قضية اللاجئين
بين حق العودة ...ونفي الآخر
السيد/أحمد أبو شاويش
(أبو معن)
25/9/2010
" أرض فلسطين تفيض
باللبن والعسل .. والناس"
الجذور
تعود جذور قضية اللاجئين إلى مرحلة أبعد من حرب عام 1948، حيث فكرة تهجير الفلسطينيين من ديارهم هي توأم فكرة توطين اليهود في فلسطين، وهذا ما سوف نتناوله في القسم الأول من هذا البحث، تفنيداً لمزاعم إسرائيل بإنكار مسؤوليتها عن جريمة التطهير العرقي التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني.
تؤكد وقائع التاريخ الحديث في أوروبا والمشرق العربي أن فكرة الاستيطان اليهودي لفلسطين ولدت من رحم الحركة الاستعمارية الأوروبية بشكل عام والبريطانية بشكل خاص، تلبية لمصالح هذه الأخيرة، وتحقيقاً لأطماعها في المنطقة وفي جنوب شرق آسيا، وهكذا جاءت على شاكلة نمطها الاستعماري الاستيطاني الذي أدى إلى تفريغ، وأحياناً إبادة، شعوب بكاملها في قارات أفريقيا وأمريكا واستراليا.
جاءت فكرة استيطان فلسطين من قبل اليهود في دعوة فرنسية إبان الحملة الفرنسية في مطلع القرن التاسع عشر، وفي خطة بريطانية في منتصفه درءاً لمخاطر قيام دولة عربية قوية نواتها مصر وبلاد الشام, تضاهي الدول القومية الأوروبية الناشئة آنذاك، وذلك قبل أن تظهر (فكرة الإستيطان) في صيغتها الصهيونية أواخر القرن التاسع عشر، وسط خلافات بين دعاتها المؤسسين على طابعها وأهدافها، تغلبت وجهة نظر أصحاب الدعوة لـ "قومية يهودية"، وإقامة دولة خاصة باليهود في فلسطين، في تأثر واضح بالأفكار القومية، والدولة القومية المستقلة، التي سادت أوروبا آنذاك، وبالتالي فإن فهم ظاهرة الصهيونية لا يتحقق، كما يقول د.عبد الوهاب المسيري، "بالعودة للإيقاعات الوهمية لتاريخ اليهود الوهمي، ولكن بالديناميات الحقيقية لتاريخ أوروبا وبخاصة في القرن التاسع عشر".
رغم مضي عشرات القرون على وجود أسفار العهد القديم ، إلا أنها لم تشكل الحافز أو الدليل لحركة تنقل اليهود بما في ذلك هجراتهم المتعاقبة؛ بسبب المذابح التي ارتكبت بحقهم في إسبانيا والبرتغال وروسيا... إلخ، لم تكن فلسطين وجهة هجراتهم وإنما كانت الدول الأوروبية الأخرى، والولايات المتحدة الأمريكية، وبعض بلدان أمريكا اللاتينية، ولم يتطرق أي من المؤرخين الصهاينة بشكل خاص، إلى توجه اليهود، أثناء تلك الهجرات، إلى فلسطين، وفي استنتاج لماح يقول د. قدري حفني "لا نظن أن هناك من تفسير يوفق بين التسليم بأن فلسطين كانت تمثل أملاً لليهود في شتى العصور، وبين حقيقة أن وقائع التاريخ الفعلية لا تحمل ما يدل على حقيقة وجود ذلك في صورة تعبير فعلي منذ ذلك التاريخ الغابر".
إن التفسير العلمي لتلك الوقائع التاريخية يثبت مدى زيف وتهافت سياسة التذرع بالحجج الدينية، والوعود التوراتية، ويؤكد أن "الصهيونية ليست امتداداً لليهودية، للدين اليهودي، بقدر ما هي بنت الامبريالية وعصرها وموجوداته.... بنت أوروبا الحديثة والأحدث، والاستعمار الاستيطاني والدعوة القومية" . كان المشروع الصهيوني في عام 1843 قيد الطبخ والإنضاج لدى الساسة البريطانيين، كتب بالمرستون (وزير خارجية بريطانيا آنذاك) إلى سفيره في الأستانة يدعوه إلى أن يوصي السلطان العثماني بتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين لدرء خطر عودة محمد علي أو أحد أبنائه للاستيلاء على بلاد الشام.
ومنذئذ سارت سياسة الدول الأوروبية الرئيسية، وبريطانيا على وجه التحديد، والأمريكية في مرحلة لاحقة، على نهج ثابت مؤداه إعاقة نمو وتطور ووحدة البلدان العربية، وخلق كيان غريب موال للغرب في فلسطين، ولأول مرة وحدها الحركة الصهيونية قامت, فيما بعد، بتحويل هجرة اليهود إلى فلسطين تجسيداً لشعار زائف، والذي غدا شائعاً فيما بعد "فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" ، والذي ورد، لأول مرة، كعنوان لمشروع قدمه "اللورد شافتسبري" إلى "بالمرستون" أثناء انعقاد مؤتمر لندن عام (1840)، تشجيعاً لهجرة اليهود إلى فلسطين، وللدلالة على زيف هذا الادعاء تكفي الإشارة غلى أن "مجموع القرى في فلسطين عام 1883 قد بلغ حوالي 762 قرية" ، وهذا عدا المدن المشهورة (القدس، يافا، غزة، نابلس، حيفا، الخليل.... إلخ)، وعدا سكان البادية المنتشرين في ربوعها من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال. ولم تكن فلسطين مجرد "أرض اللبن والعسل" ولكن كانت دائماً "أرضاً تفيض باللبن والعسل.... والناس".
التطهير العرقي: استراتيجية صهيونية
غني عن القول أن الشعار الذي أشرنا إليه آنفاً يتضمن إشارة ضمنية إلى نية مبيتة لترحيل (تهجير) الفلسطينيين من أرضهم. وقد روج لهذا الشعار على نطاق واسع، أحد أبرز وأقدم دعاة الترحيل: "يسرائيل زانغويل"، الذي كان يعد من أقرب المقربين الى هرتزل. زار "زانغويل" فلسطين في عام 1897، وعاد ليفصح عن رأيه في مسألة: مستقبل وجود الفلسطينيين على أرضهم، قائلاً: علينا أن نستعد إما لطرد القبائل العربية، صاحبة الملكية بحد السيف، كما فعل أجدادنا، وإما أن نتعامل مع مشكلة وجود عدد كبير من السكان الغرباء ومعظمهم من المحمديين الذين اعتادوا، ولقرون كثيرة على ازدرائنا".
ويتردد شعار الأرض الخالية في خطاب رئيس الحركة الصهيونية، حاييم وايزمن، الذي ألقاه في عام 1914، وكأنه يحدد فيه آلية لتطبيق برنامج الصهيونية: هجرة- تفريغ-هجرة... وهكذا؛ عندما يقول: "في مراحلها المبكرة كانت الصهيونية، كما تصورها روادها، حركة تعتمد كلياً على عوامل ميكانيكية: ثمة بلد صدف أن اسمه فلسطين، وهو بلد بلا شعب. وثمة، من ناحية أخرى، شعب يهودي، وهو لا يملك بلداً، إذن لا يبقى سوى وضع الفص في الخاتم، وجمع الشعب والأرض.
