الفحص النفسي قبل الزواج .. هل يحل مشكلة العنف الاجتماعي؟!
رمضان وهدان
فى
الفترة الأخيرة تعالت الأصوات المطالبة بإجراء الفحص النفسي للشباب
المقبلين على الزواج خاصة بعد انتشار الحوادث التي يقوم بها أفراد يرجح أن
لديهم اضطرابات نفسية، فقد ضجت صفحات الحوادث بأخبار مثل "شاب يقتل والدته
ويجرح والده، وآخر يحرق منزله رغم وجود والديه داخل المنزل، ورجل يقتل
زوجته أثناء تحضيرها الطعام، وعاق يقتل والدته المقعدة، ومقتل مسن بعد
لكمات حصل عليها على يد شاب!
مثل هذه الحالات من العنف الاجتماعى الجديد على المجتمعات العربية شجع
المهتمين بالمطالبة بجعل الفحص النفسي قبل الزواج ضرورة موازية للفحص
الطبي، ووصلت الأصوات المنادية بذلك إلى المطالبة بوجود عيادات للإرشاد
النفسي تكون مهمتها الأساسية التقييم النفسي للمقبلين على الزواج، ويطلق
عليها اسم عيادات الإرشاد الزواجي، وهي تجري التقييم النفسي للزوجين
وتعالج كذلك المشكلات التي تنتج عن سوء الفهم بينهما وعدم الصراحة
المتبادلة.
ونظرا إلى أن المجتمعات العربية ما تزال ملتزمة بزواج الأقارب نتيجة
لخلفيات ومفاهيم اجتماعية كثيرة، مما كان نتيجة ظهور العديد من الأمراض
الوراثية في المجتمعات العربية سواء كانت طبية أو نفسية مما جعل من
الضروري اعتماد نظام الفحص الطبي والنفسي قبل الإقدام على الزواج؛ كوقاية
للزوجين وللجيل الجديد من الوقوع ضحايا لمثل هذه الأمراض.
وطالب العديد من خبراء علم النفس والاجتماع أن تدرج بنود جديدة تتضمن
الكشف عن الإدمان والأمراض النفسية للشباب المقبلين على الزواج إلى جانب
الكشف الطبي وذلك ليكون كلا الزوجين على دراية كاملة بشريك حياته.
العنف الأسري
ومع تزايد الاهتمام بمواجهة العنف الأسري الموجه غالباً نحو الأطفال
والزوجة التي وصل بعضها لحد القتل والتعذيب، ربما يكون من المناسب طرح
فكرة الفحص النفسي قبل الزواج، لأن توافر الحدود الدنيا من التوازن النفسي
للشريكين مهم للعلاقة بينهما، وهو ما يحد من تفشي مشكلات أسرية مستقبلية
تؤثر في استقرار الأسرة والأطفال.
وقد أكد أخصائيون في علم النفس والاجتماع أن هناك الكثير من المشاكل
التي يعاني منها الأزواج كالرهاب وانفصام الشخصية والاكتئاب الشديد والتي
تلعب دورا مهما في استمرارية الزواج من عدمه، خصوصا وأن بعض الأمراض
النفسية يصعب ملاحظتها ومعرفتها إلا بعد معاشرة طويلة وذلك أن أصحابها قد
يتصرفون بصورة طبيعية وعادية جدا، مؤكدين على أن مثل هذه الحالات يمكن
علاجها من خلال الطبيب النفسي أو باستشارة المرشدين الاجتماعيين.
جائز بشروط
وقد قرر مجلس الفقه الإسلامي أن للفحص الطبي قبل الزواج فوائد من حيث
التعرف على الأمراض المعدية أو المؤثرة وهو جائز شرعا لكن ينبغي مراعاة
الأمور الآتية:
أولا : يجب مراعاة ما له من محاذير وسلبيات - خصوصا للفحص الجيني - من
حيث كشف المستور، وما يترتب على ذلك من أضرار بنفسية المصاب ومستقبله.
ثانيا: لا مانع شرعا من الفحص الطبي بما فيه الفحص الجيني للاستفادة منه للعلاج مع مراعاة الستر.
ثالثا: لا مانع من اشتراط أحد الخاطبين على الآخر إجراء الفحص الجيني قبل الزواج.
رابعا: لا مانع من اتفاقهما على إجراء الفحص الطبي غير الجيني قبل الزواج، على أن يلتزما بالستر وعدم الإضرار بالآخر.
خامسا: لا يجوز لأحدهما أن يكتم عن الآخر عند الزواج ما به من أمراض معدية أو مؤثرة.
سادسا: يحق لكليهما المطالبة بالفسخ بعد عقد النكاح إذا ثبت أن الطرف الآخر مصاب بالأمراض المعدية أو المؤثرة في مقاصد الزواج.