فياض الأكثر تمسكا بالثوابت
الفلسطينية
المحامي / لؤي زهيرالمدهون
عضو اللجنة الوطنية – حزب فدا
Loayzohir@gmail.com
"واثقا بأن الإنسانية جمعاء ستحتفل
العام القادم بإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة"، عبارة لرجل عظيم تحدث
بها خلال مقابلة خاصة منحها لمراسل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عكيفا الدار؛
والتي أثارت جدلا كبيرا في أوساط الساسة؛ ولم تسلم من نقد الكثير من
الفصائل الوطنية والشخصيات الاعتبارية والكتاب وغيرهم ، وكوني أرى بموقف
منتقدي لقاء دولة رئيس الوزراء كان نابعا عن موقف سياسي عدائي لهذا الرجل
وحكومته، وليس من منظور سياسي فيما طرحه في هذه المقابلة، لذا لم أتردد ولو
للحظة عن الكتابة عن حديث دولة رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام
فياض، خلال مقابلته هذه، رغم النصائح التي أٍسديت لي بعدم الكتابة في هذا
الموضوع، ولكنني ترويت بعض الوقت لدراسة ومتابعة ما نشر، وما تم الحديث حول
هذا اللقاء، من تصريحات ومقالات للإخوة الكتاب وغيرهم ممن تحدث وكتب، لأرى
أن لا مبرر لكل ما قيل وكتب.
لم يبخل علينا دولة رئيس مجلس الوزراء
دكتور سلام فياض بالأمل بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على الثرى
الفلسطيني، حيث كانت خطاباته وأقواله وحتى قرارات حكومته أكثر تفاؤلا بقيام
الدولة وفقا لخطته المباركة من قبل المجتمع الدولي، وأخيرا اجتماع
الرباعية في موسكو، في ظل سعيه دوما لإرساء أسس الدولة وتثبيتها لتكون أمر
واقع في عام 2011م، إذا لم يحدث أي طارئ لسمح الله.
لشيء جميل يُبثُ فينا الأمل من قبل
دولة رئيس الوزراء في ظل المعطيات السياسية السلبية الناتجة عن غطرسة حكومة
الاحتلال التي لم تدخر جهدا في إفشال مشاريعه البنيوية بإرساء أسس الدولة
الفلسطينية؛ وفي ظل تهويدها لكل معلم عربي وإسلامي في مدينتي القدس
والخليل، وفي ظل الحواجز التي تزيد عن سبعمائة حاجز تفصل مدن الضفة الغربية
عن بعضها البعض، وفي ظل لوبي صهيوني مسيطر على أصحاب القرار في دول
الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول،
وفي ظل هيمنة ثلة من المستوطنين الصهاينة على أصحاب القرار في الحكومة
الإسرائيلية، وفي ظل سياسة التخوين التي تتبعها بعضا من فصائل العمل الوطني
والإسلامي في نوع من أنواع المعارضة الهدامة التي لفظتها أدنى الأحزاب
والكيانات السياسية في العالم؛ متناسين بأن حكومته هي حكومة وحدة وطنية
ممثلةً للغالبيةِ العظمى من الأحزابِ والقوى الفلسطينية، ومتناسين بأنه
عضواً منتخباً في المجلس التشريعي، ورئيساً لكتلة برلمانية لها تأثيرٌ قوي
على الشارعِ الفلسطيني لا بالأقوالِ وإنما بالأفعال المترجمة بإنجازاتٍ
لمسها كل أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخلِ والمهجر.
إن من خلال قرأتنا لبرامج الحكومات
السابقة لم نجد الأمل والنهج نحو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية
إلا في حكومة الدكتور سلام فياض الذي لم يكل من اجل جلب الدعم السياسي و
المادي والمعنوي للقضية الفلسطينية وتنمية موارد السلطة الوطنية الفلسطينية
، حيث بات حجم الانجازات في ظل حكومته عظيم مس المواطن الفلسطيني في جميع
مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية والأمنية
والشرطية والقضائية والتنموية بهدف تعزيز مؤسسات الدول الفلسطينية كدولة
قانون عصرية، حيث تعثر المفاوضات لم
تقف حائلا أمام تنفيذ مشاريعه، ولم تقف حائلاً هيمنة دولة الاحتلال على
المناطق المصنفة "B,c"، بل عبد الطرق، وأقام المنشئات،
ونظم العسكر، وعزز الوظيفة العمومية بالكفاءات الوطنية، واصدر اللوائح
والنظم مما سهل على المواطن الفلسطيني الانتفاع بمقدرات حكومته، رغما عن كل
العقبات والمعيقات التي اعترضت سياسة الإصلاح الإداري والمالي.
