الـعـَصَـا
الـفـلـسـطـيـنـيـَّة تـفـوز بـجـائـزة دولـيَّـة
ثلاث فتيات فلسطينيات
يفـُزنَ بجائزة دولية لإبتكار عصا تـُرشِد المكفوفين
اهتمام إعلامي كبير بالحدث
في معرض كاليفورنيا
فازت 3 طالبات في الصف التاسع بمخيم عسكر
للاجئين بالضفة الغربية بجائزة "الابتكارات الإلكترونية التطبيقية" والتي
تمنحها شركة إنتل الأمريكية عملاق صناعة معالجات الكومبيوتر والإلكترونيات
عن ابتكارهن لعصا إلكترونية لإرشاد المكفوفين على هامش معرض العلوم
والهندسة في سان جوزيه في ولاية كاليفورنيا.
فبوَحي من الحاجة لمساعدة المكفوفين في اجتياز الطرق, وكمشروع صفـِّي
ضمن مسابقة في مدرسة إعدادية تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأنروا"،
بدأت أسيل أبوليل ونور العارضة وأسيل الشعار بالعمل كفريق واحد لإنجاز عصا
استشعار إلكترونية مبتكرة تساعد فاقدي البصر على استكشاف الطرق وتجنب
العقبات.
وبعد بحث مستفيض وتجارب مبنية على دراسة تجارب المكفوفين توصلت
المجموعة لتصوّر أوّلي يقضي بالاستعانة بالأشعة تحت الحمراء لقراءة تضاريس
الطريق في جميع الاتجاهات وإرسال أصوات إرشادية يميزها المكفوف لتجنب
الاصطدام أو الوقوع في حفرة.
ولم يمض ِ مشروع الثلاثي نفسه بغير عقبات حيث إن
أزقة المخيم التي وفرت مشهد معاناة المكفوفين لم تكن لتؤمن ما احتجن اليه
من أدوات وتجهيزات كالوصلات والدارات الإلكترونية, فبدأن رحلة السفر اليومي
والانتظار والتفتيش على حواجز الأمن الإسرائيلية قبل أن يتسنى تأمين
اللوازم من مدينة رام الله.
وعند إنجاز نموذج نهائي ونجاحه في الاختبار العملي للمكفوفين تم تقديمه
لمسابقة "الأنروا" لتفوز المجموعة برحلة إلى كاليفورنيا لعرض المشروع.
التلميذات يجرِّبن العصا في
المدرسة
منافسة مع 1611 متسابقاً من
56 دولة
وعند عرض "العصا الحساسة" في معرض اختراعات
الشباب للعلوم والهندسة بكاليفورنيا فازت بالجائزة العالمية الخاصة
بعد
منافسة مع 1611 متسابقاً من 56 دولة ونالت استحسان الحاضرين واهتمام
المحررين التقنيين في المواقع الأمريكية والأوروبية المتخصصة.
وعلى هامش حفل التكريم صرَّح مارك اوسلان رئيس الجمعية الفيدرالية
الأمريكية لفاقدي البصر في تعليقه على حصول الفلسطينيات الثلاث على
الجائزة:
"شهدنا العديد من الاختراعات ووسائل
المساعدة لفاقدي البصر منذ عام 1970 إلا أن "الاختراع الجديد للطالبات
الفلسطينيات إنجاز عملي فريد وتجاوز العيب الأبرز في الابتكارات السابقة,
والتي عجزت عن اكتشاف الأسطح غير المستوية بينما العصا الجديدة ستحدث
تغييراً دراماتيكاً في مساعدة فاقدي البصر كونها تحدد الحفر الموجودة في
الطريق بالاستشعار عن بُعد".
أسيل ونور وأسيل لحظة الفوز
برحلة لكاليفورنيا
وتساءلت: "ما
الذي كان من الممكن أن يحدث لو لم يكن النظام التعليمي في الأونروا يعاني
من مشاكل مالية؟".
من جهته قال كريس جينيس الناطق باسم الأونروا إن تكليف تعليم العلوم
يكلف المنظمة الدولية 20 مليون دولار سنوياً،
فيما تعاني ميزانية
الاونروا من عجز قدره 90 مليون دولار في كل مناطق عملياتها، ولن تمتلك
الأونروا أي أموال خلال شهور".
من جهتها قالت نائبة المفوض العام للاونروا "مارجوت اليس" ان
ما قامت به الطالبات الثلاث في مدارس الاونروا يؤكد الطاقات الابداعية
للفتيات والاولاد الفلسطينيين مشيرة الى ان الاونروا وعبر برامجها
التعليمية تريد تفجير تلك الطاقات ".
في حين عرف
العاملون في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة
(أونروا)، أن أصيل لن تسافر لعدم توفر تكاليف تذكرة ثالثة لها فقاموا بجمع
النقود فيما بينهم ليتبرعوا لها بثمن تذكرة لها، فبكت أصيل لهذه المبادرة
الطيبة.
