شكراً؛ يا فلسطينُ
د. فايز أبو شمالة
عندما
اتصلت بي صحيفة فلسطين لأشاركها الكتابة بشكل يومي، ترددت في البداية،
فالصحيفة محسوبة على حركة حماس، وأنا لست من حماس، وقد لا أتفق مع خط
الصحيفة في بعض الأحيان، فكيف ستتواصل العلاقة بيننا؟ وإنْ بدأت معهم؛
فالواجب يقضي الاستمرارية في هذا المهمة الشاقة، لأن الموافقة تعني
الالتزام، والالتزام يعني متابعة كل صغيرة وكبيرة على الساحتين الفلسطينية
والعربية، والأصل في الكتابة هو القدرة على الوصول إلى عقل وقلب القارئ
بشكل متزن، ومؤثر، فهل سأنجح في ذلك؟
ترددت،
وحسبت أن كتابة المقال اليومي أمر في غاية الصعوبة، فمن أين سأحشد جديد
الأفكار، وكيف سأوظف طازج المعاني، وأنّى لي استدعاء رقيق المفردات بشكل
يومي؟ وكيف لي أن أحافظ على وتيرة من الكتابة دون ملل القارئ، وللعلم؛ فقد
كنت أكتب مقالات سياسية وتحليلات من عدة صفحات، وكنت أحسب نفسي من
المبدعين، ولم يدر في خلدي أن الحياة قد تطورت، وتسارع إيقاعها إلى الحد
الذي أضحى فيه إنسان القرن الواحد والعشرين بحاجة إلى عدة وجبات ثقافية
خفيفة، وسريعة، ولم يعد لديه في زحمة المعلومة فائض وقت ليجلس أمام صنف
واحد من الأفكار، إنه المطعم المفتوح على كل مذاق، والمنافسة شديدة،
والإبداع حالة فنية تختص بالجديد، والمتميز، والمثير.
بعد
ترددٍ وافقت؛ ولاسيما أن المسئول المباشر عن النشر قد ترك لي فسحة من
الوقت لإبداع ما أنا مقتنع فيه، فبدأت متهيباً، متشككاً بقدرتي في إيجاد
موضوع جديد في اليوم التالي، ولكنني بدأت، ولم أنقطع، إلى أن أملت عليَّ
التجربة كتابة مقالين في اليوم الواحد، مقال أرسله للنشر، وآخر أحذفه، أو
استبقيه ليوم تنقطع فيه الكهرباء، لقد أدركت دلالة الحضور اليومي في
فلسطين الصحيفة، ودلال فلسطين الوطن على باقي البلاد، وأنا أرى اهتمام
القراء بمقالي الذي صار ينشر على مستوى الوطن العربي، وذلك من خلال
الاتصال عبر البريد، أو الهاتف، لقد أدركت عمق تأثير القضية الفلسطينية
على وجدان الأمة، وعلى مجمل الأحداث الدائرة في الشرق الأوسط، وانعكاس ذلك
على العالم الإسلامي. إنها القضية الفلسطينية بشقها الإنساني، وأبعادها
السياسية والفكرية المترامية الأطراف، لتكون الكتابة عنها صراعاً بين الحق
والباطل، وبين البقاء والاندثار، وبين القيد والحرية.
شكراً
لفلسطين التي أخذت بيدي، وضمتني إلى صدرها، وأنا أطلق في فضائها عصافير
الاستفسار، ووشوشة السؤال، وحائر الموال، تحت عنوان: وماذا بعد؟
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/