وكان هرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية، قد درس مبكراً النموذج الروديسي في عزل القبائل المحلية في أفريقيا، والاستيلاء على أراضيها. وجاءت فكرته عن الاستيطان اليهودي مطابقة لهذا النموذج.
وقد كرس عشرين صفحة من يومياته للتأمل في موضوع "الترحيل"، يكشف فيها عن حقيقة نواياه في الاستيلاء على أراضي الفقراء، وترحيل أصحابها، بقوله: "ولكن نزع الملكية وإبعاد الفقراء يجب تنفيذهما بحذر واحتراس وتكتم... وسوف نحاول تسريب السكان المعدمين عبر الحدود بتأمين وظائف العمل لهم في بلدان العبور، على أن تسد أمامهم كل مجالات العمل والاستخدام في بلادنا" على كل لم يعش هرتزل ليرى تطبيق وصيته بنزع ملكية أصحاب الأرض، ولكن ليس بحذر واحتراس وتكتم، وإنما بمجازر جماعية، كما حدث في حرب عام 1948.
أما "ليون موتسكين"، وهو من أوائل الذين انضموا إلى هرتزل، وأسس، مع وايزمن فيما بعد، الكتلة الديموقراطية، فقد حدد بوضوح وجهي العملة للمشروع الصهيوني، وقد لخص خطته، من أجل إيجاد حل , في: "أن يعمل اليهود والعرب –كمجموعتين قوميتين- لتحقيق العمق المتساوي بواسطة اتفاقية سياسية حول نقل السكان من منطقة إلى منطقة.... وأن الاستيطان يجب أن يسير في اتجاهين: استيطان يهودي في "أرض يسرائيل"، وتوطين عرب "أرض يسرائيل" في مناطق خارج إسرائيل".
كان الموقف الصهيوني من مسألة الترحيل موحداً، كما هو اليوم من "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين، لا خلاف بينهم، سواء كانوا متدينين أو قوميين أو (اشتراكيين)، جميعهم كانوا مع الترحيل (كما هم اليوم ضد تطبيق القرار الدولي رقم 194)، وإن تفاوتت الاقتراحات –أحياناً- بين الترحيل القسري، والترحيل الطوعي، ولعل من السخرية بمكان الحديث عن ترحيل طوعي للإنسان من وطنه، فالفرق هنا كالفرق في تنفيذ حكم الإعدام بوسائل مختلفة.
لم يكن ثمة خلاف جوهري، كما قدمنا، بين الآباء المؤسسين، على مختلف معتقداتهم الفكرية، إزاء مسألة الترحيل، فإلى جانب هرتزل وزانغويل وموتسكين ووايزمن وروتشيلد وجابوتنسكي، وقف كل من: (الاشتراكي) الصهيوني "بيريل كتسنلسون"، الذي لعب دوراً هاماً في الحركة الصهيونية خلال خمسة وثلاثين عاماً (1910-1944)، والذي يوصف، عادة في الأدبيات الصهيونية بـ "ضمير الصهيونية العمالية"، و(الاشتراكي) الصهيوني "آرثرروبين" والذي لعب دوراً بارزاً في لجان الترحيل التي شكلت في الثلاثينات من القرن الماضي (لاحظ: لجان ترحيل شكلت في الثلاثينيات، ولا مسؤولية صهيونية عن تهجير الفلسطينيين في أواخر الأربعينيات)، وكذلك "نحمان سركين" الذي لقب بـ "رائد الاشتراكية الصهيونية"، وتترواح مواقفهم جميعاً من الترحيل بين من يرى أن ضميره مرتاح، والجار البعيد خير من العدو القريب كما يرى كتسنلسون"، وبين من لا "يؤمن بالترحيل الفردي بل بترحيل قرى بكاملها" مثل "روبين"، و "سركين" الذي يعود إلى الشعار إياه بقوله: "إن على فلسطين ذات العدد القليل من السكان أن تصبح فارغة من أجل اليهود".
الثلاثينيات والأربعينيات:
خطط للترحيل والتوطين
فتح الانتداب البريطاني آفاقاً واسعة أمام الحركة الصهيونية، فقد جرى دمج وعد بلفور بصك الانتداب الذي نصت المادة السادسة منه على أن الإدارة البريطانية تلتزم بتسهيل الهجرة اليهودية، وسوف تشجع استيطان اليهود....إلخ وبذلك أصبحت الفرصة متاحة أمام زعماء الحركة الصهيونية لنقل أفكارهم من إطار النظرية إلى واقع التطبيق، يصف المؤرخ "آلن تايلر" نشاط الحركة الصهيونية في تلك الفترة بقوله: "استمر أغلبية الصهاينة ينشدون تلك الحقوق والامتيازات التي تتيح لهم أن يجعلوا فلسطين يهودية بقدر ما هي إنجلترا انجليزية".
وبالفعل تدفق المهاجرون اليهود على فلسطين، وأصبح عددهم في عام 1948 يعادل أكثر من عشرة أضعاف ما كانوا عليه في عام 1919 ، وقدمت سلطات الانتداب للحركة الصهيونية كل التسهيلات التي تمكنها من الاستيلاء على الأراضي، وإقامة المستوطنات، وإنشاء الميلشيات المسلحة.... إلخ، كما أخذت أفكار الترحيل مساراً عملياً، تمثل في تشكيل لجان للترحيل (الأولى 1937, الثانية 1943, الثالثة 1948)، وإعداد الدراسات، ووضع الخطط، وكما يذكر الباحث نور الدين مصالحه، فإن "الوضوح الكامل لاستراتيجيتهم المركزية فيما يختص بفكرة الترحيل برز منذ عام 1930 فصاعداً، من خلال خطة وايزمن للترحيل في تلك السنة"
شكلت خطة وايزمن الركيزة الأساسية لخطط الترحيل التي أعدت خلال عقدي الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي , وعمل وايزمن مع زعماء آخرين في الحركة الصهيونية على تحديد ملامح محددة لاستراتيجية الترحيل، وانصب التركيز على فكرة الترحيل إلى الأردن وسورية والعراق، وقد لقي وايزمن تشجيعا من لجنة "شو" البريطانية التي وصلت الى فلسطين للتحقيق في أحداث 1929، ومن وزير المستعمرات "اللورد باسفيلد" الذي أيد فكرة الترحيل إلى شرقي الأردن ومن نائبه "دراموند شيلز"، الذي كان يفضل مصارحة العرب بجعل فلسطين وطناً قومياً لليهود، وأن بإمكانهم الانتقال إلى شرقي الأردن أو إلى بلاد ما بين النهرين حيث الأراضي الشاسعة .
