الحصار يطفو بحرف قديمة للأعلى..المبخراتي وصبّابين القهوة ورقّاعين الأحذية والثياب ينشطون في ساحات غزة
ملامح جديدة تتوضح وتبرز صورتها في المجتمع الفلسطيني جرّاء الحصار الجائر
على مربع قطاع غزة منذ ثلاث أعوام ، حيث زاد معدّل الفقر في ظل قلة الدخل
عند البعض وانعدامه عند الآخر إلى 70 % من سكان القطاع،فيما نهضت حرف
فلسطينية قديمة مثل حرفة العتالة وصبّ المشروبات ،حرفة مصلّح الأحذية
،محلات تصليح وترقيع الثياب والمبخراتي وغيره من الحرف ...
في سوق الزاوية المكان الذي يجمع أكبر عدد ممكن من الشرائح الغزّية بدأ النبش هنا وهناك ..... حيث تجولت مراسلة
وكالة ميلاد الاخبارية تغريد
عطالله ، لتستطلع أراء بعض من مارسوا هذه الحرف وتسلط الضوء علي حرفهم
القديمة الجديدة في ظل الحصار المطبق علي سكان قطاع غزة منذ ثلاثة سنوات
ونيف .
المبخراتي
تفرّد أنور سارة 45 عاماً بحرفة المبخراتي بعد تركه مزاولة حرفة الدهانة،
، وأوضح سارة:"أحببت حرفة و أردت دائماً ممارستها"وأفاد :أبدأ عملي صباحاً
متنقلاً بين المناطق المختلفة من قطاع غزة ، فيما خصص سارة يوم الخميس
لسوق الزاوية ويوم الأربعاء منطقة لحي الرمال ويوم الثلاثاء لمنطقة السوق
العام حسب ما أفاده الباعة في السوق ، وأضاف :تتكون مادة البخور من خلطة
بخور وأبو فاسوخ ،وحول آلية التبخير التي يتبعها أوضح أبو أحمد سارة: أقرأ
بعض الآيات القرآنية وأدور بالآنية النحاسية الممتلئة بالبخور في المكان
أو حول الشخص الذي يرغب بتبخيره ، وحول درجة اقبال الناس على الأمر أكدّ
سارة على ازدياد رغبة الناس في الحصول على البخور عن ماقبل ،فيما شكى من
قلة دخله الأسبوعي المقدّر ب70 شيكل .
أبو محمد 37 عاماً صاحب محل أحذية و أحد المداومين على التبخر بواسطة
المبخراتي أنور سارة،قال :يدخل المبخراتي المحل ويدعو للتوحيد والصلاة على
النبي ثم يخرج من حقيبة له آنية نحاسية مخصصة للتبخير ، ثم ينثر بخور على
الفحم فيما يضع يده فوق رأسي متمتاً بعض الآيات القرآنية ،وتابع :وبعد
انتهاء العملية أدفع له شيء يسير من المال ، وأضاف:يأتي المبخراتي كل
أربعاء حيث يطلب منه الكثير نثر البخور حولهم طرداً للحسد ، فيما أوضح مدى
قبول أهل الشارع لهذه الحرفة ،مشيراً بأنها حرفة تمنعه من التسول.
نشاط حرفة العتالة
وقف العتّال محمد حجّاج 13 عاماً أمام عربة حمل البضائع (يترقب زبوناً
جديداً):أعيل عائلة مكونة من خمسة عشر فرداً ،وتابع:أعمل في حرفة العتالة
منذ عامين ،لم تعد المهنة مجدية حيث قلّت أُجرة العتّال كثيراً بسبب
ازدياد عدد العتّالين في الفترة الأخيرة وابتعد يجرّ عربة النقل .
محمد صبّاح 20عاماً عتّال آخر قال :يبدأ عملي صباحاً وحتى عصراً بين كرّّ
وفرّ بين الناس وبضائعهم ،وتابع :أحصل على دخل 20 -30 شيكل يوميا .
