حرب مستعرة..ولا عزاء لـ "المهنية" المصطلحات" الإعلامية.. تنوب عن البنادقغزة-صفاء عاشور
"انقلاب"
أم "حسم", "الحكومة الشرعية" أم "الانقلابية", "حكومة تسيير الأعمال" أم
"المقالة", "إمارة الظلام" و"حماستان", أم "القطاع الصامد المحاصر"،
السلطة الوطنية أم سلطة دايتون..
مصطلحات اشتهرت بها وسائل الإعلام الفلسطينية المحلية في الثلاث
سنوات الماضية، من قبل الفرقاء الفلسطينيون بعد أن توقفت حرب الأسلحة,
ونابت عنها حرب الكلمات والمصطلحات.
هذه الحرب الكلامية تصدرت أجندة الوسائل الإعلامية المحلية, سواء في
قطاع غزة أو في الضفة الغربية, ولا تزال مستمرة حتى الآن, تنتظر قراراً
سياسياً كما أمر ببدئها أن يأمر بإنهائها.
آراء مختلفة رصدتها صحيفة "فلسطين" لعدد من الصحفيين والمختصين
والمسؤولين في الجانب السياسي, للتعرف على أثر هذه الحرب الإعلامية على
الشعب الفلسطيني, ووجهة نظرهم لهذه الظاهرة التي لا تزال مستمرة حتى الآن.
"أول الحرب كلام"الصحفي شهدي الكاشف مراسل قناة BBC قال:" هناك قول مأثور إن أول الحرب
كلام, وهذه الحرب بدأت بكلام قادته وسائل الإعلام المحلية, فبدلاً من أن
تلعب دوراً توافقياً وتوحيدياً وتنبذ حالة العداء الداخلي, عملت على إشعال
حالة الفتنة في الساحة الفلسطينية".
وتابع قوله:" عملياً, بدأت وسائل الإعلام المحلية في استخدام
المصطلحات قبل سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في صيف 2007", مشيراً إلى أن
الإعلام الخارجي في لحظة معينة وبشكل شبة دائم كان بمنأى عن استخدامها".
يؤكد
العديد من الصحفيين وسائل الإعلام ساهمت بشكل كبير في تأجيج الخلاف
الفلسطيني، ويلقي هؤلاء باللائمة على المسؤولين السياسيين للفصائل
لاستخدامهم أكثر من مصطلح بما يتوافق مع توجيهات الحزب وتبقى الخيارات
مفتوحة أمام كل وسيلة لاستخدام ما يتوافق وسياستها التحريرية
وعزا في حديث لـ"فلسطين" السبب إلى أن هذه المصطلحات والمواد لم تكن
تصلح لتقارير تبث في وسائل إعلام دولية, خاصة أنها كانت تتناول حالة
العداء, ولذلك لجأت الوسائل الخارجية لاستخدام مصطلحات خاصة بها مثل
الاقتتال الداخلي, وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة كمصطلح, بدلاً من مصطلح
"الانقلاب" الذي روجته حركة "فتح", أو مصطلح" الحسم العسكري" الذي روجته
حركة "حماس".
وبين أن وسائل الإعلام الخارجية وضعت مصطلحات لتعريف الوضع الراهن,
دون الدخول في اتجاهات توصيفية أكثر للحالة بقدر ما تحدثت عنها كما هي,
لافتاً إلى أنه في فترة الاقتتال كان يجب الحذر في استخدام المصطلحات بشكل
كبير.
وأكد الكاشف أن القنوات الدولية والعربية كانت بعيدة عن حرب المصطلحات
التي سادت في الإعلام المحلي الفلسطيني ولم تكن طرفاً فيها, أما الإعلام
المحلي فكان طرفاً في أزمة العلاقة الفلسطينية.
ولفت إلى أن وسائل الإعلام الحزبية لا تزال رهينة لحالة الإعلام
الحزبي ومصطلحاته, مع الإشارة إلى أن المصطلحات التي تم فرضها على وسائل
إعلام محلية, لم يتم فرضها على وسائل الإعلام غير الحزبية ولم تستطع
الجهات السياسية تعميمها خارج حدود الإعلام الفلسطيني.
مصطلحات للأزماتمن جهته, قال الإعلامي سمير محسن إن "السياسيين يفرضون أكثر من مصطلح
على وسائل الإعلام, وتبقى الحرية للوسائل الإعلامية سواء المحلية أو
الخارجية, سواء كانت إذاعة, فضائية, صحيفة, أو حتى موقعاً إلكترونياً, في
استخدام التي تتناسب مع سياستها التحريرية, وطبيعة عملها وتوجهاتها".
وأشار عضو مجلس إدارة كتلة الصحفي الفلسطيني إلى أنه لا يستطيع أحد أن
ينكر دور الإعلام في بعض الفترات في تأجيج حدة الخلاف, من خلال استخدام
عدة مصطلحات سواء في غزة أو رام الله, وأنه في بعض الأحيان تم استخدام
مصطلحات صعبة وصلت إلى حد التخوين, وهذا ما فرضته الحالة السياسية في تلك
الأوقات.
وأكد محسن أن معظم وسائل الإعلام المحلية غيرت من مصطلحاتها تبعاً
للحالة السياسية التي كان يمر بها الشعب الفلسطيني, مبيناً أن معظم
الوسائل الآن حريصة على المصالحة الوطنية ولذلك فإن مصطلحاتهم تغيرت
لتتناسب مع هذا الوضع, لافتاً إلى أنهم في قناة الأقصى الفضائية باتوا
يستخدمون مصطلحاً جديداً بديلاً عن كلمة "الحسم" وهو "إنهاء تمرد حركة فتح
في غزة".
"تهمة لصيقة بهم"بدوره, أكد الكاتب الإعلامي يحيى رباح أن كل أخطاء الإعلام مسؤول عنها
القادة السياسيون بدون شك, وأن هذه تهمة لصيقة بهم لا يستطيعون التهرب
منها, ولا يمكن تبرئة السياسيين من خطايا الإعلام, مشيراً إلى أن الإعلام
فعل يتأثر بالسياسة, ولكنه بدوره يؤثر في السياسيين.
وبين رباح في اتصال لـ"فلسطين", أن الجميع شهد تأثير السياسيين على
وسائل الإعلام الفلسطينية, ولكن لم نشهد حتى الآن تأثير الإعلام الفلسطيني
على السياسيين, مشدداً على ضرورة أن يدرك الإعلامي الفلسطيني أنه يستطيع
أن يؤثر في الآخرين وأن يخلق الرأي العام الذي سيؤثر تلقائياً بالسياسيين.
وأوضح أن الثلاث سنوات الماضية هي من عمر الانقسام الفلسطيني, الذي
أدخل الإعلام بكل عناوينه بحالة من التراشق, وهذه الحالة لا يوجد فيها أي
تأسيس أو إبداع, كما أن الأطراف المتراشقة لا ترى صواباً ما في أي من
مواقف الطرف الآخر.