يبدو
أن النكد سيكون سلاح المرأة في الأيام القادمة لتحقيق السعادة الزوجية.
كما سيصبح العلاج الناجع للكثير من الأمراض التي تصيب القلب والحواس
والذاكرة، حسبما تشير تقارير طبية حديثة.
ففي
إحدى عربات مترو الأنفاق الخاصة بالسيدات بالقاهرة كانت مجموعة من النسوة
يقفن في العربة، وبدا أنهن زميلات في نفس العمل، يتجاذبن أطراف الحديث عن
مشاكلهن اليومية والعائلية حتى قطعت إحداهن الكلام لتشير إلى ما نشر في
صحيفة محلية حول أن النكد يقوي القلب وله فوائد عديدة تصب في الأساس في
مصلحة المرأة.
فردت
إحداهن: «ما يجيش يقولي بلاش النكد النهارده.. كفاية اللي أنا فيه - في
إشارة إلى زوجها - أهو النكد طلع بيفيد، ولو ما صدق حاطلعه على الصحيفة،
ولو مرضيش يسيبني أنكد عليه، يبقى عاوز يخلص مني». وعلى هامش المشهد
انخرطن جميعا في الضحك، حتى أتت محطة نزولهن.
ومن
باب محاسن النكد أيضا، تحكي إحدى النكات المصرية أن زوجين اتفقا على عدم
الشجار معا، وتخصيص يوم واحد في الأسبوع لـ«النكد». مضى الأسبوع جميلا من
وجهة نظر الزوج.
وقبل اليوم المنتظر وجد زوجته ترقص وتحتفل وتقول له «بكرة النكد بكرة»!
وبرغم
أن كل بيت مصري أو عربي لا يسلم من المشاكل، إلى أن إيقاع النكد يتسلل مع
الزواج، واضطرار كل طرف لتغيير بعض عاداته وطقوسه على ذمة المصلحة
المشتركة والحياة الزوجية السعيدة، فالاختلاف ينبغي أن يصب في قناة هذه
المصلحة، ولو تم طواعية ومن باب التنازل الرشيق.
لكن
في لحظات كثيرة تتعثر هذه المهمة، وتتسع هوة الاختلافات، بل تتحول إلى
صدمات تؤثر على سفينة الحياة الزوجية بشكل أو بآخر، بصرف النظر عن تفهم
معايير ودوافع الإيجاب والسلب لدى كل طرف، والتماس العذر للآخر، حتى يتم
العبور إلى بر الأمان.
ومن
هنا تتحول هذه الصدامات إلى دوائر دائمة للتوتر، أو بالمعنى الدارج المزيد
من «النكد». لكن، يبدو أن هذه التوترات والمشادات والحروب العائلية
الصغيرة، وجدت حفاوة في التقرير الصحفي المنشور، الذي تحدث عن أن الزوجات
اللاتي يتنازعن مع أزواجهن، يحمين أنفسهن من أمراض القلب وغيرها من
الأمراض المسببة للوفاة، والعكس صحيح. فالزوجات اللاتي يلذن بالصمت،
ويتكتمن في الخلافات مع أزواجهن يعرضن أنفسهن للإصابة بالأمراض القلبية
أكثر من غيرهن بنسبة أربع مرات.
الدكتور
جمال شعبان، رئيس وحدة الحالات الحرجة في معهد القلب، يقول إن احتمال
الإصابة بمرض قلبي يتضاعف عند الزوجات اللاتي يسبب لهن عملهن مشاكل في بيت
الزوجية.
وأوضح أن هناك دراسات تؤكد احتمال إصابة المتزوجين بمرض القلب بنسبة أكبر مقارنة بالعزاب.
وبالنسبة
لعلاقة العمل بأمراض القلب فإن النساء العاملات في وضع صحي أفضل، حيث
يعانى خمسهن فقط من ارتفاع ضغط الدم، و2% منهن من أمراض القلب، مقارنة
بالنساء اللاتي لا يعملن، حيث يعانى ثلثهن من ارتفاع ضغط الدم، و6% منهن
من أمراض القلب.
