تطهير القدس في ظلال النكبة
بقلم عبير زياد
مختصة في شؤون القدس
تطل ذكرى النكبة على القدس بظلال ذات الوان مختلفة عما تطل به في اي مكان اخر فالقدس عاشت النكبة والنكسة وتعيش اليوم نكبة جديدة . في العام 48 تعرضت القدس الى حملة تطهير عرقي ضمن ما يسمى تطهير الطريق الى القدس التي دمر خلالها 38 قرية بهدف الحفاظ على الطريق الموصلة بين الساحل المحتل وبين القدس حيث شملت عدة عمليات عسكرية اسرائيلية التي كانت جزء من عملية تهجير وطرد وذبح سكان قرى القدس ومن هذه العمليات نذكر عملية ههار التي هي عبارة عن الهجوم عبر الجزء الجنوبي من ممر القدس وتتكامل مع عملية يواف و عملية نحشون بدات في اوائل نيسان 1948 وبها احتلت معظم القرى التي تقع على طريق القدس الساحلي شرقي الرملة وقد وضع مخطط العملية كل من رئيس الوكالة اليهودية دافيد بن غوريون وهيئة الاركان العامة في الهاغاناه وهي عبارة عن عملية كاسحة القرى القائمة على جانبي الطريق العام بيت تل ابيب والقدس وادرجوها في السياق العام لخطة دالت وخلال هذه العملية نسفت المنازل وحرقت القرى وشملت هذه العملية مجزرة دير ياسين وعملية يوأف خلال الهدنة الثانية من الحرب وافقت الحكومة الاسرائيلية على خطة تهدف الى ربط القوات الاسرائيلية في النقب بالقوات المتركزة الى الشمال منها في المنطقة الواقعى الى جنوبي الرملة وكانت هذه العملية تدعى في البدء عملية الضربات العشر لكن سميت لاحقا باسم عملية يواف . ومن اجل الشروع في عملية يواف حشد الجيش الاسرائيلي الوية غفعاتي وهنيغف ويفتاح في المنطقة الداخلية وما ان اننتهت الهدنة تحرشوا بالقوات المصرية لتجعلها تطلق النار على قافلة تموين اسرائيلية ومن ثم قامت بقصف مدفعي عنيف وغارات جوية وخلال مراحل تنفيذ هذه العملية استخدم الجيش الاسرائيلي المدفعية على نطاق اوسع كثيرا من اي هجوم سابق, بالاضافة الى غارات جوية بالقاذفات والقاذفات المقاتلة وقد شملت هذه العمليات وغيرها مذابح في عدد من القرى .وانتهت هذه العمليات باحتلال الجزء الغربي من مدينة القدس وتهجير 38 قرية عربية.
اما خلال العام 67 فقد احتل القسم الشرقي من المدينة وخلال هذا الاحتلال ايضا كان هناك تهجير لعدد كبير من سكان المدينة وشهدت القدس خلال تلك الفترة عملية تطهير بشكل مختلف عما جرى في 48 من حيث الاسلوب حيث شملت عملية التهجير ازالت احياء كاملة عن الوجود كما جرى مع حي المغاربة وهجرت سكان احياء اخرى مثل الشرف والريشة والحيادرة وشمل الاحتلال الاستيلاء على العديد من الاراضي والممتلكات واخراج اقسام من القدس الشرقية واتباعها الى مدن اخرى في الضفة الغربية مثل ابو ديس والعيزرية تم اتباعها الى بيت لحم بينما اتبعت قرى شمال غرب القدس الى رام الله وذلك في محاولة لتفريغ القدس من سكانها وهذه السياسة في عملية اخراج بعض الاحياء السكنية خارج حدود المدينة في محاولة للسيطرة على ديموغرافية سكان القدس لازالت مستمرة ومتبعة حيث مع بناء جدار الفصل العنصري اخرجت احياء مثل كفر عقب ومخيم شعفاط خارج حدود القدس حسب التعريف الاسرائيلي .
