مقاربة "سوسيو-فقهية "
ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس
واحدة ،...وخلق منها رجالا ونساء...، واتقوا الله الذي تساؤلون به الأرحام
...،وان الله كان عليكم رقيبا"...،(من سورة النساء/1
صيحة امرأة مطلقة
لم أكن قط في يوم ما، من محبي كتابة المقالات، بالرغم من
تكويني الاعلامي المكتوب والمرئي، ولامن عشاق نشرالغسيل الوسخ الأسروي
المنتشر انتشارالنار في الهشيم في معظم الفضائيات العربية المتكسبة
والمتعيشة والمنتعشة مثل الطفيليات على جلودو مآسي النساء والأطفال من كل
الأعمار والشرائح والطوائف على الطريقة الأمريكية المسترخصة للأعراض
والأخلاق، التي"أمركت"قنوات الغرب كلها، وقولبتها داخل طلبات السوق لدهماء
الشعب ملْئا للفراغ الروحي والخواء الفكري، وتلقفها عنها ببغاوات
وتجاروسماسرة الصورة،عندنا لمعالجة "قضايانا الاجتماعية" وبالأخص منها قضية
المرأة والطفل بمنهجية" show-tvالأمريكية المعتمدة على التلصص المرضي
الجماعي المكشوف -جماهيريا- حيث أصبحت المرأة والطفل تحت مشاريع
"الدروينيات الجديدة "حسب تعبير الباحث المغربي" د. الطيب بيتي العلوي
"بمثابة حصان طروادة ولعبة قذرة لاشباع ميول المهتزين نفسيا والمتحللين
أخلاقيا"-ذكورا واناثا-ليجد هؤلاء الاعلاميون العرب الجدد بضاعتهم الجديدة
في تزايد البلاوي المعاصرة ،والحطة الحضارية الغربية الجديدة التي أصيبت
بها فئات من النساء العربيات ،سواءمن أولائك المحسوبات على"الزمرة
النخبوية"أواللاتي يدخلن في عداد
"المتحضرات"و"المتحرارات"والمتنورات"والمثقفات "و"المتعلمات"بل ان من داهية
الدواهي،أن الكثيرات منهن لم يحظين بأي نصيب وافرمن التعليم،سوى امتلاكهن
لملكات طبيعية في الردح،واتساع خيالهن الابداعي في اختلاق الألفاظ السوقية
المنحطة،والتوقح على الدين والأخلاق والمبادئ السامية،واللاتي أطلقن
لخيالهن العنان في مجال"العصرنة"-فأصبحن-للعجب- ملكات أكثرمن الملوك في هذا
المجال- يتبارين ليبزن الغربيات المتخصصات في مجالات هتك
"التابو"والمقدس،و"التحرر"من"القيود"-ولست أدري عن أي قيوديتحدثن هؤلاء
المتحررات- حيث يحتسبن كلامهن من صميم التحليل السوسيولوجي العلمي
و"الانقلابية"الثورية على التقاليد بهدف"تطوير"المجتمع لمجرد التطوير،بدون
وضع أي سقف،وتحديد اصطلاحي لهذا"التطوير"أوتحديد( معجمي سوسيولوجي بحثي
علمي مفاهيمي) لمفاهيم"التطوير"و"التحرر"ولمقاصد مصطلحاتهن
وأهدافها،فيكتفين بترداد مقولات"ثورية"مهترئة،عشناها في فلسطين خاصة،وفي
مشرقنا العربي عموما منذ النكبة الى اليوم ،بالترويج المستمرالثقيل
الممجوج،لنفس الأسماء والمسميات والصفات،التي لا تستندالى أية ضوابط قيمية
متفق عليها،أومرجعيات أخلاقية سليمة،اوتصورات متزنة،سوى الاستناد الى
خلفيات التسيب والعبثية واللا أخلاق واللامبادئ،وبئس التصورات والمرجعيات
والخلفيات
لماذاالكتابة عن المطلقات الغزيات
باذئ ذي بدء ،لأنني ما زلت مكتوية شخصيا بهذا الموضوع،
وأعاني من جور طلاق غزي ما يزال ضحيته فلذتي كبدي المحرومة حتى من
رؤيتهما،وبالتالي لم يأت اهتمامي الشخصي هذا من زاوية ثرف فكري،أورغبة مني
في التعالم او التفيقه على الآخرين..، غيرانني لاأهدف من سلسة كتاباتي هذه
في هذا الموضوع الشائك، الطعن اطلاقا في أي فريق سياسي،فكما أسلفت-في مقال
سابق-فالفرقاء السياسيون في تصادمهم السياسي قد يصيبون ويخطؤون،والعبرة
بالخواتم والاستفادة من الأخطاء-فيكفي مجتمعنا الفلسطيني ما يعانيه من جراء
