إذا لم نكن عربا بالنسب , ولم نكن عربا باللغة والتاريخ , فإننا عرب بالضرورة والحاجه , وليس أمامنا ثمة خيار أخر إذ أن كل الخيارات الأخري لا تخدم مصالحنا الماديه , ولا تجعل منا إلا كيانات قزميه لا تستطيع تحمل تبعات المواجهة التنافسيه مع الكيانات الأممية الأخري , ونحن لا نستطيع أن نلتحق بأمة أخري لأن لنا صفات تحول دون ذلك , وحتي هؤلاء اللذين هاجرو إلي بلاد أخري غير بلادنا وحاولو الإندماج ما وسعتهم الحيله وما سمحت لهم به العقيدة والدين , إكتشفو في نهاية الطريق أنهم عرب أقحاح وأن عروبتهم التي حاولو نسيانها ما زالت تجري في دمائهم , يذكرهم بها المتعصبون والمتطرفون من كل شعوب الأرض.
أنت عربي , كلمات يظنها الجاهل سبا وتجريحا ونراها شرفا وتشريفا , نعم أنا عربي , أنتسب إلي أمة لا تنسي ولا تضمحل ولا تنتهي , إرتبط ميلادها وبقائها بكتاب الله الكريم الذي تعهد الله سبحانه وتعالي بالحفاظ عليه.
أنا عربي , إنه إنتماء يوحدني مع ملايين البشر من المحيط إلي الخليج ويمنحني حق العمل والتجاره في هذا الفضاء الرحب وتلك الأراضي الشاسعه يوما ما , فلماذا إذن أرفض هذا الإنتماء وأنا أعرف يقينا أنهم لن يقبلونني أوروبيا ولن يقبلونني أسيويا ولن يقبلونني أمريكيا.
عندما أنسي أنني عربي يُذكرني الصهيوني بعروبتي وهو يهتف بالموت للعرب وهو يطردنا من بيوتنا لأننا عرب , وهو يحتل بلادنا بحجة أن الله قد منحها لجنسه دون العرب , ويذكرنا بها النازيون القدامي والنازيون الجدد.
نحن عرب لأننا في حاجة ماسه إلي من نتاجر معهم دون أن يحولو بلادنا إلي مجرد أسواق لبضاعتهم , ولأننا نريد شراكة مع شعوب لا تُبطن لنا العداء والكراهيه , لأننا نريد أن نكون جزءا من محيطنا الجغرافي وهذا يتسق مع المنطق الواضح و المستقيم .
نحن عرب لأن الكيان العربي المتحد يمنحنا القوة والمنعه بعدما سلبتنا الكيانات الصغيره كل وسائل الحماية والدفاع.
إننا عرب لأن جيوش الدول القطريه لم تتمكن من الدفاع عن المصالح العربيه في كل بلد عربي.
إن عروبة العربي قدر محتوم , إما له وإما عليه , إنها ليست فكرة نؤمن بها أو نكفر , إنها ليست عقيدة إقتصاديه أو سياسيه , إنها إنتماء لا نستطيع أن نفر منه إذا كنا في كامل قوانا العقليه , وإذا حاولنا الفرار منه فإننا مثل الذي يتبرأ من أبيه وأمه أو مثل الذي يلقي بفلذات أكباده في البحر.
العروبة ليست عقيدة وليست دينا إلا أنها تدين بدين الإسلام الذي صنعها وأرتبطت به إرتباطا أزليا.
من يتوهمون خطا فاصلا بين العروبة والإسلام لم يفهمو الإسلام ولم يعرفو ماهية العروبة وطبيعتها أو أنهم كانو ضحايا صراعات سياسية علي السلطه .
أنا لا أستطيع إستساغة أن أكون إسلاميا بلا عروبة أو عروبيا دون قناعات إسلاميه.
أما من ينادون بالقطرية أولا , ومن يهتفون مصر أولا أو سوريا أولا أو تونس أولا , فإنه لا شأن لهم بمصلحة تلك الأقطار التي ترتبط مصالحها الكبري بالمصلحة العربية الواحده.
التنظير لقومية مصرية أو قومية سوريه أو أردنيه هي مثل التنظير لقومية إسكندرانيه أوقومية طنطاويه أومنصوريه أو قاهريه في مصر.
