أخبار صحفية ليست بريئة بقلم/ توفيق أبو شومر
تنتشر هذه الأيام موجةٌ من الأخبار التافهة غير البريئة في كثيرٍ من الصحف ووسائل الإعلام، وسأذكر بعض النماذج من هذه الأخبار التي تشير إلى ضحالة مستوى الصحافة ومنتسبيها، فقد قرأت خبرا منذ أيام في صحيفة فلسطينية بعنوان:
" حفل حمساوي في بيت فتحاوي" !
غريب، عجيب هذا الخبر، لأن الخبر السابق قد يبدو للقارئ غير المدقق بأنه خبرٌ طريف عادي مشوِّق ، غير أنه خبرٌ لئيم ذو دلالة خطيرة تشير إلى تحوُّل الانتماء الحزبي في فلسطين إلى نزعة عرقية إثنية بين جنسين وعرقين مختلفين من البشر، جنس ينتمي لحركة فتح، وآخر ينتمي لحركة حماس.
وما أزال أذكر خبرا آخر نشرته إحدى الصحف الفلسطينية في صدر صفحتها الأولى منذ سنوات أيضا:
" طبيب فتحاوي، يعالج مصابا حمساويا" !
إن هذا الخبر التافه، خبرٌ خطيرٌ، لا لأنه جاهلُ بقسم أبقراط الطبي، بل لأنه أيضا يؤشر إلى أن فتح وحماس قد تحولا إلى عدوين لدودين، أو أنهما يجب أن يتحولا إلى عدوين ، وفق مصممي الخبر السابق.
يبدو أن الخبرين السابقين يسيران على منوال الأخبار العربية، فقد قرأتُ منذ شهور في صحيفة عربية واسعة الانتشار،أن دولة عربية ألقت القبض على سفينة دخلت مياهها الإقليمية، ثم قامت بتوجيه تهمة لركاب السفينة بأنهم دخلوا حدود المياه الإقليمي، وانتهكوا سيادة هذه الدولة!
كنت أظنّ بأن السفينة هي سفينة تجسس عسكرية لدولة معادية، إلى أن نوّه الخبر على استحياء في آخر جملة وقال:
إن قارب الصيد يعود للدولة العربية الشقيقة المجاورة.
وهناك خبرُ آخر يستحق الذكر يُشير أيضا إلى تفاهة بعض وسائل الإعلام الفلسطينية
فقد نشرتْ إحدى الصحف إنجازا رائعا، غير مسبوق، يستحقُّ الإشادة وتخصيص مكافأة للصحفي الذي كتب الخبر، وهو يشير إلى مستوى الصحافة في الوطن، وقد نُشر الخبر في صحيفة واسعة الانتشار يوم 8/9/2009 يقول الخبر:
" حملة لكل شرطي مصحف"
تفصيلات الخبر:
"تأتي هذه الحملة استكمالا للحملة السابقة التي أطقلتها (....) فقد بدأ توزيع نسخ من المصحف الشريف ضمن حملة أطلقتها العلاقات العامة، برعاية (عدة جهات) وتحت إشراف (بطل الحملة) !
هكذا إذن تمكن الإعلام من تحويل توزيع نسخة من القرآن على أفراد الشرطة ! إلى (حملة) ! تشارك فيها مؤسسات ووزارات وقد تكون الحملة مدعومة من جهاتٍ أخرى، وبتمويل من إحدى الجمعيات غير الحكومية، ولها داعمون من بلاد أخرى !!
أليس عيبا أن نسمي هذا الخبر الصغير (حملة) وهي تعني بلغة الجنود الغزوة أو المعركة، أو الحدث الكبير؟!
ونشرت صحيفة أخرى يوم 6/7/2010 خبرا تحت عنوان" سبحان الله"!
" أتلف نملٌ مصحفا قديما ، ولم يمس الآيات، فقد أكل فقط الأوراق وترك حروف الآيات كما هي سليمة"!
ولم يسأل ناقلُ الخبر نفسه سؤالا ( لماذا فعل النملُ ذلك ؟)
فالصحفي يجهل سبب أكل النمل للورق ولم يأكل الحبر السام بمادة الرصاص ، لأن النمل يملك غريزة حفظ البقاء ويكتشف السموم !
إن سلسلة الأخبار التافهة في كثير من الصحف تدل على مستوى الهبوط الإعلامي في كثير من وسائل الإعلام، كما أن الأسوأ هو أن كثيرين ممن ينسبون أنفسهم للإعلام زورا وبهتانا، أصبحوا ناقلين للأخبار، وليسوا صحفيين واعين يتمتعون بالثقافة والوعي.
فالصحفي والإعلامي الواعي يمكنه أن يشكل الرأي العام، وذلك بثقافته وقدرته على انتقاء الأخبار المحفِّزة على الإبداع والإنتاج ، وليس الأخبار التي تنشر الخرافات والأباطيل، وتعزز الانقسام والفُرقة بين طوائف المجتمع
وللأخبار التافهة بقية !
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/