حماس في ضياع
كتب طارق الحميد : ما أن صرح الرئيس الفلسطيني بأن حماس تتفاوض سراً مع
إسرائيل حول إقامة دولة فلسطينية مؤقتة حتى تصدى له محمود الزهار عضو
المكتب السياسي لحماس بردح تعودناه منه، كيف لا وهو الذي سبق له أن صرح
بعد أن أعلن محمود عباس عن عدم اعتزامه ترشيح نفسه للرئاسة قائلا «إذا ذهب
عباس لن يأسف عليه أحد». الزهار رد على تصريحات أبو مازن بالقول إن عباس
يريد أن يساوي بين فتح وحماس، ونافياً التفاوض بين حماس وإسرائيل.
وفي
الوقت الذي رد فيه الزهار على عباس صرح فتحي حماد وزير الداخلية في حكومة
حماس المقالة بغزة بأن حكومته توصلت إلى اتفاق مع الفصائل الفلسطينية يقضي
بالتوقف عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل قائلا إنه «تم التوافق مع الفصائل
الفلسطينية ألا يقوم أحد في هذه الفترة بأي عمل من أعمال المقاومة في إطار
ضرب الصواريخ».
والسؤال
هنا، إذا كانت حماس لا تفاوض، ولا تقاوم إسرائيل، كما أنها لا تريد
المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية، فما الذي تريده حماس، بل وما هي خطتها؟
كيف ستستطيع حماس تحرير الأراضي الفلسطينية، أو الوصول إلى الدولة الحلم،
وكيف يمكن لحماس أن تحسن ظروف الحياة المتردية في قطاع غزة؟
فمن
يريد تعاطي السياسة عليه أن يرتب أوراق البيت الداخلي، أي المصالحة
الفلسطينية ـ الفلسطينية، كما أن عليه أن يفاوض، ويقاوم، وكل ذلك يتم
بعملية محسوبة، وليست عشوائية، وذلك لخدمة القضية ومصالحها، وليس لخدمة
أهداف خارجية، أو القيام بمغامرات عبر صواريخ تنكية لا جدوى منها إلا
تعميق معاناة أهل غزة، خصوصاً أنه قد أطلق من غزة 12000 صاروخ منذ سنة
2001 على إسرائيل قتل من جرائها 20 إسرائيلياً فقط، بينما ما زلنا نعد حتى
اليوم عدد ضحايا أهل غزة، ناهيك عن المعاناة اليومية لأهل القطاع.
تصريحات
الزهار، ووزير داخلية الحركة، دليل على ضياع تشهده حماس في غزة.. ضياع
سببه أن كل ما تريده حماس هو الحفاظ على إمارتها ولو على حساب القضية،
ومعاناة الفلسطينيين، وإلا ما هي الحلول التي تملكها حماس، ولماذا تقاوم،
ولماذا تصعِّد، أم أن الهدف هو خدمة أجندات خارجية؟
فإذا
كان واضحاً لنا لماذا يهادن حزب الله اليوم في لبنان، حيث أن هدفه الأكبر
هو خدمة إيران، وبالتالي يميل إلى التهدئة اليوم بانتظار الاستحقاق
الإيراني الدولي حول الملف النووي، حيث قد تحتاجه طهران في حرب قادمة، فما
الذي تريده حماس اليوم؟هل
تسير الحركة الإخوانية في التهدئة اليوم لتكون جبهة جاهزة للتحرك في حال
ما خاضت إيران مواجهة مسلحة مع إسرائيل والغرب، مثلها مثل حزب الله؟ وإذا
كان الأمر غير ذلك فلا يوجد إلا تفسير واحد وهو أن حماس في ضياع كبير،
فعندما فاوضت السلطة وهادنت، بدأنا نرى بناءً، وتقدماً يومياً في الضفة
الغربية، وتحسناً ملحوظاً في حياة الناس هناك، وذلك عكس ما يحدث في غزة
اليوم، التي تعاني من تخبط حماس.
رئيس تحرير ' الشرق الأوسط'
tariq@asharqalawsat.com