صفحات من البطولة والمجد......... معركة مخيم جنين
حوار مع سليم اسعد سليم احد اشبال المقاومة
حوار : كلارا العوض
صفحة من صفحات المجد والبطولة
سطرها شعبنا الفلسطيني في معركة مخيم جنين الشهيرة، التي تصادف ذكراها هذه
الأيام، تلك الصفحة المشرقة خطها بدمهم شباب شجعان تكاد ذاكرة الزمن أن
تطويهم ، وسماسرة هذا الزمن يتسابقون لطي هذه الصفحة المضيئة من تاريخ
شعبنا يعملون على إلصاق كل ما هو سلبي في حياة شعبنا وتاريخه وتضحياته، بطولاته التي كتبت بعرق ودم، فتحولت شموع أنارت الطريق لتتواصل المسيرة.
مخيم جنين هذا الذي سكنه منذ النكبة عشرات آلاف من اللاجئين الفلسطينيين
كان كتابا مفتوحا لسطور هذه الصفحة البطولية، حيث تعرض لاجتياح صهيوني
من عدة جهات حاصره جيش الاحتلال لمدة 33 يوما صمد خلالها المخيم حتى الرمق الأخير وقد أبدى رجال المقاومة الفلسطينية مقاومة باسلة شرسة لهذا العدوان الغاشم .
سليم اسعد سليم ابو حيدر كان ضمن اشبال المقامة انذاك في عمر 16 عاما ، يبلغ من العمر الان 26 سنة يتذكر تلك الملحمة الخالدة بكثير من العزة و الفخار و بمزيد من الحزن
و الحسرة نظرا لما آلت اليه الاوضاع الفلسطينية من انقسام لدرجة
الاقتتال،هذا الحال الذي يكاد يعصف بكل منجزات المقاومة الفلسطينية و ما
قدمته من دماء الشهداء و حرية العديد من الاسرى الذين مازالوا
يقبعون في سجون الاحتلال و آخرون غيرهم مازالوا يدفعون ثمن الحرية من
حريتهم الشخصية وهم محاصرون داخل ارض الوطن او محكوم عليهم بالاقامة
الجبرة داخل مربع محدود من تراب الوطن ممنوعين من زيارة الاحباب و الاقارب
و من مزاولة ابسط حقوقهم الشخصية او الوطنية ، مهددين بالقتل او الاعتقال
كذلك هو حال سليم احمد الذي يمثل محور هذا الحوار:
سليم اسعد أبو حيدر استغرق الحوار عدة ساعات تفرقت على ايام تعود
لغصة تعتصر قلب الشاب فتنهمر الدموع وتختنق الكلمات تحول دون الاسترسال في الكلام فيطلب التاجيل الى ان فاضت به الكلمات التي أغرقتها الدموع قبل أن تجد مكانها بين هذه السطور لتكتحل بها عيونكم ولتصل
عبر الأثير لكل من صمت أذانهم أو أعمت بصيرتهم مغانم السلطة والجاه
وانتفخت جيوبهم وباتوا يعتاشون على فتات الانقسام الذي يمزق وحدة الوطن
والشعب، إنها صفحات من المجد والفخار وأكاليل غار تزين جباه الذين سطروا
بدمائهم صفحات البطولة والمجد
سليم كان واحد من هؤلاء الرجال توجهنا له بالسؤال التالي
· متى كان انضمامك لصفوف المقاومة و ما كان دورك و انت في ذلك السن المبكر ؟
لا
اذكر تاريخا للانضمام لصفوف المقاومة لانه في اعتقادي ان كل فلسطيني يولد
على ارضنا المحتلة هو مقاوم و جاء بفعل مقاومة و عن رغبة في الصمود و
الاستمرار على هذه الارض املا في تحريرها ، فكل ولد ينجب على هذه الارض هو
مشروع مقاوم و مشروع مقاومة .
تدربت
طبعا كغيري من الفتيان على حمل السلاح لكن كانت هناك مهام توزع علينا من
طرف القيادة العسكرية منها مهام جمع المعلومات ورصد تحركات العدو و غيرها
من الاعمال التكتيكية ، فكانت مهمتي انذاك هي رصد تحركات العدو في احدى
المناطق المحيطة بمدينة جنين و نقلها لقيادتي العسكرية كي تتعامل معها بما
يجب و ترسم الخطط ليتم تنفيذها من طرف الفدائيين .