هذه التطاحات الخرقاء اللاعقلانية التي لا تزيد المحتل الااستأسادا وغطرسة
واستقواء-
كما حددت أيضا أن عزمي على الكتابة في شأن المرأة الفلسطينية
المطلقة التي لاتملك السلطات الرسمية الفلسطينية في غزةالقدرة على البث
فيها لأسباب مجهولة-واناالحجة والدليل في هذا المجال- غيرأن هناك بعض
الأسباب الموضوعية التي لامستها من تجربتي الشخصية وهي :
-عدم الاهتمام والتنقيص من هذه المعضلات(لأسباب لاعقلانية)
لا تتعلق اطلاقا بالنصوص الشرعية (فما من معضلة الاولها حكم شرعي مهما
تعقدت وتشكلت)
-توفرسوء النوايا لدى بعض الاداريين،ونظرتهم الى أجساد
الضحايا من المطلقات لاالي قضاياهن الشرعية
-استشراء عقلية البيرقراطية في بلد محتل من المفروض أن يكون
موظفيه في حالة استنفار مستديم لخدمة الصالح العام بروح الأخوة الوطنية
والقومية والدينية والعرقية،والتضامن والنضال المعنوي،مراعاة كون
الفلسطينيين كلهم يعيشون في سجن لا انساني منذ النكبة اسمه الأراضي
المحتلة الكبرى،وسجن رهيب أصغراسمه غزة، حشرت فيه اسرائيل فئة من
البشرمحاطا بسياج من القهروالعبودية والحرمان أرضا وسماء وبحرا
-هيمنة العقلية العشائرية والقبلية على مجمل شؤون المرأة
والحضانة في المجتمع الغزي،وعجزالسلطات على الاصطدام بالعشائرلأ سباب غير
مفهومة،والافما معنى أن تترك مآسي شرائح من النساء والأطفال تحت رحمة
أناس لاهم لهم سوى فرض عقليات السطوة ولا اخلاقيات السلطة
لماذا هذه المقاربة(السوسيو-فقهية)؟
لقد اخترت مقاربة جديدة أسميتها(المقاربة السوسيو-فقهية)
باعتبارأن الفقه الاسلامي هو في حقيقيته مقاربة(سوسيو-دينية)الى المجتمعات
الاسلامية علي اختلاف أجناسها وعاداتها ومشاربها وحضاراتها وثقافاتها،من
سيكيانغ بالصين في أقاصي آسيا الى فيافي النيجير بادغال افريقيا بمنظور
مقاصد الشريعة المرنة،وأبعادها الزمنية حسب مقولة الامام مالك -امام القياس
والعرف- الذي كان يردد "بان لكل زمان ومكان أقضيته"وتبعه في ذلك نظيره أبو
حنيفة امام فقه الرأي بالتوسع في الاجتهاد في ما لانص فيه،وكذلك تلميذ
مالك ادريس الشافعي واضع أصول الفقه ..،لكي أخلص الى أن قطاع غزة كأرض
للمسلمين وكحكومة مسلمة،لا يمكنها أن تستثنى أو ان تكون خارج أنظومة
الشريعة الاسلامية وقوانينه الأسرية(في شأن الطلاق والحضانة) المستنبطة من
روح الشريعة الرحبة السمحاء،حيث أن السلطة-للعجب- لم تجد حلا لمعضلتي منذ
حوالي خمسة أعوام
ولقد انتقيت هذه المنهجية التوفيقية ما بين
المنظورالسوسيولوجي الكلاسيكي،وبعض المعطيات الفقهية التي ارتأيتها صالحة
لمن هن في ظرفي وانتمائي العقدي الاسلامي،بدون المزايدةأو التعالم على أي
أحد من المنتمين والمنتميات الى الايديولوجيات والانتماءات الأخرى،
فكلناأخوة "وان أذكى الناس وأعلم الناس وأفقههم،هوأعلمهم الخلاف"وحق
الاختلاف هو مطلب فقهي وشرعي كما قال الامام جعفرالصادق لأبي حنيفة رضي
الله عنهما،ولان العبرة بالحلول والنتائج،لابالمهاترات الكلامية،أو تبادل
الشتائم البذيئة،"فلكم دينكم ولي دين"ولااكراه في الدين"
أما تناولي للعشائرية الغزية-التي ما هي الا نسخة مستنسخة
من العشائرية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط-ولا اطلاع لدي على الأنطمة
العشائريةالمغاربية- فليس المقصود منها "تغيير'"نظام أو"تثويره"أوالانتقاص
منه،أوالطعن فيه،فتلك من أخلاقيات من لاعلم ولا خلق له،اذلن يستطيع أحد أن
يتشدق مهما أوتي من الامكانيات العلمية والمادية والمعنوية ادعاء القدرة
على تغييرنظام استمرقرونا بجرة قلم،غيرأن الذي لا شك فيه،هوأن أنظمتنا
