عمليات ايلات........الابعاد والخلفيات ...؟
بقلم: عماد موسى
كثيرا ما يحكم على المواقف من خلال ما يطلق عليه (تقاطع المصالح )، خصوصا إذا ما عرفنا بأنه تم تسريب معلومات تفيد بأن الاجهزة الأمنيىة الإسرائيلية على بما يجري على حدودها إذ أبلغت من أطراف عربية بوجود عملية تسلل في منطقة االنقب وهذا ما أكد عليه متسائلا افي ديخترو الذي كان يتحدث صباح يوم الجمعة لبرنامج "هذا الصباح " الذي يبث على الشبكة الاذاعية الثانية "رييشت بيت مطالبا " بإجراء التحقيقات الضرورية للاجابة على التساؤل لماذا لم يتعامل الامن الاسرائيلي مع الانذار المسبق كما يجب؟ خاصة وان انذارا يتعلق بعملية بهذا الحجم يتوجب طريقة عمل واستعدادات مختلفة عما جرى في الواقع)
إلا أن المؤسسة الأمنية لم تفعل شيئا حيال ذلك، وربما بالتنسيق مع المستوى السياسي الذي يريد لهذه العمليات أن تنجح فقد جاءت هدية من السماء لنتنياهو وبالتوقيت الدقيق والمبرمج ،الذي يحتاجه أطراف المعادلة، فما هي الأبعاد والخلفيات لهذه العمليات؟
هناك أطراف فلسطينية ما زالت تعمل بالقطعة لصالح أجندات عربية ودولية، كما كان دور أبونضال البنا في الماضي،وهذه الأطراف تتصارع مع حماس على السيطرة على غزة،مثل جيش الاسلام وجلجلت، ولما كانت هذه القوى تحظى بالدعم المالي والرعاية وغيرها، فلابد لها أن تتحرك باتجاه الاحتلال الاسرائيلي وليس باتجاهات أخرى تضر بمصالح هذه النظم.
والهدف من وراء ذلك هو ترحيل ازمات هذه النظم إلى خارج حدودها، لكي تتفرغ إلى تفكيك أزماتها الداخلية، وازماتها مع المجتمع الدولي، وحتى تتمكن من إعادة السيطرة والتحكم والتوجيه لدفة الرأي العام المحلي والعربي والدولي نحو الاحتلال الاسرائيلي والذي لن يتوانى في الرد على العمليات كما هو معروف على غزة كردة أولية،مع تصعيد متبادل بين الذرع العسكرية في غزة والخاضعة لسيطرة حماس وبين اسرائيل لاستدراجها لفعل عسكري كبير ليحقق التالية لأطراف المعادلة الغايات التالية:
1- توجيه ضربة للرئيس عباس وللقيادة الفلسطينية قبل أيلول لأن المجتمع الدولي سيكون مشغولا باطفاء الحرائق الاسرائيلية في غزة.
2- تقويض المصالحة جملة وتفصيلا، لأن أصحاب الأجندات الخارجية والمصلحة الاسرائيلية يريدون لغزة أن تبقى على حالها معزولة عن الضفة والقدس حتى تستخدم بالطريقة التي يريدون.وهذا ما ورد على لسان في تصريح بعد العمليات لآفي ديختر عضو الكنيست الاسرائيلي رئيس الشاباك السابق ان الرد الاسرائيلي على عملية ايلات يجب ان يرتكز على ثلاثة محاور اساسية هي :تحميل المسوؤلية لمصر ،ورئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن الذي يسعى للتصالح مع حماس المسؤولة ايضا, وثالثا : الايضاح لحماس بانها ستدفع الثمن كونها من يسيطر على قطاع غزة وتدمير منظومتها العسكرية.