· هل كنت تقدر مدى خطورة عملك و انت في ذلك السن المبكر و ما الاشياء التي كانت تشغل بالك ؟
كنت
اقوم بعملي عن رغبة و اقتناع و بكل فخر لان تلك اعمال كن يفتخر بها كل
الصغار و الفتيان لانها ترفعهم لمقام الابطال ، لكن بكل صراحة كنت احيانا
تنتابني نوبات من الحزن لفراق اهلي و اسرتي كنت اشتاق اليهم كثيرا خاصة
امي التي كنت اسمع عن اخبارها من حين لاخر عبر بعض رفاق السلاح و المقاومة
و ما كان يثلج صدري و يجعلني ابكي من التاثر و الاعجاب بها هو ردات فعلها
عندما كان يقتحم بيتها الصهاينة وهم يفتشون عني و يتوعدون بقتلي كانت
تستهين بتهديداتهم و ترد عليهم باطلاق الزغاريد في رسالة منها اليهم بانها
تحتسبني شهيدا عند الله
· نعلم انك تناضل في صفوف حركة التحرير الوطني فتح من تذكر من الابطال الذين كانوا رفقتك على خط النار وهم من فصائل و تنطيمات اخرى ؟
كلنا
فلسطين ، هذا هو الشعور و الاحساس و الايمان الذي كان بداخلنا جميعا ، على
خط النار نجد انفسنا كثلة واحدة تغيب عنها التنطيمات و الالوان السياسية ،
امامنا هدف واحد هو مقاومة الاحتلال وعدو واحد هو الاسرائيلي الغاصب
لارضنا ، نتالم و نبكي جميعا لسقوط اي شهيد و نسعد جميعا و نكبر كلما نجح
فدائي او جماعة فدائية بعملية كما لو كنا نحن من قام بها ، فالروح واحدة و
الدم واحد و الوطن واحد و القضية واحدة و العدو واحد و نحن كلنا مستهدفين
منه وهو لا يفرق بيننا جميعا .
فقدت
في تلك المعارك اعز صديقين عندي احدهما استشهد سنة 2002 و الثاني سنة 2005
، لا يمكنني ابدا ان انساهما او انسى الايام و الليالي التي قضيناها معا و
نحن نتقل تحت وابل الرصاص يتهددنا الموت في كل لحظة
و
بعد يوم او ايام احيانا من التحرك هنا و هناك نرجع لمسكننا عندما نجد
السبيل اليه وكان عبارة عن كهف او مغارة في اطراف المدينة نملأ ارجاءها
الموحشة بنبرات اصواتنا الصامدة ، نحكي و نسترجع احداث يومنا او ايامنا
الماضية بكل فخر و بكل عزة و نبدد مشاعر الحزن او الحسرة التي تنتاب اوقات
صمتنا و نحن نتذكر من فارقنا من الاحبة و سبقونا للشهادة او نتذكر الاهل و
الاحباب الذين اضطررنا لفراقهم تلبية لنداء الوطن
· ماهو تقييمك لتلك التجربة و تقييمك للمقاومة عموما الان ؟
كانت
تجربة رائعة بكل المقاييس لما سادها من روح وطنية مخلصة تبددت بداخلها كل
النعرات الفصائلية و سجلت لنا انصع الصفحات في تاريخ المقاومة الفلسطينية
، أما المقاومة الآن فهي مهددة بالخطر هذا ان لم نقل انها في اسوأ احوالها
يكفي هذا الانقسام الدي لحق بصفوفنا و المزايدات المخجلة على رفاة شهدائنا
و ان ايادي من هنا و هناك لوثت نقاء و طهر سلاح مقاومتنا الشريفة
هذا شيء اكثر من مخجل بل وصمة عار ستظل على جبين كل فلسطيني
املي
ان نستعيد وحدتنا و وحدة صفنا في كل المجالات حتى نستطيع ان نحقق حلم
الوطن الحر و نؤسس لدولتنا المنشودة فلسطين و عاصمتها القدس الشريف و نكسر
الحواجز و نفتح كل المعابر للحرية و الاستقلال ليلتقي كل الاهل و الاحبة
فاستعادة الوحدة تعني لنا الكثير ، انها العودة لحضن الاهل و الاحبة ،
انها اكمال مشوار الحياة الطبيعية ككل البشر،فانا محكوم علي بالاقامة
الجبرية في حنين و محيطها ، ملاحق من طرف الاحتلال كما لدي امنية غالية في
ان التحق بصفوف الدراسة من جديد و ليس هناك اي امل في تحقيق هذا الهدف او
العودة لحضن الاهل و الاسرة او الحماية من بطش المعتدو الا بتوحدنا من جديد لنكون يدا واحدة ضد هذا العدو الغاشم .
خلقت اكتاف الرجال لتحمل عليها البنادق ... اما عظماء فوق الارض و اما عظماء تحت التراب
فيا امي لا تبكي علي اذا رحلت في عز شبابي ... فغدا سادفن بين القبور و ساحرض من فيها و اعلنها ثورة تحت التراب ...
نعم بذلك نطق لسان حالنا و ينطق حال شهدائنا ، ان ذكراهم اليوم هي صدى لثورتهم تحت التراب
انها
ثورة البطل الشهيد و رفيق السلاح و المقاومة محمد عبيد ، ابو عبيد ، كانت
بيننا صداقة قوية بل اخوة لا مثيل لها افتقده اليوم كما لم يفتقده احد ،
مازال ماثلا امام عيني وهو يغازل البندقية و يستهين بالموت و يهيم عشقا
للشهادة في سبيل الوطن ، كنت اعتبره قائدي و معلمي و قدوتي في النضال و
كان يرى بي المثل و ان كنت استكثر على نفسي ذلك لدرجة انه اوصى ان اكون
خليفته في القيادة اذاما ارتقى شهيدا ، و بعد ان نالها ظل هو قائدي الخالد
ابو عبيد لم يمت ، ولن يموت سيظل شعلة ثورة تتوهج في قلب كل حر حتى وهو بين القبور ... يحرض من فيها و يعلنها ثورة تحت التراب ...،
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/