الحقيقة المرة "حماس "
الكاتب: وليد ظاهر- الدنمرك
نبحر هذه الايام في
بحر مطلاطم الامواج، وذلك في سبيل الوصول الى الحقيقة، في ظل المتغيرات والتطورات
السريعة، وعلى سبيل المثال وليس الحصر التطور التكنولوجي السريع، فالفضائيات
والانترنت قد دخلت الى كل منزل، وهي تقدم فوائد جمة، ولكن ايضا لها سياسات خاصة
بها، وتعمل وفق مخطط يخدم مصالحها، بالرغم من الحيادية التي تحاول الظهور بها،
والعولمة وما نتج عنها، يعني بالمختصر العالم اصبح عبارة عن قرية
صغيرة.
لكن تبقى منطقة الشرق الاوسط بالمتغيرات والاحداث المتسارعة، وخاصة
القضية الفلسطينية مازالت تحتل الصدارة، وذلك لعدة عوامل لعل ابرزها عدالة القضية
ونبلها ونضال شعبها الدائم في سبيل التحرر والاستقلال، ولكن في بعض الاحيان لا
يستطيع المرء مواكبة الاحداث، من شدة سرعة المتغيرات، حتى ان المرء يخيل اليه بأنه
يسير فوق رمال متحركة.
وفي ظل كل تلك الاعتبارات والمعطيات الفلسطينية والاقليمية والدولية،
تطل علينا حركة، تزعم بأنها جاءت لانقاذنا وتخليصنا من المعاناة، رافعةً لشعار
التغيير والاصلاح، قائلة لنا انا املك الحقيقة المطلقة والفانوس السحري بيدي، لكن
يجب عليكم اولا تقديم الولاء والسمع والطاعة، ومن ثم شطب ماضيكم وتاريخكم، وأن
تبدأوا من جديد من هذا اليوم بل من هذه اللحظة، ولكن هذه الحركة قد غفلت عن ان
الماضي وتاريخ المرء هو الجوهر والاساس في بناء هويته، والمرء بدون اساس وماض لا
حاضر ولا مستقبل له، لانه بكل بساطة سيكون هشاً جدا، ولن يكون بمقدوره الصمود امام
العاصفة، وكما يقال في الامثال من ليس له ماضي ليس له لا حاضر ولا مستقبل، فالماضي
بكل ما يكتنفه من حلاوة ومرارة في بعض الاحيان، يبقى مبعث الفخر والاعتزاز لنا،
الماضي سيظل التجربة والدرس، ا لذي نستقي منه معرفتنا، ويدفعنا الى التطلع الى
الامام والمستقبل المفعم بالامل، المبني على اساس وضع المناهج والدراسات ورسم الخطط
المستقبلية من اجل الوصول الى ما نصبو اليه.
واذكر اني في مرات عديدة قلت في قرارة ونفسي وللمعارف والاصحاب ( الله
يرحم هديك الايام، لو بس تعود )، حتى ان الحنين يخالجني الى الحاووز وخبز الطابون،
والمخيم برغم المأساة يبقى وسام شرف، سأعتز به ما حييت، وكما يقول الشاعر يا ليت
الشباب يعود يوماً.
فاذا كان احدنا لا يرضى على المستوى الشخصي، ان يتجرء احد ويحاول شطب
ماضيه وتاريخه، فما نحن فاعلون اذا كان الشطب والتنكر يتعلق بتاريخ وماضي شعب
بأسره، وهذا ما تقوم به فعلاً وقولاً، حركة حماس وليدة الامس القريب، ولسان حالها
يقول في اكثر من مناسبة على لسان قيادتها، فليكن معلوم لديكم بان الاسلام يجب ما
قبله،هذه الحركة الظلامية والغريبة والمستهجنة من غالبية شعبنا، قد انتهجت السلوك
الدموي والحديث بعنجهية مع الآخرين، فلقد كان هدفها الوصول الى السلطة الورقية، وفي
سبيل المحافظة على السلطة، لديها استعداد ان تقدم الشعب الفلسطيني اضحية مجانية
للمذابح الاسرائيلية، فهي عندما تتحاور مع الفصائل الاخرى ليس من اجل الحوار
والوصول الى تفاهمات وقواسم مشتركة، بل من اجل فرض هيمنتها، فهي تعتبر انها في
مكانة مقدسة ومنزهة، وليس من حق أ حد تقديم أي نقد بحقها، فهي تمثل ارادة الله على
الارض، وهذه الحركة الحمساوية السوداء تسعى وتهرول الى الدول الاقليمية والمجتمع
الدولي حتى الى اسرائيل، ليس لسبب الا الاعتراف بانقلابها الدموي ومنحها الشرعية،
ولكن انقلابها المشؤوم سيبقى صفحة عار ولن يرحمها لا التاريخ ولا الاجيال
القادمة.