3- تقويض المسيرات السلمية واستبدالها بالمسيرات الدموية، في حال لجأت حكومة نتياهو إلى التصعيد، وكل ما تحتاج إلية عملية مفتعلة ومبرمجة أو تقديم تسهيلات أمنية للقيام بعملية لتخدم أغراض نتنياهو السياسية ، التي منها وقف التحرك الفلسطيني الشعبي السلمي ، لأنه أكثر قبولا في المجتمع الدولي ،من هنا لجأت بعض النظم العربية إلى استخدام العنف المفرط وإلى فبركة العنف وصناعته لتبرير عمليات القتل والعنف والتنكيل ضد حركات الاحتجاج الشعبية السلمية ورفع وتيرة المؤامرة، والترويج للإرهاب المحلي الذي يهد السلم والأمن العالميين.كل هذا يهدف إلى وأد فكرة الاصلاح الديمقراطي في المجتمعات العربية.
وهنا تتقاطع مصالح هذه المجموعات الفلسطينية مع مصالح هذه الدول، وتتقاطع مع المصلحة الإسرائيلية فهي مصلحة مركبة و تتلخص فيما يلي:
فلسطينيا:
ستجراسرائيل غزة إلى دوامة العنف ولكن مع إبقاء زمام المبادرة بيدها وتحت والسيطرة للقضاء على كل أمل بالمصالحة، ولابقاء (غزة التي تحتضن مع سيناء إمارت جهادية) بعيدة عن مشروع الدولة، وبالتالي عدم تحقيق الولاية الجغرافية لهذه الدولة، وخارج نطاق التفاوض،فتخلق اسرائيل بذلك وضعا جديدا ، بحيث تطرح على الرئيس عباس ، سؤالا أمنيا عن أي دولة تتحدث دولة في حدود الرابع من حزيران أم دولة على حدود الرابع من حزيران،إن دولة على حدود الرابع ستيخلق تهديدا أمنيا لإسرائيل. فلا بد من تعديل الحدود ومن تبادل الأراضي
حماس على ما يبدو ليس لها ضلع في هذا الموضوع، لأنها تحرص على تمتين علاقتها مع مصر من أجل فتح المعبر وإدارته ومن أجل نقل رجلها الثانية في حال حدث أي تغيير في الوضع القائم في سوريا، ولكن من مصلحتها أيضا أن تفشل المصالحة بهجوم اسرائيلي على غزة، وليس بسبب مواقف حماس، ومن مصلحتها أن تفشل المسيرات الأيلويلة طالما أنها لا تخدمها ولأنها ستقلص من شعبيتها في الضفة وغزة، وفي الخارج، ففي النكبة والنكسة عملت وشاركت مع الفصائل بالخروج على الحدود اللبنانية والسورية مع اسرائيل. وأعادت جذب الشتات من خلال العزف على وترالعودة، فحسابات حماس أبعد من الاعتراف بالدولة الفسطينية.
دوليا:
1- احراج المجلس العسكري المصري ودفعه لوقف التحول الديمقراطي في مصر تحت ذريعة أن الأوضاع تنذر بالانفجار على الحدود مع غزة واسرائيل، ولهذا قتلت جنودا مصريين عن طريق الخطأ حسب الرواية الاسرائيلية الجاهزة بهدف توتير العلاقة المصرية مع غزة،فعلت إسرائيل ذلك لأنه حسب رأي اليكس فيشمان"لم تعد لنا حدود مع دولة منظمة تسمى مصر،توجد لنا حدود من ورائها قوى مسلحة ... تعرف نفسها بأنها تنتمي إلى إمارة جهادية مستقلة"
2- تسعى اسرائيل أيضا إلى تسويق فكرةالعجز المصري، ومن أجل أن تتمكن من تسويق التهديد الناجم عن هذا العجز ،وهي عدم قدرة مصر على حماية حدودها ومراقبتها وعجزها عن مراقبة سيناء.
3- حرف أنظار المجتمع الدولي عن التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، والتفرغ لوقف الحرب والعدوان المتكرر على غزة والبحث عن آليات وقف النار ومن ثم التوصل الهدنة اوالتهدئة في اللغة السياسية الفلسطينية،فتعود حماس للواجهة السياسية من جديد وبصورة المقاومة الجهادية ، وهذا يحرج الرئيس عباس والقيادة الفسطينية في رام الله، لأن الأولوية ستصبح عندها هي وقف الحرب على غزة والتوصل إلى التهدئة،وليس الذهاب إلى الأمم المتحدة للبحث عن اعتراف بالدولة وشعبه يذبح بالالة العسكرية، وهذا نجاح آ خر لأصحاب تقاطع المصالح.
