[size=12]وحشية تسيبي ليفني ..وثقافة القتل والموت
[size=12]ابراهيم علاء الدين
بكل صفاقة ووقاحة وعنجهية، وبدم بارد ونبرة تنضح بالتعالي والغرور، قالت تسيبي ليفني وزيرة خارجية العدو الصهيوني " انا من يقرر وقف اطلاق النار وليس أي جهة اخرى" واضافت والى جانبها وزير خارجية ألمانيا خلال مؤتمر صحفي مخاطبة وزراء خارجية عشرة دول عربية قالت انهم "انتقلوا للاقامة في نيويورك ان قرار مجلس الامن لا يهمني .. ما يهمني هو تحقيق الأهداف الاسرائيلية .. وانه لا جدولا زمنيا لوقف اطلاق النار في قطاع غزة، وان الحرب الجارية هناك لن تسفر بأي شكل من الأشكال عن توقيع اتفاق هدنة أو تهدئة أو سلام مع حركة حماس".
هكذا بأوضح ما تكون العبارات، منطلقة من صلف وجبروت القوة، مدعومة بأحدث آلة عسكرية ، واكبر قوة نارية تدميرية في الشرق الاوسط، ووحدة وتماسك داخلي بين جميع القوى والتيارات والاتجاهات السياسية، بادارة حكومة مركزية موحدة، تحظى بدعم عالمي رسمي، في حرب تدعي انها ضد الارهاب الاصولي.
وعندما تتحدث ليفني بهذه الوقاحة دون أدنى اعتبار للجوانب الانسانية الناتجة عن عمليات القتل الوحشي التي يقوم بها جيشها ضد المدنيين العزل في مدن ومخيمات وقرى قطاع غزة، ولا تبدي وزيرة خارجية العدو والمرشحة لمنصب رئيس الوزراء أي نوع من العاطفة الانسانية او الرحمة تجاه الضحايا الأبرياء الذين يسقطون بنيران طائراتها ودباباتها وبوارجها الحربية، وكأنها قد انتزع من قلبها كل ما يمت للبشر من صفات انسانية. بل بدت كأنها وحش كاسر لا قلب له على الاطلاق.
وهذه الصورة المتوحشة التي ظهرت عليها وزير الخارجية الصهيونية ، لا تثير الدهشة في الواقع، طالما ان المغالاة في تمجيد القتل والموت في المخزون الثقافي عند أتباع الديانات اليهودية والاسلامية هي التي تمنح الانسان رصيده القيادي الاجتماعي والسياسي، مما يجعلنا نفهم تماما ان هذه النبرة الحادة في تصريحات ليفني ماهي الا مجرد اعلانات انتخابية موجهة للداخل الاسرائيلي يعزز مواقعها ويرفع من شعبيتها في معركتها الانتخابية.
ويشاركها في هذه المواقف الحادة المتصلبة كافة الطموحين للانتصار في الانتخابات المقبلة، مما حول ساحة الدم المتسعة في قطاع غزة الى ملعب يتنافس فيه قادة العدو الصهيوني على القتل باعتباره ممرا للزعامة، وزيادة رصيد كل منهم بقدر دوره في المذبحة الدموية التي يشهدها كل منزل ومسجد ومؤسسة وشارع وحارة في قطاع غزة.
وأيضا وبالرغم من الوقاحة والصلف الذي تبديه هذه السيدة فان ذلك لا يثير الدهشة ولا يوجد فيه أي نوع من المفاجأة، عندما يكون خصمها او بالأحرى خصومها مجموعات متفرقة منقسمة متصارعة متقاتلة، كل منها يدعي الشرعية والقيادة والزعامة، وانه هو صاحب القرار الأول والأخير، مسلحا بأسلحة بدائية، وعقليات بدائية، وخطط عشوائية، وخطابات نارية، وتحديا لفظيا.
فعندما تتحدث ليفني بهذا الصلف والغرور والوحشية، فانها تدرك ان قواتها تحاصر غزة اكبر مدن القطاع، ورمز الصمود والتحدي والتصدي، وان قادة جيشها استدعوا المزيد من القوات استعدادا لاقتحام المدينة، وان مدن القطاع أصبحت جزرا معزولة مقطعة الأوصال. فيما من يواجهها لا يملك الا خطابات عنترية، ووعودا واهية وآمالا كاذبة، بل والأدهى من ذلك انه يتحدى العدو وينذره بزلزلة الأرض من تحت أقدامه. لا نصير له ولا معين حتى من حكومات الدول الأفاقة التي تدعي الممانعة والصمود، ولم تزد نصرة اخوانهم من جماعات الاخوان المسلمين وباقي التيارات الاسلامية عن التضامن اللفظي على شكل تظاهرات ومهرجانات وخطب ومقالات صحفية رنانة، ومحللين سياسيين وعسكريين استأجرتهم بعض القنوات الفضائية ليدغدغوا عواطف الجماهير ومشاعرها الوطنية او الدينية.
