رضا البطاوى المشرف المميز
عدد الرسائل : 4272 العمل/الترفيه : معلم نقاط : 19112 الشهرة : 3 تاريخ التسجيل : 07/03/2011
| موضوع: قراءة في كتاب تفسير سورة التكاثر الثلاثاء 17 سبتمبر - 12:03 | |
| قراءة في كتاب تفسير سورة التكاثر الكتاب من تأليف هلال بن صالح بن سيف الهاشمي وفى مستهل الكتاب تحدث عن ارتباط سورة البقرة بسورة التكاثر فقال : "كلمة في سورة التكاثر ومحورها: بعد مقدمة سورة البقرة يأتي قوله تعالى: "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون " فالآيتان أمرنا بعبادة الله معللتان لذلك بأنه الخالق المنعم, ولمن كم من الناس يستجيبون لهذا الأمر؟ لا شك أن القليل هم المستجيبون, بدليل قوله تعالى: } وقليل من عبادي الشكور { وحتى هذا القليل تلهيه الدنيا عن القيام بالشكر حق الشكر, وقد جاءت سورة التكاثر لتحدثنا عن انشغال الكثير من الخلق بالدنيا, ولم تحدد السورة هذا الانشغال عن ماذا. بل حددت بماذا، والسياق يعرفنا عن ماذا كان الانشغال ومحور السورة يحدده كذلك, وهو الانشغال عن عبادة الله تعالى وتقواه, وهذا أول مظهر من مظاهر صلة سورة التكاثر بمحورها. وتنتهي سورة التكاثر بقوله تعالى "ثم لتسألن يومئذ عن النعيم" وقد رأينا أن آيتي المحور حثتنا عن نعم الله علينا وطالبتنا بناء على ذلك بالعبادة والتقوى والتوحيد, ولكن كثيرين لا يفعلون ذلك فهم يتنعمون ولا يشكرون, ومن ثم أنذرت سورة التكاثر بأن السؤال عن النعيم كائن, وهذا كذلك من مظاهر صلة سورة التكاثر بحورها من سورة البقرة. وكما أن للسورة صلتها الواضحة بمحورها فلها صلتها الواضحة بما قبلها, فسورة القارعة انتهت بقوله تعالى " وما أدراك ما هيه " نار حامية{11}" وسورة التكاثر بدأت بقوله تعالى " ألهاكم التكاثر " فلو قدرنا أن ألهاكم ألهانا عن العمل المنجي من النار لرأينا أن الصلة كاملة بين السورتين, ومن تأمل السورة وتأمل سورة القارعة فإنه يجد أكثر من وشيحة تربط بين السورتين." قطعا انشغل البعض بحكاية ارتباط السور ببعضها وهى حكاية لا فائدة منها لأحد وإنما هو كلام زائد لا يفيد القارىء فمثلا ما ذكره من أمر عبادة الله في سورة البقرة مذكور في سبعة عشر موضعها في المصحف في ثمانى سور بصيغة اعبدوا الله واعبدوا ربكم ولو تتبعنا خلق آيات الكوت لوجدنا في مئات المواضع في عشرات السور وكذلك الكلام عن جهنم أى النار سنجده في مئات المواضع في معظم السور وهذا معناه أن الارتباط موجود بين كل الآيات وكل السور ولا فائدة من ذكره وتحدث عن اسماء السورة وترتيبها فقال : "تسميتها وترتيبها قال الألوسي أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمونها “المقبرة”اهـ. وذكر صاحب تفسير التحرير والتنوير أنها سميت في معظم المصاحف ومعظم التفاسير “سورة التكاثر” وكذلك عنونها الترمذي في جامعه وهي كذلك معنونة في بعض المصاحف العتيقة بالقيروان. وسميت في بعض المصاحف “سورة ألهاكم” وكذلك ترجمها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه. وهي مكية عند الجمهور قال ابن عطية: هي مكية لا أعلم فيها خلافا. وعن ابن عباس والكلبي ومقاتل: أنها نزلت في مفاخرة جرت بين بني عبد مناف وبني سهم في الإسلام كما يأتي قريبا وكانوا من بطون قريش بمكة ولأن قبور أسلافهم بمكة. وفي الإتقان المختار أنها مدنية, قال: ويدل له ما أخرجه ابن أبي حاكم أنها نزلت في قبيلتين من الأنصار تفاخروا وما أخرجه البخاري عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان ولن يملأ فاه إلا التراب ويتوب الله على من تاب” قال أبي: كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت } ألهاكم التكاثر {إنما نزلت بعد أن كانوا يعدون “لو أن لابن آدم واديا من ذهب الخ من القرآن” وليس في كلام أبي دليل ناهض إذ يجوز أن يريد بضمير “كنا” المسلمين, أي كان من سبق منهم يعد ذلك من القرآن حتى نزلت سورة التكاثر وبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن ما كانوا يقولونه ليس بقرآن." وبعد أن استعرض خلافات الفقهاء والمفسرين في تسمية السورة ومكان نزولها وسبب نزولها اختار كونها مكية وسبب نزولها مكى فقال : "والذي يظهر من معاني السورة وغلظة وعيدها أنها مكية وأن المخاطب فريق من المشركين لأن ما ذكر فيها لا يليق بالمسلمين أيامئذ. وسميت نزولها فيما قاله الواحدي والبغوي عن مقاتل والكلبي والقرطبي عنهما وعن ابن عباس: أن بني عبد مناف وبني سهم من قريش تفاخروا فتعادوا السادة والأشراف من أيهم أكثر عددا فكثر بنو عبد مناف وبني سهم, ثم قالوا نعد موتانا حتى زاروا القبور فعدوا القبور فكثرهم بنو سهم بثلاثة أبيات لأنهم كانوا أكثر عددا في الجاهلية, وقد عدت السادسة عشرة في ترتيب نزول السور, نزلت بعد سورة الكوثر وقيل سورة الماعون بناء على أنها مكية وعدد آياتها ثمان" قطعا أسباب النزول أمر تم اختراعه بعد نزول الوحى بقرون فالأحداث التى توجد في المصحف محدودة بينما أسباب النزول تذكر آلاف مؤلفة من الروايات وهى تتحدث عن أمور ليست في الآيات فسورة التكاثر عامة وهى تتحدث عن الكفار في كل زمان سابق على نزولها بدليل موتهم " حتى زرتم المقابر " ومن ثم لا يمكن أن تتحدث عن نزاع أحياء في عصر النبى الخاتم (ص) وإنما تتحدث عمن ماتوا في عصره والعصور قبله وأما أغراض السورة فقد نقل الهاشمى من بطون الكتب ما يلى: "قال إسماعيل علي رشوان في (مختصر تفسير جزء عم): “يدور محورها حول انشغال الناس بمتاع الحياة الدنيا ويتركون الآخرة حتى يأتيهم الموت بغتة” وكما قال الشاعر: الموت يأتي بغتة=والقبر صندوق العمل ثم يتكرر في هذه السورة الزجر والإنذار للتخويف لئلا ينشغلوا بالفانية ويتركوا الباقية ثم تختم السورة ببيان المخاطر التي لا ينجو منها سوى المؤمن”. وقال محمد الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير: “اشتملت على التوبيخ على اللهو عن النظر في دلائل القرآن ودعوة الإسلام بانتشار المال والتكاثر به والتفاخر بالأسلاف وعدم الإقلاع عن ذلك إلى أن يصيروا في القبور كما صار من كان قبلهم، وعلى الوعيد على ذلك. وحثهم على التدبر فيما ينجيهم من الجحيم وأنهم مبعوثون ومسؤلون عن إهمال شكر المنعم العظيم”." ثم ذكر نص السورة فقال : بسم الله الرحمن الرحيم ألهاكم التكاثر {1} حتى زرتم المقابر {2} كلا سوف تعلمون {3} ثم كلا سوف تعلمون {4} كلا لو تعلمون علم اليقين {5} لترون الجحيم {6} ثم لترونها عين اليقين {7} ثم لتسألن يومئذ عن النعيم {8}" وحاول تفسيرها بالنقل من بطون كتب التفسير فقال : "التفسير التحليلي (ألهاكم التكاثر {1} حتى زرتم المقابر }{: قال ابن كثير: يقول تعالى: أشغلكم حسب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وابتغائها. وتمادى بكم ذلك جاءكم الموت وزرتم المقابر وصرتم من أهلها. ألهاكم أي: شغلكم عما يجب عليكم الاشتغال به لأن اللهو شغل يصرف عن تحصيل أمر مهم. التكاثر: تفاعل في الكثر أي التباري في الإكثار من شيء مرغوب في كثرته, فمنه تكاثر في العدد من الأولاد والأحلاف للاعتزاز بهم, وقد فسرت بهما قال تعالى: }وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين{ {35} وقال الأعشي: ولست