أما على صيعد الوضع الإسرائيلي الداخلي ، فهذه الهدية الفلسطينية لنتياهيو، قد حققت له في الزمن المنظور ما يلي:
1- خلق أوضاع أمنية جديدة بالتعبير الإسرائيلي، ما دفع باتحاد الطلبة الإسرائيلي مساء يوم الخميس،إلى إلغاء فعاليات الاحتجاج والاعتصام االتي كانت مقررة في نهاية الأسبوع الحالي في القدس والمطالبة بالعدالة الاجتماعية ،وذلك تماشيا مع أجواء التوتر الأمني التي نتجت عن عمليات إيلات.
وجاء ذلك في بيان للاتحاد "بعد التشاور مع حركات الشبيبة والمحتجين في الخيام والمنظمات والحركات الاجتماعية تقرر إلغاء الفعاليات الاحتجاجية التي كانت مقررة نهاية الأسبوع الحالي على أن تستأنف الحركة الاحتجاجية مع انتهاء الاحداث الأمنية". بمدينة القدس
2- وبفضل هذه العملية ، تتوقف الأزمة الداخلية لنتنياهو وحكومته ،وتمنح نتياهيو من جديد زمام المبادرة وتمنحه فرصة النجاة وكأنه عائد للتو من واشطن بعد خطبته العصماء في الكونجرس الامريكي مزهوا ومنتصرا،،فلطمأنة المحتجين والقوى المجتمعية السياسية بأنه قادر على مواجهة الأزمات وحلها بسرعة،أ طلق العنان لجيشه ليقصف غزة بقصد تسخين الوضع تدريجيا، فاستمرار القصف علىغزة يعنى استمرار التهديدات، من خلال اطلاق الصواريخ من غزة، وربما تنفذ اسرائيا تهديدها باغتيال قيادات من حماس في غزة وقد رشح بعض المطالبين هدفا لذلك هنية والجعبري والذ سيدفع حماس للدخول المباشر في المواجهة لأنها لا تستطيع أن تصمت.
فاستمرار هذه التهديدات ستمكن نتياهيو من إعادة التحكم بالرأي العام الإسرائيلي، والذي سبق وأن فكك بعد اغتيال رابين ،فمنذ ذلك الوقت ، لم يعد معسكر السلام موجودا،وتمكن حزب اليكود من إعادة صياغة الرأي العام نحو اليمين المتطرف وتوحيد المجتمع الاسرائيلي ضد السلام، تحت ذريعة الأمن والخطر الوجودي على اسرائيل، خصوصا بعد سلسلة العميات في داخل الخط الأخضر، وما اشبه اليوم بالبارحة فاللاعبون لم يتغيروا واللعب سيكون على الملعب نفسه، اي استدراج حماس او غير حماس لعمليات تفجيرية داخل الخط الأخضر بحيث تعطى فرصة لنتياهو للتعامل مع المطلب الفلسطيني بالاعتراف بالدولة الفسطينية في الأمم المتحدة. باستبدال أزمة بأزمة و سيقود معركة دبلوماسية ضد الرئيس ابومازن لثنيه عن الذهاب إلى الأمم المتحدة ودعوة الفلسطينيين للمفاوضات بدلا من ذلك وبيده السلاح المقنع للغرب وامريكا وهو الوضع الأمني المتفجر في المنطقة..والذي تقوده الامارات الجهادية في غزة وسينا؟
سيتم ذلك في ظل تكثيف الاستيطان في الضفة والقدس في ظل الانشغال الدولي بما يجري في غزة والوطن العربي، نحن بانتظار القادم من الايام لنعرف مدى نجاح تقاطع المصالح. وهل سيدخل لاعبون جدد أم نحن مقبولون على أزمة وحل دولي للصراع يفرض على جميع الأطراف؟.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/