ان المشهد السيريالي واضح الى حد الفضيحة، معسكر مسلح حتى أسنانه بكل عناصر ومقومات القوة، يقابله معسكرا مهلهلا ممزقا ضعيفا، يتقاتل أطرافه على الزعامة والقيادة، وأين يعقد مؤتمر القمة في الدوحة ام في القاهرة، والحرب دائرة بين دمشق وطهران من جهة ومعهما حزب الله والقوى القومية التابعة لهما، في مواجهة القاهرة والرياض وعمان والسلطة الوطنية الفلسطينية.
معسكر العدو يعرف ماذا يريد بالضبط وأهدافه محددة، عبرت عنها ليفني بقولها "انها حرب تهدف الى تعزيز صوت السلام في اوساط الشعبين واسكات صوت الارهاب" والعبارات واضحة لا تحتاج الى تفسير، فيما أهداف المعسكر المقابل (معسكر المقاومة والممانعة والصمود) في حدها الاعلى كما عرضها السيد خالد مشعل هي ذاتها المعلنة قبل الحرب رفع الحصار وفتح معبر رفح، وأضيف اليها مطالب وقف العدوان وانسحاب الجيش الاسرائيلي من المناطق التي احتلها خلال حربه الحالية، أي العودة الى حدود ما قبل السابع والعشرين من ديسمبر.
هذه الصورة الواقعية التي تكشف عن وحشية ليفني، فعندما لا تجد من يردعها ولا تجد من يوقفها، او يخرسها، فلماذا لا تبجح كما تريد.؟، وتخاطب وزراء خارجية الدول العربية الذين انتقلوا للعيش في مبنى الامم المتحدة بازدراء وعدم احترام.؟، ولا تعير جهودهم أي اعتبار.؟، وترد عليهم بقولها "انا من يقرر وقف اطلاق النار".
الحروب يا سادة لا انسانية فيها ولا رحمة، ولا شفقة، ولا عواطف، الحروب هي ميدانا للقتل والموت والدمار، الحروب هي المجال الذي تبرز فيها الدول كل قوتها وجبروتها كي تهزم اعدائها، الحروب هي الاداة التي بواستطها تفرض دول ارادتها على دول اخرى، الحروب هي ساحات الوغي التي يقتل فيها البشر والشجر ويدمر الحجر، الحروب هي مسرح للجرائم بكل انواعها وليس فقط استخدام الاسلحة المحرمة دوليا او انسانيا، الحروب هي صراع ارادات بين البشر، القوة هي العامل الحاسم في تحديد نتائجها ومصائرها.
نتمنى ان يكون المقاومون في غزة لديهم ادراك بشروط الحرب ، وان لديهم المقدرة على الرد على وحشية ليفني وجيشها، ولديهم القدرة على حماية السكان الابرياء العزل، ولديهم رؤية صحيحة لأهمية وحدة الوطن والشعب وقواه السياسية، ولديهم رؤية واضحة لأهمية التحالف وحشد القوى الحليفة، ولديهم رؤية للواقع السياسي المحلي والاقليمي والدولي.
واخيرا نتمنى ان يكون لدى المقاومين وانصارهم ومؤيديهم ادراك حقيقي وعميق بان الارادة وحدها لا تصنع الانتصار، وان الموت وحده لا يهزم العدو، وان يدركوا ان هزيمة ليفني وباراك واولمرت ونتنياهو وهزيمة العقيدة المتوحشة للعدو الصهيوني لا يمكن ان تتحقق الا بوحدة وطنية شاملة، وبمركزية القرار السياسي، ومركزية القرار العسكري، وتناسق بين الاهداف الذاتية وأهداف الحلفاء والاصدقاء. وايضا بنبذ ثقافة الموت المجاني، وان التوصل الى حلول للمشاكل مهما كانت عصية يمكن ان يتم دون اللجوء للعنف.
ابراهيم علاء الدين
alaeddinibrahim@yahoo.com
[/size][/size]
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/