العشائرية لفي حاجة الى أن يستمد رجالها وحكماؤها،وأعمدتها مفاهيمهم من
النصوص الشرعية، والآراء الفقهية للمذاهب الاسلامية -الضامنة لاستمرارية
شرعية هذه الأنظمة-مع الحفاظ على الأخلاقيات العربية القديمة الثابثة مثل
النخوة واباء الضيم والشمم والرجولة والنبل والكرم واغاثة الملهوف والأرملة
وذوي الحاجة الى غير ذلك من مكارم الاخلاق لقول الامام الغزالي رحمه الله
"الدين كله خلق ومن زادعليك في الأخلاق فقد زادعليك في الدين"
وان تلك الشيم العشائرية الحميدة صارت-تاريخيا- من
الأساطيرالعجيبة التي يذكرها الغرب عنا اعجابا، حتى عندما كنا في جاهليتنا
الأولى قبل الاسلام، حيث تم الانقلاب عليها من معظم رجالات العشائر اليوم
بالسقوط في القبلية المقيتة والظلم والطغيان والتلسلط واحتقارالمرأة التي
أكرمها رب العالمين"فماأهانهن الا لئيم ،وما اكرمهن الا عظيم" كما ورد في
الأثرالنبوي الشريف
ولذا،فان متابعاتي لقضية الطلاق الفلسطيني عموما والغزية
خصوصا،وتبعاته السلبية،لهو رغبة مني في تسليط الضوء على هذه الظاهرة التي
غابت عن أنظارالحاكمين في غزة في خضم التنافس على السلطة ،وكذا من
المتخصصين في الدراسات الاجتماعية والبحوث الفقهية والاسلاميات في
سائرفلسطين باعتبارأن حالتي هي نموذج حي لمن يهمه الأمر
كما أن اهتمامي بهذه الظاهرة،جاءت نتيجة لما عانيته شخصيا
-وما أزال الىكتابة هذه السطور- قرابة أزيد من خمسة أعوام من طلاق مجحف
جائر،بسبب لجوء الزوج المثقف و"المتعلم"الى ارشادات وتوجيهات وأحكام وآراء
العشيرة والأقربين،لاالى عقله وانسانيته وعواطفه النبيلة،والنصوص الشرعية
التي يدعي أنه يؤمن بها والتي بموجبها تم الاتفاق بيننا الى الاحتكام الى
العقل والمرجعية الثقافية المشتركة بيننا،لاقامة مشروع متكامل للعيش
المشترك، والأماني والآمال الكبارفي تنشأة عش الزوجيةالسعيد،المبني على
المحبة والوئام والتطلعات المستقبلية،فاذا بي أجد نفسي فجأة منذ اللحظات
الأولى أعيش تحت كابوس مخيف بسبب افتقادأبسط حقوق شرعها لي المشرع-الذي-هو
الله سبحانه وتعالى- وفصلها في قرآنه الكريم بالاستفاضة في تقنينها
وترديدها وتكرارها، حتى تصبح من المسلمات والبديهيات، في أكثرمن
عشرسور،منها سورتان عرفت احداهما بسورة النساء الكبرى، وعرفت الأخرى بسورة
النساء الصغرى، وهما :
سورتا :النساء والطلاق، وعرض لها في سورالبقرة والمائدة
والأنوار،والأحزاب والمجادلة والممتحنة والتحريم...،تلك السورالتي لا يمكن
لأي مجادل يشهد بالشهادتين ،المماراة فيها ،أو التنقيص من رحمتها وسماحتها
وصوابيتها وعقلانيتها، في ترشيد الحياة الزوجية وفي تحديد مكانة المرأة
بمنظورالشريعة الاسلامية التي أوصلتها الى مكانة لم تحظ بها المرأة بمثلها
في شرع سماوي سابق،ولا في مجتمعات انسانية لاحقة، بالرغم من الشعارات
البراقة التي لم تحررالمرأة من هستريا"التشييء"،والتحقيرمن انسانيتها
المستمرة بصورتحالية أخرى، بالمزيد من اقحام جسد المرأة في كل كبيرة
وصغيرة عبرالاشهارات الرخيضة المثيرة للغرائزالبهيمية، بدءا من فرشاة
الأسنان والألبسة الداخلية الأكثر حميمية الى الخارجية الأكثرسفورا وعريا
ومجونا،الى التكسروالتغنج الكاريكاتوري السخيف المذل للمرأة في عروض
اشهارات مستحدثات الأكل والشرب واللوازم البيتية ومعداته، انتهاء بشراء
الطائرات النفاثة والمعدات الحربية التي يقحم فيها عري المرأة كبضاعة
معروضة
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/