"الخادمات" بغزة- مهنة تكسر حاجز الخجل بحثا عن لقمة العيش
صورة توضيحية
غزة- تقرير معا- بحثا عن لقمة العيش، طرقت غزيّات أبواب العائلات ذات الطبقة العالية ليجدن أنفسهن "خادمات" يعملن في البيوت بعد أن كانت هذه المهنة قاصرة على الأجنبيات فقط، دون أن ينقص ذلك من كرامتهن، اقتناعا منهن أن المال الحلال مهما كانت وسائله أفضل من الحرام الذي لا يشبع ولا يغني من جوع.
ظروفهن الاقتصادية الصعبة دفعتهن لكسر حاجز الخجل والخوف من كلام الناس، بحثا عن مخرج للخروج من مستنقع الفقر والعوز بدل أن يفترشن الطرقات والتسول، لأنهن إن لم يعملن ليطعمن أطفالهن فلن يفعل ذلك احد، "معا" التقت عددا منهن وتحدثت معهن عن مهنة العمل في البيوت وآثارها عليهن.
ماجدة (42 عاما) تعمل في خدمة البيوت منذ حوالي ثماني سنوات لتؤمِّن لأولادها الثلاثة لقمة العيش، بعد أن خسر زوجها عمله في إسرائيل واضطرتها الظروف للخروج من بيت العائلة إلى استئجار بيت، الأمر الذي زاد من معاناتها.
وعن بداية عملها في البيوت قالت ماجدة لـ"معا": "لم يتقبل المجتمع في البداية فكرة عملي كخادمة في البيوت من منطلق كيف أن سيدة تعمل في البيوت وزوجها عاطل عن العمل ولكن الآن أصبحت الأمور عادية"، منوهة إلى أنها هي نفسها لم تتقبل الفكرة في البداية وكانت صعبة عليها ولكن الظروف كانت أقوى منها.
ماجدة كانت تعمل بالخياطة ولكن سوء الأحوال الاقتصادية في غزة وضعف الإقبال عليها، اضطرها للعمل كخادمة، بدأتها ضمن مشروع لجمعية المرأة العاملة التي كانت توفر لعدد منهن العمل ضمن برامج تشغيل النساء.
وأوضحت ماجدة أن عائلتها لم تتقبل الفكرة في البداية وطلبت منها أن تتخلى عن أطفالها وتتركهم لوالدهم، ولكنها تصدت لهم رغم تخلي زوجها عنها وسفره إلى مصر ليتركها وحيدة مع ثلاثة أطفال بلا دخل ودون عائلة تحتضنهم مؤكدة أن شقيقها الأكبر لا يزال حتى اليوم يرفض أن يتحدث إليها بسبب مهنتها.
وعن معاملة الناس الذين تعمل لديهم أكدت أنها معاملة حسنة جدا، وأنها في اغلب الأحيان معاملة أفضل من معاملة ناس عملت لديهم في مهنة أخرى قائلة: "لا يعاملونني كخدامة وإنما كفرد من العائلة "، مشددة أن الصدق والأمانة أساسي في هذه المهنة التي قد تطيل من مدة العمل لدى الناس والتي وصلت لدى ماجدة إلى سبع سنوات.
"إرضى بالقليل ربنا بيطرح البركة" قناعة تجعلها لا تشترط أجرة مقابل عملها، وتترك الخيار للذين تعمل لديهم ليقدروا تعبها وما تستحق.
هذه المهنة التي إضطرت حديثا نساء من غزة للعمل بها، ازدهرت مع قدوم السلطة الفلسطينية في العام 1994 وكانت مقتصرة فقط على الاجنبات فكانت لها مكاتب خاصة تعمل من خلالها، ومع انتفاضة الأقصى وعودتهن إلى بلادهم وبعد أن منع الاحتلال الإسرائيلي العمال من العمل في الداخل بدأت هذه المهنة تتسرب تدريجيا إلى البيوت المعوزة والتي لم تجد بديلا عنها.
"رنا" (22 عاما) واحدة من تلك الخادمات التي اقتصرت مهنتها لدى عائلات السلطة وأصبحت المفضلة لديهم، بعد ان أخذت كل عائلة تدل عليها لعائلة أخرى.
"رنا" التي تعمل في خدمة البيوت منذ أن كان عمرها 12 سنة لا تحب أن يعلم أحد بطبيعة مهنتها، وأنها لا تخجل من العمل في البيوت لأنها تحتاج "المادة"، مشددة أن المجتمع لا يرحم ولا يفهم معنى العوز.
اضطرتها ظروفها لتعمل كخادمة لتعيل أسرتين بعد أن أصبح إخوتها وزوجها عاطلين عن العمل، وقالت: "اضطرتني الظروف للعمل لدى الناس في بيوتها لان أهلي محتاجين وزوجي مريض معه أزمة في صدره ولا يقوى على العمل".
حاليا "رنا" لا تعمل بعد أن سافرت معظم العائلات التي كانت تعمل لديها، تنتظر من يدل عليها مضيفة: "احتجت للعمل واضطررت إليه واحتجت القرش وانتظر من يدل عليّ بعد أن أصبحت بلا عمل لان معظم العائلات التي كنت اعمل لديها سافرت".
ما كانت تحصل عليه "رنا" من خدمة البيوت كان يكفيها فقط لتوفير احتياجات طفلتها الصغيرة ذات السنة، أما اليوم فهي تنتظر فرجا قريبا.
هذه المهنة تكسب العاملات فيها أجرا يوميا قيمته ما بين 50 إلى 60 شيقلا قد يكون هذا المبلغ وضيعا بالنسبة لبعض الناس، ولكنه بالنسبة لهذه الشريحة مصدر رزق يغني من جوع ويمنع عنهن شفقة الناس حيث تلجا الكثير من العائلات الى استئجار الخادمة ليوم واحد أو اثنين في الاسبوع.
أما "أسماء" فقد كلفتها مهنة البيوت غاليا بعد أن أنجبت طفلا من بين ستة أطفال يعاني من أزمة قلبية وشلل دماغي ناتج عن استخدامها لمواد كيميائية "ماء نار" أثناء التنظيف بعد أن دخلت شهرها الثالث دون أن تعلم أنها حامل.
وقالت في حديثها: "لو أن الأوضاع ليست صعبة لا أبحث عن العمل لدى بيوت، زوجي مريض نفسيا لا يعمل ووضعنا سيئ جدا ومنذ ثلاثة شهور لم نأخذ شيئا من الشؤون الاجتماعية"، مبينة أنها اضطرت للعمل كخادمة في البيوت حتى تأتي لأطفالها الذين يعانون من سوء التغذية بلقمة عيش تسد جوعهم.
اليوم "أسماء" توقفت عن العمل في البيوت لأنها تعاني من أزمة في صدرها وتخاف أن تعمل عند عائلات لا تعرفها، مشددة أن السمعة والكرامة إذا جرحت فلن ينفعها احد.
واختتمت حديثها: "أنا دورت طريق الخادمات لكن قد يكون هناك أخريات يحتجن قد يبحثن عن أشياء تؤدي للانحراف".
وسواء كانت هذه المهنة نقمة أم نعمة على أصحابها فهي أفضل وانسب المهن لنساء وجدن أنفسهن يعملن بدل أزواجهن وأصبحن هن المعيلات فبين رافض لهذه المهنة ومؤيد لها تبقى العائلات الفقيرة هي الضحية.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/