لم ينتظر خروج مسودة دستور الدولة
الفلسطينية، ولم يسعى إلى تقزيم حلم الدولة في بنود هذه المسودة كما أراد
البعض، من خلال اقتراح بنود من أجلها أن تعزز مبدأ المحاصصة الملفوظ وطنيا
والمعيق لإقامة دولة عصرية تستند إلى القانون والاحتكام له، ولم يطالب
بمجلس تأسيسي يعمل على إرساء هذه الدولة، كونه مضيعة للوقت في ظل وجود
منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني إلى حين قيام الدولة،
وخاصة وأنها صاحبة القرار الوطني بإعلانها، حيث كان دولته متفهما لدور
منظمة التحرير ولم يتنكر لمجهوداتها ودورها في النضال وحماية المشروع
الوطني، متيقنا بأن دور الحكومة هو دور مساند لمنظمة التحرير لا بديلا عنه،
مؤكدا ذلك في خطته وفي أكثر من موقف وأكثر من محفل، كان أخرها لقائه
الأخير مع صحيفة هأرتس حيث أكد من خلالها، بأن رؤيته لقيام دولة فلسطينية
مستقلة وليست دولة ميكي ماوس وفقا لبرنامج حكومته المستند لوثيقة الاستقلال
الوطني الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني؛ التي أعلن فيها عن استعداد
المنظمة للدخول في مفاوضات مع إسرائيل على أساس قراري مجلس
الأمن(242)و(338).
جاءت أقوال رئيس الحكومة في حديثه مع صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية
ملتزما التزام كامل ببرنامج منظمة التحرير؛ كيف لا وبرنامج حكومته ذكر
منظمة التحرير عدة مرات باعتبارها حاضنة وراعية للنضال الوطني الفلسطيني
والممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني؛ وقراراتها متمسكا بوثيقة إعلان
الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني في عام 1988، وإعلان المبادئ
الذي وقع في أوسلو عام 1993، مؤكداً على أن السلطة الوطنية الفلسطينية هي
الامتداد الطبيعي لمنظمة التحرير الفلسطينية، في إدارة مجمل الشؤون
الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، هذه الوجهة التي توجتها الحكومة
ببرنامجها حيث كانت موفقة بامتياز حين وضعت ملف اللاجئين في عهدة واختصاص
منظمة التحرير ومتابعته من خلال دائرة شئون اللاجئين مع تأكيدها والتزامها
الكامل بجميع القرارات المتعلقة بهذا الملف والصادرة عن المنظمة حيث أن هذا
تأكيد جديد من قبل الحكومة لشرعية منظمة التحرير ومرجعيتها للسلطة الوطنية
الفلسطينية على عكس بعض الحكومات السابقة التي تسارعت لتشكيل وزارة لشئون
اللاجئين وكأن اللاجئين فقط يقطنون المناطق الخاضعة للسلطة وفقا لاتفاق
أسلو، وبالتالي إجابة دولة رئيس الوزراء على سؤال محرر صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية حول
قضية اللاجئين، لم تكن تنكرا لحق العودة حيث أن إجابته كانت واضحة بأن
الدولة الفلسطينية ستكون حاضنة لكل الفلسطينيين وخاصة وان الفلسطيني في
الوقت الحالي وفقا للاتفاقيات الموقعة لا يحق له الإقامة في الأراضي
الفلسطينية إلا وفقا لتصريح زيارة موقتة، وأن الدولة الفلسطينية ستبقى آوية
للاجئين الفلسطينيين مثلها كمثل الدول العربية المجاورة إلى حين حل قضيتهم
من قبل منظمة التحرير الفلسطينية التي أكد الدكتور سلام فياض ذلك بقوله "ونحن ملتزمون ببرنامج م ت ف لحل قضية اللاجئين في
ملفات الحل النهائي".
لم يكن حديث دولته عن حياة الاستقرار
والتناغم الفلسطيني الإسرائيلي نوعا من أنواع الترف السياسي أو لغوا عابرا؛
وإنما حديثا يوحي عن نظرة ثاقبة لهذه الرجل تدل على بعد نظره، وتأكده من
نجاح برنامج حكومته في إقامة الدول الفلسطينية التي تعيش بسلام جنبا إلى
جنب مع دولة الاحتلال، كنتيجة لإعلان الاستقلال الوطني وليس قبل ذلك حيث
كان حديثه واضحا بمخاطبة الشعب الإسرائيلي أملا أن يشارك الشعب الفلسطيني
احتفالات قيام الدولة الفلسطينية، مظهرا للمجتمع الدولي أنه ما زال هنالك
شريكا فلسطينيا يدعو للسلام في ظل تناقضات المواقف السياسية الناتجة عن
الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
في تقديري كان رئيس الحكومة موفقا
بالتزامه بمبادئ وأسس منظمة التحرير الفلسطينية كونها المنطلق والأساس
والركيزة التي تحمي وتحقق المشروع الوطني الفلسطيني وتعزز صموده في مواجهة
الاحتلال باعتبارها صمام الأمان الذي يحمي
مشروعنا الوطني.
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/