التنظير لقومية المحافظه أو المدينه ومحاولة إعتبارها كيانا مستقلا خيانة عظمي تعاقب عليها قوانين الأقطار العربيه أحيانا بالإعدام , فلماذا لا نعتبر سلخ بلاد كبري من أمتها خيانة عظمي أيضا ؟؟؟
إذا كان التنظير لسلخ محافظة أو مدينه من دولة قطريه جريمة كبري فلماذا لا تكون الدولة القطريه جريمة أكبر ؟؟؟
العروبة إنتماء العربي الأول بمعني أنها دائرة إنتمائه الأولي ولا تسبقها دائرة إنتماء أخري , إننا عرب ولدنا في مصر وفي الجزائر وفي موريتانيا ومن ثم فإنه لا توجد لدينا أمة مصريه أو أمة جزائريه بل أمة عربية في مصر وأمة عربية في الجزائر....إلخ. إنه موقف لسنا في حاجة إلي إثباته بالدليل العلمي ولكننا في حاجة إلي الدفاع عنه في الواقع العملي.
الإسلام عقيدة والعقيدة تعلو علي الإنتماء ولا تتعارض معه , لأن الإعتقاد يأتي بإرادة المعتقد بينما تمنحنا الجغرافيا إنتمائنا الذي يولد معنا وكما قلت سابقا فإنه لا توجد فكرة في الإنتماء بل موالاة ونصره وتحديد للماهيه و إجابة عن أسئلتها .
بلا إسلام نفقد عروبتنا وتصبح بلادنا مثل فيتنام إلي جوار لاوس أو إلي جوار كمبوديا وهي بلاد لا تطمح إلي التوحد ولا تحلم به , لذا أتعجب كيف يكون المرء عروبيا وليس إسلاميا وأندهش من السلفي الذي يصف القومية العربيه بالجاهليه وهي منتج حضاري من منتجات الإسلام الحضاريه العديده .
إنتمائنا عربي بمعني أننا عرب وهي مسألة لا جدال بشأنها وعقيدتنا إسلاميه إذ نري أن الإسلام هو الحل وهو المنقذ وفيه الخلاص , نسعي إلي وحدة العرب لأن الوحده فريضة إسلاميه وندافع عن حقوق العرب المغتصبه في فلسطين لأن نصرة أهل فلسطين واجب شرعي ولأننا وإياهم عرب.
هكذا نري أن العروبة تحكم بما يحكم به الإسلام لأنها وليدته وصنيعته فلا يتعارضان.
بدا للبعض تعارض بين العروبه والإسلام في موقف العرب من إيران عندما أيد العرب صدام حسين في حربه ضد إيران المسلمه وبدا للبعض أنها جاهلية العروبه تطغي علي أخوة الإسلام ولم يلتفت أحد إلي أن من أيدو صدام في حربه العبثيه مع إيران لم يكونو عروبيين ولم ينطلقو من منطلقات عروبيه بل من توصيات وأوامر غربيه ,وفي أيامنا هذه تجد كل العروبيين الحقيقيين يؤيدون إيران الإسلاميه في دعمها للنضال العربي في فلسطين وجنوب لبنان وفي دفاعها عن نفسها وعن مصالحها وتجد الإسلاميين الحركيين متفقين معهم تماما بينما تجد من يقولون بجاهلية العروبه يعادون إيران الإسلاميه علي أساس أنها شيعية ويحذرون منها ومن تغلغلها في المنطقة العربيه وهذه حقائق تؤكد مقولتنا بأنه لا تعارض بين ما يدعو إليه الإسلام وما يمليه الإنتماء العربي.
المسألة إذن ليست عروبة تختلف عن الإسلام بل إنها عروبة حقيقيه وفهم صحيح لإسلام حقيقي في مقابل توظيف سيئ للعروبة والإسلام من أجل خدمة مصالح غير عربيه
لقد إختفي حلم بناء الإمبراطورية العربيه من الأدبيات العربيه الحديثه , فلم يعد معقولا في زمن التفتت والنكسات المتتابعه أن ينادي أحد ببناء إمبراطورية عربية من جديد , ولكنني أري أن الحديث عن هذا الحلم مهم جدا , ليس لتحقيق الحلم الإمبراطوري , بل للتخلص من التخلف والتبعيه ولتحقيق النهضه في كل الأقطار العربيه ولتحفيز الأمه للسير في طريق النهضه
أحمد خفاجي
ahkhafagy@yahoo.com
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/