لقاء مع الطالبات
التقت بالطالبات وتحدثت معهن حول التجربة
الفلسطينية الأولى في المسابقة التي تنظمها شركة "انتل" في أمريكا، حيث
عبرن عن فخرهن وسعادتهن بهذا الإنجاز رغم كل الصعوبات التي واجهنها خلال
تنفيذه.
من جانبها، عبرت المشرفة على المشروع المعلمة جميلة خالد لـ"صفا" عن مدى
إعجابها بقدرات الفتيات الثلاث، ومدى قدرتهن على استيعاب أعقد المسائل
الحسابية والفيزيائية والمصطلحات العلمية المختلفة التي كانت تواجههن خلال
تطوير العصا
أما الصعوبات التي واجهتها الطالبات،
فتمثلت في صعوبة إيجاد أهم جهاز يلزم للمشروع وهو مجس يتميز بمدى مناسب
وقابل للتعيير، حيث تم البحث في جميع محافظات الضفة حتى تمكنا من الحصول
عليه.
وتضمن المشروع، حسب خالد، بحثاً
علمياً نظريا يشمل تحليلا إحصائيا، وبحكم صغر سن الطالبات فكانت أمامهن
عقبة تتمثل في معرفة وفهم معنى التحليل الإحصائي وكيفية عمله، إلى جانب
الكثير من القوانين والمعادلات والمصطلحات، وفهم طبيعة عمل المجسات وتوصيل
الدوائر الكهربائية المعقدة".
وعلى الرغم من جميع تلك الصعوبات إلا
أن الطالبات أبدين تفوقا لا مثيل له، وتمتعن باستيعاب رائع ومميز، وهو ما
جعلهن يصلن إلى هذه المرحلة المتقدمة من المسابقة وتمثيل فلسطين لأول مرة
فيها، حسب خالد.
الطالبة نور العارضة إحدى منفذات الاختراع قالت
لـ"صفا": "تم اختيارنا ضمن 63 مشروع في مدارس الأونروا، وبعدها تم اختيارنا
ضمن أكثر من خمسين مشروع من جميع المدارس الخاصة والحكومية ومدارس
الوكالة، وتم ترشيح 15 مشروعا علميا على مستوى الوطن تم اختيار ثلاثة منهم
للتصفية النهائية في معرض فلسطين العلمي والتكنولوجي حيث فزنا بالمركز
الأول".
وكانت العارضة وزميلاتها تتخطَّى كل مرحلة بكل تحدي، وكنَّ يشعرن
بسعادة كبيرة، "خاصة ونحن نرى أن أهلنا ومدرستنا ومشرفتنا ومديرة المدرسة
كلهم فخورين بنا، وفي كل مرة كنا نتأهل بها كان التشجيع أكبر في المدرسة
وتكريمنا أمام الطالبات عبر الإذاعة الصباحية، وهذا شكل دافعا قويا لنا
لمواصلة المنافسة".
وتشير إلى أن ما يميِّز المشروع أن التمويل كان بجُهدٍ ذاتي من
المدرسة، حيث كانت الميزانية المخصصة من أرباح المقصف، ولم يكن هناك أن جهة
أخرى مساعدة.
وتُشاركها الحديث أسيل أبو ليل وتشرح لـ"صفا" طبيعة
اختراعهن قائلة: "ما يميز مشروع العصا أنها الأولى من نوعها في العالم التي
تحمل مجسا حساسا للأسطح، فكافة العصي التي يحملها المكفوفين لا تحمل مجسات
تساعدهم على تمييز الأسطح".
وتتابع "خلال تطويرنا للعصا وضعنا جهاز يصدر أشعة تحت حمراء تساعد
الكفيف على تمييز الأسطح كالدرج والحفر "الصعود والهبوط"، وهذا اختراع جديد
لم يسبقنا إليه أحد".
وأشارت الطالبات أنهن أجرين تجارب على 18
كفيفا في مدينة نابلس وقاموا بتجريب العصا في مراكز رعاية المكفوفين
المختلفة، وأوضحن أن تقبل المكفوفين للعصا وارتياحهم أثناء استخدامها كان
السبب الرئيس في نجاح مشروع العصا المتطورة. وحصلت الطالبات الثلاث على
المرتبة الثانية وتكريم خاص من شركة cyhabtics الأمريكية.
وتصف الطالبة أبو
ليل الفرحة التي غمرتها كونها شاركت في رفع اسم فلسطين عاليا، وتقول:
"استطعنا بإمكانياتنا البسيطة أن نصل لمسابقة عالمية، لقد استطعنا أن نثبت
للعالم أننا وبالرغم من وجودنا في مخيم للاجئين ونعيش تحت احتلال، إلا أننا
قادرين أن نبدع ونخترع".