الطفل أحمد- لم تشفع دموعه وتشبثه بثوب أمه من اعتقاله وايداعه السجن!
"كان يرتجف ودموعه تنهمر
بغزارة، امسك بثوبي وعيونه مملوءة بالرعب، فيما ايدي الجنود تتناوله من كل
جانب، لنزعه من حضني واقتياده إلى السيارات العسكرية وسط عشرات الجنود
والكلاب البوليسية التي تحاصر المنزل"، بهذه الكلمات وصفت والدة الطفل
أحمد سليم صباح ( 13 عاما) من بلدة تقوع شرق بيت لحم واقعة اعتقاله على
ايدي قوات الاحتلال الاسرائيلي.
وأضافت الوالدة التي لم تتمالك
اعصابها حزنا وقلقا على ابنها، "حضرت قوة كبيرة من جيش الاحتلال لمنزلنا
عند الساعة الثانية من فجر الخميس الماضي، وطرق الجنود باب المنزل بعنف،
وعندما فتحنا لهم الباب، سألوا عن ابنائنا، فبدأنا باحمد أصغرهم، ظانين ان
الاعتقال لن يكون من نصيبه ونصيب شقيقه الأكبر منه محمد ( 17 عاما)، وهنا
طلب منّا الضابط التوقف قائلا: احضروهما لنا".
وتتابع الوالدة
الحديث في مكتب وكالة "معا"، قائلة: "طلبوا من محمد ان يلبس ملابسه، فذهبت
معه كي يجهز نفسه، ولكنني فوجئت عندما طلبوا من أحمد الصغير أن يرتدي
ملابسه هو الآخر، حينها ارتجف مرتعبا وهرول نحوي وتشبث بثوبي والبكاء
يغلبه، حاولت أن اقنع الضابط بأن يتركه وقلت له هل لك أبناء صغار، وهل تحب
أن ترى ابنك في هذا الموقف؟، حينها رد باستهزاء: ولكن ابني لا يضرب
الحجارة".
وقالت الوالدة: رجوتهم لكي يسمحوا لي باعطائه شربة ماء،
وبعد رفض ونقاش تراجعوا فسمحوا لي باعطائه شربة ماء، ومن ثم نزعوه من حضني
وخرجوا به مع شقيقه محمد إلى خارج المنزل، تضيف "شعرت انه ابن ثلاثين عاما
عندما شاهدته يسير بين حوالي 30 جنديا وعدد من الكلاب البولسية مقيد
اليدين ومعصوب العينين ويتجه الى السيارة العسكرية التي كانت بانتظاره
لنقله الى السجن".
ويقول والد الطفل لـ "معا"، ما طمأننا قليلا ان
شقيقه محمد الاكبر منه اعتقل معه، ولكن اليوم فوجئنا بقيام قوات الاحتلال
بنقل أحمد إلى سجن عوفر بينما أبقت على شقيقه محمد في معتقل عصيون، وحتى
الآن لا ندري ما يحدث له، ونحن في قلق شديد على حياته.
الوالدان
سلّما صورة الطفل أحمد للزميل كريم عساكرة في مقر وكالة "معا"، وعيونهما
محمرتان من الدمع الذي لم يفارقهما طيلة الايام الماضية، "لقد عشنا على
أمل أن يرجع لنا أحمد في أي لحظة، لانه طفل صغير، ولكن بعد أن طالت المدة
لم نجد سوى التوجه لـ "معا"، لعل صوتنا يصل للمؤسسات الحقوقية والقانونية
لتحمل لواء الدفاع عن ابننا القاصر، الذي يعتقل دون ذنب اقترفه.
وبضحكة
ملؤها المرارة، تساءلت والدة أحمد عن القانون الذي يجير لجيش مدجج بالسلاح
ان يقتلع طفلا من حضن امه، ولا يغيب عن مخيلتها منظر الجنود وهم بتجادلون
مع ضابطهم، بعضهم حاول اقناعه بان يعدل عن اعتقال الطفل ولكنه رفض مصرا
على موقفه، محطما كل معاني الانسانية التي يمكن ان يتمتع بها انسان بعيدا
عن الصراع والكراهية.