حوار شامل أجرته
قدس برس
انترناشونال مع عبد الناصر فروانة بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني 17-4-2010
خبير فلسطيني يتحدث لـ "قدس برس" عن يوم الأسير الفلسطيني
عيون الأسرى ترنو إلى خارج السجون وترتفع معنوياتهم مع زيادة الفعاليات
تهرب إسرائيل من صفقة التبادل سيدفع المقاومة إلى اسر المزيد من الجنود
إسرائيل تضرب بعرض الحائط المواثيق الدولية وتعمل على الانتقام من الأسرى
فروانة لـ"قدس برس": الأسرى قضية وطن وشعب تدفعنا للتوحد وإنهاء الانقسام فوراً
غزة (فلسطين) - خدمة قدس برس
(عبد الغني الشامي)
17-4-2010
دعا
خبير فلسطيني مختص في شؤون الأسرى آسري الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط إلى
التمسك بشروطهم ومطالبهم، والحذر من قبول أية خيارات تستبعد أسرى القدس
وأسرى الأراضي المحتلة سنة 1948،" لما لذلك من أبعاد سياسية ووطنية ونفسية
خطيرة جداً"، والإصرار على تضمين الصفقة للأسرى القدامى جميعاً ودون
استثناء، وشمولها لرموز المقاومة كجزء من وفاء المقاومة لهم.
ويرى
عبد الناصر فروانة الأسير السابق، والباحث المختص في شؤون الأسرى، أن
الأمور بخصوص الصفقة شائكة ومعقدة، وليست بقريبة، متهما الدولة العبرية
بتعطيل إتمام الصفقة.
وقال
فروانة، مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية
الفلسطينية، في حوار أجرته معه وكالة "قدس برس" بمناسبة "يوم الأسير
الفلسطيني" الذي يصادف في السابع عشر من نيسان (ابريل) من كل عام: "صحيح
أنها (إسرائيل) تبذل قصارى جهدها لإغلاق ملف شاليط وتعلن ذلك صراحة،
ولكنها ليست مستعدة بعد لدفع استحقاقات صفقة التبادل، وهناك بون شاسع بين
إغلاق الملف وإتمام الصفقة"، على حد تعبيره.
وأضاف:
"أن إسرائيل لا تزال متمسكة بمبدأ القوة في استعادة الجندي شاليط، ومتمسكة
بشروطها ومعاييرها الظالمة في مفاوضاتها غير المباشرة، وتحاول التقليل من
الثمن الذي يفترض أن تدفعه وتسعى لإفراغ الصفقة من مضمونها من خلال
مماطلتها وإطالة الوقت، فهي تعتقد أن غزة تحت سيطرتها الأمنية وأنه
بإمكانها ومع مضي الوقت الوصول إلى شاليط، أو استخدام ملفات أخرى للضغط
على آسريه وقيادتهم للتقليل من الثمن".
ويرى
صاحب كتاب "حرية الأسرى ما بين صفقات التبادل والعملية السلمية" أن "إصرار
إسرائيل على تعنتها لم ولن يقود الفصائل الآسرة لشاليط إلى التنازل عن
مطالبها بل سيدفعها للتمترس حولها، وربما أيضاً استمرار تهرب إسرائيل من
إتمام الصفقة وتمسكها بشروطها؛ سيدفع الفصائل الفلسطينية المقاومة إلى
التفكير لاحقاً وبشكل أكثر جدية للجوء للقوة وأسر مزيداً من الجنود
والمواطنين الإسرائيليين بهدف إطلاق سراح الأسرى".
وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته "قدس برس" مع عبد الناصر فروانة، الأسير السابق، والباحث المختص في شؤون الأسرى.
* بداية ما هي قصة "يوم الأسير الفلسطيني" ولماذا يوم 17 نيسان؟
-
يوم الأسير الفلسطيني هو اليوم الوطني الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني
في دورته العاشرة في القاهرة عام 1974، وفاءً للأسرى وتقديراً لنضالاتهم
وتضحياتهم، ودعماً لحقهم بالحرية وتأكيداً على ضرورة العمل بكل الوسائل من
أجل حريتهم من غياهب سجون الاحتلال.
وحسب
معلوماتي؛ فإن المجلس الوطني الفلسطيني أدرج قضية الأسرى على جدول أعمال
دورته العاشرة بالقاهرة منتصف نيسان 1974، واتخذ المجلس قراراً باعتبار
ذاك اليوم الذي نوقشت فيه القضية (17 نيسان) يوم الأسير الفلسطيني.