وفي نقلة نوعية دعت الحركة الصهيونية إلى عقد مؤتمر بلتيمور في نيويورك في أيار 1942، بحضور قادة الحركة في أمريكا وأوروبا وفلسطين، وقد مضى المؤتمر إلى حيث قاده بن غوريون، وهكذا ظهر على السطح الآن بوضوح الهدف الخفي ، الذي رافق الصهيونية السياسية دوماً، كما يقول المؤرخ آلن تايلر ، "ولم يبق سوى مهمة صياغة سياسة الإرهاب الجديدة المخططة أصلاً، وابتداء الاستعداد لتحقيق الهدف الأول في برنامج هرتسل" . وقد تضمن برنامجه، الذي عرف فيما بعد ببرنامج بلتيمور، عدداً من البنود، نص البند الخامس منها على: "جعل فلسطين حكومة يهودية". وبمصادقة المجلس العام للمنظمة الصهيونية على برنامج بلتيمور في تشرين الثاني 1942، "أصبحت (الخطة) الإرهابية الجديدة منهجاً للصهيونية بشكلها الواسع"، وعندما عقد أول مؤتمر صهيوني بعد الحرب في آب 1945 صادق بقوة على البرنامج. وما يلفت الانتباه أنه في الفترة الواقعة بين مصادقة المجلس العام ((1942) ومصادقة المؤتمر (1945)، كانت قد وضعت خطة "دالت" الشهيرة بإشراف الجنرال يغال يادين"، والتي جرى تطبيقها فيما بعد، في حرب 1948، كما سنرى لاحقاً، ومع ذلك كله مطلوب من العالم أن يصدق مقولة اسرائيل عن الحرب "الدفاعية" التي خاضتها الهاغاناه والتنظيمات الصهيونية الإرهابية الأخرى، وأن يقر بـ (براءتها) من جريمة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين، ومن المجازر الوحشية العديدة التي ارتكبتها بحق الناس الآمنين من الأطفال والنساء والشيوخ، والتي تعد حسب توصيف القانون الدولي بأنها جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية بامتياز.
حشد التأييد الدولي لخطط الترحيل
قبيل الحرب العالمية الثانية، وأثناءها، لم تترك الوكالة اليهودية سير الأمور للصدفة، بادرت لتشكيل لجنة جديدة للترحيل، لعب فيها "يوسف فايتس" داعية الترحيل الشهير دوراً بارزاً *، وهو إلى جانب حماسته للترحيل كحل أساسي وجذري لمشكلتي الأرض والديموغرافيا العربية، كان يقدر ببصيرة ثاقبة "أن الوضع سيشهد تغييرات جذرية بعد الحرب العالمية الثانية، إلى الدرجة التي يصبح معها ترحيل العرب فكرة يمكن تنفيذها" . كان فايتس دائم التجوال في الريف الفلسطيني، بما في ذلك المناطق الجبلية، والقرى المكتظة، كما قام بزيارة إلى منطقة الجزيرة في سورية في أيلول 1941، وعاد مقتنعاً بترحيل الفلسطينيين إلى منطقتي الجزيرة السورية والعراقية.
كذلك انخرط قادة الحركة الصهيونية: بن غوريون، ووايزمن، وشرتوك، والى جانبهم فايتس، بالطبع في البحث الدؤوب عن تأييد دولي لمشاريع الترحيل، وذلك في سبيل ترتيب أوضاعهم لاستحقاقات ما بعد الحرب العالمية وكان "فايتس" يسعى، كما كتب في يومياته، إلى "العثور على الآذان المصغية في أمريكا... وأن نغرس هذا الأمر في ذهن الدوائر السياسية الأمريكية. فاليوم ليس أمامنا أي خيار آخر، لن نعيش مع العرب هنا".
حققت مساعي الوكالة اليهودية على هذا الصعيد بعض النجاح، كما عانت من بعض الإخفاق، وإذا كانت محاولتها الرامية إلى عقد صفقة مع بعض الحكومات العربية، والتي قام بها "فيلبي"، قد منيت بالفشل، إلا أنها في المقابل، فازت بموافقة حزب العمل البريطاني على سياسة الترحيل، بناء على قرار اتخذه مؤتمر الحزب، الذي انعقد في كانون الأول 1944. كذلك حازت على تأييد أمريكي متزايد، فقد تمكن داعية الترحيل بن حوريون (زميل جابوتنسكي) كسب تأييد الرئيس الأمريكي الأسبق "هربرت هوفر" لخطته الرامية الى ترحيل الفلسطينيين الى العراق، مما سمح بإطلاق حملة الترحيل الصهيونية الأمريكية علناً في تشرين الثاني 1945، تحت اسم "خطة هوفر" وجرى تقديمها للبيت الأبيض.
وكانت خطة نورمان للتوطين في العراق، وغيرها من مشاريع الترحيل، قد حظيت بموافقة وتأييد أعداد متزايدة من السياسيين، والشخصيات الأمريكية البارزة، وفي هذا السياق: جاء المشروع الذي طرحه مساعد رئيس هيئة الحفاظ على البيئة الأمريكية "لاودر ميلك"، بعد أن قام بزيارة الى فلسطين والعراق، ويتلخص المشروع في نقطتين، الأولى: استغلال مياه نهر الأردن، بعد جر مياه نهر الليطاني، في ري النقب لاستيعاب ملايين المهاجرين اليهود الجدد. والثانية: الدعوة إلى ترحيل الفلسطينيين إلى العراق وتوطينهم هناك.
حرب 1948 تنفيذ خطة الترحيل
علق زعماء الوكالة اليهودية آمالاً كبيرة على نتائج الحرب العالمية الثانية، بعد انتصار حلفائهم وداعميهم، الولايات المتحدة وبريطانيا، في الحرب. وكانوا يعملون بشكل حثيث لتهيئة أوضاعهم لاستحقاقات ما بعد الحرب، كما نوهنا أعلاه، وفروا الإمكانات البشرية، والمادية، والعسكرية، وأقاموا المستوطنات المحصنة، وأعدوا التشكيلات الإدارية البديلة (دوائر التعليم، والصحة، والبريد.... إلخ) لدوائر حكومة الانتداب، وكما تشير الرواية الإسرائيلية للحرب "تم عمل كل ما يلزم كي لا يشعر الييشوف (التجمع الاستيطاني الصهيوني) بأن الحكم المدني في البلد قد انهار. ولم تصب الفوضى، التي عمت البلد عامة، والسكان العرب خاصة، الييشوف العبري" ، وذلك من أجل خوض معركة الإعلان عن الدولة، بما في ذلك تنفيذ خطة الترحيل المعدة مسبقاً في اللحظة المناسبة.
