هل بدات نهاية الامبراطورية الامريكية؟
تحقيق: إيهاب شوقى
* جمال أسعد: عندما ينهار الاقتصاد, تتحلل الامبراطوريات, و التدخل العسكرى الذى لا تقابله قدرة مادية تسعفه تكون نتيجته المباشرة هى الانهيار الاقتصادى.
* عمار على حسن: جاءت الثورات العربية لتثبت الفشل لامريكا, حيث اسقطت الثورات حكامها دون تدخل خارجى سواء كان حميدا فى الصومال, او غزوا فى العراق.
* صلاح دسوقى: الى الان لا يوجد مؤشر لشئ جوهرى يفيد بتراجع الدور الامريكى فى العالم.
* جمال عبد الفتاح: امريكا لا تستطيع ان تكون كما كانت فى القرن الماضى ولا فى اوائل هذا القرن, وهذا بداية تراجعها الكبير وانهيار امبراطوريتها.
* عادل الجوجرى: هيبة امريكا الاقتصادية التى تتهاوى يوما بعد يوم, ستؤدى الى انحسار دورها السياسى والاستراتيجى فى العالم.
جاء بجريدة القدس العربى وفى مقدمة تحقيق اخبارى لها نقلا عن صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية ان الشعارات المناهضة للولايات المتحدة غابت عن المظاهرات الأخيرة في مصر ودول عربية أخرى، وهو ما اعتبرته إشارة إلى ما بدأ المحللون يصفونه بأنه "الشرق الأوسط ما بعد الولايات المتحدة" حيث يتراجع النفوذ الامريكي.
وذكر تقرير للصحيفة انه في الأيام الماضية كان مضموناً في أية مظاهرة في العالم العربي أن يتم حرق أعلام أميركية ودمية للرئيس الامريكي، إلاّ أنه في المظاهرات في القاهرة وغيرها من المدن العربية كانت الإشارات إلى الولايات المتحدة غائبة, وهذه إشارة إلى ما بدأ بعض المحللين يصفونه بأنه "الشرق الأوسط بعد الولايات المتحدة" الذي يشهد تراجع النفوذ الامريكي في المنطقة ما يثير الغموض حول مستقبل الدور الامريكي فيها.
كما خلصت صحيفة "الديلي تلغراف" اللندنية المحافظة في مقالة نشرتها مؤخرا الى نتيجة مفادها ان, التطور الحالي للاحداث حول ديون الدولة الامريكية، قد يعني " نهاية عصر هيمنة الولايات المتحدة عالميا، المعروف بالعصر الامريكي، لا في الاقتصاد فحسب، بل وفي الميدانين العسكري والدبلوماسي".
وفى محاولة لاستقصاء حقيقة النفوذ الامريكى فى العالم ولاسيما فى منطقتنا العربية, ومدى تراجعه, ومدى دقة هذه التحليلات , وهل بالفعل بدات نهاية العصر الامريكى, ام انها ازمات من النوع المتكرر العابر الذى لا يمس نفوذ الولايات المتحدة ولا يطرح ابعادا جديدة او اطرافا متغيرة فى معادلة التوازنات والصراعات فى الساحة الدولية, كان لشبكة الاخبار العربية هذا التحقيق مع عدد من الباحثين والخبراء:
يرى "جمال اسعد عبد الملاك", الناشط السياسى الناصرى المعروف, ان التراجع الامريكى بدأت جذوره تنبت منذ التدخل الامريكى لاحتلال افغانستان والعراق وكان ذلك بداية لاستنزاف مادى واقتصادى بسبب مواجهة الاحتلال.
ويضيف ان عمليات التدخل الامريكية السابقة وبعد انهيار السوفيت وتفرد امريكا, وتزامن ذلك مع اقتصاد متين شكلا وضعيف موضوعا, فإن السياسة الامريكية كانت تتوارى فى عوامل قوة متخيلة وفى ولاية بوش كانت هناك بداية حقيقية للانهيار الاقتصادى وهذا اثر على الموازنة حيث ادى الى عجز الموازنة وكان غير معلنا وتقابله الكثير من القروض, مما ادى الى الخلل ووجود ازمة اقتصادية امريكية عالمية, وخاصة وان العشر سنوات السابقة وما حدث من حروب وازمات, كانت بدورها عاملا مؤثرا على القدرة الاقتصادية الامريكية.
