ظلال العيد على المطلقات الفلسطينيات: بين أبعاد الدين والتحايل السياسي
فداء دبلان
"...ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا..." قرآن كريم...
طُلب مني كإعلامية فلسطينية سابقة ،الكتابة في مغزى العيد لمطلقة محرومة حتى من رؤية إبنيها،وعلاقة ذلك بعيد الفطر–خصوصا-الهادف-مبدئيا-إلىإعلاء كرامة الإنسان في حياة الأسرة الفلسطينية،وتجلية ثراء معانيه(الدينية–الروحية) ودوره في الحياةالنفسية والإجتماعية،بل والإقتصادية أيضا، كمعاني ظاهرة ملموسة في مجال التكافل الإجتماعي،ومعاني أخرى خفية،لايراها إلا ذوي النفوس النقية والزكية،والقلوب الخيرة الصافية،ولا تدركها إلا المدارك العقلية التي تسع الإنسان كإنسان، في أي مجتمع وحضارة ومدنية،حتى أنه وردفي تقاليدنا الإسلامية المتواترة،عن الحبيب المططفى،أهيمة التقرب وإكرام من هو"صنوك في الخلق ونظيرك في الكينونة والإنسانية، ولو كان غيرنظير لك في الدين و المذهب والعقيدة والعرق والملة-حسب ما ورد عن معاني أقوال الإمام على كرم الله وجهه-
غيرأنني تلكأت في الكتابة حتى فوات فترةمراسيم الأعياد في هذا الموضوع لثلاثة أسباب:
أولاها: ... حتى لايتهمني البعض باستغلال العيد لإستجداء الصدقات والشفقة والإتجار بمأساتي على منابر الإشها عبر المواقع
ثانيها:....ألاً يأتي مقالي تكرارا مملا لمايكتب عادةفي"المناسبات الدينية"التي اصفرت-من الصفر- في مجتمعاتناالاسلامية من جاكارطا إلى نواكشوط من القيم والمعاني والتصورات والمفاهيم الروحية السامية الأصيلة، التي من أجلها أوجدت وشرعت الأعياد، كمفاهيم تحض على تذوق معاني الخيرالأسمى،وتَلذذ مسرات الحياة البهيجة،وتلطيف الدمامة في النفوس القبيحة،وزرع فسلات وبذورالمحبة اللامشروطة داخل المجتمع الواحد، والأسرةالواحدة، التي هي النواة والخلية الأساس، للوطن والأمة والبشرية، للإظفاء على الحياة قيمة وجودية، لإستمراء مغانم ومكاسب مباهج الكون ،ومبررات الوجود
ثالثها:....لأنني كأم فجعت مرتين:
مرة أولى:....
بحرماني من رؤية فلذتي كبدي، بسبب صراعات لاعقلانية بين طائفتين فلسطينيتين اختلفتا–وصدقوني أنه لو استُفتي كافةَُ الفلسطينيين من عامة الشعب لما حاروا جوابا ولا فقهوا لها معنى ولا مغزى ولا فائدة،أو هدف أسمى، اللهم إلاالإختلاف على تقاسم أرض لا يملكونه،وتسنم كراسي لم تصمم على مقاساتهم، وصراعات يسوقها الاعداء الظاهرين والمتسترين الداخليين والخارجيين للشعب الفلسطيني،بغية تصفتيه كما صفيت قبائل الهنود الحمر في القارتين الأمريكيتين،أو بسبب مشاريع الإبادات المقدسة التوراتية –
ومرة ثانية:
بسبب فقدان أمي التي فارقت هذه الدنيا الفانية،وهي متأثرة نفسيا وعضويا وجسديا بماكانت ابنتها تعانيه من عذاب طيلة دقائق وساعات خمسةأعوام متتالية،من معاناة وهزات سيكولوجية،وأمراض جسمية،وصراعات قانونية، بسبب تعنث"سياسويين" وبيروقراطيون فلسطينيين تعالت"مفاهيمهم الأنانية الضيقة على المفاهيم المطلقة والجامعة للحق والشريعة الإسلامية والقانون والعدالة والإنسانية والأعراف والأخلاق
وكلما أهل هلال عيد،إلاوذكرنا نحن الفلسطينيين عموما ومثيلاثي–من المعذبات الصامتات- من ضحايا الأحكام الجائرة لطغمة البيروقراطيين،ليذكرنيا–نحن المستضعفات والمحقًرات- بأنانية المجتمع الفلسطيني"الموديرن جدا،وكرهه لأخيه في العرق والدين والأرض، فما بالك في الخلق والخليقة –كما أكد على ذلك الصحابي الجليل على كرم الله وجهه- ... فكل شيئ يذكرني في العيد بمآسي أمهات مطلقات،-ومعظمهن من الصامتات المعذبات في مجتمع فلسطيني ماتت فيه القيم- رغم التمظهرات الكاذبة-في مجتمع تحول إلى غابة هوجاء، فقد فيها الفلسطينيون في استعمالات لغاتهم وسلوكياتهم وعقلياتهم،كل معاني المصطلحات
الروحية-الوجوديو-الإستطيقية) إلىآخر تلك المصطلحات الجمالية والمواصفات التي يغرقنا بها أكاديميونا الفلسطينيون والعرب أجمعين(وخاصة في مجالات العلوم الإجتماعية، وحصر ظواهرها وأسباب تواجدها)- والتي يحسبها الجاهلون والقمئون وأدعياء الإنسانية والتعالم في العلوم والتفيقه في الدين، من بعض بُغاة مشتغلي السياسة والإعلام والكتابة من فلسطينيي وعرب من المروجين لمصطلحات الإستهلاك في أسواق المرواغات السياسية والتجارة الإعلامية،
