تكررت في الآونة الأخيرة حوادث الانهيارات المتواصلة للأنفاق التي يتم حفرها بين مصر وقطاع غزة والتي جاءت كمحاولة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض علي قطاع غزة منذ ما يقارب العامين لإدخال بضائع وحاجيات افتقدتها الأسواق الغزية .
ولكن بعد النجاح الذي حققته الأجهزة الأمنية المصرية المتواجدة في مدينة رفح بضبط عدد كبير من الأنفاق المستخدمة لتهريب البضائع بين مصر وقطاع غزة تصاعدت وتيرة الاتهام من قبل أهالي الضحايا الذين قتلوا داخل الأنفاق والذي وصل عددهم 38 قتيلا .
فندما أعلن عن مقتل الشاب أحمد طباسي والذي توفي اثر إصابته بماس كهربائي داخل أحد الأنفاق، وتلا الطوباسي شابان لقيا مصرعهما مساء أمس، أثناء حفرهما لنفق حيث أنهار عليهما النفق أثناء عملية الحفر بالقرب من بوابة صلاح الدين جنوب مدينة رفح وهما حسين عبد العال '20 عاما ' وعبد الناصر عدوان '48 عاما ' .
أعداد القتلى المتزايد لحافري الأنفاق وبشكل شبه يومي أصبحت حديث الشارع الغزي فيقول محمد وهو صديق لشاب لقي مصرعه اختناقاً أثناء قيامه بجلب بضائع لمحلاته التجارية عبر النفق.
محمد الذي يعمل ممرضا في احدي مستشفيات الجنوب يقول معظم الحالات التي يتم إحضارها إلينا تكون بمثابة موت سريري وفي اغلب الأوقات يترك الشاب الذي تعرض لحالة اختناق قليلا ليموت بعد نصف ساعة وحتى اقل من نصف الساعة فنحن نراه يفارق الحياة ولا يوجد بأيدينا شي نستطيع القيام به سوي النظر إليه وهو يفارق الحياة ، موضحا انه لاحظ علي صديقه التي توفي قبل شهر بانتفاخ غير طبيعي في الأيدي والأقدام، وبعد قليل أصبح جسده مفكك من السهل تمزقه، مشيراً إلي أن التحليل الوحيد هو أن قوات الأمن المصرية تستخدم غازات سامة يتم رشها داخل الأنفاق تعمل على انهيارها، واختناق الأشخاص الذين يتحركون فيها والقضاء علي من يتواجد بداخلها.
وبازدياد عدد حالات الوفاة في الأنفاق فقد تشكل في قطاع غزة تجمع جديد أطلق علي نفسه اسم' تجمع أهالي ضحايا الأنفاق' حيث حمل التجمع الأمن المصري المسؤولية الكاملة عن مقتل هؤلاء المواطنين، الذي يصر على تنفيذ حكم الإعدام بحق أبناء قطاع غزة الذين لا حول لهم ولا قوة وضاق بهم الحال بعد إغلاق جميع المعابر وانقطاع أعمالهم كنتيجة مباشرة للحصار الخانق الذي يرزح تحته قطاع غزة.
'محمد شبير' احد أصحاب الأنفاق يقول ' كل يوم نري الموت بأعيننا، وبمجرد عبورنا داخل النفق ننطق بالشهادتين لانتا لا نضمن خروجنا من النفق أحياء، موضحا علي الرغم من تلك المخاوف التي نشاهدها إلا حماس تجبرنا علي دفع الضرائب الباهظة مقابل تشغيل النفق لنقل البضائع والأشخاص عن طريق الأنفاق ، موضحاً أنه في أغلب الأحيان يتم إدخال مطلوبين وطلاب ومرضي للتعليم بالخارج '.
العاملين في حفر الأنفاق يرون أن السبب الرئيس في ازدياد حالات انهيارات الأنفاق وارتفاع حصيلة الضحايا في الآونة الأخيرة هو تشابك الأنفاق تحت الأرض بالدرجة الأولي وتداخلها حيث أصبحت كشبكة القطارات حسب وصف بعضهم، وأشاروا الى أن بعض الأنفاق أصبحت كالطوابق فوق بعضها البعض ما يتسبب في انهيارات الرمال ويسقط اثر ذلك ضحايا نتيجة لذلك، ومن ثم تأتي قضية الغازات السامة التي تستخدمها قوات الأمن المصرية لمنع المواطنين من إدخال الحاجيات والبضائع إلي القطاع.
تكون بداية النفق داخل أحد المنازل القريبة من الحدود ، التي عادة ما تكون منزلاً مهجوراً ويتم تجميع رمال الحفر داخل هذه الأبنية. ويبدأ النفق بحفرة لا تتجاوز مساحتها 4 أمتار مربعة وقد يصل الحفر إلى 21 متراً عمقًا وفي ذلك تستخدم أجهزة حفر حديثة ويتم رفع الرمال عبر الأجهزة أيضًا. وهناك أيضًا جهاز يحدد مخرج النفق على الناحية الأخرى. وعادة لا يزيد قطر النفق، كأنبوب، عن متر واحد لمنع أية انهيارات محتملة. ثم يتم تبطين النفق ببطانة من الأسمنت لتقوية جدرانه.
وعادة ما يكون مخرج النفق في منزل على الناحية الأخرى يكون ساكنوه موضع ثقة إذ إن الأمر برمته يحاط بالسرية التامة. ويكون النفق مضاءً بصورة كاملة. وبطول النفق الذي يكون عادة حوالي 300م.
ويقدر عمال الأنفاق بنحو 1200 عامل، يتقاضى كل واحد منهم 600 دولار أسبوعيا ، وقد يزاد عدد الشركاء المالكين للنفق الواحد وفي بعض الأحيان يصل عددهم إلى أربعة أو خمسة شركاء أو أكثر من ذلك ، فأصبحت تلك الأنفاق المتنفس الوحيد للمئات من المواطنين العاطلين عن العمل، رغم ما يعتري هذا العمل من مخاطر أودت بحياة العشرات منهم ولا يزال الكثير منهم ينتظر مصيره أثناء تواجده في تلك الأنفاق.