بالأكثر منهم حصى= وإنما العزة للكاثر وقال الحسن: معنى ألهاكم: أنساكم }حتى زرتم المقابر{ أي حتى أورثكم الموت وأنتم على تلك الحال. وقال قتادة إن التكاثر التفاخر بالقبائل والعشائر. وقال الضحاك: ألهاكم التشاغل بالمعاش. روى ابن حاتم الحديث الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: “(ألهاكم التكاثر ) عن الطاعة (حتى زرتم المقابر) حتى يأتيكم الموت” قال سعيد حوى: “في هذا الحديث دليل على ما ذهبنا إليه في تفسير عن أي شيء يكون الانشغال. فالانشغال بالتكاثر انما هو انشغال عن العبادة والتقوى ويدخل في التكاثر: التكاثر في الأموال والأولاد وغير ذلك مما يتكاثر في الدنيا”. وروى مسلم عن عبد الله بن الشخير قال: “انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: “ألهاكم التكاثر” قال: يقول لبن آدم مالي مالي، وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو كسبت فأبليت أو تصرفت فأمضيت” فهذا جار مجرى التفسير لمعنى من معاني التكاثر لمقتضاه حال الموعظة ساعتئذ وتحملته الآية. وقال صاحب التفسير الواضح: “وقد ورد أن قبيلتين تفاخرتا بكثرة المال والرجال حتى ذهبوا إلى قبورهم وتفاخروا بمن مات فنزلت السورة تنعي عليهم ذلك وتحذرهم عاقبته ومغبته”." وكل ما سبق له نفس المعنى بألفاظ مختلفة وهو : وتحدث عن تفسير بقية الآيات وأنها في الأغنياء وايس في المساكين وهم الفقراء فقال ناقلا عن ابن عاشور: "قال الإمام ابن عاشور والخطاب للمشركين بقرينة غلظة الوعيد بقوله: } كلا سوف تعلمون {3} ثم كلا سوف تعلمون{ وقوله: (لترون الجحيم ) إلى آخر السورة, ولأن هذا ليس من خلق المساكين يومئذ. والمراد بالخطاب سادتهم وأهل الثراء منهم لقوله: }ثم لتسألن يومئذ عن النعيم{ ولأن سادة المشركين هم الذين آثاروا ما هم فيه من النعمة على التهم بتلقي دعوة النبي فتصدوا لتكذيبه وإغراء الدهماء بعدم الإصغاء له. فلم يذكر الملهي عنه لظهور أنه القرآن والتدبر فيه, والإنصاف بتصديقه وهذا الإلهاء حصل منهم وتحقق كما دل عليه حكايته بالفعل الماضي. وإذا كان الخطاب للمشركين فلأن المساكين يعلمون أن التلبس بشيء من هذا الخلق مذموم عند الله, وأنه من خصال أهل الشرك فيعلمون أنهم من التلبس بشئ من ذلك فيحذرون من أن يلهيهم حب المال عن شيء من فعل الخير, ويتوقعون أن يفاجئهم الموت وهم لاهون عن الخير, قال تعالى يخاطب المؤمنين: } (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ) الآية. وقوله: (حتى زرتم المقابر) غاية فيحتمل أن يكون غاية لفعل: (ألهاكم) كما في قوله تعالى: (قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى) أي دام إلهاء التكاثر إلى أن زرتم المقابر, أي استمر بكم طول حياتكم, فالغاية مستعملة في الإحاطة بأزمان المغيا لا في تنهيته وحصول صنفه لأنهم إذا صاروا إلى المقابر انقطعت أعمالهم كلها. ولكون زيارة المقابر على هذا الوجه عبارة عن الحلول فيها, أي قبور المقابر وحقيقة الزيارة الحلول في المكان حلولا غير مستمر, فأطلق معنى الزيارة هنا تعريضا بهم بأن حلولهم في القبور يعقبه خروج منها. والتعبير بالفعل الماضي في: }زرتم{ لتنزيل المستقبل منزلة الماضي لأنه محقق وقوعه مثل: }أتى أمر الله{ ويحتمل أن تكون الغاية للمتكاثر به الدال عليه التكاثر, أي بكل شيء حتى بالقبور تعدونها. وهذا يجري على ما روى مقاتل والكلبي أن بني عبد مناف وبني سهم تفاخروا بكثرة السادة منهم, كما تقدم في سبب نزولها آنفا, فتكون الزيارة مستعملة في معناها الحقيقي. أي زرتم المقابر لتعدوا القبور, والعرب يكنون بالقبر عن صاحبه قال النابغة: لئن كان للقبرين قبر بحلق= وقبر بصيداء الذي عند قارب وقال عصام بن عبيد الزماني, أو همام الرفاستي: لو عد قبر وقبر كنت أقربهم= قبرا وأبعدهم من منزل الذام أي كنت أقربهم منك قبرا, أي صاحب قبر .