حانت اللحظة المناسبة لدى إعلان قرار التقسيم الصادر في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، وإعلان بريطانيا عن عزمها على الانسحاب من فلسطين في الخامس عشر من أيار (مايو) 1948. عندئذ أفرجت الوكالة اليهودية عن خطتها السرية للترحيل، والتي جرى إعدادها في عام 1944، تحت اسم خطة "دالت" بإشراف" يغال يادين"، كما ذكرنا آنفاً، الذي كان يترأس هيئة التخطيط في الحركة السرية في حينه، تم الإفراج عن الخطة "دالت" لوضعها موضع التنفيذ، بعد إقرارها –نهائياً- من قبل قيادة الهاغانا في 10 آذار (مارس) 1948، وكانت تقضي، كما اعترف "يادين" في مقابلة أجرتها معه صحيفة "حداشوت" الإسرائيلية في "كانون الأول (ديسمبر) 1985، كانت تقضي بـ "تدمير القرى العربية المجاورة للمستعمرات اليهودية، وطرد سكانها.... والسيطرة على الشرايين الرئيسية للمواصلات التي تعتبر حيوية لليهود، وتدمير القرى العربية الواقعة قربها.
وألحقت قيادة الهاغاناه بالخطة "دالت" قائمة بأسماء المدن والقرى العربية، وعدد سكانها وموقعها وأسماء الأشخاص البارزين فيها، إضافة إلى الاتجاه السياسي لقيادة المدينة، من جانبه يسلط "إيلان بابيه" (أحد المؤرخين اليهود الجدد) الضوء على طبيعة هذه الخطة، بقوله "في الأشهر المؤدية إلى الحرب أعدت إسرائيل برنامجها للتطهير العرقي –خطة تضمنت أعمال طرد جماعي، ومجازر متفرقة، وحملات ترويع وترهيب وأخيراً مصادرة الموجودات والأراضي".
أما "بن غوريون" فقد أصدر، كما هو مدون في يومياته، أمراً في 19 كانون الأول (ديسمبر) 1947 يقضي بأن "كل هجوم يجب أن يكون ضربة قاضية تؤدي الى تدمير البيوت وطرد سكانها" واستجابة لهذا الأمر، وبعد أقل من أسبوعين، دعا "يغال آلون" قائد البالماخ-بلوغوت ماحتس (كتائب السحق)، في الأمر اليومي الذي أصدره في 1 كانون الثاني (يناير) 1948 الى حرب شاملة تحقق الإبادة الجماعية والتدمير الاقتصادي، إذ "من الصعب (كما ينص الأمر) تمييز الأعداء من غير الأعداء، ومن المستحيل تفادي إصابة الأطفال... والآن فإن العقاب الجماعي فقط هو الأمر الممكن... ينبغي لنا أن نوجه الضربات الى اقتصادهم".
شنت قوات "الهاغاناه والآرغون وليحي" العديد من الغارات الليلية، وقامت بعمليات النسف العشوائية، وتدمير المنازل، وارتكبت العديد من المجازر التي أصبحت موثقة على نطاق واسع (بلغ الموثق منها فعلياً 35 مجزرة، بينما يشير د. سلمان أبو ستة إلى أن الرقم الحقيقي يزيد عن 100) . ومن أبرز المجازر التي ارتكبت، مجزرة دير ياسين التي نفذتها عصابتا "الأرغون و"ليحي" بالتواطؤ مع الهاغاناه في 9 نيسان(ابريل) 1948 ، ومجزرة الدوايمة التي قاد عمليتها "موشيه دايان"، ومجزرة اللد التي وضع "اسحق رابين" خطتها، وشارك في الإعداد لها، وفي قيادتها، بإشراف "يغال آلون" ، ومجزرة عين الزيتون 3 ، 4 أيار (مايو) 1948، ومجزرة الصفصاف (تشرين أول/ أكتوبر 1948) بالإضافة الى مجازر: سعسع، الجش، والصالحة، وعيلبون (تشرين أول/ أكتوبر 1948)، ومجزرة الطيرة (25/7/1948) التي تم حرق 55 من أهلها وهم أحياء والتي جرى توثيقها في أرشيف الأمم المتحدة (ملف رقم 1:10 . 303/13 – DAG) ، ومجزرة الطنطورة (22-23 أيار/مايو1948) التي راح ضحيتها نحو 200 شخص، وتم الكشف عنها مؤخراً (سنة 2000) على يد الباحث الإسرائيلي "تيودور كاتس"، وقد أثيرت ضجة إعلامية هائلة إثر الكشف عنها (صحيفة معاريف الاسرائيلية 21/1/2000).
وأما الذين نجوا بأعجوبة من الموت من أبناء تلك القرى، فقد خرجوا من بين فكي الموت ليقعوا بين فكي الحياة، بعد أن انضموا الى قوافل اللاجئين، وقد تلقفتهم حياة التشرد والذل والفقر والبؤس وحرمان الهوية، هم وأنسالهم، حتى اليوم.
كانت غاية الوكالة اليهودية من وراء المجازر والجرائم التي ارتكبتها ترويع المواطنين وإجبارهم على مغادرة منازلهم وقراهم ومدنهم، أي تطبيق استراتيجية الترحيل بالقوة، حيث كان "بن غوريون" زعيم اليشوف، يرى أن الحرب هي السبيل الوحيد لتحقيق ذلك، وقد صرح أمام المجلس المركزي لحزب ماباي في 6 شباط (فبراير) 1948، مدافعاً عن موقفه بالقول: " الحرب ستمنحنا الأرض، إن فكرة "ما هو لنا" و"ما ليس لنا" هي فكرة لزمن السلم، أما في زمن الحرب، فإنها تفقد معناها الكامل". أما حاييم وايزمن، الذي أصبح فيما بعد رئيساً للدولة العبرية، فقد أعرب عن فرط غبطته بالنتائج التي تمخضت عن تلك المجازر (تهجير750 ألف مواطن فلسطيني ), بأن أطلق عليها "التنظيف الأعجوبي للأرض"! الذي أعطى الإسرائيليين حرية السيطرة على الأرض، واستغلالها، دون أن تعيقهم أقلية عربية كبيرة، كما ينقل عنه "جورج بول" (وكيل وزارة الخارجية الأسبق في عهد الرئيس كينيدي) في كتابه "الرابطة العاطفية".
والجدير ذكره أن جميع المجازر التي ارتكبت بحق الفلسطينيين، إما أنها قد وقعت قبل قرار الدول العربية بدخول الحرب ( في 16 أيار/مايو 1948 أي بعد يومين من إعلان "بن غوريون" من قيام دولة إسرائيل) ، أو أنها وقعت في مناطق وقرى بعيدة عن ساحات القتال. يؤكد ذلك، ما جاء على لسان "مناحيم بيغن" زعيم عصابة الأرغون في كتابه "الثورة" :"في الأشهر التي سبقت الغزو العربي، وبينما كانت الدول العربية تستعد للهجوم، أكملنا نحن هجماتنا على الأحياء والمناطق العربية، وفي الأيام الأولى من سنة 1948، كنا نشرح لرجالنا، أن هذه الأعمال لا تكفي. إن هجمات مثل تلك التي تقوم بها القوى اليهودية، لها أهميتها النفسية الكبرى" ، ومن أجل تحقيق هذه الغاية النفسية جاء ارتكابه لمجزرة دير ياسين، وما تخللها من فظائع، ورغم ما أثارته المجزرة من غضب وسخط، وإدانة عالمية، إلا أن "بيغن" لم يكتم شعوره بالزهو، بما اقترفت يداه، في حديثه عن المجزرة بأنها " أنتجت لنا خيراً كثيراً، فقد دب الذعر في قلوب العرب، فقرية كالونيا التي كانت ترد هجمات الهاغاناه الدائمة، هجرها أهلها بعد ليلة وضحاها، وهرب أهالي بيت إكسا،... وقد ساعدتنا أسطورة دير ياسين في المحافظة على طبريا واحتلال حيفا... وتقدمت جميع القوات اليهودية في هجومها الناجح على حيفا بينما كان العرب يهربون مذعورين صائحين "دير ياسين". (ومن المؤسف القول أنه إذا كان لذلك من دلالة، على الصعيد الفلسطيني، فليس أقلها غياب القيادة التي تسيطر على الموقف، وتحتوي تداعيات المجزرة).