لكن شهدت الاعوام الاخيرة تصعيد كبير في السياسات التهجير والتطهير العرقي للسكان في القدس الشرقية فقد ارتفعت نسبة الاستيلاء على المنازل وهجمات المستوطنين المختلفة على السكان كما ارتفعت واشتدت وطئة هدم البيوت وسحب الهويات من المقدسين ورفع نسبة الضرائب في الوقت نفسه تقليل فرص العمل امام المقدسين ووضع العراقيل امام العاملين منهم في السلطة الوطنية الفلسطينية رغم قلة عددهم وكون دخلهم لا يتناسب مع طبيعة الحياة المعيشية المرتفعه في المدينة كما ارتفعت نسبة التسرب من المدارس وانتشار المخدرات والفلتان الامني وكل هذه العوامل مجتمعه يعمل الاحتلال على تعزيزها في محاوله منه للترهيب السكان ودفعهم الى الهجرة من مدينتهم .
في الوقت ذاته يقوم الاحتلال بتعزيز البناء وتوفير فرص العمل والمميزات المختلفة للمستوطينين حتى وصل عدد الاسرائيلين بالقدس الغربية ( يشمل اي شخص عربي يحمل الجنسية الاسرائيلية ) الى 200 الف شخص بينما عدد المقدسين الحاملين للهوية القدس ( علما ان اهل القدس لا يحملون الجنسية الاسرائيلية بل هويات اقامة مؤقته وجوازات سفر اردنية ) 250 الف شخص اي تقاربت النسبة من التساوي بينما يسعى الاسرائيليون الى تخفيض عدد الفلسطينين الى 20 % من العدد الحالي بحلول عام 2020 .
ولتحقيق هذا الهدف فان القدس مقدمة على رفع وتيرة النشاطات الاستيطانية ولاهجمة الشرسة على سكانها خاصة على المناطق التي وضعها الاسرائليون كخط احمر لن يتنازلوا عنه في اي مفاوضات كانت وهذا الخط الاحمر بالنسبة لهم هو ما يدعونه منطقة الحوض المقدس والتي تشمل الشيخ جراح سلوان باحيائها المختلفة والبلدة القديمة خاصة المربع اليهودي الذي ضم له اجزاء من الحي الاسلامي حديثا وحائط البراق . ونلاحظ ان هذه الهجمة بدئت بالفعل بشكل قوي وممنهج منذ بداية العام فنلاحظ احداث الشيخ جراح واحداث سلوان والبلدة القديمة ومن يراقب الاحداث يلاحظ ان وتيرة الاحداث بتصاعد بشكل مستمر وان الفترات الزمنية الفاصلة بين الاحداث تتناقص بشكل سريع .
اذا ما يجري اليوم في القدس في ظلال النكبة هو نكبة مستمرة وتطهير عرقي للمدينة وصراع محموم في القضية الديمغرافية واسرلة القدس واهلها باسرع طرق الممكنه في الوقت ذاته نجد المقدسيون ورغم كثرة ما نسمع في وسائل الاعلام من دعم لا يصل الى المدينة ومن اهتمام موجود فقط على الورق يعانون من الفقر المدقع والضرائب التي تثكل كاهلهم وانتشار الامية والاوبئة الصحية في بعض المناطق والمخدرات والفلتان الامني يضاف الى كل ذلك عدم وجود سكن للمقدسين فالمنطقة التي يسمح لهم بالبناء بها هي فقط 13% من ارض القدس الشرقية وهذه النسبة هي مسكونة بالفعل اي لا يوجد لهم اي مساحة للامتداد الطبيعي وحتى المنازل على 13% نجد عدد كبير منها مهدد بالهدم او ايل الى السقوط .
قضية القدس تحتاج الى عدد من الخطوات المهمة اولا ارادة سياسية فلسطينية بتغير الواقع الموجود ثانيا راعية مباشرة للمقدسين وليس عبر طرق طويلة " وسماسرة للقضية " فيصل من الدعم الفتات الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ثالثا حملة اعلامية ضخمة يشارك بها جميع الفلسطينين في شرح معاناة المقدسين وارجوا ان يشرك بهذه الحملة المقدسيون فهم اقدر من يستطيع التحدث عن معانتهم .
ولنوقف نكبة القدس معا
--
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/