والمقابر: جمع مقبرة بفتح الموحدة وبضمها. والمقبرة الأرض التي فيها قبور كثيرة." قطعا السورة لا تتحدث عن الأغنياء وإنما هى عامة في الكفرة فحتى الفقراء يتفاخرون فيما بينهم وبعض منهم من كان من الأغنياء وذوى الحسب يتفاخر بما كان لآبائه ومن ثم السورة تتحدث عن الكفار عامة ومنهم أغنياء وفقراء وهم الأتباع المطيعين لهم وكرر النقل من تفسير أخر للنسفى والرازى وغيرهم فقال : "كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون "كلا" قال النسفي: ردع وتنبيه على أنه لا ينبغي للناظر لنفسه أن تكون الدنيا جميع همه ولا يهتم بدينه }سوف تعلمون{ قال النسفي: أي: عند النزع سوء عاقبة ما كنتم عليه }ثم كلا سوف تعلمون{ قال النسفي: أي في القبور. وقال الحسن البصري في الآيتين: هذا وعيد بعد وعيد. قال سعيد حوى: “هذان الوعيدان حملهما النسفي على ما رأينا وسنرى أن ابن كثير يحملهما على الوعيد في شأن جهنم يوم القيامة”. قال الإمام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير: أما قوله تعالى: (كلا سوف تعلمون)3}( ثم كلا سوف تعلمون) { فهو يتصل بما قبله وبما بعده أما الأول: فعلى وجه الرد والتكذيب أي ليس الأمر كما يتوهمه هؤلاء من أن السعادة الحقيقية بكثرة العدد والأموال والأولاد، وأما اتصاله بما بعده، فعلى معنى القسم أي حقا سوف تعلمون لكن حين يصير الفاسق تائبا، والكافر مسلما، والحريص زاهدا، ومنه قول الحسن: لا يغرنك كثرة من ترى حولك فإنك تموت وحدك وتبعث وحدك وتحاسب وحدك”. وذكر صاحب التحرير والتنوير: أن التوبيخ الذي استعمل فيه الخبر اتبع بالوعيد على ذلك بعد الموت، وبحرف الزجر والإبطال بقوله: (كلا سوف تعلمون) فأفاد }كلا{: زجرا وإبطالا لإنهاء التكاثر. و(سوف) لتحقيق حصول العلم وحذف مفعول(تعلمون) لظهور أن المراد: تعلمون سوء مغبة لهوكم بالتكاثر عن قبول دعوة الإسلام. وأكد الزجر والوعيد بقوله: } ثم كلا سوف تعلمون{ فعطف عطفا لفظيا بحرف التراخي أيضا للإشارة إلى تراخي رتبة هذا الزجر والوعيد عن رتبة الزجر والوعيد الذي قبله، فهذا زجر ووعيد مماثل للأول لكن عطفه بحرف }ثم{ اقتضى كونه أقوى من الأول لأنه أفاد تحقيق الأول وتهويله. فجملة: ( ثم كلا سوف تعلمون ) توكيد لفظي لجملة: }كلا سوف تعلمون{ وعن ابن عباس }كلا سوف تعلمون{ ما ينزل بكم من عذاب في القبر. }ثم كلا سوف تعلمون{ عند البعث أن ما وعدتم به صدق، أي تجعل كلمة جملة مرادا بها تهديد بشيء خاص. وهذا من مستتبعات التراكيب والتعويل على معونة القرائن بتقدير مفعول خاص لكل من فعلي }تعلمون{ وليس تكرير الجملة بمقتضى ذلك في أصل الكلام. ومفاد التكرير حاصل على كل حال." وفى تفسير الآية التالية نقل من التفاسير فقال : " كلا لو تعلمون علم اليقين (كلا) قال النسفي: تكرير الردع للإنذار والتخويف(لو تعلمون علم اليقين) قال ابن كثير: أي لو علمتم حق العلم لما ألهاكم التكاثر عن طلب الدار الآخرة حتى صرتم إلى المقابر. وقال ابن النسفي: جواب لو محذوف أي: لو تعلمون ما بين أيديكم علم اليقين لفعلتم ما لا يوصف ولكنكم ضلال جهلة. وقال ابن عاشور: أعيد الزجر ثالث مرة زيادة في إبطال ما هم عليه من اللهو عن التدبر في أقوال القرآن لعلهم يقلعون عن انكبابهم على التكاثر مما هم يتكاثرون فيه ولهوهم به عن النظر في دعوة الحق