ما زال اللاجئ الفلسطيني محمود المدهون (أبو أيمن) يحتفظ بمفتاح بيته في بلدة المجدل جنوب أراضي 48 بعد مرور ستين عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني الذي تحتفل فيه دولة إسرائيل بذكرى تأسيسها.
أبو أيمن (80 عاماً) يعتبر واحد من ملايين اللاجئين الفلسطينيين ممن شردوا عن أراضيهم على يد العصابات الصهيونية في العام 1948 ليستقر به الحال في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة.
وبعد مضي ستين عاماً على النكبة فإن اللاجئين يصرون على اختلاف انتماءاتهم وأجيالهم على التمسك بحق العودة إلى أراضيهم التي طردوا وأبعدوا وشردوا منها قسراً.
ويقول الحاج أبو أيمن،الذي لديه من الأحفاد أكثر من خمسين حفيداً، 'نحن أقرب من أي وقت مضى للعودة إلى ديارنا التي شردنا منها على يد العصابات اليهودية، فأحفادي لا يؤمنون إلا بالعودة لأرضنا في المجدل، فمهما توالت الكوارث والنكبات والمجازر فلن نفرط بحق العودة لبيتنا'.
ويشير الحاج المدهون وهو يتكئ على وسادة في أحد غرف منزله وسط مخيم الشاطئ، إلى مكان بلدته التي تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط على بعد 21 كيلومترا شمال مدينة غزة، ويتذكر بألم وحسرة زراعة الحبوب والخضر والحمضيات وكروم العنب والفواكه كالتين والبرقوق والخوخ والتوت.
'كنا نعمل في الغزل والنسيج على النول، وكان عندنا سوق يوم الجمعة، نتبادل البيع والشراء بين أهل البلدة والقرى المجاورة' قال المدهون.
ويحدث المدهون أحفاده الذين يضمهم إلى حضنه ويلتفون حوله ليستمعون ويستمتعون بحديثه عن أرضه وكروم العنب وأشجار البرتقال والليمون والجميز، ويحثهم على دراسة التاريخ الفلسطيني ومعرفة مدنهم وبلداتهم وقراهم بأسمائها الأصلية، ويقول: المجدل اسمها كنعاني الأصل وهي تعني القلعة أو مكان الحراسة، وسميت مجدل جاد، وجاد هو إله الحظ عند الكنعانيين.
ويقول حفيده الطفل محمد (10 أعوام): 'بدنا نرجع للمجدل أرض جدودي ونعمرها من أول وجديد'.
بينما يقول حفيده محمود (23 عاماً)، الذي يعمل ممرضاً: 'لم أعاصر النكبة لكن ذاكرتي مليئة بأحداثها فأحفظ تاريخ قضيتي من لسان وكلام جدي ورفاقه، فهم الذين يعلموننا التاريخ الفلسطيني الحقيقي الواقعي، وستبقى هذه الذاكرة خالدة في عقولنا ولن ننسى الوطن مهما حاولوا أن يزيفوا ويسرقوا، فالاحتلال إلى زوال'.
وما زال الحاج المدهون، رغم تقدمه في السن، يحلم بالعودة إلى بلدته ووطنه، حتى الأطفال الذين ولدوا في مخيمات التشرد واللجوء، ورغم أنهم لم يدركوا معادلة الصراع ولم يعاصروا أحداث النكبة التي يدفعون ثمنها، فإن أحلامهم وأفكارهم تمزج بين النكبة والعودة إلى أرض الوطن.
وتقول الطالبة سماح من مدينة يافا وتسكن حاليا في مدينة غزة: 'أحب أن يعمّ السلام وأن نعود إلى أرضنا في يافا وأن تتوقف الفتنة الحاصلة بين أبناء شعبنا وأن يفك الحصار عنا في غزة، ودعت كذلك أبناء شعبنا للمشاركة في فعاليات إحياء الذكرى والوقوف في وجه الاحتلال يداً واحدة'.
كما دعت أبناء امتنا العربية والإسلامية للتضامن معنا والوقوف إلى جانبنا للتصدي للهجمة الإسرائيلية ضد مقدساتنا وأرضنا وأن يمدوا يدّ العون لإخوانهم في فلسطين للمحافظة على أرضهم وحمايتها من سرقة المحتل الذي سلب معظم أرضنا ويحاصرنا ويعمل على تهجير بقية شعبنا وفق سياسة عنصرية ممنهجة تتبعها إسرائيل منذ تأسيسها'.
وتعكف اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة في محافظات غزة على تنظيم فعاليات بهذه المناسبة الأليمة تتوج بإقامة مهرجان مركزي في الخامس عشر من الشهر الجاري في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، داعية أبناء شعبنا للمشاركة على أوسع نطاق في المهرجان.