وفي هذا السياق، فقد أفهم أن تغيب مثل هذه القيم والمواصفات،عن عقلية وحشود بشرية من سمج القبائل الطوطيمية المتحدرة من الجبال المتوحشة حديثا،أوتلك التي تسكنت، أجيالا، الأدغال والأحراش الموحشة،..أما بالنسبة لحضارة سامقة في العلو لقرون في الحضارات العربية السالفة، لما بين النهرين وبلاد الرافدين والهلال الخصيب،وهؤلاء العرب،هم ما كانوا عليه حتى في جاهليتهم من إباء الضيم والأنفة والشرف والكرم والدود عن الأهل والعشيرة والجاروالجوار، ثم ما كانوا عليه من دنيا التألق الحضاري والإبتداع الثقافي بعد الدعوة المحمدية السمحة، فإذا بهم اليوم وخاصة في-فلسطيننا- تكبكب نساؤهم ومطلقاتهم وأبناؤهم وبناتهم مسغوبين متشردين، لكي يصبحوا لقمة سائغة للأسرلة والأمركة والتغريب والتطبيع كما حدد ذلك د. بيتي- حيث بدأت تذب في كافة الفلسطينيين"ميكروبية""فقدان المناعة" ضد شهامة العروبة ونخوة الإسلام وعزة التاريخ وأنفة الآدمية التي كرم بها الحق تعالى كل بني آدم،فتحول الفلسطيونيون-بسبب البيروقراطية المستفحلة، وفقدان الحس الوطني والديني والإخلاقي- يتسولون العيش وأي عيش- مع شراذيم الشعوب الجائعة الطفيلية الفقيرة الجاهلة في أرباض ومجاهيل إفريقيا،مقابل أولائك الإسرائيليين الذين لا يكتفون بتخريج طروحات ونظريات"فن العيش"الحضاري، وقيمة الحياة ورونقها، يدبجه إعلامهم الهجومي الشرس، بمسهب التآليف والكتابات التي تترجم إلى اللغات الأوروبية ،لتبصرة الإنسان الغربي،إلى"جودة الحياة الإسرائيلية،ثوفن العيش الراقي"المستوحاة من التورتية المزيفة الساعية حثيثا الىالإنسية الكريمة الرشيدة، حتى أن بعض المتخابثين والمتخابثات من المغرضين والمغرضات من الفلسطينيين والفلسطينيات من ضعاف النفوس الأدعياء المتسترين إلى التطبيع والتخلق بالأخلاق"الحضارية اليهودية"ما فتئوا يذكرونني بأنه لوأسندت قضيتي إلى القضاء الإسرائيلي لقُضي فيها ب:القانون والعدل والإنصاف،وهذه الملاحظة أوجهها إلى المفتين الشرعيين من الطائفتين–الذي أفتى إحدهما بعدم حقي حتى في رؤية إبناي فما بالك بمهاتفتها، ولست أدري من أي معين استقى هذا المفتي فتواه-
وأختتم هذه العجالة بما يلي:
لكي لا يتحول المقال إلى"شخصنة" معضلتي ،واني لست من الأنانية أن تطغى قضية امراة مطلقة ومشكلة احقية حضانةأو رؤية إبنيها،إلى موضوع تلوكه الألسنة، وتتداوله المنابرالإعلامية ،بل المقصد هومجرد التنبيه إلى أن حالتي ليست حالة فردية منعزلة، بل هي عنوان لحالات مسكوت عنها في ملفات كلي الطرفين المتنازعين عن السلطة ،سواء باسم الدين أو باسم الدنيا-وكل حزب بمالديهم فرحون- وإنما العبرة بالنتائج وليست برفع الشعارات بتلميعها أو تجميلها بالتنظيرات والمهاترات السياسيوية
وفي الحقيقية،- وبمناسبة عيد الفطر الأبرك- فلا معنى لوجود،ولا طعم لحياة، ولا مساغ لعيش، ولا إزدهار لحضارة أو مذهبأاوعقيدة لإنسان أو سياسية، في وسط إجتماعي متداعي الأركان، مشتت العزائم،مقوض الجوهرو متهافت البنيان وعديم الإنسانية،بفعل الديموغوجية السياسية،والبيروقراطية الإدارية،وتعطيل القوانين،أوإرجاء الأحكام الشرعية في حق المراة والطلاق وحقوق الحضانة الشرعية بتفصيلهابممارسات إنتقائيات تستند إلىالقراءات التجهيلية للنصوص الشرعية والقانونية،إرضاء لنزوعات"العشائرية"أو"الفئة"أو الطائفة الحزبية،مما سيجترحه قدما على المجتمع الفلسطيني، وخاصة على الشريحتين المستضعفتين:"المرأة والطفل" من موبقات وآفات،مما سيجر إلى إتلاف لمفاهيم الحضارة والدين والأخلاق بمقاييس الإسلام والقوانين والتحضر والآدمية باعتبار أن حقوق المرأة والطفل في الإسلام تعتبر بهجة للحياة ومتعة لها ونعمة من نعمها وزينة في الدنيا لانهما أساس المجتمع وركيزة الأسرة والوطن.بحمايتهما من أشباح ظلم الأزواج وشحهم وبخلهم وقسوتهم في المعاشرة أو عند الطلاق والإفتراق....