وخلفيات
إدراج هذه القضية كانت عملية التبادل التي جرت ما بين حركة "فتح" وحكومة
الاحتلال في 28 كانون ثاني (يناير) 1971، وأطلق بموجبها سراح أول أسير في
الثورة الفلسطينية المعاصرة "محمود حجازي".
* لماذا يحيي الشعب الفلسطيني هذا اليوم؟
-
لأن الأسرى قضية وطن وشعب، ولأن السجن والاعتقال والتعذيب أضحت مفردات
ثابتة في القاموس الفلسطيني وجزء من الثقافة الفلسطينية، ولأن كل عائلة في
فلسطيني ذاقت مرارة السجن وتعرض أحد أفرادها أو جميعهم للأسر، ولأن الشعب
الفلسطيني دائم الوفاء لأبنائه الأوفياء ولمن ضحوا بحريتهم من أجل حريته،
ولمن سقطوا خلف القضبان، وتقديراً لتضحيات كل من تعرض للسجن وعانى قسوته
ومرارة سجانيه، ولتسليط الضوء على معاناة من لا يزالون قابعين خلف القضبان
وللتأكيد على حقهم بالحرية.
* كأسير سابق، ما الفرق بين إحياء يوم الأسير داخل السجن وخارجه؟
-
الكل متفق على أنه يوم وطني يستوجب إحيائه، ففي السجون تقتصر الأمور على
البيانات الخاصة والعامة، والاحتفالات المتواضعة جداً داخل الغرف حيث تمنع
إدارة السجون إحيائه بشكل وطني وعام في ساحة السجن، ويعبر فيه الأسرى عن
وفائهم وتقديرهم لتضحيات من سبقوهم، لا سيما الشهداء منهم، فيما في الخارج
الساحة أرحب والأهداف من وراء إحيائه أكبر وأشمل ومن ضمنها تسليط الضوء
على معاناة من لا يزالوا في الأسر والمطالبة بحريتهم، لهذا تجد عيون
الأسرى في هذا اليوم ترنو إلى خارج السجون، وكلما ارتفع مستوى وحجم
الفعاليات ، كلما ارتفعت معنوياتهم أكثر.
* كيف ترى إحياء هذه المناسبة هذا العام ؟
-
أقدر وأحترم كل الجهود التي بُذلت وتُبذل لأجل الأسرى ونصرة لقضاياهم،
وتلك التي نُظمت وستنظم إحياء لهذه المناسبة، ولا شك بأن حجمها ومستوى
المشاركة فيها أفضل، مقارنة بالأعوام القليلة الماضية، ولكنها لم تصل
بَعدْ لمستوى طموحنا أو حتى رضانا التام.
ومع
ذلك آمل بتواصلها لما بعد مرور المناسبة وشهر ابريل الجاري والارتقاء بها
وتطويرها، فالأسرى قضية دائمة ومعاناة متواصلة وليست موسمية ، وعلينا
التعامل معها وفقاً لذلك.
* بشكل تقديري كم يبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال وتصنيفاتهم؟
-
وفقاً للتقديرات؛ فأن قرابة (750) ألف حالة اعتقال سُجلت منذ العام 1967
ولغاية اليوم، فيما وحسب آخر إحصاءاتنا؛ فانه لا يزال في سجون ومعتقلات
الاحتلال قرابة ( 7000 أسيراً) بينهم ( 35 ) أسيرة و(337) طفلاً و(257)
معتقلاً إداريا و(15) نائباً بالإضافة إلى وزير سابق، ومن بين هؤلاء يوجد
(313 أسيراً) معتقلين منذ ما قبل اتفاق "أوسلو"، وهؤلاء تجاهلتهم
الاتفاقيات السياسية، واستثنتهم صفقات المقاومة ومن بينهم يوجد (115) أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً.
* ما هي أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى في سجون الاحتلال؟
-
صدقاً وبدون مبالغة الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى لا حصر لها ولا يمكن
عدها، ويكثر الحديث حولها، ويطول سردها فهي تبدأ من لحظة الاعتقال ولا
تنتهي بلحظة الإفراج، وما بينهما الكثير الكثير كالتعذيب الجسدي والنفسي
بأشكاله المتعددة، والحرمان من العلاج ومنع زيارات الأهل، وتنصل إدارة
السجون من التزاماتها تجاه الأسرى في توفير الملابس والأغطية الشتوية
والمأكل المناسب والمشرب الصحي وأدوات النظافة، حتى بات الأسرى مجبرون على
شرائها من مقصف السجن وبأسعار باهظة جداً ، وكأنهم نزلاء فنادق أو رواد
مطاعم يدفعون ثمن إقامتهم وثمن ما يتناولوه.
