.ExternalClass .ecxhmmessage P
{padding:0px;}
.ExternalClass body.ecxhmmessage
{font-size:10pt;font-family:Verdana;}
هدى غالية ونسينا الموعد ...
في ذكرى مجزرة عائلة غالية 9/6/2006
بقلم / جاكلين صالح أبو طعيمة
فلسطين – رفح / الحدود الفلسطينية المصرية
التاسع من يونيو موعد استحمامنا السنوي ... الموعد الذي أبرمناه منذ أربعة أعوام، وبعاداتنا التي درجنا عليها ألا نتذكر مواعيداً ولا نكتب في مذكراتنا حدث هام .. التاسع من يونيو في ساعات العصر اتفقنا أن نكشط بالسكين العفن عن ضميرنا وإن جار السكين في تنظيفه سينزف دماً ويتكون جرحاً لا يندمل أبد ... في ساعات العصر اتفقنا أن نأخذ أسياخاً من الحديد ونحفر في آذاننا علنا نزيل طبقات الصمغ المتقيحة المتراكمة فتخرق في وسطها سرداب صوت يتيح لنا أن نسمع الصدى ..ونلتقف قطعة خشب قديمة مصندلة نبرد بها أسناننا ونحفها لنقصر تأرنبها فقد نافَسنا السناجب البرية في طولها علها تستطع أن تدق حروفاً فتصنع كلمات أو حتى تصنع لا ... وفي ذات اليوم عقدنا العزم على صنع فرجة بين الجفنين ترسل نوراً بين القذى نرى فيه شيء من الحقيقة .. لكننا نسينا الموعد والاتفاق ... نسينا أن نغتسل. هناك كانت ترقبنا هدى غالية بشعرها الذي عبثت به نسائم البحر وبللت خصلاته مياهه المالحة التي لم تحمل في جوفها سوى ظلام لا يفهمه صغر سنها، لم تكن تعلم أن البحر الذي اشتاقت لعناقه والعبث فيه يحمل في جوفه الغول حمما ونيران ستقر في قلبها وتسرق منها كل شيء تهواه - ألعابها وبالوناتها – ولم يخطر ببراءة حلمها أنها يُمكِن أن تسرق عمرها وضحكتها... لكنها فعلت . سرقت منها أكبر من لعبة تتشاجر عليها مع أختها هديل أو بالونة تبكي لطيرها بعيداً ... سرقت منها كل شيء ... تتحول حلاوة الرحلة إلى مرارة لا في الحلق بل في كل الجسد حتى يُزَبِّدَ المُر شفتيها فتزرقا وتتوه عليهما الكلمات وتتعثر فلا تصدر إلا أول كلمة نطقتها في العام الأول من عمرها يابا .. وتصرخ بضمائرنا السابتة يابا يابا .. لُزوجة الصمغ في الأذنين تخف قليلاً وينقشع القذى عن العينين، وتشتد الأسنان على بعضها ويحشرج القلب صرخة لاااااا. لا تنطلق .. بل تموت. يختلط شاطئ بحر غزة بدماء أب أم بنات أولاد رضع ونساء، تُمزِق الحِمم الأشلاء بعيداً، يتلقف الخوف هدى بين الجثث هنا كان أبي هنا أمي وأختي ورضيعنا واللعب والطعام الذي لم نأكل ... هي وحدها ..والصوت يجلجل ويزلزل رمال البحر العطشى التي لم يسقها اليوم سوى دموع هدى ... تنظر أبيها مذبوح أخوتها أمها أخواتها الرضيع اللعبة ... كلهم قتلى ..تفترش سخونة رمال الشاطئ التي ظنتها رمال البحر فتحولت لرمال متحركة تقتلعها من خوفها لتدفنها في جوفها فما الحياة بعد فقد كل من كان معها في لحظة واحدة ... ينظرون إليها فهو موعد الاستحمام تتكور وجوههم تتحول إلى صحراء يبست لا يسلكها إلا أعاصير سراب ... يفتت صوت الحزن القلب .. تعشش الصورة العيون زمناً في كل زيارة استجمام لهم في هذا الشاطئ البائس ، تُرسل نظرات عميقة للبعيد ويظن كل الناظرين بأنهم زرقاء اليمامة يبحثون عن مستقبلهم هل سيلقون حتفهم هنا أم في بيوتهم ... لكنهم نسوا الموعد يا هدى ... هدى غالية ... عذرا يا صغيرتي ... عذرا ليس من كلماتي بل من الخزي والخجل الذي يطفح على وجهي وأنا أستذكر ملامحك المسروقة من الحياة يوم الحادثة ... عذرا من البحر الذي نسي وداعب وجوهنا بنسيمه على الشاطئ ... عذرا من كل الذين تناسوا الدم الذي تراشق على خصلات شعرك فلوث صوتك بالخوف والألم .. عذرا يا هدى لذاكرة لا تعرف إلا النسيان ... عذرا من ذاكرة غزة التي باتت مأوى النسيان ... _________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/