لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ، على أوباما القيام برحلة جريئة
زبينغيو بريجينسكي و ستيفان سولارز
الواشنطن بوست ، 11 ابريل 2010
ترجمة : أحمد شاهين
قبل
أكثر من ثلاثة عقود تحدث رجل الدولة في اسرائيل ، موشي دايان ، عن مدينة
مصرية تسيطر عليها اسرائيل على مدخل البحر الأحمر ، وصرح بأنه يفضل
الاحتفاظ بشرم الشيخ من غير سلام على سلام من غير شرم الشيخ . ووجهة نظره
هذه كانت تحبذ بقاء حالة الحرب بين اسرائيل ومصر . واليوم ، يعتبر اعلان
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول عاصمة اسرائيل الأبدية غير المقسمة
تجديدا لعقيدة دايان ، اذ يفضل القدس كاملة من غير سلام على السلام من غير
القدس الكاملة .
مع
الأسف ،مع أن اتفاقية سلام شامل هي في مصلحة كل الأطراف . وهي مصلحة قومية
للولايات المتحدة لأن احتلال الضفة الغربية وعزل قطاع غزة يزيدان من غضب
المسلمين على الولايات المتحدة ، ويجعلان من الصعب على ادارة أوباما اقناع
المنطقة بديبلوماسيته وقبول الوجود العسكري في المنطقة . والسلام في مصلحة
اسرائيل ؛ فقد قال مؤخرا وزير دفاعها ايهود باراك أن غياب حل الدولتين هو
تهديد لمستقبل اسرائيل أكثر من القنبلة الايرانية . والاتفاق هو في مصلحة
الفلسطينيين الذين يستحقون الحياة في دولة بسلام وكرامة .
على
كل حال ، ان القول بعدم نجاح مشروع السلام الأميركي ، حسب الإعتبار
المصطلح عليه ، غير كاف . فالأمر بحاجة الى اقتراح دراماتيكي جريء بالمعنى
التاريخي يولد دفعا سياسيا وبسيكولوجيا لتحقيق اختراق .
فقد عبدت رحلة أنور السادات الشجاعة قبل ثلاثة عقود الطريق الى اتفاق كامب
ديفيد بين اسرائيل ومصر .
وبالمثل
، على أوباما القيام برحلة الى الكنيست في القدس والمجلس التشريعي
الفلسطيني في رام الله لدعوة الطرفين الى التفاوض لتحديد اطار اتفاق سلام
حول الوضع النهائي . وعليه القيام بذلك برفقة قادة عربا ، وأعضاء الرباعية
: الفريق الديبلوماسي للولايات المتحدة ، روسيا ، الاتحاد الأوروبي والأمم
المتحدة ، وهم المعنيون بعملية السلام . وسيكون خطاب أوباما في القدس
القديمة الموجه الى كافة شعوب المنطقة ، والذي يحيي أثر خطابه الى العالم
الاسلامي في القاهرة ، في حزيران / يونيو 2009 ، قمة الحدث في رحلته من
أجل السلام .
مثل
هذا الجهد الذي يتم بقوة من أوباما : يجعل الموضوع سياسته الشخصية ، بقصد
انجاز بليغ ودرامي لكسر الحواجز ، ووضع مشروع رؤية اجبارية للمستقبل تغرس
الثقة في مستمعيه .
ويجب أن تكون نقاط مخطط السلام الشامل والدائم الذي سيقترحه أوباما معروفة للجميع وهي :
أولا
. حل مشكلة اللاجئين الذي يتضمن التعويض واعادة التوطين على أن يتم في
الدولة الفلسطينية وليس في اسرائيل . هذه ستكون حبة دواء مرة للفلسطينيين
، فاسرائيل لاتستطيع أن تقبل انتحارا سياسيا من أجل السلام .
ثانيا
. مشاركة حقيقية في القدس باعتبارهاعاصمة لكل من الدولتين . وترتيبات
دولية للمدينة القديمة . وهي حبة دواء مرة للاسرائيليين ، لأنها تعني
القبول بأن يكون الجوار العربي في القدس الشرقية عاصمة فلسطين .
ثالثا . سكان المستوطنات المقامة على حدود 1967 ، يتم بالتبادل المتكافئ للسماح لاسرائيل بدمج المستوطنات الكبيرة الموجودة في الضفة الغربية في اسرائيل .
ورابعا . عدم وجود جيش للدولة الفلسطينية ، على أن توضع قوات من الولايات المتحدة أو الناتو على طول نهر الأردن لتضمن أمنا جيدا لاسرائيل .
