بدأت معاناة العمال الفلسطينيون تزداد مع اندلاع الانتفاضة الثانية وإحكام إسرائيل لإغلاقها على الضفة الغربية وقطاع غزة ومنع الدخول إلا بعد الحصول على تصاريح عمل خاصة ، وازدادت هذه المعاناة بعد استكمال بناء جدار الفصل العنصري و منع دخول العمال إلا من خلال معابر تجارية وبوابات خاصة أقامها الاحتلال في مناطق مختلفة من الضفة الغربية كمنافذ وحيدة للوصول إلى داخل الأراضي المحتلة .
سمحت
" إسرائيل " للعامل الفلسطيني بالعمل ولكن ضمن آليات شديدة السوء، منها:
ضرورة الحصول على تصريح أمني بالعمل وهوية ممغنطة تتضمن المعلومات الكاملة
عن العامل، وهذه وسيلة كبرى من وسائل الابتزاز، وفي الوقت نفسه وسيلة من
وسائل السيطرة فمنحت هذه التصاريح لفئة قليلة من العمال الفلسطينيين ممن توفرت فيهم الشروط بينما
الأغلبية من العمال الشباب فيلجئون لسلك طرق بعيدة عن عيون جنود الاحتلال
وحواجزه وتستمر رحلة الوصول للعمل ما بين 8-10 ساعات مشيا على الإقدام في
الوديان والجبال وسط الظلام معرضين حياتهم للخطر من اجل انتزاع لقمة العيش .
33 شهيد و6000 معتقل خلال عام 2009
تعرض 33 عامل فلسطيني للقتل من قبل قوات الاحتلال و تم اعتقال أكثر من 6000 عامل خلال عام 2009 تهمتهم الوحيدة دخول مناطق فلسطين المحتلة بدون الحصول على موافقة أمنية من جانب الاحتلال من اجل البحث عن العمل ، هذا إضافة إلى أعداد أخرى ممن تعرضوا إلى كل أشكال التنكيل والاهانة والضرب الجسدي .
ويشير جهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن 70 ألف عامل فلسطيني من الضفة يعملون داخل الخط الأخضر والمستوطنات .
وتذكر منظمة بتسيلم لحقوق الإنسان ان العمال الفلسطينيين يتعرضون إلى
الاستغلال في ظل ضعف تطبيق الأنظمة والقوانين والرقابة عليها وعدم وجود حد
أدنى للأجور والحماية من البطالة والفقر وانتشار ظواهر العقود المؤقتة
والعمل بالمياومة وتدني الأجور وحرمان العمال والعاملات من العطل
الأسبوعية والإجازات والتمييز في العمل بين المرأة والرجل من حيث الأجور
وطبيعة العمل واتساع حوادث وإصابات العمل .
رحلة الموت ..
عبر عدد من العمال من خلال لقاءهم ب" هلا فلسطين " عن تردي الواقع الذي يعيشونه وحقيقة يأسهم من سوء الظروف ، وما اعتبره بعضهم من عدم مبالاة بأوضاعهم وتقدير لحجم المأساة اليومية التي يعيشونها ، ولسانه حالهم يقول نريد أن نعلي صوت قضيتنا ويوم واحد لا يكفي لتذكر قضيتنا التي لا تقل اهمية عن قضايا شعبنا كقضه الأسرى والأرض ومعاناتنا لن نتهي مع احتفالية هنا ومع مهرجان هناك ..
يروي أبو محمد "52 عام" من سكان محافظة الخليل ل "هلا فلسطين " رحلة معاناة العمال التي تبدا قبيل دقات ساعات الفجر الأولى فيقول " يبدأ يوم عملنا الساعة الثالثة صباحا نتوجه لمعبر ترقوميا غرب الخليل ونصطف في طوابير طويلة حتى الساعة الخامسة عندما يفتح جنود الاحتلال المعبر وتبدأ إجراءات التفتيش حسب مزاج الجندي ، ويشير ابو محمد انهم يمنعون من إدخال الأطعمة او أدوات للعمل والبناء او اغراض أخرى ومن يكتشف جنود الاحتلال انه يحمل أي شي يصادر ويمنع المرور . ويتم التفتيش باستخدام ما يسميه العمال " الحلابات " وهي
ممر بعرض الشخص الواحد تحيط به أسلاك شائكة عالية، وتم تسميتها حلابة
تشبيها بحلابات البقر حيث يتم حشرها بين قضيبين أفقيين بطول الممر ،إما
للذبح أو للحلب حتى لا تذهب يمينا ولا شمالا . ويتم التفتيش بإخراج كل ما
يحمل العامل بالإضافة إلى رفع تصريح والبطاقة الممغنطة الدخول والرفع عن البطن وكل هذا حسب مزاجية الجنود بالسماح بدخول العمال أو تعطيلهم مما يسبب حالة من الازدحام والفوضى .