مرحلة ما بعد النكبة
جاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 وتاريخ 11/5/1949 المتعلق بقبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة مشروطاً بموافقتها على تطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 11/12/1948 والذي تنص المادة 11 منه على:
"إن الجمعية العامة:
تقرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة الى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة الى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب، وفقاً لمبادئ القانون الدولي....والإنصاف أن يعوض عن ذلك الفقدان....إلخ
وتصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بتسهيل إعادة اللاجئين، وتوطينهم من جديد، وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك دفع التعويضات".
جاء القرار 194 ثمرة للتقرير الذي قدمه الوسيط الدولي برنادوت إلى الجمعية العامة، وحمل فيه حكومة إسرائيل المؤقتة مسؤولية العدوان، وطالب بالاعتراف بحق اللاجئ الفلسطيني في العودة حسب ما يقول التقرير "إنه لخرق فاضح لأبسط مبادئ العدالة أن ينكر على هذه الضحايا البريئة حق العودة إلى منازلها في حين يتدفق المهاجرون اليهود إلى فلسطين، ويشكلون في الواقع خطر استبدال للاجئين العرب الذين لهم جذور في الأرض منذ قرون".
وحسب ما ورد في المادة 11 أعلاه، وكذلك في المادة 2، فقد أنشأ القرار 194 لجنة توفيق ثلاثية (جاء تحديد أعضائها فيما بعد من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وتركيا) مهمتها تنفيذ تعليمات الجمعية العامة القاضية بتسهيل عودة اللاجئين. بدأت اللجنة عملها في 17/1/1949 بعقد لقاءات تمهيدية بين الأطراف المعنية في المنطقة، ثم انتقلت لمتابعة عملها في لوزان بسويسرا، وحسب التقرير الذي رفعته اللجنة إلى الجمعية العامة، وافقت الوفود (العربية وإسرائيل) على البروتوكول الذي أعدته اللجنة، ووقعت عليه في 12/5/1949، ويتضمن بروتوكول لوزان: عودة اللاجئين، وحقهم في التصرف بأموالهم وأملاكهم، وحق التعويض على من لا يرغب في العودة، ليتبين –لاحقاً- أن الوفد الإسرائيلي وقع على البروتوكول كي تضمن حكومته قبولها في الأمم المتحدة، حيث لم تلبث أن تراجعت عن قبول عودة اللاجئين. وكذلك سحبت موافقتها السابقة على عودة مائة ألف لاجئ , كما سبقت الإشارة، ولم تعد بوارد النظر في حق العودة من أساسه، ورد في يوميات بن غوريون 14/7/1949 قوله: "جاء أبا إيبان.. لا يرى ضرورة للركض وراء السلام، الهدنة تكفينا، فإذا ركضنا وراء السلام فإن العرب سيطلبون منا ثمناً: حدوداً أو عودة لاجئين، أو كليهما.. لننتظر بضعة أعوام".
مشاريع التوطين في الخمسينات
استمرت إسرائيل في رفضها لتطبيق قرار حق العودة، وساندتها الولايات المتحدة بصورة غير مباشرة، بطرح مشاريع لتوطين اللاجئين في البلدان العربية، على غرار مشروع "لاودر ميلك" الذي سبقت الإشارة إليه، وأبرز المشاريع التي طرحت: مشروع "كلاب" (عام 1952)، ومشروع جونستون (1953-1955) تضمن المشروع الأول نقل عبء إعالة اللاجئين الى الحكومات المضيفة، والاستفادة من أموال وكالة الغوث (الأونروا) في دمج الفلسطينيين في اقتصاديات الدول المضيفة، إلا أن المشروع قوبل برفض قاطع من قبل اللاجئين، والدول المضيفة التي اعتبرت اللاجئين مسؤولية دولية وليست عربية.
لم تيأس الولايات المتحدة، فتابعت من خلال وزير خارجيتها "جون فوستر دالاس" (صاحب المقولة الشهيرة: الكبار يموتون والصغار ينسون) الذي قام بزيارة إلى المنطقة في صيف عام 1953، ورد في تقرير زيارته عن اللاجئين "تستطيع غالبيتهم بصورة أجدى أن تدمج في حياة البلدان العربية المجاورة، بيد أن هذا يعتمد على مشاريع يمكن بواسطتها استثمار أراضي جديدة".
ومن أجل تطبيق ما اقترحه "دالاس" أوفد الرئيس "آيزنهاور" مبعوثه "جونستون" الذي قام بعدة جولات في المنطقة، خلال الفترة (1953-1955)، وكانت مهمته ذات شقين: الأول: تقاسم مياه نهر الأردن، والثاني عقد صفقة تتضمن تصفية قضية اللاجئين بتوطينهم، وقد قوبل بغضب شعبي عارم، كما قوبل مشروعه حول تقاسم المياه برفض الأطراف المعنية، مما أدى إلى فشل مهمته.
تفاقم مشكلة اللاجئين
تفاقمت مشكلة اللاجئين إثر حرب حزيران (يونيو) 1967، بنزوح 482 ألف مواطن فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة ، من بينهم مائتا ألف أشرف على ترحيلهم "حاييم هرتزوغ" رئيس الدولة العبرية الأسبق، والذي كان في حينه قائداً عسكرياً للمنطقة، وذلك بناء على تصريح أدلى به في صيف عام 1992، ورغم القرار الذي أصدره مجلس الأمن تحت رقم 237 في 14 حزيران (يونيو 1967) ، والذي يقضي بعودة الذين نزحوا من ديارهم بسبب الحرب، إلا أن إسرائيل لم تمتثل للقرار، ورفضت الالتزام بتنفيذه، كما فعلت مع القرار 194.
