تنازل عن الكرسي .. لا عن الثوابت
نزار الغول
مرة
أخرى ... تثبت حركة فتح أنها رائدة الفكر العربي الحديث وأنها ماضية نحو
مأسسة المؤسسة السياسية الفلسطينية لتقدم صورة جديدة مناقضة عن بقية صور
النظام السياسي العربي .
الرئيس
العربي الخالد جمال عبد الناصر قدم استقالته فطالبه الناس بالمكوث فالتزم
برغبة الجمهور، فيما الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أعلن نيته عدم
الترشح فصفق له الناس .. ثم عدل عن قراره فصفق له الناس بحرارة أكبر.
في فلسطين ... أعلن أبو مازن نيته عدم الترشح .. لم يصفق له أحد ... يطالبه الجميع بالبقاء .. وأبو مازن يصر على الرحيل.
بالمقابل
يرقد على قلوب الناس هناك في قطاع غزة ثلة من ( الأوسلويين الجدد ) الذين
تنازلوا عن كل شيء إلا الكرسي ... الكرسي مقابل دماء أبناء شعبهم وجوع
ومرض أبناء شعبهم ...ويرفضون التزحزح ولو قيد أنملة عن كرسيهم العاجي تحت
شعار أن وجودهم وبقاءهم إرادة إلهية ... وإرادة الله فوق إرادة العباد.
المضحك
المبكي بهذا المشهد ... هو صورة المعارضة غير الوطنية (حماس والكسور
العشرية في دمشق) التي اتهمت الرئيس الراحل ياسر عرفات بالتفريط والتنازل
عن الثوابت الوطنية والكفر والخيانة بعد قمة كامب ديفيد.
فاغتالت
إسرائيل أبو عمار بسبب موقفه في كامب ديفيد.. لتظهر الصورة واضحة ... أن
موقف أبو عمار في كامب ديفيد كما أغضب حماس فهو أغضب إسرائيل أيضاً.
وما
يضحكنا ويبكينا مرة أخرى الآن ... ( حماس وكسورها العشرية في دمشق ) ..
التي اتهمت أبو مازن بالتفريط والخيانة وبيع القدس والقضية واللاجئين
والحدود والمياه والسيادة.. وتقول بمناسبة وغير مناسبة إن أبو مازن يعقد
صفقات ( تحت الطاولة ) تفرط بالحقوق والثوابت الوطنية.
ومرة اخرى ... الزعيم يغضب إسرائيل وحماس على حد سواء.
وحين أكد أبو مازن نيته عدم الترشح وبسبب التعنت الاسرائيلي والموقف الأميركي قالت حماس وكسورها إن هذا دليل على فشل عملية السلام.
حماس
وكسورها من احمد جبريل الذي يرأس فصيلا عددد أعضائه سبعة والحزب الشيوعي
الثوري حليف حماس الذي لا يتجاوز عدد أعضائه أربعة أعضاء ... هؤلاء لا
يعلمون ( بل يعلمون ولا يقرّون ) ان فشل عملية السلام معناه من زاوية أخرى
عدم تنازل أبومازن عن الثوابت ... فلو تنازلت القيادة عن ثابت واحد من
الثوابت لنجحت عملية السلام بالمفهوم الاسرائيلي على الأقل.
أبو
مازن في خطاب ( الاعتزال ) اكد على ثوابت العمل السياسي الفلسطيني ... وهي
ذات الثوابت التي أورثه اياها ياسر عرفات ... وها هو أبومازن يسلمها لمن
يأتي بعده.
أبو
مازن انتخب بشكل ديموقراطي ويود اعتزال المشهد السياسي بشكل ديموقراطي
مؤسساتي فيما مطلقو البالونات الشعاراتية في دمشق من مشعل وجبريل وبقية
الأسماء التي لا تمكث في الذاكرة لأكثر من عشر ثوانٍ .. لا نعلم كيف
اعتلوا الموجة ومن عينّهم..
احمد
جبريل منذ ان انشق عن الجبهة الشعبية وحتى اليوم لا يزال هو الأمين العام
لتلك الجبهة.. ومشعل منذ ان نفذ انقلابا أبيضا على موسى أبو مرزوق وهدده
بالتشهير به وعزله وحتى اليوم لا يزال هو االمسؤول الأول والأخير في حماس،
ويمرر للبيت الأبيض مشروع ( جنيف أحمد يوسف / الدولة بحدود مؤقتة بدون
القدس ) مقابل أن تعترف به واشنطن.
فأي
المشهدين يعبر عن فلسطين ... من تنازل عن الرئاسة حتى لا يتنازل عن القدس
... أم من يسوّق نفسه أمام الأوروبيين والأميريكيين مقابل المقاومة والقدس؟
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/