يستغيثون بجمعيات الرفق بالحيوان ..
ويطالب المواطن ابو يوسف "44 عام" جمعيات الرفق بالحيوان بالتدخل لوضع حد لمعاناة العمال ويقول " ناشدنا العالم بصوت الانسانية لكن لا احد يسمع لنا ... نعلم ان حيوانات تعيش بظروف افضل من احوالنا ويقول " لا أحد في كل دول العالم يعيش مثل هذه العيشة ويعاني المعاناة التي نعانيها لا نريد ان تستمر حياة الذل هذه ، نحن يوميا نذل ونهان من
جنود الاحتلال على المعابر ومن اصحاب العمل ممن نعمل لديهم ، ويشتكي ابو
يوسف من انكار حقوق العمال من قبل مشغليهم واحيانا كثيرة عدم إعطائهم
أجورهم يقول : بعد عملي لمدة 20 يوما عند احد اليهود وطلبت منه ان يعطيني
أجري فقال لي انه لم يعرفني وهددني بالقتل وجلب الشرطة لسجني كوني لا املك تصريحا للعمل .
قصص حية ..
سالم خليل شاب " 25" لم يستطع إكمال تعليمه نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة فلم يجد حلا الا العمل في البناء داخل الخط الأخضر يروي
سالم قصته ل " هلا فلسطين " توجهت قبل ستة شهور مع احد حملة البطاقات
الزرقاء لكي يوصلنا الى منطقة بئر السبع حيث هناك مكان العمل الجديد ، يقول حزمت أمتعتي والأمل يكتنفني لعلي أساهم مع اخواني من اجل الخروج من المأزق والوضع الاقتصادي الذي تمر به العائلة ، عند الساعة الرابعة صباحا انطلقت بنا السيارة الى منطقة تعرف ب "الكسارة " بالقرب من بلدة الظاهرية جنوب الخليل هناك حيث مدخل يستطيع العمال الدخول منه بعد مراقبة طويلة لجنود الاحتلال اوصتنا السيارة الى هناك واخذ 100شيكل عن كل راكب لمسافة لا تتعدى 3 كم وحتى انه طلب منا النزل مسرعين خوفا من قدوم جنود الاحتلال .
ويكمل
احمد قصته بالقول " كان لا بد لنا من السير لمسافة 5 كم أخرى حتى الوصول
فجنود الاحتلال يترقبوننا طوال هذه المسافة ، وبعد مسيرة 200 متر وإذا
بجنود الاحتلال وبلباس مدني يخرجون من سيارتهم وينهالون علينا بالضرب
بالعصي وبالأسلحة والدماء تنزف منا ، وتم بعدها نقلنا الى محكمة بذات اليوم وبدون حضور محامي تم اصدار الحكم بالسجن لمدة ثلاث شهور وغرامة مالية 2000 شيكل ووقف تنفيذ لمدة سنتين بموجبه من يلقى القبض عليه بعدها يسجن لمدة سنتين .
ويقول
سالم هذه ليست حالتي وحدي الكثير من اصدقائي من الشباب سجنوا وضربوا
ومنعوا من العودة للعمل داخل الخط الاخضر وانضموا الى صفوف البطالة ولا
نجد الان من يقف بجانبنا
وتبقى قصص هولاء وغيرهم من العمال الفلسطينيين شاهد على مدى جرائم الاحتلال وعدوانه ضدد الشعب الفلسطيني لكنهم الشريحة الاقرب والاكثر احتكاكا بمعاناة الاحتلال فالذل الذي يعيشونه يوميا صباحا ومساءا والمعاناة مستمرة .....
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/