ويختتم جمال اسعد كلامه موضحا انه عندما ينهار الاقتصاد, تتحلل الامبراطوريات, وعلى مدى التاريخ حدث ذلك مثلما حدث مع الامبراطوريات الرومانية والفرنسية وغيرها, حيث ان التدخل العسكرى الذى لا تقابله قدرة مادية تسعفه تكون نتيجته المباشرة هى الانهيار الاقتصادى.
ويتفق مع ذلك الدكتور" عمار على حسن" الكاتب والباحث السياسى, حيث يقول ان التراجع ليس جديدا, وبدا منذ استعادة الاستعمار التقليدى فى العراق وافغانستان, فدخلت امريكا فى نزيف مستمر على غرار ماجرى للروس فى المستنقع الافغانى.
ويضيف الدكتور عمار ان الازمة المالية العالمية اثرت على امكانات الولايات المتحدة الاقتصادية ولا شك ان التاثير على الاقتصاد هو تاثيرعلى النفوذ العالمى.
وهناك ازمة اخرى يتطرق لها الدكتور عمار, حيث يقول انها ازمة قيم, فمنذ بداية الحرب الباردة, والولايات المتحدة تعمل على تصدير قيم الحرية وتروج لذلك وكانت تدير ازمتها مع السوفيت وفقا لذلك, وعندما سقط الاتحاد السوفيتى وانفردت امريكا , اكتشف العالم انها تستخدم قيم الحرية والمواطنة كاحد وسائل تمكين السياسة الامريكية, حيث غزت العراق بدعوى تحريره, ولم يكتمل النموذج حتى الان.
ويختتم الدكتور عمار كلامه قائلا, جاءت الثورات العربية لتثبت الفشل لامريكا, حيث اسقطت الثورات حكامها دون تدخل خارجى سواء كان حميدا كالذى تصفه امريكا فى الصومال, او غزوا كما حدث فى العراق.
اما الدكتور "صلاح دسوقى" رئيس المركز العربى للادارة والتنمية, فيختلف مع هذه الاراء, ويرى انه لا يوجد تراجع امريكى, سواء فى المنطقه او فى العالم.
حيث يرى الدكتور صلاح ان اى تراجع يجب ان يقابله صعود, اى تراجع امريكا, ان صح, يجب ان يقابله صعود قوى اخرى, وهذا غير واضح.
ويضيف صلاح الدسوقى موضحا انه على مستوى الوطن العربى, فإن التراجع الامريكى بدا فى اندلاع الثورة وبدا انه نوع من المفاجأة لامريكا, ولكن سرعان مااستعادت موقفها الهجومى بالتدخل فى ليبيا وسوريه, وليست الولايات المتحدة بعيدة عن المشهد فى اليمن , ويبدو ان الامر هو ترويض لانتفاضة الشارع العربى ووضعه فى اطار الفوضى الخلاقه لإعادة ترتيب اوضاع المنطقة فى اطار النفوذ الامريكى, ولتثبيت الكيان الصهيونى فى فلسطين المحتلة.
ويختتم صلاح دسوقى كلامه قائلا ان ازمة الدين هى استمرار للازمة المالية وليست حالة جديدة وهى احد تجليات الازمة المالية فى 2008 وهى متعلقة بازمة القروض وهى علامة من علامات الهبوط ولكن وعلى الوجه الاخر, فانه لا يستفيد احد من الازمة سواء فى الصين او اوربا او دول العالم الثالث, بل تأثروا سلبيا, والى الان لا يوجد مؤشر لشئ جوهرى يفيد بتراجع الدور الامريكى فى العالم.