مواقف الأطراف المختلفة من قضية اللاجئين
أولاً: الموقف الاسرائيلي
يمكن القول أن الاسرائيليين بمختلف ألوان الطيف السياسي يجمعون على رفض تطبيق حق العودة حسب القرار الأممي 194 (والقاضي بعودة الفلسطينيين إلى ديارهم... إلخ) بذريعة أن مثل هذا الحل يشكل خطراً على هوية الدولة، ويغيّر من طابعها كدولة يهودية , بسبب الخلل الديموغرافي الذي سينجم عن ممارسة حق العودة . والمفارقة –هنا- هي أن بعض الأطراف التي تقول بذلك كانت حتى الأمس القريب، والبعض منها ما زال حتى اليوم , يطالب بضم الضفة الغربية إلى إسرائيل غير عابئ بالكابوس الديموغرافي الذي يشكله أهل الضفة (حسب رأي رئيس الوزراء الحالي نتانياهو) . ومن الأمثلة على لاعقلانية هذه الحجة، حسب تعبير "أوري أفنيري"، تكفي الإشارة إلى أن اليمين المتطرف في إسرائيل يطالب بضم الأحياء العربية في القدس الشرقية،" وهو مستعد لمنح المواطنية الإسرائيلية للربع مليون عربي المقيمين فيها. كما يطالب اليمين بضم كتل المستوطنات الكبرى التي تضم العديد من القرى العربية، دون أي قلق يذكر حيال ازدياد عدد المواطنين العرب في إسرائيل" .
وتتذرع إسرائيل بحجج أخرى لنفي مسؤوليتها عن خلق مشكلة اللاجئين، وبالتالي رفضها لتطبيق حق العودة حسب القرار 194، رغماً عن أن قبولها بهذا القرار كان شرطاً لقبول عضويتها بالأمم المتحدة، كما أشرنا لذلك آنفاً، ومن الحجج أنها خاضت حرباً دفاعية في مواجهة الحرب التي شنها العرب ضدها، ومنها أيضاً تحميل القادة العرب مسؤولية وقوع المشكلة ... إلخ ، وهكذا فإن إسرائيل بنفي مسؤوليتها عن المشكلة، وإلقاء التبعة على الضحية، تضيف إلى أساطيرها المؤسسة أسطورة جديدة، الفرق هنا أن شهود هذه الأسطورة، ما زال العديد منهم على قيد الحياة، يقول شمعون بيرس مستهجناً جدوى الحجج والسجالات حول قضية اللاجئين: "أستطيع أن أصنع، شأني شأن غيري من المتحدثين الإسرائيليين من العديد من الادعاءات وصوابها المنطقي، إيماناً راسخاً" . والسؤال هو: ألم يصنع بيرس، وغيره من المسؤولين الإسرائيليين، ذلك فعلاً! ولكن هذا هو –دوماً- شأن من يستند إلى حكمة القوة، وليس إلى قوة الحكمة.
مشاريع إسرائيلية:
شهد عقد التسعينات من القرن الماضي، والعقد الأول من القرن الحالي، سيلاً من الآراء والمواقف والاقتراحات والمشاريع المتعلقة بقضية اللاجئين داخل الدولة العبرية، التي تتفاوت في رؤيتها لحل القضية، ناهيك عن الأسباب التي أدت إليها، ولكنها –بشكل عام- لا تختلف فيما بينها على الموقف من تطبيق القرار 194، الجميع يرى أو يدعي باستحالة تطبيقه كما هو.
يرى "أوري أفنيري" في البحث/المشروع الذي أشرنا إليه آنفاً أن "الصهيونية تجاهلت تجاهلاً كاملاً السكان الذين كانوا يعيشون في البلاد، وتصورت دولة قومية متجانسة، من دون غير اليهود" , ومع أنه يكرر مقولة "الحرب التي بدأها العرب" إلا أنه يعترف بأنه "تم اجتثاث أكثر من نصف الشعب الفلسطيني، أي حوالي 750 ألف شخص. طرد الجيش الإسرائيلي الغازي بعضهم، وهرب بعضهم الآخر عندما وصل هدير الدبابات إلى بيوتهم، مثلهم كمثل المدنيين في كل الحروب". و"بعد الحرب مباشرة رفضت دولة إسرائيل حديثة العهد السماح بعودة اللاجئين إلى الأراضي التي غزتها، وأزالت حكومة "بن غوريون" 450 قرية عربية مهجورة وشيدت مكانها مستوطنات يهودية". ويشير إلى تكرار هذه الأحداث في حرب 1967 التي شهدت "طرد مئات الآلاف من الفلسطينيين، بالقوة أو بالترهيب". ويرى أن "لا مجال (أمام إسرائيل) للتهرب من مواجهة شجاعة مع هذه المشكلة". وأنه "من المتعذر أن يتوقع من أي زعيم فلسطيني أن يوقع على نهاية الصراع دون حل مشكلة اللاجئين"، لأن "حق العودة" كما يقول أفنيري بعبارة مطابقة للواقع، "يعبر عن جوهر الروح الفلسطينية، وهو راسخ في ذكريات نكبة الـ 48 الفلسطينية، وفي الشعور بأن جوراً قد ارتكب بحق الشعب الفلسطيني...." ويذهب إلى حد مطالبة إسرائيل بـ "أن تعترف بمسؤوليتها التاريخية عن نشوء مشكلة اللاجئين. ولتسهيل التئام الجرح، على هذا الاعتراف أن يكون صريحاً". وهو يربط بين هذا التصريح واعتراف آخر، عندما يتابع (مباشرة) بصيغة تبريرية تنم عن قناعة صهيونية راسخة، وهو يقول: "على إسرائيل أن تعترف بأن نشوء مشكلة اللاجئين أتى نتيجة لتحقيق المسعى الصهيوني في إنجاز نهضة قومية يهودية في هذا البلد". ونضيف ولو أدى إلى كارثة وطنية فلسطينية(!). وهو يرى أن الحل، في صيغته الأعم والأشمل، يفترض أن يأتي كتسوية تاريخية بين دولتين لشعبين، واحدة للشعب الفلسطيني، والثانية لليهود، و"إن عودة ملايين اللاجئين الفلسطينيين إلى دولة إسرائيل سوف يغير جذرياً من طابع الدولة.... والذي من شأنه أن يلغي مبدأ دولتين لشعبين، الذي يتكئ عليه مطلب الدولة الفلسطينية!، وبالتالي فإن "أغلبية اللاجئين الذين سيختارون العودة سوف يجدون مكانهم في دولة فلسطين... ولجعل التئام الجراح النفسية والمصالحة التاريخية ممكنين، لا يمكن تحاشي عودة عدد من اللاجئين إلى دولة إسرائيل. ويتم تحديد الرقم الدقيق عبر التفاوض بين إسرائيل وفلسطين". وإذن فالصيغة التي يقترحها "أفنيري" لتطبيق "حق العودة" هي العودة إلى الدولة الفلسطينية. وباستثناء دعوته لإسرائيل للاعتراف بالمسؤولية التاريخية عن نشوء المشكلة، وبحق العودة، وأن العودة حق أساسي من حقوق الإنسان، والاتفاق بين الدولتين على حصة محددة للعودة إلى دولة إسرائيل (وليس إلى أراضيهم وممتلكاتهم) باستثناء ذلك فإنه يتقاسم مع أصحاب المشاريع الأخرى –كما سنرى لاحقاً- مقترح حق العودة للدولة الفلسطينية العتيدة، وهذا في جوهره الحل الصهيوني، لأنه يبقى على (نقاء) الدولة، و"يحقق المسعى الصهيوني في إنجاز نهضة قوية يهودية" حسب قوله.
