المولدات الكهربائية،، وجه جديد للموت في غزة
march,6,2010
غزة،
سامي أبو سالم- إذاعة هولندا العالمية / ما أن يجد المواطنون في غزة
مخرجاًً لأزمة من أزماتهم إلا ويصطدموا في طريق الحل بأزمة جديدة. ففي
محاولة لتجاوز محنة انقطاع التيار الكهربائي لجأ الغزيون على استخدام
المولدات الكهربائية التي تعمل بالبنزين أو بالديزل، لكن يبدوا أن هذا
الحل بات كالمستجير من الرمضاء بالنار، فهذه المولدات باتت تمثل وجها
جديداً من أوجه الموت في غزة.
ففي الآونة الأخيرة تصاعد عدد
الغزيين الذين يلقون مصرعهم جراء الاختناق أو انفجار المولدات في حدث عرضي
أو سوء استخدام هذه المولدات.
في الثاني والعشرين من فبراير/شباط
الماضي لقي 3 اطفال من عائلة واحدة مصرعهم وأصيب خمسة آخرون بسبب انفجار
مولد داخل منزلهم في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة. وقالت مصادر طبية إن
الأطفال ترنيم وبسيم ابو جامع (توأم 8 سنوات) وأختهم تسنيم (14عاماً) لقوا
حتفهم وعُثر على جثثهم متفحمة داخل المطبخ.
وفي يناير/كانون أول
توفي ثلاثة أطفال نتيجة استنشاقهم الغازات المنبعثة من المولد. وقالت
مصادر طبية إن عبيدة برغوث (عامان)، وملك (أربعة أعوام) وخضر (سبعة أعوام)
وهم أخوة توفوا وهم نيام خنقاً في منزلهم بمدينة دير البلح وسط القطاع،
نتيجة استنشاق اول أكسيد الكربون.
لا تقتصر الوفيات على الأطفال،
ففي الثامن من الشهر المنصرم (شباط) توفي الشاب معتز سلام عاشور (18عاماً)
نتيجة انفجار مولد كهربائي داخل المنزل في مدينة خانيونس.
وقال
الدكتور معاوية أبو حسنين، مدير عام الإسعاف والطوارئ في غزة، لإذاعة
هولندا العالمية إن سبعة وخمسين مواطناً توفوا في قطاع غزة جراء حوادث
حريق أو انفجار المولدات منذ أن بدأت أزمة الكهرباء في غزة قبل أربع سنوات.
وبدأت
أزمة الكهرباء بشكل فعلي في غزة بعد أن أسر مقاتلون فلسطينيون جندياً
إسرائيليا أواخر يونيو/حزيران 2006، حيث فرضت اسرائيل حصاراً خانقاً على
القطاع اختزلت فيه أيضاً دخول المواد الحيوية الرئيسة للقطاع على رأسها
الوقود، سيما الوقود الصناعي الذي يلزم لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في
القطاع.
كما شنت آنذاك مقاتلات إسرائيلية عدة غارات جوية استهدفت
فيها محطة التوليد تاركة دماراً هائلاً لا تزال تعاني المحطة من شح في قطع
الغيار والمعدات الضرورية.
وتلقي مشكلة الكهرباء بظلالها على حياة
الفلسطينيين بشكل عام، فتسبب إرباكا لعمل المستشفيات والمخابز والمصانع
المحلية والجامعات إضافة إلى شلل مضخات الصرف الصحي وما الى ذلك من تفاصيل
حياتية يومية.
وقال كنعان عبيد، مسؤول سلطة الطاقة في الحكومة
المقالة بغزة، إن مشكلة شح الطاقة الكهربائية ناتج عن عدة أسباب أهمها شح
الوقود اللازم لتشغيل التوربينات، إضافة إلى توقف أعمال الصيانة التي تلزم
للمحطة بسبب عدم توفر قطع الغيار والكوابل التي تمنع إسرائيل دخولها
للقطاع كجزء من حصارها على القطاع.
وأضاف عبيد في حديثه لإذاعة
هولندا العالمية إن محطة التوليد وهي الوحيدة في القطاع تمتع بقوة إنتاج
140 ميغاوات ينتجها 4 توربينات، إلا أنها تعمل بقوة 30 ميغاوات بسبب تشغيل
توربين واحد فقط، فالمحطة يلزمها 450 ألف لتر يوميا لكن ما يصلها هو 260
ألف فقط.
ويكاد لا يخلو بيت في قطاع غزة من مولد كهربائي، حيث يضطر المواطنون لامتلاكه لقضاء مصالحهم اليومية من دراسة وعمل وعلاج.
وقال
الحاج أبو محمد المجدلاوي، تاجر أدوات كهربائية، إنه على الرغم من تكرار
حوادث التفجير والوفاة والاختناق إلا أن نسبة البيع لم تتأثر سيما وأن
المولد بات من ضروريات الحياة.
