16/1/2010
السينما
والحرب في غزة
بقلم: محمد
العجلة
"السينما
والحرب" فعالية نظمها في مدينة غزة ملتقى الفيلم الفلسطيني بالتعاون مع مركز
معلومات وإعلام المرأة يوم الخميس 14/1/2010، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للحرب
الإسرائيلية على غزة، وعُرض خلالها ثلاثة أفلام وثائقية قصيرة لمخرجين فلسطينيين،
وتم فيها مناقشة مخرج كل فيلم بعد عرضه من قبل الحاضرين.
الفيلم
الأول يحمل اسم "فتافيت ركام" للمخرج عبد الرحمن الحمران، ويستند بشكل
أساسي إلى توثيق روايات عفوية لمجموعة من الأطفال تأثروا بالحرب. يقول الحمران أن الفيلم لا يتعرض
فقط للجانب التسجيلي بل يرصد أيضا الجانب الإنساني، إنه صرخة ألم ممزوجة
بالأمل وجهها أطفال غزة بعفوية فرغم هول ما حدث من دمار خلال الحرب ما زلوا يلعبون
ويصنعون من فتافيت الركام ألعابا.
والفيلم
الثاني "ظلال في الظلام" للمخرج جهاد الشرقاوي، وقد وصفه بأنه وثائق
درامي، واختار أن يكون فيلمه بدون كلام وترك التعبير فيه لحركة الأشخاص والموسيقى،
ويركز على الآثار التي يخلفها انقطاع الكهرباء الطويل على حياة السكان في قطاع غزة
وخاصةً الأطفال في ظل استعدادات الجيش الإسرائيلي العسكرية الهائلة للاعتداء على
غزة.
أما
الفيلم الثالث فيحمل اسم "جميلة" للمخرجة حكمت المصري وهو يوثق مأساة
امرأة فلسطينية أصيبت أثناء الحرب في قدمها فأقعدتها الإصابة عن الحركة. إنها زوجة
وأم لم تعد قادرة على ممارسة دورها وحياتها كما هي قبل الإصابة، وهو ما ولد لديها
الكثير من المعاناة والقلق وحتى الهواجس والمخاوف من المستقبل. ما لفت انتباهي في
هذا الفيلم الذي يتحدث أساساً عن امرأة أن كل طاقمه هم من النساء أيضاً وليس
المخرجة فقط، بمعنى أنه عمل نسوي بامتياز.
استمع
المخرجون خلال النقاش لآراء مختلفة في أعمالهم وعقبوا عليها بوجهات نظرهم. في
مداخلتها أكدت السيدة هدى حمودة مدير عام مركز معلومات وإعلام المرأة على أهمية
الاستماع للرأي والرأي الآخر، لما فيه من فائدة للمخرجين ولأنه يسهم في خلق ثقافة
فنية.
بعد
انتهاء الفعالية، قابلت المخرج السينمائي سعود مهنا رئيس ملتقى الفيلم الفلسطيني
وتحدث إليّ عن أهمية تكريس ثقافة النقد الايجابي لتطوير الأعمال الفنية ولدفع
المخرجين إلى تحسين أعمالهم، وهذا ما جعل الملتقى ينظم هذه الفعالية بهذا الشكل
المتضمن للنقاش. حديث المخرج مهنا أعادني للوراء خمسة عشر عاماً، حينما نظم هو
نفسه في جمعية الشبان المسيحية بغزة لقاءً كبيراً حضره نخبة من المثقفين والفنانين
والكتاب لمشاهدة ومناقشة فيلمه الروائي "كرمل" حيث طُرحت آراء متباينة
واستقبلها بصدر رحب. هذا التقليد ينعكس بالإيجاب على كلٍ من الجمهور وطاقم العمل
الفني وخاصةً المخرج وكاتب النص.
السينما
والحرب هي الفعالية الثالثة لملتقى الفيلم خلال أقل من شهر، تم تنظيمها بالتعاون
مع ثلاث جهات مختلفة، وهو ما يشير إلى نشاط مكثف للملتقى أسهم مع غيره من النشاطات
التي تنظمها مؤسسات وجهات أخرى إلى إحداث حراك فني، وفّر فرصةً للقاء الفنانين
والمثقفين مع بعضهم مع ما في هذه اللقاءات من أهمية، وأتاح للجمهور مشاهدة أعمال
فنية يتعلق كثير منها بالحرب والحصار والظروف الحياتية والإنسانية الناجمة عنهما.
ملتقى
الفيلم الفلسطيني يضم مجموعة من المبدعين يؤهلونه لأن يلعب دوراً مميزاً في تنشيط
الحركة الفنية بغزة، منهم الإعلامية إيناس الطويل مديرة العلاقات العامة والمخرج
زاهر الكاشف والمهندس محمد أبو قوطة وغيرهم، وهذا بالتأكيد يحتاج من القائمين على
الملتقى امتلاك خطة عمل واضحة، والانفتاح على الجميع.
غزة،
بما فيها من أحداث وقصص، وخاصة بعد الحرب تشكل تربة خصبة لأعمال فنية ذات مستوى
عالٍ على اختلاف أنواعها، مسرح وسينما وتلفزيون، وهذا يحتاج إلى توفر عدة عناصر من
بينها التمويل لكن الأساس في النجاح يعود إلى قدرات وبراعة الكاتب والمخرج. غزة
تنتظر.
***
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/