وبعيدا عن صحة أو خطأ الدراسة، فإن السؤال الطريف هو هل النكد أو المنازعات الزوجية صحيح مفيدة في بعض الأحيان ؟
وهل تساهم في ضخ مزيد من الحيوية لصحة الزوجين أم تؤدي إلى نتائج سلبية يجب تجنبها ؟
تقول
الدكتورة أسماء عبد المنعم رئيس قسم علم النفس والاجتماع بكلية البنات
جامعة عين شمس إن وجود النكد أو المشاكل الزوجية ينفع أحيانا، مشيرة إلى
أن كل زوجين في بداية حياتهما، لا بد أن تكون بينهما خلافات. فكل منهما له
تنشئة مختلفة عن الآخر، فضلا عن أن الاثنين لهما رأي مختلف في كل أمور
الحياة.
وعلى
ذلك تؤكد عبد المنعم على إيجابية النكد قائلة: «إنه ظاهرة إيجابية لكن
بشروط. فمن خلالها يعرف الطرفان طباع الآخر ويفهمان بعضهما البعض بشكل
أكثر عمقا».
تصف
عبد المنعم شكل الحياة الزوجية بأنه مثل حرف «u» بالإنجليزية، لأنه مع
مرور الوقت ينخفض الحب بين الطرفين، مقارنة بما كان عليه في بداية الزواج
نتيجة لتلك الخلافات، لكن عند حد معين يصل الطرفان إلى حل وسط، ويبدأ
المنحنى في الصعود من جديد.
وتحذر
عبد المنعم من الاستمرار في الخلافات، فمن وجهة نظرها أنه إذا لم تسفر
الخلافات عن تمتين عرى التفاهم بين الطرفين، فإن المنحنى لن يرتفع من جديد
ويتحول الزواج إلى مشكلة حقيقية.
وحسبما
تقول: «كل شيء له حدود فحتى الخلافات أو النكد يجب أن يكون له حدود، ولا
يعني هذا أنه مفيد طيلة الوقت، فبالطبع له تأثيرات ضارة ويجب أن يكون
الطرفان حريصين على تجنب كل ما يضايق الآخر».
الدكتور
عمرو الشلقاني، أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية الطب جامعة عين شمس،
يتفق مع الرأي السابق، مؤكدا أن الخلافات الزوجية يكون لها تأثيرات سلبية
كثيرة، فبسببها يمكن أن يتأخر الحمل.
يقول
الشلقاني: «إن التوتر العصبي الناتج عن الخلافات الزوجية يمكن أن يؤدي إلى
التأثير على بعض أجزاء الجسم أو وظائف في الجسم، فعملية التخصيب على سبيل
المثال، لا تتم إذا كانت الزوجة تحت ضغط نفسي، وبالتالي يتأخر الحمل».
وبعيدا
عن الخلافات، أثبتت الدراسات الحديثة أن ثمة فوائد جمة خاصة من الناحية
الفسيولوجية للزواج، حيث وجد أن الأشخاص الذين لم يتزوجوا أبدا هم الأكثر
عرضة لخطر الموت مبكرا.
وتشير تلك الدراسات إلى أن أمراض القلب والأوعية الدموية تصدرت أسباب الوفيات عند الأشخاص في منتصف العمر.
وكانت
الدراسة قد شملت حوالي 80 ألف مشارك نصفهم تقريبا من المتزوجين، وكانت
النتيجة أن الخطورة الأعلى في الأشخاص الذين لم يتزوجوا على الإطلاق، خاصة
الرجال، يليهم الأرامل والمطلقون.
وتحذر
الدراسات من خطورة العزلة والانفراد والوحدة على ضغط الدم وتصلب الشرايين
وأزمات القلب، ليس فقط في كبار السن، بل أيضا في الأشخاص الذين يقفون على
عتبة منتصف العمر أيضا.
ويبدو
أن لسان حال تلك الدراسات كلها هو «الدعوة إلى الزواج»، حتى وإن كان به
القليل من النكد.. فما الضير إذن إذا كان «هذا القليل ينفع».
_________________
تحياتي:
العقول الكبيرة تبحث عن الأفكار..
والعقول المتفتحة تناقش الأحداث..
والعقول الصغيرة تتطفل على شؤون الناس..
مدونة /http://walisala7.wordpress.com/