الجزء الرابع من كتاب : حـدثـني جـدي.... قـبـل أكـثـر مـن
سـبـعـيـن عـاماً
قطاع غزة .... ما لم يكتبه التاريخ
{مقتطفات من هنا وهناك في حياة الفلسطينيين ما قبل النكبة ، على
لسان الأجداد}
بحث وجمع
وكتابة : أ . تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب فلسطيني مستقل -
= = = = = = = =
= = = = = = = = =
كانت بعض المناطق ممتلئة ببساتين ( بيارات )
مزروعة بأشجار الحمضيات لكبار العائلات ، مثل عائلة أبي رمضان وعائلة خيال
وعائلة أبي خضرة ، وعائلة غزال والنخالة وشعت وشراب وأبي شعبان والحلو،
والعلمي والصوراني وأبي مِدِّين وجميعهم من أفندية غزة .
.... وغيرهم ، وكانت تلك البساتين وتبدأ بري
أشجارها بعد العصر ، كان في كل بستان ( بيارة ) ما تعارف الناس على تسميته
في ذلك الوقت بـ ( البابور ) أي موتور ضخم في غرفة كبيرة أو ماكنة ضخمة
لسحب الماء من البئر .
وبمجرد أن يبدأ الموتور أو الماكنة بضخ الماء
من داخل الأرض إلى الأشجار، كنت ترى الرجال يتوافدون لتعبئة الماء ومعهم
أوعيتهم الفخارية الجميلة ، وكانت عبارة عن قطع مختلفة الأشكال والأحجام من
الفخار المحروق المصنوع من الطين ( اللبن ) ، ومن أنواع الآنية الفخارية
الزير و الشربة و القدرة و الجرّة واللجّان والزبدية والبلبل ( للأطفال )
والكراز والكشكولة .....
وفي شهر رمضان المبارك ، كان
كل رجل يخرج قبل الغروب وقد ربط بجانب ثيابه وعاءً فخاريا صغيرا اسمه (
لجّانة ) ، من أجل تعبئته من بابور الماء ، استعدادا لتناول طعام الفطور في
شهر رمضان المبارك ، أو خوفا من العطش الشديد الذي كان يواجهه وهو في
طريقه إلى مسجد هاشم ابن عبد مناف ، حيث ارتفاع درجة الحرارة صيفاً .
ما سبق حدثني به بعض كبار السن المذكورة
أسماءهم في نهاية الكتاب ، والذين عاينوا تلك الحقبة التاريخية .
***************
الثوار الفلسطينيون
: كان من ثوار فلسطين الأبطال – من منطقة التفاح في
غزة - في فترة ثورة ( 1936 ) كل من : الحاج مصطفى
القطاع ، الحاج صبحي أبو الليل ، الحاج رضوان غزال ، الحاج يوسف الزهارنة ،
الحاج محمد خليل السبعاوي ( رحمهم الله ) .
وكان جنود الاستعمار البريطاني يتمركزون أعلا
الحاووظ ( مكان تجمع المياه ولا زال موجودا حتى اليوم ) ، من أجل مراقبة
حركة الثوار الفلسطينيين ، وكان السلاح الذي يمتلكه الثوار في ذلك الوقت من
النوع القديم الذي يطلق طلقة واحدة فقط ، ولا يتم إطلاق الطلقة الأخرى إلا
عند تحريك الرصاصة في بيت النار، عن طريق ما كان يعرف حينئذ بالميكانزما ،
وكل من كان يُضبط بحوزته من الفلسطينيين رصاصة واحدة ينفذ فيه البريطانيون
حكم الإعدام ، في الوقت الذي كانوا يمدون العصابات الصهيونية بالسلاح
والعتاد .
خرج الثوار الأبطال لمهمة جهادية ، فجهزوا
الحبال الغليظة ، وبدؤوا بربطها في قضبان السكة الحديد التي كانت تربط ما
بين مدينة القاهرة المصرية ومدينة حيفا في شمال فلسطين ، وكانت طريق السكة
الحديدية تلك هي الطريق الوحيد لعبور قطارات
البريطانيين محملة بالجنود والسلاح والعتاد ، وقبل وصول القطار بعشرات
الأمتار ، وفي منطقة ما بات يعرف اليوم بــ ( تلة الإدارة المدنية الواقعة
في شارع صلاح الدين قرب جباليا ، وهو أحد الشوارع الرئيسة في غزة ، حيث
موقع السكة الحديدية ، إضافة إلى محطة أخرى وهي مكان حديقة أو متنزه المحطة
اليوم ، ومحطة ثالثة وهي مكان السوق الشعبي في أول منطقة الشجاعية ) .
هناك ربط الثوار الحبال ببعض القضبان ،
وقاموا بسحبها تمهيدا لعرقلة سير القطار ، ونجح
الثوار في مهمتهم الجهادية ، وانقلبت عربات القطار، وأطلق الثوار
الفلسطينيون النار على جنود الاحتلال البريطاني ، ووقع عدد كبير منهم بين
قتيل وجريح ، ولا زالت مقبرة ما يُعرف اليوم بمقبرة الانجليز تشهد على ذلك (
وهي مقبرة تقع في شارع صلاح الدين شمال غزة بالقرب من مفترق زِمُّو ) .
قام الجنود البريطانيون بالرد
على إطلاق النار، وأصيب أحد الثوار، بينما تمكن الباقون من الفرار ، وتمكن
الجنود فيما بعد من إلقاء القبض على الثائر الجريح ، وأطلقوا النار عليه
مرة أخرى في نفس مكان إصابته ، ثم اقتادوه إلى مستشفى تل الزهور المركزي
الوحيد في غزة في ذلك الوقت ، وكان يُعرف بتل السكن ، ثم تحول اسمه إلى تل
الزهور ، وهو مكان بلدية غزة الحالي وسط ميدان فلسطين الرئيس ، الواقع في
شارع عمر المختار المركزي .
وسمي بتل السكن لأن الفلسطينيين كانوا يحرقون
على هذا المكان الفخار الذي تسبب بأكوام من السكن ، والسكن هو المادة
المحترقة الناتجة عن احتراق الخشب والفخار وما شابه ذلك ( الرماد ) ، ومن
كثرة الحرق تحول المكان إلى تل من السكن ، وعندما عرف الثوار بأن جريحهم في
مستشفى تل الزهور ، طلبوا من الأطباء العاملين فيه إلهاء الحراس
البريطانيين عن طريق خداعهم بإقامة احتفال ما .... لهم ، نجح الثوار في
مخططهم فخطفوا الثائر الجريح ، وفروا به داخل مناطق البساتين ( البيارات )
الواسعة ؛ وظل يتنقل من بستان لآخر بإشراف طبي خاص ، حتى تماثل للشفاء .
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/