحرك الاول فيها فالرجل يرغب جنسيا في المرأة ويهيم بها حبا حين يكون محرومإ منها ويقرض الشعر فيها لكنه يفضل الانتقال من واحدة الى اخرى بينما تنسج المرأة خيوط الحب للايقاع به لان الغريزة الاولى لديها هي بناء العش الذي تشعر فيه بالامان مع اطفالها.
وصاحبي يطالب الرجال بالاعتراف بالفشل مع النساء مدعيا ان نسبة الرجال الناجحين مع النساء لا تتعدى خمسة بالمئة ويؤكد ان معظم المتزوجين اشقياء وان الزواج مؤسسة فاشله والمشكلة هي ان الرجال لا يواجهون الامر لانهم لا يرغبون في وجع الراس!
ويستمع صاحبي الى من يجالسه وكيف يمكن للزوجة ان تقلب البيت نكدا من اجل" كندره" وكيف انه لو جاءها بكل الاحذية في الدنيا فسيظل مقصرا لانه لم يأت لها ب"شبشب"! ويجزم صاحبي ان السبب الرئيسى للمشاكل هو عدم التوافق بين الطرفين على تحديد الأولويات والأدوار لأن كل طرف لديه تصور مختلف عن دور الاخر.
, يؤكد صاحبي ان الرجل يظل طفلا يريد حنان الام ويظل باحثا عنه في زوجة تستر بيته وتربي اطفاله بينما المرأة تريد ما يعطيها الشعور بالامانمن المال والعقار لانها لا تثق في الرجل مهما فعل ومهما قال (الافضل لك ان تكوني تعيسة مع رجل غني من ان تكوني سعيدة مع رجل فقير- باولو كويليو) .. ويجزم صاحبي ان المرأة الحنون وراء كل رجل سعيد وليس بالضرورة ان وراء كل رجل ناجح امرأة قاسية.
ومع ذلك فإن صاحبي يعتقد ان النساء تصلح للحكم لأن المرأه أكثر واقعيه, ففي الوقت الذي يختلف الرجال في النظريات الثورية او التفسيرات الدينية تقوم المرأة باصلاح الدولة او المجتمع بخطط عملية ويضرب امثلة بنجاح نساء مثل أنديرا غاندي و مارجريت تاتشر وجولدا مائير وكونداليزا رايس التي لا يستطيع صاحبنا إغفال نظريتها في "الفوضى المنظمه" وهو يرى العراق والسودان وليبيا واليمن وسوريا تتشرذم مع ان صاحبي يؤمن بضرورة الثورة على الحكام العرب جميعا لانهم يعملون لصالح عائلاتهم ولصالح اسرائيل والغرب وليس لصالح شعوبهم ربما باستثناء قطر والامارات. ويفسر صاحبي ارتفاع درجة العدوانية والرغبة في السيطرة و القيادة عند كوندليزا او جولدا مايير او غيرهم من النساء من اصحاب الوجوه الطويلة بمقدار الهرمونات الذكرية في دمائهن التي لها ايضا علاقة بالميل لذات الجنس وربما يفسرذلك ان اولويات هؤلاء ليس الحنان والبيت وانما السطوة الزائدة التي قد تؤدي الى تدمير رجالهم مثل زوجة حسنى مبارك وبن علي وماركوس الفلبين وغيرهم..ولما قلت لصاحبي ان لزوجة بن علي وجه مستدير اجاب بأن الرجل قد يغرق في الحنان بينما هي تغرق في السيطرة. سألناه مرة عن الحب فضحك وهو يقول" الصداقة والحنان والكيمياء اذا اجتمعوا فانه الحب الحقيقي وهو شئ نادر الحدوث وما نراه حولنا اما اوهام مبعثرة او احلام ناقصة او مصلحة على مضض"
سألته قبل ايام عن المصالحة فأطرق وهو يقول":المصالحة تعني في نهاية المطاف فك الحصار عن حماس وعن غزه وهو الحصار الذي قررته اسرائيل بعد فوز حماس في انتخابات 2006 ثم انضمت اليها مصر ورام الله بعد الانقسام فهل غيرت اسرائيل موقفها? وهل تقوى القيادات الفلسطينية على تحديها? والمسألة الأساسية هي في تحديد الأولويات لدى هذه القيادات".
سألته عن امريكا وموقفها من رحلة ابو مازن الجريئة الى الامم المتحدة, فقال ان اسرائيل منزعجة جدا من هذا الامر لأنه يعني ان عليها ان تعترف بحدود لها للمرة الاولى وامام العالم ضمن حدود 67 وذلك يضرب الفكرة الصهيونية القائمة على التمدد في ما يسمونه بأرض اسرائيل التي تشتمل على كل فلسطين والاردن.
القرار فيما يتعلق بفلسطين دائما يتم طبخه في تل ابيب قبل إبلاغه الى الادارة الامريكية التي يعشعش فيها عتاة الصهيونيه, ليتم اعادة صياغة القرار الاسرائيلي واصدار تعميم أمريكي لدول العالم بما فيها العواصم العربية التي عادة ما تأخذه على انه امر امريكي مطاع. وقال صاحبي انه اذا استمرت الرحلة الى الامم المتحدة,وهو امر ليس مؤكدا بسبب الضغوط الهائلة والاغراءآت التي سيتعرض لها ابو مازن فان ذلك قد يفتح الباب لصفقة لا تستعمل امريكا فيها الفيتو وتكون غزة حماس هي الثمن ليتم منع وحدة الفلسطينيين. ان الانقسام الفلسطيني قرار استراتيجي اسرائيلي بدأ تنفيذه شارون بالانسحاب من غزه ويستمر اليوم بعدم السماح بتشكيل حكومة فلسطينية واحده. فهل يقرر السياسيون الفلسطينيون تحدي اسرائيل وامريكا والمضي في تنفيذ المصالحة والتوافق على الاولويات الوطنية والأدوار؟.لقد حاول نبيل العربي ذلك فتم ازاحته الى سلة المهملات, الى الجامعة العربيه. فماذا سيكون مصير ابو مازن؟
قال صاحبي في النهاية ان إسرائيل وأمريكا عاجلا ام اجلا سيفتحوا خطوطا للحوار مع حماس, وأن ذلك اصبح ضرورة سياسة عالمية بسبب تقدم المشروع الإسلامي في المنطقة العربية ويمكن ساعتها فك الحصار عن غزه.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/