باختصار
شديد؛ فإن أحوال الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية هي
خطيرة ومؤلمة للغاية، ساخنة تذكرنا بلهيب شمس آب في معتقل النقب الصحراوي،
وقاسية بقسوة زنازين العزل الانفرادي، وإدارة السجون تتعامل معهم على
قاعدة لا حقوق ممنوحة لكم، وتسعى لإذلالهم وتجويعهم وقتلهم ببطء جسدياً
ونفسياً ومعنوياً.
ومن
الأهمية بمكان هنا التذكير بالموقف الإسرائيلي الجامع للتضييق على الأسرى
والانتقام منهم واللجنة الوزارية التي تم تشكيلها في آذار (مارس) من العام
الماضي بهدف دراسة أوضاعهم وتقييمها وتقديم توصيات أكثر إيلاماً وقسوة
وتضييقا، مما فاقم من معاناة الأسرى ووسع دائرة الانتهاكات ورفع قائمتها
ومنح مقترفيها الحصانة.
* كيف ترى تعاطي منظمات حقوق الإنسان الدولية مع ملف الأسرى ؟
- إسرائيل تضرب بعرض الحائط كافة المواثيق والقوانين الدولية أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، بمن
فيهم منظمات حقوق الإنسان الدولية بمختلف مسمياتها وأماكن تواجدها، دون أن
تحرك ساكناً، وفي أفضل الأحوال تصدر بيان خجول وضعيف، بل غدا دور "الصليب
الأحمر" كدور ساعي البريد.
وبتقديري؛
فإن منظمات حقوق الإنسان الدولية بصمتها وتخاذلها وانحيازها في أحياناً
كثيرة، إنما تؤكد على أنها تعمل وفقاً لأجندة المجتمع الدولي وسياسته في
المنطقة وتدور في فلكه، وتتحرك بأوامر قادته، هذا المجتمع الذي يتغنى
بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وأقام الدنيا ولم يقعدها على جندي أسر وهو
على متن دبابة ضمن قوات عسكرية مُحتلة وأدخل اسم "شاليط" وصورته وقضيته في
كافة المحافل والمواثيق الدولية، واستقبل ذويه في قصور الزعماء والرؤساء،
فيما يخشى استقبال ذوي الأسرى الفلسطينيين ويتهرب من لقاء أطفالهم ، ولم
يجرؤ على إدانة إسرائيل لتعاملها الفظ مع الأسرى في سجونها ، وهذه صورة من
صور صمت المنظمات الدولية وانحياز المجتمع الدولي لجانب الاحتلال مما
يدفعه لمزيد من التمادي واقتراف الجرائم دون محاسبة أو ملاحقة.
* كيف تقيم التفاعل الشعبي مع قضية الأسرى رسمياً سواء في غزة أو الضفة؟ وكيف ترى تعاطي الحكومتين مع هذا الملف؟
-
إحياء يوم الأسير الفلسطيني وتصاعد وتيرة التفاعلات الرسمية والشعبية مع
قضية الأسرى خلال شهر ابريل الجاري، لا تندرج في إطار تقييمنا، لأن الشعب
الفلسطيني اعتاد على إحياء هذه المناسبة بشكل مرضي وان كانت بتفاوت، وإنما
ننظر في تقييمنا لباقي شهور العام، وللأسف المؤشر متدني، ومستوى التفاعلات
لا يوازي حجم الانتهاكات والجرائم التي يتعرض لها الأسرى... ورسمياً هناك
قصور في كثير من الجوانب ، وكلا الحكومتين في غزة ورام الله أطلقتا مؤخرً
شعار (عام 2010 عام الأسرى) وليس (ابريل شهر الأسرى) وللشعار الكبير
استحقاقاته، لم نلمسها خلال الثلاثة شهور التي سبقت ابريل، وآمل أن نلمسها
ما بعد ابريل .. دعونا ننتظر .. وآمل أن تتجاوز الجهات رسمية حالة القصور
والضعف وأن تنهض بمسؤولياتها وترتقي بمستوى تعاطيها مع هذا الملف وتُفعل
دورها ودور مؤسساتها المختلفة، وأن تعيد النظر في مجمل الأساليب التقليدية
المعتمدة والبحث عن أساليب جديدة أكثر تأثيراً وفاعلية بما يضمن مشاركة
أوسع، ويقود إلى إعادة الاعتبار لقضية الأسرى وتكثيف حضورها على كافة
المستويات.