معظم هذه النقاط تضمنها
مشروع السلام العربي الذي أقر في 2002 ، ومعتمدة من قبل الرباعية . وهي
كانت مقبولة من باراك ومن رئيس الوزراء السابق ايهود أولمرت .
بالنسبة
للاسرائيليين الذين هم في شك حول رغبة الفلسطينيين والعرب باقامة سلام
معهم ، فإن مبادرة جريئة من أوباما ستخلق تظاهرة درامية للبحث عن سلام
حقيقي ، جاعلة الأمر سهلا على القادة السياسيين الاسرائيليين للقيام بتسويات ضرورية .
بالنسبة
للفلسطينيين ، ستوفر غطاء سياسيا ليقبلوا حلا يعوق عودة عدد لايقدر من
اللاجئين الى اسرائيل . والقادة الفلسطينيون يعرفون بكل تأكيد أنه لا يمكن
الوصول الى اتفاقية سلام دون العدول عما يدعوه شعبهم بالمبدأ المقدس : حق العودة . ويستطيع القادة تحقيق هذا التحول بالمقارنة مع ماتحققه المعاهدة التي تخلق دولة قابلة للحياة للفلسطينيين والقدس الشرقية عاصمة لها .. وأن ذلك تدعمه الدول العربية الأخرى .
بالنسبة للعرب ، يستطيعون شرعنة مبادرتهم الديبلوماسية التي تضمنها مشروع السلام الذي أقرته الجامعة العربية قبل ثماني سنوات . أكثر من ذلك ، فإن دعمهم لجهود أوباما سيشكل مشاركة حيوية للتصميم على انهاء الصراع .
أخيرا
، بالنسبة لأوباما نفسه ، سيشكل مثل هذا التحرك انتصارا ديبلوماسيا
وسياسيا له . جلب قادة عرب والرباعية معه الى القدس ورام الله لتأييد
مشروعه سيبدو نموذجا لمواجهة القائد لصراع طويل . وبما أنه من غير المتوقع
أن ترفض اسرائيل جهود أوباما لجلب قادة عرب والرباعية الى عاصمتها ، فإن
من المتوقع أن يرحب معظم الأميركيين ، أصدقاء اسرائيل ، بهذا التحرك .
بالطبع ، يمكن للمشروع أن
يسقط ، اذا رفض الاسرائيليون أو الفلسطينيون القبول بهذه الصيغة كقاعدة
انطلاق نحو المفاوضات ، وعلى ادارة أوباما أن تعد طرق أخرى للاقناع
بمبادرتها ، حيث لايمكنها مسحها ، كما حصل عندما رفض نتنياهو طلب أوباما بتجميد الاستيطان ، وتجنب العرب مشروعه لمبادرة بناء الثقة .
وبالتوافق ، على الادارة أن تبلغ الأطراف أنه اذا رفض أحدهما أو كليهما
هذا الجهد ، فإن الولايات المتحدة ستتوجه الى مجلس الأمن في الأمم المتحدة
ليتبنى اطار السلام هذا ، وهذا سيخلق ضغطا عالميا عريضا على الطرف الناشز
.
لحسن الحظ ،مع أن استطلاعات الرأي العام في اسرائيل تشير الى أن معظم الاسرائيليين يفضلون
بقاء القدس موحدة ، لكنهم يقبلون بالسلام من دون كامل القدس أكثر من
قبولهم بالقدس الموحدة من دون السلام . وبالمثل ،فإن الفلسطينيين منقسمون
، والمتطرفون من حماس يسيطرون على قطاع غزة . لكن أكثرية الفلسطينيين
يرحبون بحل الدولتين ، وقادتهم في رام الله ملتزمون علنيا بمثل هذه النتيجة .
هذا
هو الوقت ، بالرغم من أنه متاخر بالنسبة لكل الأطراف : اسرائيليون ،
فلسطينيون ، أميركيون ، لاتخاذ قرار تاريخي لجعل حل الدولتين حقيقيا . لكن
لكي يحصل ذلك ، على أوباما الاقناع ببعد نظراستراتيجي بجرأة تاريخية .
__________________
زبنغيو بريجنسكي : عمل مستشارا للأمن القومي لدى الرئيس جيمي كارتر ، وه يشرف على الموضوعات الاستراتيجية في المركز الدولي للدراسات .
ستيفان سولارز : عضو كونغرس سابق عن نيويورك ، وعضو في طاقم مجموعة الأزمات الدولية .
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/