وأضاف المجدلاوي "يحتاج المواطنون
للمولدات للإنارة ولطلبة الجامعات والمدارس وهناك مرضى يستخدمون أجهزة
كهربائية للعيش، لا يمكن الاستغناء عن المولد في غزة."
وقال الطالب الجامعي محمد ابو شرخ إن هناك عدة مخاطر تنتج عن استخدام المولد لكن من الصعب الاستغناء عنه لأغراض الدراسة بشكل اساسي.
واضاف
أبو شرخ، "انا طالب جامعي ولي اخوة في المدارس، لا نستطيع ن نستغني عن
المولد لمراجعة دروسنا الجامعية والمدرسية، صحيح أن هناك خطر وهذا يُلزم
الحذر لذلك المسؤول عن تشغيله الكبار فقط وممنوع على الصغار الاقتراب منه."
إلا أن بعض المواطنين يفضلون الاستغناء عن المولد في سبيل تجنب المخاطر التي قد تصيب أطفالهم، مفضلين عتمة الليل على الخطر.
فالمواطن
محمد بركة (35 عاما) والد لطفلين، يقول إنه يرغب في اقتناء مولد كهربائي
لكنه يخشى أن يودي ذلك بحياة أطفاله، مشيراً على إن الخطر لا يكمن في
احتمالية انفجار المولد أو سوء الاستخدام بل أيضاً من الغازات الخطيرة
المنبعثة منه.
وأضاف بركة: "كل يوم نسمع عن انفجارات في البيوت
ومقتل أطفال ونساء، وهلم جرى، كذلك المولدات غير صحية لأن الأطفال
يستنشقون سموم، أُفضّل أن يقضى أطفالي أوقاتهم في الظلام على أن أزودهم
بالإنارة على حساب صحتهم وحياتهم."
وتختلف المولدات في قوتها
وثمنها وفقاً للحاجة؛ تبدأ من أصغرها بقوة 650 واط ويبلغ ثمنه زهاء 150
دولار أمريكي، وهو الأكثر شيوعاً يقتنيه المواطنون لانارة المنازل. وتتدرج
قوة المولد وفقاً لعدد طوابق البيت او حسب الحاجة التجارية للمحلات
والمخابز وما شابه.
ويتم "استيراد (تهريب)" المولدات عبر الأنفاق بين مصر وقطاع غزة ولا تخضع لأي رقابة تقنية أو فحص تقني قبل الاستخدام.
المواطنة
أنعام أبو ندى كادت أن تفارق الحياة هي وابنتها ذات العشرين ربيعاً، ليس
بسبب الحريق بل بسبب استنشاق الغازات السامة المنبعثة من عملية الاحتراق.
وتقول
أنعام لإذاعة هولندا العالمية: "أمضينا في القبو زهاء ساعتين ونصف وشعرنا
بغثيان وانتابتنا حالة من التقيؤ، خرجنا من القبو بصعوبة وتم نقلنا إلى
المستشفى ومكثنا هناك لمدة 3 أيام تحت العلاج والمراقبة."
واشارت
إلى أنها كانت على شفا حفرة من ما وصفه لها الطبيب بـ"الموت المريح"، حيث
يتسلل الغاز يبدأ إلى الجهاز التنفسي بدون رائحة وعندما يتشبع الجسم بهذه
الغازات المنبعثة من المولد يشعر المواطن برغبة في النوم ويكون النوم
الأخير له.
وبعد تكرار حوادث الموت أطلقت مؤسسة (أوكسفام) الدولية
حملة توعية للمواطنين في غزة، تخللها ملصقات وكراسات تحتوي على معلومات
حول الطرق السليمة لاستخدام المولدات وكيفية تجنب المخاطر المحدقة
بالمواطنين جراء الاستخدام الخاطئ.
وقال كارل شكيمبري، مدير
الإعلام في أوكسفام، "نتابع بقلق إزدياد عدد الحوادث في غزة، نتابع انقطاع
التيار الكهربائي الذي يدفع المواطنين لشراء مولدات لكنهم يستخدمونها بشكل
خاطئ معظم الوقت وهذا يؤدي على وقوع حوادث عديدة وضحايا."
وأضاف
شكيمبري لإذاعة هولندا الدولية: "قررنا إطلاق حملة توعية تستهدف الأشخاص
والعائلات لتوعيتهم بالاستخدام الصحيح للمولد، ليقضوا أوقاتاً ينعمون فيها
بلحظات من الكهرباء بشكل آمن."
وتجري
السلطة الفلسطينية اتصالات على المستوى الدولي للضغط على إسرائيل لزيادة
كمية الوقود المخصص لمحطة التوليد وللسماح بادخال المعدات لربط شبكة غزة
مع الشبكة المصرية ومشروع خط الربط مع الجانب الإسرائيلي علي نظام kv 161 بهدف تخفيف معاناة المواطنين.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/