ومع ذلك لابد من القول أن مشروع "أوري أفنيري" يمثل خطوة متقدمة عما سواه من المشاريع وخاصة تلك التي أعدها من تبوؤوا مناصب رفيعة، واستمروا على علاقة وثيقة مع القيادة السياسية. ومن بين هؤلاء شلومو غازيت، وهو جنرال إسرائيلي متقاعد، كان رئيساً للاستخبارات العسكرية، ومن المقربين جداً لرئيس الوزراء الأسبق "اسحق رابين"، وعمل فيما بعد باحثاً في: مركز يافي للدراسات الاستراتيجية، كما عمل مستشاراً للفرق الإسرائيلية المفاوضة بشأن قضايا المتعددة، وقضية اللاجئين بشكل خاص. والثاني هو غيئورا آيلاند، وهو –أيضاً- جنرال متقاعد، عمل رئيساً لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي خلال الفترة (2004-2006)، ترأس فرع التخطيط الاسرائيلي في الجيش أثناء خدمته، وهو الآن باحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب.
في المشروع الذي أعده شلومو غازيت يؤكد " أن تسوية إسرائيلية- فلسطينية دائمة لا تحل مشكلة اللاجئين من الأساس، لا يمكن أن تكون حلاً فعلياً للنزاع وقابلاً للبقاء، وفي هذه الحال، لن يكون نشوب موجة جديدة من الصراع والعنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين سوى مسألة وقت". ولأول وهلة فإن الانطباع الذي يتركه مثل هذا القول، هو أن الباحث يسعى لاقتراحات تؤدي إلى حل عادل فعلي، يمكن أن يخلق مناخاً للتعايش ويحول دون انفجار الصراع من جديد، وبالتالي فالمتوقع أن يولي القرارات الدولية المتعلقة بهذا الشأن، عناية خاصة، لأنها صادرة عن طرف محايد، يمثل المجتمع الدولي، والذي يفترض أنه حريص على السلم العالمي، وعلى إخماد بؤر التفجر. ومع أن الباحث يعود، غير مرة، للتأكيد على تحذيره من أي تسوية دون حل مشكلة اللاجئين (ص102 ,104)، إلا أنه يتجاهل كل ما من شأنه أن يؤدي إلى حل ينزع صاعق التفجير، ويسارع إلى إعلان رفضه للقرارات الدولية المتعلقة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، وسواها، بالقول: "لن تعترف إسرائيل بحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي الإسرائيلية، ولن تقبل إسرائيل في هذا الصدد، حججاً فلسطينية قانونية تستند إلى قرارات الأمم المتحدة، أو إلى أية قرارات دولية أخرى". ويضيف "سترفض إسرائيل السماح بعودة أي عدد من اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيها، لا بموجب حق فلسطيني مكتسب، ولا بناء على الاتفاق"(ص 104). وشأنه شأن آخرين من الذين تصدوا لبحث هذه القضية يرى أنه يمكن "حصر حق السماح بالعودة لأسباب إنسانية في إطار لم شمل العائلات، في يد الحكومة الإسرائيلية بصورة مطلقة"(ص96).
وفي حال توقيع اتفاق ثنائي بين دولة فلسطين ودولة إسرائيل يطالب الجنرال شلومو غازيت" القيادة الفلسطينية بأنه "يتعين عليها أن تتوجه إلى عموم الشعب الفلسطيني، والى اللاجئين بنوع خاص، موضحة أنه تم الاتفاق على حل كامل وأساسي لمشكلة اللاجئين، وأن هذا الحل لا يستند إلى عودة إلى الأراضي الإسرائيلية". لا يكتفي "غازيت" بذلك، بل يطالب "القيادة الفلسطينية بأن تصرح علناً بتنازلها عن حق العودة" و"إلغاء وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، وإلغاء صفة اللاجئ دون أن يفوته أيضا مطالبة القيادة الفلسطينية بـ" سن قانون عودة" فلسطيني"، والذي بموجبه "سيكون في وسع كل فلسطيني يعيش في المنفى.... أن يهاجر (كذا) ويستوعب في مناطق الدولة الجديدة" (ص106) . وفي مقابل كل ذلك لابد من تنازلات تقدمها إسرائيل، وحسب رؤية الجنرال لهذه التنازلات "هناك أهمية بالغة بالنسبة إليهم لتلقي تعويض معنوي- نفسي , هم في أمس الحاجة إليه". والمضحك المبكي: أن المعضلة التي ستواجه إسرائيل حسب "غازيت" (هي الاختيار) بين الإعلان عن التعويض: المعنوي-النفسي، وبين الرفض المطلق للقيام بذلك، خشية أن يؤدي تصريح كهذا، مهما يكن فاتراً ومحايداً، إلى تحميل إسرائيل بصورة فعلية، الذنب والمسؤولية عن نشوء مشكلة اللاجئين!. ولذلك تراه يدعو إلى أن يكون التصريح الرسمي الإسرائيلي، المشار إليه أعلاه، "خالياً من أية بنود عملية بصدد العودة، وخال من أية تعابير يمكن أن يفهم منها أن إسرائيل تعترف بمسؤوليتها عن محنة الفلسطينيين"(ص99). إن مراهنة الباحث على حل جذري لمشكلة اللاجئين من أجل استمرار السلام والاستقرار، وضمان عدم "نشوب موجة جديدة من الصراع والعنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين" حسب قوله، إن ذلك كله يستحق هذا (السخاء) الإسرائيلي!، ولكن السؤال الذي سيظل معلقاً (إلى حين الإجابة العملية عليه) إلى متى يحتمل العطش الفلسطيني الى "الحل العادل" أن يتقبل مثل هذه الجرعات الزائدة من هذا (السخاء)؟ أو بالأحرى إلى متى يحتمل مثل هذه العجرفة والجهل والتهور والازدراء بالعرب؟ (وهذه المرة حسب كلمات "أوري أفنيري" كما سيأتي بعد قليل).
وحدها أوهام القوة التي أوحت وما زالت توحي للقادة السياسيين، والباحثين الإسرائيليين بالتنكر للحق الفلسطيني الساطع كالشمس، ومحاولة ابتزاز الطرف الفلسطيني كي يقبل بالتوقيع على اتفاق هو أقرب ما يكون إلى عقد إذعان، فهل ينجحون في تحقيق مأربهم؟ خبرة الأمس القريب لا توحي بذلك (على الأقل حتى الآن). ومع ذلك فغالبيتهم لا تجهر بذلك. وحده الجنرال "غيئورا آيلاند" الباحث الذي يبدو أنه اقتحم مركز الأبحاث بلباس الميدان، لا يخفي أن القوة هي التي تغذي أفكاره، فهو في صفحة واحدة من ثلاث صفحات خصصها لـ"قضية اللاجئين" في دراسته "إعادة التفكير في حل الدولتين"، في صفحة واحدة يردد عبارات مثل: (القوة، الهزيمة العسكرية، إسرائيل كسبت حروبها...، قوة إسرائيل الحالية تشكل تحولاً هائلاً في وضعها الاستراتيجي، رابين واسحق بيرس لم يسيرا في هذا الطريق ولديهما شعور بالضعف أو الهزيمة...، دخلا.... وجميع بطاقات الأرض(كذا) ما زالت في أيديهما). "بعد هذا العرض للقوة، من يمكنه أن يجادل أن نيتشه لم يبعث حياً!".
