المواتير الكهربائية .. موت وإزعاج يجتاح بيوت الغزيين
ماتور كهربائى |
غزة - أسماء العرقان
اختلفت أشكالها وألوانها وأحجامها، وتفاوتت أسعارها، ولكن مع ذلك أصبح
الناس بأمس الحاجة إليها في الوقت الراهن، نظرا للانقطاع المستمر للتيار
الكهربي نتيجة عدم إدخال السولار الصناعي بكميات وافرة من قبل الاحتلال في
إطار تضييق الخناق على قطاع غزة.
المواتير الكهربائية كانت أملا لدي العديد من الغزيين في التعويض عن
انقطاع الكهرباء وأصبحت ألما لدى الآخرين بعد أن فقدوا أحبتهم بسببها.
ميلاد حاورت عددا من المواطنين لتقف على المخاطر والأزمات التي سببتها المواتير وكان لها التقرير التالي:
أنا رجل عجوز..
الحاج أبو خضر صبيح رجل كبير في السن يعاني بشدة من المواتير قال "
المواتير الكهربائية إزعاج كبير لأمثالنا فنحن نتعب من أصوات أحفادنا فما
بالكم بأصوات المواتير التي تشبه هدير الطائرات " ، مضيفا "أنا رجل عجوز
وأعاني من أزمة صدرية تزداد من رائحة الماتور التي أشعر معها وكأنني سأفقد
الحياة ".
وتابع " الشعب الفلسطيني شعب يحاول أن يتحدى الصعاب ولكن عليه أن يراعي
ظروف غيره فهناك أوقات يمكن أن يستغني فيها عن الماتور ويتوقف عن إزعاج من
حوله ".
لا تؤاخذونا..
من جانبه قال نزار أبو الشامات الذي يمتلك سوبر ماركت في منطقة جباليا "
في الحقيقة نحن لا نستطيع أن نستغني عن الماتور لوجود الثلاجة التي نحفظ
فيها بضاعتنا ولولاه لخسرنا الكثير ولا أحد يقبل لنا بالخسارة ".
وأضاف " نحن لا نستعمله في كل الاوقات ولكن عند الضرورة لأن حجمه كبير
وصوته مزعج جدا "، مضيفا " الضرورات تبيح المحظورات ونحن أن كنا نسبب
ازعاجا لمن هم حولنا فلا يؤاخذونا فالسوبر ماركت من الضرورات التي نحتاج
فيها للمواتير بشدة ولا يمكننا ايقافه الا في اوقات محددة".
يستعمل للضرورة..
على صعيد آخر قالت أمينة حمتو وهي أم وربة منزل "نتيجة انقطاع التيار
الكهربي باستمرار أصبح الناس بأمس الحاجة الى المواتير الكهربائية التى
تعوضهم عن الكهرباء التي لم نعد نراها الا كل حين وحين " مضيفة" أولادي
الاربع مسائي وغالب الاوقات تكون الكهرباء قاطعة عند عودتهم من المدرسة
لذلك إضطر زوجي لشراء ماتور صغير الحجم من أجل ذلك" .
وتابعت " يجب أن نوفر لأبنائنا كل سبل الراحة حتى لا يشعروا أننا مقصرين في حقهم والحمد لله نحن نجني ثمار ذلك لتفوقهم في المدارس".
وأشارت حمتو إلى أنها لا تلجأ الى استعمال الماتور الا في حالة الضرورة لأنها تسكن في عمارة وتخاف من ازعاج جيرانها بصوته" .
سلامة أطفالى أولى..
من ناحية أخرى قالت نوال العمريطي " لا أنكر أن المواتير الكهربائية بجانب
محاسنها لديها الكثير من المخاطر التي تعرضت لها مع أطفالي وزوجي" ،
موضحة" كنت في احدي الليالي أجلس مع عائلتي نشاهد التلفاز ولم أتنبه إلا
ودخان كثيف بدأ يتسرب الى الغرفة وبدأ أطفالي بالسعال فقام زوجي ليرى ما
يحدث ووجد أن الماتور قد اشتعلت فيه نار خفيفة ولولا ستر الله لتحولت إلى
كارثة " .
وأشارت العمريطي إلى أنها منذ تلك الليلة لم تفكر أبدا في افناع زوجها
بجلب ماتور للبيت كما فعلت المرة الاولى ، منوهة إلى أنها تفضل البقاء على
ضوء الشموع لضمان سلامتها وسلامة أطفالها .
الشمعة لا تكفي ..
أما الطالبة الجامعية نور مهدي قالت" طلبت من والدي أن يشتري لنا ماتور
وألححت عليه في طلبي لأنني على وشك التخرج وانقطاع التيار الكهربي
باستمرار يحول دون مواصلة عملي " ، مضيفة " الشمعة وحدها لا تكفي ولا تفي
بالغرض فأنا أدرس هندسة كمبيوتر ولا أعتقد أن الشمعة ستشغل لي الكمبيوتر
لأنجز ما بدأت " .
وأشارت إلى أن الوضع في القطاع لم يعد يطاق فلا كهرباء ولا فرص عمل متوفرة وهذا كله يبقي حائلا أما امكانية تقدمه.
احصائيات ومناشدات..
هذا وقد سجل الواقع الاليم لقطاع غزة عدد من المآسي التي ستبقى محفورة في
أذهان الملايين نتيجة انقطاع التيار الكهربي واستبدالها بالمواتير
الكهربائية الصغيرة والتي كان آخرها مأساة عائلة برغوث التي راح ضحيتها
ثلاثة أطفال في عمر الزهور ماتوا اختناقا من رائحة دخانه القاسية .
وفي تصريحات وردت على لسان معاوية حسنين مدير الإسعاف والطوارئ في وزارة
الصحة قال" وصل إجمالي عدد الضحايا بسبب الحرائق خلال العام الماضي إلى25
قتيلا، و113 جريحا، 47 حالة منهم حروقهم شديدة " ،مشيرا إلى أن الأيام
القادمة ستشهد مزيدا من الحوادث المؤلمة إذا استمر الوضع على ما هو عليه .
وناشد حسنين أهالي القطاع بأخذ كل أساليب الحيطة والحذر في تعاملاتهم مع
المولدات، داعيا لعدم وضعها في المنازل أثناء تشغيلها وإبقائها خارج
المنزل.