اما الدكتور " جمال عبد الفتاح" الناشط السياسى الاشتراكى وعضو اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة, يقول ان الازمة الامريكية هى ازمة هيكلية مستمرة دائمة, وتأخذ اشكالا مختلفة وفقا لشروط تطور المحيط الخارجى للقرار الامريكى فى البرازيل والهند وغيرهم.
ويضيف جمال عبد الفتاح ان امريكا الامبراطورية تريد ان تعمل هيمنة, وهذا يضعف الاقتصاد, وهناك فساد فى الراسمالية وهو يتركز فى القطاع المالى كالبنوك والبورصات, وهذا ما عجل بازمة 2008, وهو موجود بالقطاعات الاخرى ولكنه يستشرى فى القطاع المالى, وهذه العوامل تقول ان الازمة ممتدة ولن يتم حلها فى 2011 كما وعدوا, وازمة الدين الاخيرة تعكس انه ليس هناك خروج منها ولا من ازمة البطالة وانهم مهددين بإشهار الافلاس, حيث اصبح الدين اكبر من الدخل السنوى الامريكى.
ويختتم جمال عبد الفتاح كلامه بالقول ان ما يحدث فى العالم ولا سيما فى المنطقة العربية ولاسيما فى مصر, يعكس تراجعا وهزيمة للمشروع الامريكى, كما فى العراق وافغانستان, وامريكا لا تستطيع ان تكون كما كانت فى القرن الماضى ولا فى اوائل هذا القرن, وهذا بداية تراجعها الكبير وانهيار امبراطوريتها, ولا سيما مع الهزائم الاخيرة والثورة المصرية, ودورها متراجع وفكرة القطب الوحيد بدأت تتراجع وهناك تأثير للنفوذ الصينى كما بدات تظهر ملامحه فى افريقية.
ويتفق مع ذلك " عادل الجوجرى" الكاتب الصحفى القومى ورئيس تحرير مجلة الغد العربى, والذى يرى ان الازمة الاخيرة هى استكمال لازمة سابقة عام 2008, وهو مايعنى ان الاقتصاد الامريكى مأزوم والهيبة الاقتصادية متراجعة فى سوق الائتمان العالمى وهو ما سيؤثر حتما على مكانة امريكا السياسية ودورها الاستراتيجى فى العالم لسببين:
1/ انشغال ادارة اوباما بمحاولات ايجاد اليات لحل ازمة سقف الديون ولاسيما فى ظل مكايدات الحزب الجمهورى ورغبته فى إيقاف قطار اوباما فى الانتخابات, وهذا يعنى ان ادارة اوباما ستنغمس فى الداخل على حساب مواقفها الخارجية.
2/ المعونات التى كانت امريكا تمنحها لعدة دول, وهى احدى ادواتها, سوف تتأثر وتتراجع, وهذا سيؤثر على دور ومكانة امريكا فى العلاقات الدولية.
ويضيف عادل الجوجرى انه وبالنسبة للموقف العربى, فانه يعتقد ان الادارة الامريكية تواجه مشكلات فى العراق وكذلك فى افغانستان والشرق الاوسط بسبب عدم قدرتها على توفير الدعم المالى واللوجستى لقواتها التى تبلغ 7000 فى العراق و100.000 فى افغانستان, فضلا عن قواعد بحرية فى البحرين وجوية فى اليمن وقطر والسعودية, وهذا تمويله ضخم, ولن يستطيع البنتاجون توفيره, مما سيترتب عليه تخفيض عدد كبير من هذه القوات او تقليص لدور القواعد المنتشرة عبر العالم ولا سيما فى الشرق الاوسط وتركيا, اضافة الى ان الدعم المقدم للسلطة الفلسطينية قد تراجع نسبيا ومهدد بالتوقف كليا بسبب تقدم السلطة الفلسطينية للجمعية العامة للامم المتحدة بطلب العضوية وهو ما تعارضه امريكا.
ويختتم الجوجرى كلامه بالقول انه وفى التحليل الاخير فإن هيبة امريكا الاقتصادية التى تتهاوى يوما بعد يوم, ستؤدى الى انحسار دورها السياسى والاستراتيجى فى العالم.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/