يبدأ "غيئورا آيلاند" رؤيته لقضية اللاجئين بالتساؤل: "ماذا يتضمن الحل العادل لمشكلة اللاجئين؟ هل يجب على إسرائيل أن تدفع ثمن الهزيمة العسكرية للطرف الآخر"؟ وكأنه يريد القول على الضحية أن تدفع ثمن المأساة التي حلت بها لأنها ليست بريئة من دمها! والسؤال لماذا كانت الضحية بريئة من دمها، ولم تعاقب، في الحرب العالمية الثانية؟ بينما تدان الضحية الفلسطينية في حرب عام 1948 مرتين، مرة بالقتل أو التشريد من ديارها ,ومرة بحرمانها من العودة إلى ديارها ووطنها(على الأقل حسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, وقرارات الشرعية الدولية ..), لماذا؟ ولماذا يعاقب المجرم النازي في الحرب العالمية الثانية بسبب المجازر التي ارتكبها بحق اليهود، والبولونيين , والروس الذين سقط منهم وحدهم على أيدي النازيين أكثر من 20 مليون قتيل؟ ولا يعاقب المجرم الصهيوني (بل يكافأ) على جرائمه الفظيعة ومجازره الشنيعة بحق الآمنين الفلسطينيين وغيرهم من العرب، (في دير ياسين، واللد، والطنطورة، والصفصاف... وفيما بعد في قبية، وبحر البقر، وصبرا وشاتيلا، وقانا... إلخ ), وفي فلسطين وقع العديد من المجازر قبل دخول الجيوش العربية بشهور، كما اعترف بذلك "بيغن" في شهادته التي دونها في كتابه "الثورة" كما أسلفنا أعلاه.
إن إحساس الزهو بالقوة من خلال قوله "تشكل قوة إسرائيل الحالية تحولاً هائلاً في وضعها الاستراتيجي" تجعل "الجنرال" يرى أنه "بمرور الأعوام باتت العودة أقل واقعية" وأن "القرار الدولي 194 أصبح متقادماً وغير قابل للتطبيق"، وأن "الحل العادل يجب أن ينفذ داخل الدولة الفلسطينية لتبقى إسرائيل دولة يهودية ديموقراطية" و"لا يستطيع الفلسطينيون أن يتوقعوا بأن إسرائيل ستتخلى عن الأرض، وتستوعب اللاجئين، هذا ببساطة مستحيل".
هذه النظرة الاستعلائية، بما فيها من شعور بالقوة والنصر، هي التي كانت وراء موقف "باراك" من مسألة اللاجئين في مباحثات "كامب ديفيد عام 2000"، يذكر "أوري أفنيري" في بحثه عن "حق العودة": "الجميع يعرفون أن مشكلة اللاجئين ظلت غافية غفوة السبع الذي يمكن أن يستيقظ في أية لحظة...، أما الرجل الذي قلب الطاولة فكان "أيهود باراك"، فقد ركل السبع الغافي في أضلاعه، وفي مزيج نموذجي من العجرفة والجهل والتهور والازدراء بالعرب، كان مقتنعاً بقدرته على إقناع الفلسطينيين بالتخلي عن حق العودة، ولهذا طالب الفلسطينيين بالتوقيع على إعلان مبادئ جديد يعلنون فيه نهاية الصراع". ويتابع "أفنيري" ولحظة نبس بهاتين الكلمتين –نهاية الصراع- في المفاوضات هبط "حق العودة" على طاولة المفاوضات محدثاً ضجة مدوية. كان يجب أن نتوقع أنه من المتعذر على أي زعيم فلسطيني أن يوقع على نهاية الصراع دون حل مشكلة اللاجئين".
يهودية الدولة:
إن ما يحدو بنا لتناول مسألة "يهودية الدولة" هنا، هو ارتباطها الوثيق بمسألة اللاجئين والمسألة الديموغرافية بشكل عام، والتي كانت مثار اهتمام بالغ في سائر "مؤتمرات هرتسليا"، التي بدأ انعقادها سنوياً منذ عام 2000، فالتأكيد الإسرائيلي في الآونة الأخيرة - على ضرورة اعتراف الفلسطيني -بالإضافة الى ما فيه من عجرفة ونزعة إملائية- يعد أمراً يثير الاستغراب لاسيما وأنه كما لوحظ في جميع المشاريع الاسرائيلية، المتوفرة، حول مسألة اللاجئين –يقترن دائماً رفض الاعتراف بحق العودة بضمان نقاء الدولة كـ"دولة يهودية ديموقراطية". يؤكد "الجنرال غيئورا آيلاند" في مشروعه الذي قمنا بمناقشته للتو "لا يمكن لأي حكومة إسرائيلية أن تقلل من حجم الدولة بانسحابها من الأراضي، ومن ثم تفاقم المشاكل الديموغرافية المحلية بموافقتها أيضاً على استيعاب اللاجئين – مثل هذه الحركة سوف تهدد وجود إسرائيل كدولة يهودية ديموقراطية . فإضافة لاجئين فلسطينيين إلى سكان إسرائيل العرب الذين يتم نموهم الآن بسرعة، هذا الأمر الذي على حكومة اسرائيل السعي لمنعه مهما كان الثمن (يعني ولو بالقوة حسب المنطق الذي حكم بحثه- واستخدام القوة قد لا يعني هنا , منع عودة اللاجئين وحسب، وإنما قد يطال –أيضاً- ترحيل فلسطينيي 1948، حسب خطة "ليبرمان" التي طرحت في مؤتمر هرتسليا الخامس).
وإلى جانب ما في مطلب "دولة يهودية وديموقراطية" من مفارقة يصعب تقبلها ضمن أي رؤية تاريخية معاصرة، فإنه يمكن ملاحظة أن الحاوي الاسرائيلي قد أخرج من جعبته، في لعبته الجديدة، مطلباً إضافياً لتبرير رفض تطبيق قرار الشرعية الدولية (194)، وضماناً مستقبلياً لقولبة الواقع الديموغرافي على مقاييسه الذاتية، حرصاً على نقاء الدولة اليهودية (البولونية، الفالاشية، اليمينية، الروسية، المغربية، المجرية... إلخ)، فعلاً لا طائل من وراء البحث عن سر اليهودي في دينه وإنما البحث عن سر الدين في اليهودي نفسه، ففي البدء كان الدين سلاحاً بيد المؤسس "هرتزل" الغنوصي (حسب اعترافه في يومياته)، والدين نفسه اليوم سلاح بيد أحفاده الغنوصيين الجدد, وهم جميعاً عين على الفلسطينيين وكيفية اجتثاثهم من أرضهم، مروراً بحرمانهم من حق العو
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/