غزة : القتل بصمت بارد
كتب
حسن عصفور / منذ أن رفضت اسرائيل ما أرادته حماس من طلبات محددة ضمن :
الصفقة المنتظرة – شاليط' والتقديرات تشير الى أن تل أبيب ستعمل على توجيه
رسائلها الى قيادة حماس وكادرها في قطاع غزة ، رسائل ليست بلاغية ولا
شعارات جوفاء ولا كلام عبر ناطق ملثم لا يعرف ماذا يقول ، بل هي رسائل عبر
القتل الصريح ...
وخلال
الساعات القليلة الماضية قتلت اسرائيل ما يزيد على 6 فلسطينين ، الى جانب
قصف وتوغلات هنا وهناك وفقا لنوع الرسالة ، ترافقت مع حملة مناشير لسكان
المناطق الحدودية في قطاع غزة ، تهددهم بوضوح بين بما هو قادم ، فاسرائيل
التي باتت تدرك أن حماس لن تقوم بأي 'مغامرة عسكرية' ضدها لألف سبب وسبب ،
اقلها أن ' السلطة ' تستحق ' العقلانية' ، ولذا لم تجد حماس سوى الرد
التاريخي على سلوك اسرائيل الدموي بأن ذلك تعبير عن أزمة وفشل في مواجهة '
المقاومة' ، كلام لا يحترم عقل البشر ، لكنه كلام والسلام ...
وخلال
ما تقوم به اسرائيل من قتل وترهيب ، فسكان القطاع لا يأبهون لما يقوله من
فقد الاحساس تجاه أهله وشعبه ، لذا يتصرفون هم دون طلب إذن من قوات حماد
الأمنية – العسكرية ، يفكرون بطريقتهم التي صقلتها تجارب ' الغدر
الاسرائيلي' خاصة ما كان جراء حرب غزة الأخيرة ، والتي لازال الوف يعيشون
' خيم الانتصار الرباني' ، ما يرد من سكان القطاع أنهم يتحسسون ' خطر
الغدر المزدوج ' غدرعدو واضح صريح ، وغدر متشدق بكلام مقيت ، تحضيرات
المواطن لا تنتظر ' عدم ممانعة ' من أمن بات يفرض ارهابا بطرق تمائل
الاسرائيلي ..
ووسط
ترقب المنتظر من عدو معروف ، ما يفترض انتباها جادا وسلوكا غير السلوك
القائم ، وبحثا عن ما يريح ' الداخل الغزي' نسبيا استعدادا لكل طارئ ،
بفتح خط مباشر مع القوى الوطنية الفلسطينية لدراسة ما يمكن أن يكون ،
والتفكير العملي بأن باب المصالحة لم يغلق بعد ، وأن القاهرة لم تبن '
جدارا في وجه المصالحة' ، وبدلا من ذلك تقوم حماس بما يثير علامات استفهام
كبيرة وكبيرة جدا ..
فهي
الصامتة بالمطلق عن القتل اليومي الاسرائيلي ، بل وتلاحق من يصاب بحرارة
تدفعه لاطلاق 'قذيفة' لن تحدث أثرا كبيرا ، تحافظ على هدوء غير مسبوق مع
اسرائيل قولا وفعلا ، لكنها وبلا تفكير وبذات السذاجة السياسية لمن لا
يدرك ' معادلة الفعل الوطني' فتحت ' جبهة مواجهة جديدة' مع مصر سقط أثرها
مصريا قتيلا ، وحدث المشهد ' الانتفاضي' على الحدود والذي انفض خلال ثوان
عندما قرر أمن حماس أن ينفض .. مشهد الأطفال والشباب وهم يهربون سريعا مع
وصول سيارة أمن لحماس بذاتها كانت رسالة أبلغ كثيرا من التحليل ..مئات
يرمون المصري بحجارة لم يرهبهم 'سلاح المصري' لكنه يدرك مسبقا أن القتل لن
يأت من هناك ، لكنه هرب فزعا جدا فقط مع رؤيته لسيارة أمن حمساوية قادمة ، مع أن الأمر صادر من حماس أيضا بما يفعلون .. لكن الرعب الكامن داخلهم من هذه ' الفئة' دفعهم للهروب الفوري ..
حماقة
' الصدام ' مع مصر في وقت ما تقوم به اسرائيل لا يمكن أن يكون ' سذاجة'
فحسب ، بل حسابه مدفوع الثمن مسبقا ، ماذا ستربح حماس من' مواجهة' كالتي
حصلت سياسية أو اعلامية أو ' انتفاضية' ، تخيلوا لو أن مرافقا لخالد مشعل
أطلق نارا بالخطأ في شارع أحد عواصم الترحاب به وقتل مواطنا منها ..
تخيلوا فقط ما سيكون ..
ولكن
، ولكي لا يبقى الوطن أسيرا لسذاجة أو تواطئ مع هذا وذاك ، لا بد من القوى
الوطنية في قطاع غزة ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات المستقلة أن تذهب
بوفد سياسي وشعبي لمصر ليست معتذرة عما فعل السذج ، بل لرسم رؤية للتعامل
مع قطاع غزة بعيداعن حماس ، نعم يجب الخروج من التقليدي القائم ، فقطاع
غزة بات محتاجا فعل غير تقليدي ، لا بد الفصل بين سكان قطاع غزة وبين
خاطفيهم .. هناك عشرات السبل لذلك ، لو كان رغبة لبحثها .. رسالة دم
الشهيد المصري يجب أن توقظ التفكير الايجابي لملاحقة ' القتلة' بطريقة
ايجابية .. لتفعل القوى والفصائل بالتنسيق مع الشرعية المصرية فعلا 'يحاصر
الخاطف' بدلا من سياسة 'حصار المخطوف' الى أن يعود الى رشد إن بقي لديه
رشد .. غزة تقتل بصمت بارد آن أوان وقفه ..
ملاحظة: قديما استخدم الاعلام العربي والعالمي ' تل ابيب' تعبيرا عن كونها عاصمة
لاسرائيل ، الآن وبصمت يردد الجميع تقريبا ' القدس' بديلا رغم التشدق برفض
القدس عاصمة لاسرائيل .. شوية يقظة فقط..
تنويه خاص: تمني أن يكون حضور الوزراء والقادة السياسين الجمعة القادم متصادما مع
جيش الاحتلال وغازه خارج محيط ' نعلين' وبلعين' .. الصورة صارت مش حلوة ..
hasfour@amad.ps