ماذا وراء قصة صواريخ سكود ؟
د. صالح بكر الطيار
قامت
احدى الصحف الإسرائيلية بنشر خبر مفاده ان سورية قد سلمت " حزب الله " في
لبنان مجموعة من صواريخ سكود التي يمكن بواسطتها قصف أي منطقة في اسرائيل
وإلحاق اضرار كبيرة بها. وما إن تلقت الحكومة الإسرائيلية هذا الخبرحتى
بدأت بإطلاق تصريحات التهديد والوعيد ضد سورية ولبنان مدعومة من الإدارة
الأميركية التي وضعت هذا الموضوع في اول اهتماماتها الدبلوماسية، الأمر
الذي دفع رئيس حكومة لبنان سعد الحريري الى ابداء تخوفه من ان تكون قصة
صواريخ سكود شبيهة بقصة اسلحة الدمار الشامل العراقية . والملفت للنظر ان
كل التصريحات التي صدرت عن مسؤولين اميركيين لم تؤكد انهم يملكون معلومات
تفيد ان سورية قد سلّمت فعلاً صواريخ سكود الى " حزب الله " ، ومع ذلك
تعاطوا مع هذا الموضوع وكأنه حصل فعلاً وقاموا على اساسه بتحذير دمشق من
احتمال نشوب حرب اقليمية، متجاهلين النفي السوري، والكلام الذي صدر عن
وزير الدفاع اللبناني الياس المر والذي تحدى واشنطن ان تنشر صوراً عن
انتقال اي صواريخ من سورية الى لبنان لطالما ان أقمار التجسس الصناعية
الأميركية تراقب الحدود السورية - اللبنانية على مدار الساعة . من المعلوم
ان كل الصواريخ من نوع سكود التي طورها الإتحاد السوفياتي طولها 11.25 متر
(فيما عدا سكود- أي الذي هو أقصر من البقية بمتر واحد) وقطرها 0.88 متر.
وعملية اطلاق الصاروخ تحتاج الى ساعة ونصف للتجهيز، والى آليات ضخمة، والى
اجهزة توجيه، وهذا ما لا يتناسب مع اسلوب حزب الله في المواجهة بسبب سهولة
اكتشافه من قبل الطيران الإسرائيلي في حال نشوب أي حرب مقبلة . وهذا يعني
ان صواريخ سكود هي الذريعة التي تخبىء وراءها غايات اميركية وإسرائيلية
أخرى تعددت التحليلات بشأنها ومنها : - احتمال قيام اسرائيل بتوجيه ضربة
عسكرية الى حزب الله بحجة ان الضربة تستهدف صواريخ سكود، وتكون هذه الضربة
بمثابة اختبار لمعرفة فيما اذا كان حزب الله يمتلك صواريخ مضادة للطائرات
كما اشيع في الفترة الأخيرة . - احتمال قيام اسرائيل ، بحجة صواريخ سكود ،
بشن حرب شاملة ضد لبنان محاولة من وراء ذلك الهروب الى الأمام ، والتخلص
نهائياً من الضغوط الأميركية التي تمارس عليها بشأن تجميد الإستيطان في
القدس. وهذا السيناريو سيكون في حال تنفيذه من اعداد واشنطن وتل ابيب
معاً، لأن الأولى ستَدّعي انها تتابع تطورات الحرب التي غطت على كل مساعي
اعادة البدء بالمفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، والثانية تكون قد لفتت
انظار المجتمع الدولي الى مكان آخر بعيد عن اي حديث عن سلام في المنطقة. -
هناك تحليل آخر يقول ان إثارة موضوع صواريخ سكود انما الهدف منه تهيئة
الأجواء في مجلس الأمن لسحب قرار يقضي بوضع مراقبين دوليين على طول الحدود
البرية بين لبنان وسورية. وبناء على ذلك قام وفد من السفارة الأميركية في
بيروت يوم 28/4/2010 بالكشف على نقاط العبور بين سورية ولبنان في منطقة
المصنع واستوضح من الأجهزة الأمنية اللبنانية كل التفاصيل الخاصة
بالإنتقال البري بين لبنان وسورية. وهذه الخطوة قد تسبق الحرب المقبلة
التي يقال في وسائل اعلام غربية انها قد تحصل في الصيف . - وهناك تحليل
يقول إن اثارة قصة الصواريخ انما هدفها الضغط على سورية لتقديم تنازلات في
العراق لجهة القبول بنوري المالكي رئيساً جديداً للحكومة العراقية المقبلة
بعد ان تضغط دمشق على حلفائها العراقيين للموافقة على هذا الخيار . واياً
يكن التحليل الصحيح فإن اختلاق قصة الصواريخ في هذا الوقت قد ادى الى
توتير الأجواء في المنطقة برمتها، وقلل من مستوى الأهتمام بمصير المفاوضات
في الملف الفلسطيني ، وأشاع مناخ حرب في لبنان، برغم ان بعض المتفائلين لا
زالوا مصرين على القول ان الحرب بين اسرائيل ولبنان مستبعدة في ظل الظروف
الراهنة .
رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/