فلقد تابعنا والحسرة والاسف تعتصر قلوبنا على ما اقترفته ميليشيا حماس
السوداء بحق الحجيج من قطاع غزة من ضرب ومنع خروجهم لاداء فريضة الله، ومقاطعتها
للحوار الفلسطيني بذرائع واهية، وما قامت به ميليشيا حماس السوداء من تنكيل وضرب
بحق الطلاب والاساتذة في جامعة الاقصى، وما تقوم به بشكل يومي من تكميم افواه
واعتقال للصحفيين، وكذلك منعها احياء الذكرى الرابعة للشهيد الرمز الرئيس ياسر
عرفات (ابو عمار) رحمة الله عليه، وتعلن بكل سذاجة ان حركة فتح تنظيم محظور في غزة
هاشم، ولا يستطيع المرء ان يغض طرفه عن الاعتقالات اليومية التي تمارس بحق ابناء
وكوادر حركة فتح من قبل هذه الميليشيا السوداء، وتصدر حكماً بالسجن لمدة ثلاث سنوات
بحق فلسطيني والتهمة أنه تخابر مع رام الله، وتتحدث عن الدستور والقانون الفلسطيني
وتحاجج به، وتنسى بأنها ه ي من انقلب على الدستور والشرعية، يا للمهزلة والوقاحة،
يرى القشة في عين أخيه ولا يرى العود في عينه، وحملتها وتحريضها على
مصر والمملكة العربية السعودية، اللذين قدما الكثير من اجل خدمة القضية والشعب
الفلسطيني، والدلائل تشير الى ان هذه الحركة لديها خطابين مختلفين تماماً، خطاب
للعامة مضمونه الشعارات البراقة، وخطاب داخلي خاص بأعضائها يعبىء ويحرض على كل ما
هو ليس حمساوي، ولقد رهنت قرارها الى اجندات خارجية اقليمية تأتمر بأمرها، ولم تعي
المغزى من المثل القائل لا يحك جلدك الا ظفرك.
ان المتتبع للمشهد الفلسطيني، يتوقف أمام حالة فلسطينية بالغة الصعوبة،
تكثر فيها التعقيدات وتتفاقم فيها آلام وعذابات الشعب الفلسطيني، خاصة مع استمرار الانقلاب الحمساوي
الأسود وما ينتج عنه من انقسام وزيادة وتائر التنكيل والبطش بالشعب الفلسطيني، خاصة
في غزة هاشم.
وكأنما حماس تشارك قوى العدوان الاسرائيلية في تغييب حقوق الشعب
الفلسطيني وديمومة حالة الحصار الظالم لجماهير شعبنا في غزة، والدليل الساطع على
ذلك الاجهاض المتعمد للحوار الفلسطيني – الفلسطيني، الذي كان مزمع عقده في القاهرة.
ان حماس في هذا السلوك المستغرب عبرت عن استخفافها بالوحدة الفلسطينية وبمصالح
الشعب الفلسطيني، مما يجعل المرءيتأكد بأن لحماس اجندة خارجية واقليمية تملي عليها
سياستها، وحماس تريد الاحتفاظ بالسلطة المغتصبة في غزة بأي ثمن وتحت شتى الذرائع
الواهية، وهي بذلك تستفيد وتستثمر حالة الحصار، الذي يعاني منه شعبنا خاصة في غزة
الشجعان.
واخيرا تعرض حركة حماس رؤيتها لحل الصراع، الاعتراف بامارة وهمية في غزة
هاشم بلا حدود، وطريق او ممر آمن الى القدس وهدنة طويلة الامد مع اسرائيل، واللهِ
نطق الجبل فولد فأراً.
واذا تفكرنا قليلا بالمشروع الذي طرحته منظمة التحرير الفلسطينية الممثل
الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وعلى لسان الرئيس محمود عباس (ابو مازن)، يبقى
الحل الافضل للتحرر والاستقلال.
فيكفي على الاقل ان منظمة التحرير الفلسطينية بقيت الحاضنة والبيت لكل
فلسطيني، وهي التي شكلت وكونت الهوية الفلسطينية، وفرضت حضورها بكل قوة عبر
نضالاتها وتقديمها الآلاف من الشهداء والجرحى والاسرى، فحظيت بالاعتراف العربي
والدولي، وحولت القضية الفلسطينية من قضية انسانية الى قضية سياسية، وضحضت المقولة
الصهيونية شعب بلا أرض لأرض بلا شعب.
ان اللحظة التاريخية الراهنة التي يمر بها الشعب الفلسطيني وهي من اصعب
وادق المراحل، كون الخطر قادم من الداخل وليس الخارج، وهذا اهم ما راهن عليه اعداء
القضية دائما. فما تشهده الساحة من انقسام مرشح للمزيد، وخاصة اذا لم تلتزم حماس
بالشرعية الفلسطينية والعربية، بما يتعلق بموقع الرئاسة، فأنها ستذهب بالقضية الى
النفق المظلم، وخاصة ان العدو يجهد للدخول من اي ثغرة، وخاصة ان حركة حماس فقدت
توازنها، صحيح انها تتمسك بمقولة المقاومة، لكنها الابعد عنها، وذلك واضح من خلال
مبادراتها المتعلقة بالهدونة والدولة ذات الحدود الموقتة، وبالتالي مقولاتها عن
صواريخ وطنية وغير وطنية، وهي التي كانت اكثر احتجاجاً عندما كانت السلطة ترى ان
للشعب الفلسطيني مصلحة في الهدنة، وتطالب في وقف الصواريخ العبثية وليست المقاومة،
فأن سهام حماس لم تكن ترحمها وترجمها بحجارتها. اليوم يرى الاسرائيليون في حماس
لقمة هنية، تقدم لها على اطباق من الاماس والذهب والفضة، كل ما يطلبه المشروع
الصهيوني.
على حماس، او شرفاء حماس الذي دخلوها في اطار المشروع التحرري، ان
يتحرروا من تضليت قياداتهم ذات الارتباطات الاقليمية، وان يعودوا الى الصف الوطني
الذي يحترم في الحد الادنى حرمة الدم الفلسطيني الذي هو خط احمر لدى اصحاب المشروع
الوطني.
وشكراً لكم سلفاً
مع قبول فائق التحية والاحترام
أخوكم وليد ظاهر-الدنمرك
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/