* طالبت بخطة إستراتيجية إعلامية جديدة للتعامل مع قضية الأسرى ماذا يعني ذلك؟
-
يعني أن يدرك الجميع أهمية الإعلام المستمر والمتراكم في نصرة قضية
الأسرى، والابتعاد عن العفوية والموسمية وردات الفعل في تناول هذه القضية
الأسرى، ومنحها المساحات التي تستحقها، ويعني أيضاً استخدام كافة أشكال
العمل الصحفي وعدم الاقتصار على الشكل الإخباري في تناولها ، بما يكفل
اتساع دائرة التضامن معها والمساندة لها.
ويعني
أيضاً عدم التعامل معها كقضية موسمية، وإنما قضية دائمة وفق إستراتيجية
ممنهجة وواضحة يشارك في ترجمتها كافة وسائل الإعلام (المرئية والمسموعة
والمطبوعة والإلكترونية)، وتعتمد على العمل المتكامل والمتراكم في ذات
الوقت ، حيث أن العرض التكاملي يتيح قاعدة معلوماتية مهمة ، والعرض
التراكمي يؤدي بالتأكيد إلى التأثير على المتلقي على المدى البعيد مهما
كانت قوة حصانة المتلقي ضد الرسالة الإعلامية.
وهذه
الإستراتيجية يجب أن لا تقتصر على الإعلام المحلي أو موجه فقط للمستوى
المحلي، بل يجب أن تشتمل أيضاً على حملة موجهة للمستوى العربي والإسلامي،
وحملة أخرى موجهة للشارع الإسرائيلي باللغة العبرية، وأخيراً حملة موجه
للمجتمع الدولي ومؤسساته باللغة الإنجليزية ولغات أخرى وبمشاركة الممثليات
الدبلوماسية والجاليات كأدوات مساعدة لإثارة القضية ..الخ.
وصراحة كفلسطينيين نتطلع إلى دور أكبر لوسائل الإعلام العربية، لا سيما الفضائيات العربية المختلفة.
* لكن ألا ترى بأن الإعلام بحاجة إلى قاعدة معلومات وبيانات موثقة وفعاليات مميزة؟
-
نعم .. هناك ترابط وثيق ما بين الإعلام الناجح والمؤثر، والفعاليات
المساندة للأسرى، والتوثيق العلمي الممنهج، وتوفير قاعدة بيانات ومعلومات
ذات مصداقية، تستند وتعتمد عليها وسائل الإعلام وصولاً للملاحقة والمحاسبة
لمقترفي الجرائم بحق الأسرى، ففعالية مميزة تفرض نفسها على الإعلام ،
ودراسة علمية موثقة تظهر الجرائم بحق الأسرى تقحم نفسها بقوة في وسائل
الإعلام، ولا يمكن الحديث عن ملاحقة دون توثيق وإعلام قوي ودون مصدر
معلوماتي موثوق وذو مصداقية عالية ... ومع ذلك فإننا نتطلع لدور أكبر
لوسائل الإعلام في إبراز قضاياهم وتسليط الضوء على معاناتهم والمبادرة في
البحث والتناول وعرض ملفات هذه القضية.
*هل تعتقد أن ملف الأسرى يتأثر بالانقسام الفلسطيني، أم أن الانقسام بات شماعة نعلق عليها كل إخفاقاتنا؟
-
الأسرى هم أكثر الفئات الفلسطينية تضرراً من "الانقسام"، فلقد مزقَّ
وحدتهم وأضعف قدرتهم على اتخاذ قرارات المواجهة الإستراتيجية مع إدارة
السجون، وأدى أيضاً لضعف حضور قضيتهم على كافة المستويات، وتراجع ترتيبها
على سلم أولويات الجهات الرسمية والفصائل والمواطن الفلسطيني إلى أدنى
مستوياتها لصالح الانقسام وتوابعه وملحقاته، واستنزف الانقسام جهود مؤسسات
حقوق
--
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/