الشقراء الآمرة ... سياسة أم خنوع
الكاتب علاء الريماوي
لم يكن مفاجئ قرار وزراء الخارجية العرب بالعودة الى المفاوضات غير المباشرة و الذي تحدثنا عن سيناريوهاته منذ
زمن في مقالات عدة ، كما أفصح عنه نتنياهو قبل شهر من اليوم في تصريح
للصحف الإسرائيلية وأكدت فحواه شقراء السياسة المطاعة هلري التي أمرت في
تصريحات الأسبوع الماضي ، فنفذ العرب إرادتها من غير استدراك ولا مناقشة .
ونضيف
أن الأيام القادمة ستجمع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والتي ستتخذ
قراراً مماثلاً يحفظ للعرب كرامتهم الآمرة بعودة المفاوضات مع تحفظ للجبهة
الشعبية وتميع موقف للديمقراطية ومباركة مع التصفيق .
حتى
لا نطيل في مقدمة الحديث فلا بد من التذكير بالأجواء والمواقف التي حملت
القيادة الفلسطينية إلى الذهاب لموقف عربي يسمح باستئناف اللقاءات مع
إسرائيل مع أنها كانت في الماضي تقوم بالتوقيع على اتفاقات من غير معرفة
كثير من الدول العربية .
الجديد
وبعد حرب غزة وسقوط كاديما في الانتخابات الإسرائيلية وصعود نتنياهو
بتشكيلة اليمين المتطرف عمد الأخير إلى نسف كافة التفاهمات السياسية التي
توصلت إليها السلطة في ملفات الأمن والتبادل للأراضي وحديث في الحدود
والقدس واللاجئين ، مع تبني سياسة تهويد للقدس وتغير في ملامحها الشرقية
دفع السلطة الفلسطينية إلى اتخاذ موقف حول العودة للمفاوضات مشترطةً وقف
الاستيطان .
نتنياهو الذي أراد لنفسه صورة الداعي للسلام اتخذ قرارا اعتبرته الولايات المتحدة مهما يقضي بوقف الاستيطان في الضفة الغربية لمدة عشرة أشهر ، والتي استمر العمل فيها على الحقيقة من خلال شواهد عديدة .
تصاعد
وتيرة الحرب على الإرهاب وفاتورة الدم الكبير التي تدفعه قوى الاحتلال في
المنطقة مع تنامي قدرات إيران بإتجاه ذري محتمل جعل القراءة الأمريكية
تبحث عن إنجاز سياسي وزان يجمع الشرق على مبايعة لأمريكا لتخفيف وتجفيف
جنون( الإرهاب الإسلامي المتطرف ) .
ميتشل
أوكلت إليه المهمة وأصبح عراب اللقاءات التي أثمرت قناعة أمريكية عززت
موقف السلطة بما يخص الاستيطان ليلتف العرب مع السلطة حول هذا الخيار
ولتوكل مهمة المفاوضات وقرار البدء فيها للجنة المتابعة العربية التي هددت
في قمة سرت بدراسة خيارات أخرى ، ليتحدث نتنياهو بصراحة أن موقف العرب هذا
صعود على الشجرة التي لا يمكن له وضع السلم للنزول عنها ،حتى لو تأزمت
العلاقة مع أي من الحلفاء ، حديثه هذا صدقه فعله من خلال زيارة بايدن حين أعلنت وزارة الداخلية مخطط بناء 1600وحدة
سكنية في القدس مع مخطط كبير ل 50 ألف وحدة أخرى موزعة على عشرة مستوطنات
داخل الضفة والقدس ، ليحدث على إثرها أزمة علاقات مع الولايات المتحدة
التي اعتبرت الموقف إهانة كبيرة سمع فيها نتياهو تأنيب معاتبة كبيرين
وتعرضت حكومته لهجمة غير مسبوقة في الإعلام الداخلي مع تدخل أمريكي طلب من
كديما التحرك لتحالف مع نتنياهو لإسقاط الحكومة التي أصر أركانها على
مواقفهم من خلال نتنياهو الذي رفض الابتزاز الأميركي والذي أكد على أن
القدس هي تل أبيب ولا تنازل عن البناء فيها .
ظلت
العلاقة بين شد وجذب حتى برزت ملامح صفقة بين مستشاري أوباما ونتنياهو وعد
الأخير فيها تخفيف الحركة الاستيطانية في القدس مع التوقف المؤقت للبناء
في الأحياء العربية ، مع فتح كافة الملفات للتفاوض مع جملة تسهيلات معتبرة
على الأرض .
هذه
التفاهمات جاء بهام متشيل وعرضها على السلطة والتي وافقت من خلالها على
العودة للمفاوضات والتي أثمرت قرار العرب المبجل النزول المهين عن الشجرة
إلى حضن إسرائيل التي كانت مأزومة في ملفات عدة منها هذا الملف المهم الذي
جعل ساركوزي يهودي الأم ينتقد إسرائيل بلهجة شديدة قرأت على أنها ردة
الفعل غير المتوقعة لتعبر عن مدى الأزمة العالمية التي تعيشها حكومة
نتنياهو .
عرب
الإعتدال ومن خلفهم السلطة الفلسطينية أعادوا تركيب الصورة القديمة لمسيرة
السلام الصفري الكبير الذي سنشاهد نتائجة المحتملة في الأيام على النحو التالي .
1. البدء في المفاوضات الغير مباشرة في غضون الأسابيع الثلاث القادمة .
2. سيعمد نتنياهو إلى تسهيلات في المرحلة المحددة وهي الأربع شهور لإعطاء صورة عن تقدم مفترض .
3. سيدور تفاوض مكثف في هذه المرحلة وستحرز إسرائيل تقدم في بعض الملفات كالأمن والاقتصاد وغيرها من النقاط التي يسهل النقاش فيها .
4., ستعلن الإدارة الأمريكية عن تقدم مهم في الشهر الرابع وستطلب تحول المفاوضات إلى مفاوضات مباشرة تحت رعايتها .
5. ستوافق السلطة على هذا الطلب بعد إقرار جامعة الدول العربية وهنا قد يكون جولة أخرى من أربع شهور لمفاوضات غير مباشرة .
6. ستعمد إسرائيل على تقديم مجموعة أخرى من التسهيلات والتي ستكون أكثر جدية .
7 . ستتابع إسرائيل الانتخابات الأمريكية وستتخذ قرار مهم حول جدية المفاوضات حسب موازين القوى داخل الكونجرس الأمريكي .
8.
قد تحدث إسرائيل أو غير إسرائيل أزمة ما في منطقة ما ستجمد خلالها الوعود
الأمريكية ولتعاود الأمور إلى نقطة الصفر مع التأكيد على أن مسودة اتفاق
يمكن الاتفاق عليها وفق ما تحدثنا عنه في مقال سابق عن ملامح الحل
الأمريكي المفترض .
هذه
الثمانية قد نشاهد معها كثير من التطورات الغير الجوهرية باتجاه بعض
الإنجازات الشكلية لكن الأكيد من أن 2011 لن يشهد إعلان الدولة ، وأن
مسيرة الماضي من حديث السلام سيعاد تكراره .
والذي سينعكس على الداخل الفلسطيني والذي ستتجذر
معه قسمة الوطن ولتستحيل معه المصالحة الفاعلة لسنوات أخرى ، ليعلم الله
بعدها ما الذي ستحدثه تقلبات السياسة التي لا نجزم بثمانيتها وإن كانت
منطق التحليل المقبل للأيام القادمة ، مع أمل بأن نعيش في دولة آمنة قبل
الرحيل
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/