والتوحيد. وحذف مفعول }تعلمون{ للوجه الذي تقدم في(كلا سوف تعلمون) وجواب(لو) محذوف." وتابع تفسر الآية الأخيرة فقال : " ثم لتسألن يومئذ عن النعيم أعقب التوبيخ والوعيد على لهوهم بالتكاثر عن النظر في دعوة الإسلام من حيث أن التكاثر صدهم عن قبول ما ينجيهم، بتهديد وتخويف عن مؤاخذتهم على ما في التكاثر من نعيم تمتعوا به في الدنيا ولم يشكروا الله عليه بقوله تعالى: (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم )أي عن النعيم الذي خولتموه في الدنيا لم تشكروا الله عليه وكان به تجلكم.. وعطف هذا الكلام بحرف }ثم{ الدال على التراخي الرتبي في عطفه الجمل من أجل أن الحساب على النعيم الذي هو نعمة من الله أشد عليهم لأنهم ما كانوا يترقبونه، لأن تلبسهم بالإشراك وهم في نعيم أشد كفرانا للذي أنعم عليهم. قال ابن كثير: } ثم لتسألن يومئذ عن النعيم { أي: ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن، والرزق وغير ذلك، ما إذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته." و}النعيم{: اسم مما يلذ لإنسان مما ليس ملازما له، فالصحة وسلامة الحواس وسلامة الإدراك والنوم واليقظة ليست من النعيم، وشرب الماء وأكل الطعام والتلذذ بالمسموعات وبما فيه فخر وبرؤية المحاسن، تعد من النعيم. وأشار الإمام الرازي في التفسير الكبير في النعيم المسؤول عنه وجوها أحدها: ما روى أنه خمس: شبع البطون وبارد الشراب ولذة النوم وإظلال المساكن واعتدال الحلف. وثانيها: قال ابن مسعود: أنه الأمن والصحو والفراغ. وثالثها: قال ابن عباس: أنه الصحة وسائر ملاذ المأكول والمشروب ورابعها: قال بعضهم: الانتفاع بإدراك السمع والبصر. وخامسها: قال الحسن بن الفضل: تخفيف الشرائع وتيسير القرآن. وسادسها: قال ابن عمر: أنه الماء البارد وسابعها: قال الباقر: أنه العافية. والقول الثامن: إنما يسألون عن الزائد مما لابد منه من مطعم وملبس ومسكن. والتاسع: وهو الأولى أنه يجب حمله على جميع النعم. والنعيم أخص من النعمة بكسر النون ومرادف للنعمة بفتح النون." وقد أخطأ القوم في تفسير السؤال فهم لا يسألون عن عدم شكر النعم وهى ذنوب متوالية لأن لا أحد يسألهم عن ذنوبهم كما قال تعالى : "فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ" وإنما السؤال هنا معناه : الحساب وهو العقاب على النعيم الذى لم يطيعوا الله فيه وملخص نفسير السورة: "بسم الله الرحمن الرحيم ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون "المعنى بحكم الرب النافع المفيد شغلكم التعاظم حتى دخلتم المدافن حقا سوف تعرفون ثم حقا سوف تعرفون ،يبين الله للناس أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن التكاثر وهو التعاظم بينهم فى الأموال والأولاد ألهاهم أى شغلهم عن الحق حتى زاروا المقابر أى حتى دفنوا فى المدافن ،كلا سوف تعلمون والمراد الحقيقة سوف تعرفون وهى أن العذاب لكم . "كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم "المعنى حقا لو تعرفون معرفة الموت لتشاهدون النار أى لتشاهدونها حق المشاهدة ثم لتحاسبون يومذاك عن المتاع ،يبين الله للناس أن كلا وهى الحقيقة هى أنهم لو يعلمون علم اليقين أى لو يعرفون معرفة الموت لترون الجحيم أى لتشاهدون النار والمراد لتدخلن فى العذاب وفسر هذا بأنهم يرونها عين اليقين أى يشاهدونها حق المشاهدة والمراد يذوقونها واجب الذوق ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم والمراد ثم تحاسبون يوم القيامة عن المتاع الذى تمتعتم به فى الدنيا والخطاب للناس وما قبله | |
|