وأشار صباح إلى أكثر من عشرين فرداً يعملون في حرفة العتالة تتراوح
أعمالهم بين 11-20 عاماً،ويزداد عددهم في الإجازات المدرسية.وتابع:كان عدد
العتّالين قبل ثلاثة أعوام قليل جداً مقارنة مع الوضع الحالي.
محلات تقصير وإصلاح الثياب
أمّا محلات التقصير وإصلاح الثياب التي نشطت في منطقة حمّام السمرة
،حيث تستضيف محلات الخياطة القديمة العهد اثنا عشر محلا جديدا تقتصر مهتمها على تقصير واصلاح الثياب .
همّام الملاحي 24 عاماً افتتح له محلا لتقصير واصلاح الثياب منذ عامين ،وقال:فقدت عملي في مصنع ضمني ببضع أصدقاء بعد الأحداث ،حيث
أغلقت مصانع الخياطة بسبب الحصار ،وتابع:استأجرت محلاً بايجار مقداره ألف
دينار سنوياً ، فيما أفاد أن دخله مابين 30 -40 شيكل يومياً.
وأضاف الملّاحي :هناك إقبال كثير على تصليح الثياب .
أمّا ايهاب القيشاوي 27 عاماً صاحب المحل المجاور لهمام الملاحي قال:كنت
عامل خياطة لدى أحد المصانع،وعندما حال الحال إلى ماعليه الآن ،بعت
مقتنيات ذهب زوجتي واستأجرت محلاً للتقصير واصلاح الثياب،وتابع:أردت عملاً
يملأ وقت فراغي ويسد احتياجي عائلتي الصغيرة ،وأضاف:أحصل على دخل 30 شيكل
لايغطي نفقات الإيجار السنوي لمحل الخياطة.
حرفة ترقيع وإصلاح الأحذية
صالح بهلول 35 عاماً صاحب محل أحذية قال:زادت حدة الطلب على ترقيع واصلاح
الأحذية بنسبة 45% ،فيما ارتفعت نسبة إقبال الطبقة المتوسطة من المواطنين
على المحل ، وأشار بهلول إلى رواج محلات صيانة الأحذية وقال:ارتفع عدد
ماكينات إصلاح الأحذية إلى عشرة ماكينات، فيما استمرت حدة الطلب على ترقيع
وتصليح الأحذية .
رواج صبّ المشروبات
أبو محمد بدوي 58 عاماً رب عائلة لأسرة تتكون من عشرة أفراد ،يقول :تركت
حرفتي الأولى الحدادة ،وتوجهت لحرفة صب القهوة ،وتابع:أحصل على دخل يومي
30 شيكل (بعملوش سلطة( ، أمّا رمضان أبو سمعان 48 عاماً قال:كنت عاملاً في
إسرائيل وعندما فقدت عملي بسبب الأوضاع السياسية توجهت لحرفة صب القهوة
،وأضاف:قبل أربعة أعوام لم تكن حرفة صب القهوة بهذا الانتشار ،وتابع:كان
عدد صبّابين القهوة والشاي من 4-5 أفراد ،بينما وصل العدد الآن إلى قرابة
50 فرداً يعملون في هذه الحرفة .فيما أشار بدوي إلى عائلة شلّح التي تضم
أكثر من خمسة أفراد يمارسون الحرفة هذه الفترة .فيما أكدّ معتز شلّح 32
عاماً على عمل جيلين من العائلة آباء وأبناء في هذه الحرفة .
ووصف الأخصائي الاجتماعي أمين شلش شخصية المبخراتي بالشخصية البهلوانية
وأنها طريقة مستحدثة للتسول ،فيما نبّه شلش إلى ضرورة أخذ الحيطة من هذه
الحرفة التي ربما تجلب الشعوذات والسحر للمجتمع الفلسطيني ،وضرورة
معالجتها قبل تزايد الظاهرة بغية تحاشي أبعادها السلبية.مسنداً الوضع
المجتمعي العام بما يحتويه من ظواهر اجتماعية مقلقة للحصار الجائر الذي
رفع نسبة الفقر إلى 70% الذي تسبب في زيادة معدلات البطالة وحالات التسول
المنتشرة بشكل واسع ومتعدد الأشكال.